موقع إيراني: 5 نقاط مستفادة من دعوة ملك السعودية لزيارة طهران
قال موقع إيراني إنه "بعد سبع سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، وبعد وصول التوتر إلى أقصى درجاته، لم يكن أكثر المراقبين تفاؤلا يعتقدون أن الطرفين سيدخلان بسرعة في شهر عسل مرة أخرى، بعد الاتفاق على استئناف العلاقات بينهما".
وذكر موقع "فرارو" أن "وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، تحدث بعد عدة جولات من المحادثات، عن تبادل الدعوات لزيارة كبار المسؤولين في البلدين".
وقال عبداللهيان لقناة "الجزيرة" القطرية، إن "ملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز وجه دعوة إلى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لزيارة الرياض، وأن طهران سترسل دعوة مماثلة".
دروس مستفادة
ولفت موقع "فرارو" إلى أن "الدعوة إلى تبادل الزيارات بين قائدي البلدين تأتي في وقت توقع فيه معظم المراقبين إعادة فتح السفارات في البلدين، وكان الرأي السائد هو أن وقف التصعيد سيستغرق وقتا، ولن يكون هناك لقاء بين قائدي البلدين على المدى القصير".
واستدرك قائلا: "لكن بعيدا عن هذا الموضوع، فإن القضية المهمة هي الدروس التي يمكن استخلاصها من العلاقة بين البلدين، بعد تحولها من العداء التام إلى التهدئة (في 10 مارس/ آذار 2023) وإزالة التوتر وتبادل دعوات الزيارة على مستوى قيادة البلدين".
ويرى أن "المهم حاليا هو مراجعة التغيير في علاقات إيران مع السعودية، من احتمال نشوب صراع عسكري بين البلدين إلى دعوة الملك سلمان لزيارة طهران، فهذا التغيير في النهج يمكن أن يكون دليلا إرشاديا في وضع السياسات في النظام الدبلوماسي الإيراني مستقبلا".
وأشار الموقع إلى أنه يمكن الوقوف عند "خمسة دروس" مستفادة من هذا الحدث.
أولا: لا يوجد في السياسة صديق دائم أو عدو أبدي، حيث يمكن أن يكون الدرس الأهم، وربما الأكثر وضوحا في قصة خفض التصعيد بين إيران والسعودية، هو تكرار القاعدة التقليدية نفسها التي تقول إن "الأصدقاء والأعداء غير موجودين في عالم السياسة".
ففي السنوات التي أعقبت عام 2016، بعد قطع العلاقات بسبب الهجوم على سفارة الرياض بطهران، "قرعت بعض التيارات والجهات الإعلامية طبول مناهضة الرياض، وكأنه لا يوجد غد سيأتي، ونسوا أنه لا ينبغي عليهم تدمير الجسور خلفهم، وأنه يجب أن يكون هناك دائما نافذة للسلام"، يوضح "فرارو".
ووصفت بعض وسائل الإعلام السعودية وحكامها بأنهم أعداء، وكأن التوتر بين البلدين سيكون دائما، وصوروا لجمهورهم أن الطريق الوحيد للمضي قدما هو الدخول في حرب كبيرة مع هذا البلد.
واعتبر الموقع أن "القرار المناسب والإيجابي الذي اتخذه صناع الإستراتيجيات السياسية الخارجية في إيران حول خفض التوترات مع السعودية أكد بوضوح القاعدة التي تنص على أنه لن تكون هناك صداقة أو عداوة أبدية في عالم السياسة".
وإذا كان الملك سلمان وولي عهده قد تم تقديمهما على أنهما أعداء في مرحلة من المراحل، فإنه يمكن لهما أن يكونا ضيفين مميزين في وقت أقرب مما يتصور، وربما فرش السجادة الحمراء لهذين الضيفين أكثر أهمية من رحلة أي مسؤول سياسي آخر.
وتابع الموقع: "إذا كان ابن سلمان قد تم تقديمه في يوم من الأيام على أنه السيد المنشار، بعد أن اتهم بإصدار الأمر بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وتقطيع جسده، فربما يكون في المستقبل القريب أحد الضيوف المميزين الذين يزورون طهران".
واستطرد: "تحتوي هذه القصة بوضوح على درس مفاده أنه يجب على صانعي القرار الدبلوماسي أن يراعوا في المستقبل جانب الحذر في اتخاذ المواقف وإدارة مستوى التوتر".
تكاليف خاصة
ثانيا: ضرورة تقليل تكاليف زيادة التوتر وخفض التوتر في مجال السياسة الخارجية.
وأوضح الموقع أن "إحدى العواقب الخطيرة للقرع المفرط على طبل رفع التوتر هو زيادة التكاليف على الجانب الآخر من القصة، أي خفض التصعيد".
فعندما يتم ضبط جميع الأدوات في البلد في اتجاه شيطنة لاعب منافس، فإن التحول في اتجاه السلام في القضية نفسها يؤدي إلى تكاليف خاصة وغير ضرورية، بحسب الموقع الإيراني.
ولعل هذا السؤال يطرح من جانب الرأي العام الداخلي، وهو ماذا حدث لقرع طبول معارضة آل سعود؟ كيف يتحول الملك سلمان من عدو إلى ضيف خاص في طهران؟.
