حب من طرف واحد.. لماذا انخفض التأييد الشعبي للتطبيع في البحرين والإمارات؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة "مكور ريشون" العبرية عن تراجع الدعم الشعبي الخليجي لاتفاقيات "إبراهام" التطبيعية مع إسرائيل، لما يقرب من النصف.

ووفقا لاستطلاعات رأي أجراها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، كان 47 بالمئة من الشعب الإماراتي يؤيد اتفاقيات التطبيع قبل عامين، لكن النسبة تراجعت إلى 25 بالمئة خلال الأشهر الأخيرة.

أما على صعيد الشارع البحريني، فلا تزيد شعبية الاتفاقيات مع الكيان عن 20 بالمئة، في الوقت الذي كانت فيه نسبة دعم التطبيع في العام 2020 أكثر من 45 بالمئة.

خيبة أمل

وأكد تقرير نشرته الصحيفة العبرية بأن آمال فتح أبواب الخليج أمام التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بدأت في التراجع.

وأظهرت استطلاعات جديدة للرأي العام تراجعا شعبيا في تأييد اتفاقيات إبراهام التطبيعية بين إسرائيل والإمارات والبحرين.

وإلى جانب الدولتين الخليجيتين، وقعت إسرائيل أيضا اتفاقات مشابهة مع المغرب والسودان برعاية أميركية.

وجاء في تقرير نشرته صحيفة "مكور ريشون" أنه "على الرغم من مرور أكثر من عامين على التوقيع على اتفاقيات إبراهام، وكذلك الآمال الإسرائيلية بأن يتغلغل الاتفاق مع القيادة الإماراتية والبحرينية ليصل إلى القاعدة الشعبية في البلدين، فإن هناك خيبة أمل كبيرة في هذه الجزئية.

ففي الوقت الذي زار فيه مئات الآلاف من الإسرائيليين الإمارات على وجه التحديد خلال الأشهر الماضية، "كان الحب من طرف واحد"، حسب وصف الصحيفة.

وأفادت إحصائيات رسمية بأنه لم يزر تل أبيب خلال العامين الماضيين سوى 1600 مواطن إماراتي، وفيما يتعلق بالبحرينيين، فالأرقام تشير إلى أن العدد لا يتجاوز بضع مئات فقط، في أحسن الأحوال.

وفي مقابل ذلك، بينت الإحصائيات زيارة ما يزيد عن نصف مليون إسرائيلي للأراضي الإماراتية، منذ تدشين خط الطيران بين الجانبين، في مارس/آذار 2021.

وخلصت الصحيفة مما سبق إلى أن "مستويات التأييد الشعبي لاتفاقات أبراهام في أسوأ حالاتها داخل الشارع الخليجي".

وعزت تراجع نسب التأييد الشعبي الاتفاقيات إلى عدة عوامل، من بينها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو/أيار 2020، وما رافقها من اعتداءات على المسجد الأقصى.

وقال مسؤول منتدى مرشدي الرحلات الإماراتية إلى تل أبيب "مرسي خيجة"، إن "المواطنين الإماراتيين يشعرون بعذاب الضمير خلال تفكيرهم في زيارة إسرائيل".

وهو ما يفسر تردد الإماراتيين وتمنعهم عن زيارة دولة الاحتلال، ويدل على "محدودية اتفاقات التطبيع، خلافا لما كانت تأمله إسرائيل"، حسب خيجة.

لكن بالرغم من تراجع الدعم الشعبي لاتفاقيات التطبيع، فإن مستويات التبادل التجاري ارتفعت بشكل استثنائي خلال العامين الماضيين.

وحقق التبادل التجاري ارتفاعا استثنائيا مهولا خلال أعوام قليلة. ففي عام 2019، كانت قيمته 11.2 مليون دولار سنويا، ومن ثم حقق ارتفاعا ليصل إلى 1.2 مليار دولار خلال 2022.

الحلقة المفقودة

ونقلت الصحيفة عن محافل إسرائيلية قولها إن غياب السياحة الخليجية في إسرائيل يشكل "الحلقة المفقودة" في اتفاقيات أبراهام.

فقد كان يخالج الإسرائيليين أمل في أن يكون حال التطبيع مع الإمارات والبحرين مغايرا للوضع مع مصر والأردن.

