تخوف إسرائيلي من التصعيد قبل رمضان.. وواشنطن تطرح خطة أمنية للضفة
تتخوف إسرائيل من واقع أمني خطير في أعقاب انتشار ظاهرة المجموعات العسكرية والمقاومين المنفردين والحملات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبرز واقع أمني خطير في الضفة الغربية والقدس في الفترة الأخيرة، من شأنه تحويل المنطقة إلى قنبلة موقوتة في الأسابيع المقبلة، استعدادا لشهر رمضان.
وخلال شهر رمضان يكثف المستوطنون اقتحاماتهم للمسجد الأقصى، إذ يتزامن مع فترات الأعياد اليهودية، خاصة عيد الفصح، مما يصعد التوتر في كل عام.
ولا تزال إسرائيل تعاني من عواقب عملية الدهس التي وقعت في 10 فبراير/ شباط 2023، في حي راموت الاستيطاني بالقدس، ونتج عنها مقتل مستوطنين وإصابة 5 آخرين.
العمليات الفردية
وفي هذا السياق، تقول صحيفة "زمن إسرائيل" العبرية إن ظاهرة المقاومين المنفردين "تضرب إسرائيل من جديد"، مشيرة إلى "عدم وجود رد حتى الآن من جهاز الأمن الإسرائيلي (الشاباك) على هذه الظاهرة".
وأتبعت: "رغم أن الوضع الأمني يتطلب ردا من الأمن، فإن الحكومة اليمينية الجديدة في إسرائيل تتجنب حدوث عملية عسكرية كبيرة في شمال الضفة الغربية في الوقت الحالي".
وبحسب مسؤولين أمنيين، فإنه يوجد في شمال الضفة الغربية خاصة جنين ونابلس، نحو ألف مسلح وآلاف الأسلحة وكميات ضخمة من الذخيرة.
وخلال العام الأخير، انتشرت مجموعات مسلحة عديدة في الضفة الغربية أبرزها مجموعة "عرين الأسود" وكتيبتا جنين وبلاطة، وغيرها.
وبين المسؤولون، أن تنظيمات المقاومة "ملأت الفراغ الذي تركته الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في تلك المناطق".
وأفادت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي والأجهزة الاستخبارية والأمنية تواصل الاعتقالات اليومية، لمواجهة العمليات الهجومية ضدهم.
وفي هذا الإطار، أوصت الصحيفة العبرية بضرورة احتلال هذه المناطق واعتقال جميع المطاردين، وذلك لاستهداف البنية التحتية لتلك المجموعات العسكرية بشكل كامل.
لكن من ناحية أخرى، تمارس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ضغوطا كبيرة على حكومة بنيامين نتنياهو لتجنب وقوع عملية عسكرية كبيرة، من شأنها تصعيد الأحداث بحلول شهر رمضان.
وفي الوقت نفسه، تضغط الولايات المتحدة على السلطة الفلسطينية للموافقة على خطة أميركية أمنية، كشفت عنها وسائل إعلام عبرية من بينها موقع واللا مطلع فبراير 2023.
والخطة المذكورة، وضعها الجنرال الأميركي مايك فنزل لتدريب 12 ألف عنصر أمن فلسطيني، لمحاربة نشاط المقاومة في شمال الضفة الغربية.
وذكر موقع "واللا" العبري أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، طالب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في اجتماعهما في رام الله، في 31 يناير/كانون الثاني 2023 بتطبيق الخطة. لكن الحكومة الفلسطينية ترفضها حتى الآن.
قنبلة موقوتة
وتحذر الصحيفة العبرية من مجموعات المقاومة المستمرة في النمو والانتشار في الضفة، وترى أنها "قنبلة أمنية موقوتة".
كما ترى أن استمرار العمليات الهجومية من عناصر تلك المجموعات "سيؤدي إلى حدوث انفجار في المنطقة، قد يؤدي إلى تسريع عملية انهيار السلطة الفلسطينية". وهذا أحد السيناريوهات المحتملة التي أوردتها الصحيفة.
أما السيناريو المحتمل الآخر، فهو استغلال حركة المقاومة الإسلامية حماس لهذه المجموعات، وتوسيع الظاهرة، في محاولة منها لتعميق وجودها ونفوذها في أراضي الضفة الغربية، استعدادا للسيطرة على السلطة الفلسطينية في المستقبل، وفق الصحيفة.
ولفتت إلى أن "انهيار السلطة الفلسطينية ووصول حماس للحكم لن يكون من مصلحة إسرائيل على الإطلاق"، موصية بضرورة الإسراع قدر الإمكان في شن عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد الهجمات المسلحة في الضفة الغربية.
وتقول إن نشاط المجموعات العسكرية الذي ظهر مباشرة بعد عملية الجيش الإسرائيلي المسماة حارس الأسوار (سيف القدس) في قطاع غزة مايو/أيار 2021، إلى جانب ظاهرة المهاجمين المنفردين، "كلاهما يشجع الشعب الفلسطيني والوسط العربي في إسرائيل على الشروع في انتفاضة مسلحة خلال رمضان".
وبينت أن هذه الأنشطة مصحوبة بحملات تحريضية مكثفة تطلقها حركات المقاومة، وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي، وفق زعمها.