واعتبر الموقع أن "جعل القضايا في مجال التوتر مع ممثل أجنبي مسألة كرامة سيؤدي إلى جعل أي تفاعل أو تخفيف من حدة التوتر بمثابة هزيمة أو انكسار".
وتابع: "إذا اتبعت سلطات صنع القرار في مجال السياسة الخارجية التوتر منذ البداية كنهج رسمي ومنطقي، فإن تفكيك الأزمة والتوتر سيُقرأ على أنه فشل".
ويرى أن "زيارة الملك سلمان لطهران مهمة للغاية، ويمكن أن تترك آثارا إيجابية، لكن هناك حقيقة لابد من الوقوف عندها، وهي أن الرأي العام سيقرأ مثل هذه الرحلة على أنها تراجع، وسيظهر عدم صحة القرارات السابقة في النظام الدبلوماسي وضخامة تكاليفها".
ثالثا: إعطاء الأولوية للغة الدبلوماسية على القرارات العاطفية في مجال السياسة الخارجية.
وقال الموقع: "خلال السنوات التي أعقبت عام 2016، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، شهدنا مرات عديدة أن السعودية تمت الإشارة إليها على أنها نظام مكروه، معاد لإيران، وربيب الغطرسة العالمية، ووصمة عار على المجتمعات الإسلامية، وخائن للأمة الإسلامية (...)".
وأضاف "كما دخلت إلى مجال الدبلوماسية الإيرانية والسياسة الخارجية ألفاظ لا تتطابق مع اللغة الرسمية للدبلوماسية".
ورغم أن هذا النهج يستخدم في الغالب من قبل وسائل الإعلام والأفراد والتيارات خارج وزارة الخارجية، إلا أن نطاق تأثيره على مجال الدبلوماسية كان واضحا بشكل كبير، وهو ما تسبب في استخدام الكلمات غير الدبلوماسية والعاطفية خلال السنوات الماضية في التلاسن بين مسؤولي وزارة الخارجية في البلدين.
وخلص موقع "فرارو" إلى أنه "العلاقات بين البلدين بعد أن أصبحت على طريق التهدئة، فإن القرارات والمواقف العاطفية تنزل بكل ثقلها على مستقبل العلاقات بين البلدين مثل المطرقة الكبيرة، حتى إن هذا الإجراء الخاطئ يمكن أن يؤدي إلى انعدام الثقة واتخاذ خطوات حذرة من كلا الجانبين".
مواءمة بعد تشدد
رابعا: مواءمة المصالح الوطنية مع النهج التعاوني بدلا من التشدد.
وأوضح الموقع أن "السرعة العالية في خفض التصعيد بين إيران والسعودية تثبت مرة أخرى القاعدة القائلة بأنه سيتم اكتساب المزيد من الفرص لطهران من خلال التعاون والسلام".
ولفت إلى أن "التاريخ قد أظهر أن المصالح الوطنية الإيرانية لا تتماشى مع التصعيد والصراع".
وشدد الموقع على أن "جميع الأدلة تشير إلى أن الهجوم على السفارات الأجنبية في السنوات التي تلت الثورة كان مصحوبا دائما بفرض تكاليف باهظة على إيران، وكان يتعارض مع المصالح الوطنية للبلاد".
واعتبر أن "اعتداء المعاندين على السفارات الأجنبية خلال العقود الماضية، بغض النظر عن النفقات الباهظة والضغوط المفرطة التي تفرض على إيران، لم يأت بأي نتيجة".
وتابع: "قد صدقت هذه القاعدة أكثر من مرة في منطقة الشرق الأوسط، حيث كانت الأزمات والتوترات في المنطقة ضد المصالح الوطنية، وعلى الجانب الآخر، كان الحد من التوتر والاستقرار فعالا دائما في تحسين وتعزيز مكانة إيران على المستوى العالمي".
خامسا: ضرورة إعادة النظر في مواجهة المتطرفين المزعجين بالداخل.
وقال الموقع الإيراني إن "في توسيع مستوى خفض التصعيد بين طهران والرياض، وخاصة تبادل دعوات الزيارة بين قادة البلدين، درسا مهما آخر، مضمونه ضرورة مراقبة التطرف والمتطرفين في الداخل".
ويرى أن "الحركة التي فرضت الثمن الباهظ على إيران لمدة سبع سنوات تحت شعار محو عار العلاقات مع آل سعود، أدخلت البلاد في صراع غير مطلوب مع دولة إسلامية، دون تحقيق أي نتائج".
ولفت إلى أنه "خلال السنوات الماضية، أثيرت انتقادات خطيرة، حتى من قبل المسؤولين الحكوميين، فيما يتعلق بالتيارات والأشخاص الذين يهاجمون السفارات خارج الإرادة العامة والرسمية".
وختم الموقع تقريره بالقول إن "التطرف أمر يستحق اللوم والشك مهما كان شكله، ويمكن انتقاد الراديكالية، سواء كانت في شكل معارضة الغرب أم في شكل الاقتراب منه، ومن الضروري الحد من حقيقة أن هناك اتجاها ينحاز لمعتقد ويفرض تكاليف باهظة على البلاد".