تسريبات حسين الشيخ.. فضيحة داخل سلطة عباس فجرتها معركة الخلافة

12

طباعة

مشاركة

أثار تسريب جديد جدلا كبيرا داخل أروقة السلطة الفلسطينية وحركة التحرير الوطني "فتح" ضمن ما بات يعرف اليوم بـ "معركة الخلافة" في الضفة الغربية.

ونشرت وكالة شهاب المحلية تسريبا لـ "حسين الشيخ" رئيس هيئة الشؤون المدنية وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والقيادي البارز بحركة "فتح"، شتم خلاله رئيس السلطة محمود عباس ومدير جهاز المخابرات ماجد فرج، بألفاظ نابية.

الشيخ شن هجوما حادا على عباس (87 عاما)، واتهمه بالمشاركة في الفوضى الحالية، قائلا: "أنا بقولكم أبو مازن شريك بالفوضى، وله مصلحة في بقائها، ويؤسفني أن أقول هذا الكلام".

وظهر في التسجيل المسرب وكأنه يبحث عن طرق "الخلاص" من عباس، لكن حديثه يوحي بأنه كان في دائرة التخطيط للخلاص من الرئيس الراحل ياسر عرفات، إذ قال: "اليوم الوسيلة تختلف عن قصة عرفات بالكامل".

وتحدث القيادي في فتح عن "أربعة أو خمسة" أشخاص بحاجة إلى الإزاحة من المشهد، واصفا ما يدور حاليًا داخل حركة فتح بـ"معركة خلافة أبو مازن" التي تتدخل فيها عديد الجهات، لكنه شدد على وجود خطة مرتبة لذلك.

وذكر الشيخ في التسجيل أن عباس ذاهب باتجاه تعيين محمود العالول نائب رئيس حركة فتح لخلافته في الحركة، مستدلًا على ذلك بتكليف "أبو مازن" الرجل المذكور وعزام الأحمد في أحد الموضوعات المهمة، التي لم يذكرها.

وأشار إلى أن حركة المقاومة الإسلامية حماس تستغل الأوضاع الحالية لحركة فتح والسلطة، كما شن هجومًا على مدير جهاز المخابرات ماجد فرج.

ونعت ناشطون على تويتر عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #حسين_الشيخ، #معركة_الخلافة، وغيرها، صاحب التسريبات بـ"عرّاب التنسيق الأمني" واتهموه بتلميع صورته لاستلام دفة إدارة السلطة بعد عباس.

ولفتوا إلى أن إساءة الشيخ للمسؤولين المتنفذين وكل من ذكرت أسمائهم بالتسريب الصوتي مقصود ومتعمد ويمثل فضيحة غير مباشرة لسياساتهم، مؤكدين أنه يحاول بكل السبل تسمية نفسه كخليفة لعباس لتولي السلطة الفلسطينية.

واستنكر ناشطون تجاهل رأي الشعب الفلسطيني في الشخصية التي يجري تأهيلها لقيادة السلطة، معربين عن غضبهم من استمرار تصدر المشهد قادة وشخصيات عرفوا بتبنيهم نهج التنسيق الأمني الذي تسبب في أسر وقتل المئات من الفلسطينيين.

وأعربوا عن غضبهم من تلفظ الشيخ بألفاظ وكلمات نابية في وصف قادة فتح، مشيرين إلى أن التسريب يكشف لضخامة الصراعات وتفاقمها داخل الحركة ومحاولتها تأجيج المقاومة الفلسطينية والإساءة لها بالإضافة إلى محاولة عباس التفرد برسم المشهد.

دلالات وانعكاسات

وتحدث ناشطون عما تحمله التسريبات من دلالات وانعكاسات على المشهد الفلسطيني الراهن، والتوقعات لمستقبل السلطة الفلسطينية.

وقال الكاتب ياسر الزعاترة، إن تسريب حسين الشيخ يعكس احتدام معركة الخلافة، لعلّ لديهم معلومات عن وضع عباس الصحّي، وربما هو تخطيط طبيعي لتجنّب المفاجأة. 

وأضاف: "المهم أن الصهاينة وعباس نفسه ودوائر العرب المؤثرة (المطبّعون القدامى والجدد) متفقون على خليفة يؤمّن بقاء المسار الراهن؛ خلافا لطموحات شعبنا، وهنا تكمن المصيبة".

وقال الصحفي محمد عايش، إن تسريبات حسين الشيخ تدل على أن مرحلة ما بعد أبو مازن ستكون أكثر سوءاً من الآن، والصراع على خلافة عباس يتسع، والطامعون بالسلطة متورطون في اغتيال عرفات.