كما أكدت أن المحفز الرئيس لهذه الحملات هو توسع العمليات الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
وحذرت من احتمالية تخطيط الأردن والسلطة الفلسطينية لاستغلال المشهد الحالي في تحدي حكومة نتنياهو من الناحية الأمنية.
وفي هذا السياق، قدمت السلطة الفلسطينية حكومة نتنياهو في الساحة الدولية على أنها "حكومة فصل عنصري".
كما حذر الرئيس الأميركي جو بايدن رئيس الوزراء نتنياهو من الإجراءات الأحادية الجانب تجاه الفلسطينيين، والتي قد تؤدي إلى التصعيد.
بالإضافة إلى تدخله في مشروع الإصلاح القضائي (التدخلات في القضاء) الذي تعتزم حكومة نتنياهو تمريره من خلال التشريع في الكنيست (البرلمان).
كعب أخيل
ولتصعيد انتفاضة جديدة ضد إسرائيل في الأسابيع القادمة، تلفت الصحيفة إلى جهود حماس وحركات المقاومة في استخدام عرب الداخل (فلسطينيي 1948).
وترى حماس أن فلسطينيي 1948 هم "كعب أخيل" للكيان الصهيوني، وتخطط لاستخدامهم في التصعيد ضد إسرائيل كما حدث في مايو 2021.
وتقول صحيفة "زمن إسرائيل": "استعدادا للتصعيد في شهر رمضان، عادت التنظيمات الفلسطينية إلى سياسة إطلاق الصواريخ".
وبحسب إحصاء الصحيفة، شهد شهر يناير 2023 إطلاق نحو 30 صاروخا من قطاع غزة باتجاه الأراضي المحتلة، وسط تصعيد كبير بالضفة الغربية والقدس خلال الشهور الأخيرة.
وأوضحت أن الهدف من إطلاق هذه الصواريخ ليس إشعال حرب في قطاع غزة، لكن الاستعداد لدعم انتفاضة جديدة في الضفة والقدس.
وقالت: "ما تهدف إليه حركتا حماس والجهاد الإسلامي ليس جولة صراع جديدة في قطاع غزة، رغم المخاطرة بحدوث ذلك، وإنما هو استعداد لدعم الانتفاضة الجديدة في الضفة الغربية والقدس".
وأتبعت: "إستراتيجية حماس الحالية هي دفع سكان (شرق) القدس والضفة الغربية وعرب الداخل في إسرائيل إلى انتفاضة مسلحة جديدة في الأسابيع المقبلة".
واستدلت الصحيفة بتصريحات لصالح العاروري نائب رئيس حركة حماس، قال فيها: "في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بالحرب في أوكرانيا، ستنقل المقاومة الفلسطينية الأنظار إلى خطر إقليمي في المنطقة (إسرائيل)".
وأضاف العاروري خلال كلمة له في 13 فبراير/شباط 2023 أن هذا الأمر سيضطر العالم "للتعامل مع المشكلة الفلسطينية، وإن كان على مضض".
تجربة 2021
وحول استخدام فلسطينيي 48، نوه مسؤول كبير في حركة حماس (لم تذكره الصحيفة) إلى الدور الكبير الذي لعبوه في الحرب الأخيرة، في مايو 2021.
وأكد أن الفلسطينيين هناك "نجحوا في مفاجأة قوات الأمن الإسرائيلية في المنطقة العربية والمستوطنات، وكذلك المدن المختلطة (تعبير إسرائيل عن الأماكن التي يعيش فيها العرب واليهود)".
وعلى الرغم من أن إسرائيل استعدت هذه المرة بالفعل لهذا الاحتمال، وبدأت في إنشاء قوة خاصة تُسمى "الحرس الوطني"، فإن حماس تخطط أيضا لحملة متعددة المجالات ضد تل أبيب، يلعب فيها فلسطينيو 48 دورا مهما، حسب الصحيفة.
وفي هذا السياق، أوضح محمد السنوار القائد البارز في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أن تخطيطهم هو مشاركة الشعب الفلسطيني بأكمله في الحرب القادمة ضد إسرائيل.
وجاء حديث السنوار وهو شقيق يحيى زعيم الحركة في قطاع غزة، خلال برنامج "ما خفي أعظم" الذي بثته قناة الجزيرة في مايو 2022 ويتناول معركة عام 2021 بين الاحتلال والمقاومة.
وهنا تشير الصحيفة إلى محاولات حماس والجهاد الإسلامي في تشجيع العمليات العسكرية في مدينة القدس.
وأضافت: "في اللحظة التي تتصاعد فيها الأحداث في القدس، سيكون من السهل على حماس إشعال جبهات أخرى ضد إسرائيل".
وحذرت من أن حماس "ستركز هذه المرة على زيادة محاولة خطف جنود ومدنيين (مستوطنين) إسرائيليين، لاستخدامهم في صفقات تبادل الأسرى مع إسرائيل، وفرض شروطها عليهم".
واختتمت الصحيفة تقريرها بوصف الجيل الجديد من الشباب الفلسطيني، الذي لم يخض الانتفاضة الثانية قبل 20 عاما، بأنه "ثائر مُقاتل".
ولذا، "تنبض الضفة الغربية والقدس بالحيوية، ويمكن أن يشهدا انفجارا وشيكا، في حين تواجه إسرائيل تحديا أمنيا كبيرا في الأسابيع المقبلة".