فبالرغم من مضيّ عشرات السنوات على توقيع اتفاقيات التطبيع معهما، لا يوجد أي مظاهر تطبيع شعبي من قبل المصريين والأردنيين، فوصول سياح من كلا البلدين يكاد يكون شبه منعدم.

بدوره، أكد السفير الإسرائيلي لدى أبوظبي أمير حايك، وجوب تدشين حملة تشجيع مكثفة في أوساط الشارع الإماراتي، سعيا لرفع مستوى السياحة الإماراتية إلى تل أبيب.

وأتبع: "يتوجب علينا العمل على تشجيع المواطنين الإماراتيين لزيارة إسرائيل، وهذه مهمة في غاية الأهمية. يجب تشجيع السياحة لزيادة أواصر التواصل بين المجتمعين وعدم حصر الاتفاقيات في النخب الحاكمة".

وفي ذات السياق، وصل مبعوثون من وزارة السياحة الإسرائيلية إلى الإمارات، خلال ديسمبر/كانون الأول 2022، بهدف "تشجيع السياحة وتوعية المجتمع الإماراتي بفوائد السفر إلى إسرائيل"، بحسب وصف الصحيفة.

والحيلة في ذلك تكمن في الترويج بأن إسرائيل تعد هدفا مفضلا وجاذبا للسياحة، لأن فيها عددا من الأماكن المقدسة والمعالم التاريخية الأثرية (في فلسطين المحتلة)، فضلا عن انتشار المناطق الطبيعية الخلابة، وفق قولها.

وفي مقابل ذلك، نقلت الصحيفة عن مرشدي سياحة إسرائيليين قولهم إن "التعويل على القدس كمكان مفضل لجذب السياح من الخليج جاء مخيبا للآمال".

فمن وجهة نظرهم، "ساهم تردي الوضع الأمني في المدينة المقدسة ورفض الفلسطينيين من أهالي القدس للتطبيع في إبعاد الإماراتيين عنها".

إذ يضع الإماراتيون في حساباتهم "مستوى الرفض الشعبي الفلسطيني والعربي لمثل هذه الزيارات في ظل الأوضاع الجارية".

أما مدير منظمة "شركا" الإسرائيلية التي تعمل في مجال السياحة المتبادلة بين تل أبيب والدول العربية، فقد علل ضعف السياحة العكسية من الخليج بالحملات الإعلامية التي تشنها وسائل إعلامية عربية، والتي تظهر الأراضي المحتلة كمناطق صراع وأن كل من يزورها سيتعرض لإدانات شعبية واسعة.

ولفت إلى أنه أشرف على تسيير رحلتين صغيرتين من الإمارات والبحرين إلى إسرائيل، لكنه "لم يجد بعدها من يرغب في الزيارة".

كما أشار إلى أن مشاهد تعرض مجموعة من النخب الإماراتية والبحرينية للإهانات والطرد من باحات المسجد الأقصى، خلال عام 2020، لا تزال ماثلة للعيان.

كذلك بينت الصحيفة العبرية أن مفتي القدس الشيخ محمد حسين كان له دور في تراجع زيارة الخليجيين للمسجد الأقصى، وذلك بعد إصداره فتوى تحرم دخول المسلمين إليه (باستثناء السكان المحليين) تحت الحماية (الموافقة) الإسرائيلية.

ومن وجهة نظر الصحيفة، قرر بعض الإماراتيين والبحرينيين بعد هذه الفتوى الحد من زيارتهم للمسجد الأقصى أو أي من الأماكن المقدسة التي يوجد فيها فلسطينيون بكثرة.

وفي حال الرغبة بالزيارة، فإنهم يستبدلون الملابس الخليجية التقليدية خشية تعرضهم للأذى من الفلسطينيين الغاضبين.

كذلك يتعرض الإماراتيون لمضايقات خلال محاولتهم التطبيع التعليمي أو الثقافي داخل إسرائيل، حيث أخبرت الطالبة الإماراتية سمية المهيري، التي قررت الالتحاق بجامعة حيفا العبرية، عن تعرضها للتنمر والإهانات من الطلاب الفلسطينيين في المدن المحتلة عام 1948.