لماذا لن تكون الخطة الأميركية بشأن غزة “حلا”؟.. صحيفة إيطالية تجيب

"الخطة تستبعد من البداية 40 بالمئة من سكان القطاع”
خطة مثيرة للجدل طرحتها الولايات المتحدة وإسرائيل لإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في وقت يواصل فيه الاحتلال فرض حصار خانق على غزة، ما أدخل القطاع في حالة مجاعة.
وتأتي هذه الخطة المعلن عنها خلال مايو/ أيار 2025، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية واتهامات باستغلال المساعدات لأغراض سياسية.
وبحسب صحيفة "إل بوست" الإيطالية، تقضي الخطة بإنشاء كيان خاص لتوزيع الغذاء والدواء تحت حماية شركات أمنية أميركية وبإشراف الجيش الإسرائيلي، مع استبعاد كامل لوكالات الأمم المتحدة، مما أثار انتقادات دولية واسعة.
كما تقتصر نقاط التوزيع على جنوب القطاع، ما قد يؤدي إلى تهجير قسري وتفاقم الأزمة.
وخلصت الصحيفة إلى أن "الخطة تعكس توجها لإعادة هندسة توزيع المساعدات بعيدا عن الإطار الأممي، دون تقديم حل فعلي للأزمة الإنسانية المتفاقمة".

اعتراضات شديدة
وقالت الصحيفة الإيطالية تقريرها: إن "السفير الأميركي في إسرائيل، مايك هاكابي، قدم في 9 مايو/ أيار 2025، خطة لاستئناف توزيع الغذاء والدواء داخل قطاع غزة، وهو التوزيع الذي أوقفته إسرائيل منذ 2 مارس/ آذار 2025".
وذكرت أن "هذه الخطة أُعدت بشكل مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل"، مشيرة إلى أنها "تواجه اعتراضات شديدة؛ حيث وُصفت بأنها غير مكتملة وغير قابلة للتطبيق بحسب كثيرين".
وفي هذا الصدد، قالت الصحيفة: إنها تنص على "استئناف التوزيع من خلال منظمات خاصة، مع ما يترتب على ذلك من تحركات سكانية جماعية جديدة للفلسطينيين".
من جانبه، وصف رئيس قسم المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، المشروع بأنه "محاولة متعمدة لصرف الأنظار".
وفي هذا الإطار، أبرزت الصحيفة أن الخطة تتضمن إنشاء كيان خاص يُدعى "المؤسسة الإنسانية لغزة".
ويتولى الكيان توزيع المساعدات تحت حماية متعاقدين أميركيين، أي شركات عسكرية خاصة، وبإشراف من الجيش الإسرائيلي، الذي لن يدخل مناطق التوزيع ولن يتعامل مباشرة مع السكان الفلسطينيين.
ووفقا للخطة، من المفترض أن يتولى تنفيذ المهمة موظفون إغاثيون، لكن لم يتضح بعد إلى أي منظمات ينتمون، مع استبعاد واضح لموظفي الأمم المتحدة والأونروا، التي تتعرض لانتقادات متواصلة من إسرائيل.
وقالت الصحيفة: إن “الجدول الزمني لتنفيذ الخطة غير واضح حتى الآن”.
ظروف مأساوية
وفي هذا السياق، لفتت "إل بوست" النظر إلى أن ما يقرب من مليوني فلسطيني يعيش في قطاع غزة تحت حصار فعلي منذ فترة، إلى جانب القصف اليومي وتدهور أوضاعهم المعيشية يوما بعد يوم.
وبحسب ما ورد عن الصحيفة، فقد نفدت مخزونات برنامج الأغذية العالمي، وكذلك مخزونات الأونروا والمنظمات غير الحكومية التي ما زالت تنشط في القطاع.
علاوة على ذلك، أوضحت أنه "خارج حدود قطاع غزة، هناك ما يقرب من 116 ألف طن من المساعدات".
وتابعت: "لكن إسرائيل لم تستجب بعد للضغوط الدولية للسماح بدخولها، مدعية أن الحصار يُستخدم كأداة للضغط على حركة حماس".
وأردفت: "وبدون تقديم أدلة ملموسة، تزعم إسرائيل أن حماس تستغل هذه المساعدات لتعزيز سيطرتها على القطاع وسكانه، وهو أحد الأساليب التي تحاول بها تبرير الحصار، رغم أنه يُعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني".
وحذرت الأمم المتحدة من استخدام إسرائيل المساعدات في غزة "طُعمًا" لإجبار الفلسطينيين على النزوح من مناطقهم، خاصة من شمال القطاع إلى جنوبه.
كما حذّر مكتب الإعلام الحكومي بغزة، في 7 مايو، من مخططات إسرائيلية لإنشاء مخيمات عزل قسري للفلسطينيين، عبر آلية توزيع المساعدات التي تروج لها تل أبيب.
ورأى مكتب الإعلام الحكومي بغزة، أن هذه المخططات "امتداد للإبادة الجماعية" المتواصلة في قطاع غزة منذ 19 شهرا.
وترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 173 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
غير مناسبة
وبالحديث مرة أخرى عن تفاصيل الخطة، أفادت الصحيفة الإيطالية بأنه ستكون هناك أربع مناطق توزيع فقط، وفقا لمخططات إسرائيل والولايات المتحدة.
ويفترض أن تخدم كل منطقة 300 ألف شخص، أي ما مجموعه 1.2 مليون فلسطيني، ما يعادل 60 بالمئة من إجمالي سكان القطاع.
وسيُطلب من الفلسطينيين التوجه مرة واحدة أسبوعيا إلى نقطة التوزيع، حيث سيحصلون على طرد غذائي يكفي لأسبوع.
وبحسب ما أشارت إليه "إل بوست"، لم يُحدد بعد مكان إقامة هذه المناطق بدقة، لكن من المرجح أن تكون جميعها في جنوب القطاع، انسجاما مع خطة الجيش الإسرائيلي الرامية إلى دفع جميع السكان الفلسطينيين مجددا نحو الجنوب، وتمهيدا لاحتلال بقية المناطق.
وفي إطار هذه الشروط، لفتت الصحيفة إلى أن "الأمم المتحدة وعددا من المنظمات غير الحكومية وجهت انتقادات عديدة لهذه الخطة".
وأوضحت الأمم المتحدة أن نقاط التوزيع كانت قبل نفاد المخزون تصل إلى 400 نقطة، وأن تقليلها إلى 4 فقط سيحرم الأشخاص الذين لديهم قدرة محدودة على التنقل من الغذاء والدواء، كما سيُجْبر الآخرون على التجمع في نفس المناطق أو القيام برحلات طويلة.
واستنكرت الصحيفة أن الخطة "تستبعد من البداية 40 بالمئة من سكان القطاع".
بالإضافة إلى ذلك، وبحسب اعتراف هاكابي نفسه، لا تزال العديد من التفاصيل التنظيمية بحاجة إلى تحديد.
ومن ناحية أخرى، سلطت الصحيفة الضوء على أن "إعداد أولى نقاط التوزيع يتطلب أسبوعين على الأقل، وفترة أطول لجعلها تعمل بالكفاءة اللازمة لتلبية عدد الفلسطينيين المتوقع".
ونقلت عن العاملين الذين وزعوا المواد الأساسية في القطاع تأكيدهم أن "هذه الفترات الزمنية طويلة جدا مقارنة بالظروف المأساوية التي يعيشها السكان حاليا".