وخلص إلى أن سلطة رام الله لم تكن سوى فخ إسرائيلي وقع فيه الشعب الفلسطيني، واتفاق أوسلو لم يكن سوى بداية التيه السياسي.

وحذر الكاتب محمد شكري، من أن تقزيم التسريب في شتيمة حسين الشيخ على الرئيس محاولة من السحيجة للتغطية على الأخطر، وهو الإرادة لدى قيادة السلطة نحو الالتفاف على مقاومة الشعب وتطلعاته.

وأشار إلى أن الأخطر هو أن الوطن غير حاضر على طاولة هؤلاء المرتزقة، وأن نهج كلاب الأثر هو تأشيرة البقاء لهؤلاء المرتزقة، وفق وصفه.

وأشار المحلل السياسي فايز أبو شمالة، إلى أن شريط حسين الشيخ، الذي يشتم فيه محمود عباس ويتهمه بالقذارة والموبقات التنظيمية في الساحة الفلسطينية، ليس جديداً.

وأوضح أن الجديد ما كشف عنه الشيخ من أسماء قذرة ومشبوهة، وملوثة بالتنسيق والتعاون الأمني، تتنافس فيما بينها على رئاسة المنظمة ورئاسة السلطة، بعيداً عن إرادة الشعب الفلسطيني.

ورأى ‏الكاتب والمحلل السياسي إياد جبر، أن هذا التسريب متوقع في ظل حالة فشل قيادة الحركة في عقد المؤتمر الثامن (لم يحدد تاريخه بالضبط)، ومن الطبيعي أن يرد ماجد فرج بعد إبعاده من الحركة. 

وأضاف أن الأهم أن التسريب هذه المرة يصيب دائرة عباس الضيقة التي تسيطر على فتح والسلطة، والمنظمة، خلافاً للمرات الماضية، التي انحصرت بين تيار عباس وأخرين.

وقال علاء ريان، إن التسريبات إن صحت فإن فتح تاريخياً غسيلها على الحبال، هذه ديناميكيتها وكينونتها واستمراريتها، فش جديد، وإلا بتبطل فتح.

وأضاف: "أظن أن من أراد فضح صاحب التسريبات قد أدى غرضا معاكساً تماماً؛ فخدمه بقصد أو بدون".

وحث الكاتب ماجد الزبدة، على ضرورة المسارعة إلى تشكيل جبهة وطنية تضم أحرار فلسطين من كل القوى الفاعلة، وتعمل على انتزاع القرار الفلسطيني من تيار التنسيق الأمني الذي يوجه طعناته الغادرة للقضية الفلسطينية، ويشوه عدالتها بتعاونه مع المحتل.

صراع الخلافة

وألمح ناشطون إلى وقوف حركة فتح وراء تسريب التسجيل للإعلام لغايات أخرى قد تتعلق بتصدير الشيخ للواجهة وتقديمه كرافض لسياسات عباس، أو ربما تهدف لإحراقه والخلاص منه.

وقال الكاتب السياسي إبراهيم المدهون، إن التسريبات فتحاوية داخلية، يراد بها حرق الشيخ لحسابات شخصيات فتحاوية ذُكر اسمها في التسريب، معربا عن فجعته مما يقال في الغرف المغلقة.

فيما رأى محمود صيام، أن التسريبات مقصودة لإرسال رسائل أن الشيخ هو الأجدر لقيادة السلطة.

وقال محمود عبده، إن تسريبات حسين مقصودة وتشعل فتيل حرب الخلافة.

ووصف المغرد محمد التسريبات بأنها "صِرَاع أصنَام الخِيانَة".

وكتب عبدالرحمن: "ما يهمنا في الخلافات الداخلية الحاصلة بين الجواسيس في حظيرة فتح هي أن تصل إلى الصراع الدامي، وينشغل هؤلاء في بعضهم البعض ويتركوا العباد لمقاومة عدو البلاد".

وتتجهز عدة شخصيات لمعركة خلافة عباس الذي ألغى نهاية أبريل/نيسان 2021، الانتخابات التشريعية والرئاسية التي كانت مقررة في الشهر التالي، بحجة عدم سماح إسرائيل بإجرائها في مدينة القدس.

ووضع عباس عينه على القيادي حسين الشيخ وعينّه خلال مايو/ أيار 2022 أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وهو منصب يمهد لصعوده إلى الرئاسة.

ويحاول عباس والشيخ ومدير المخابرات العامة ماجد فرج، خلق الانطباع بأن معركة الخلافة قد حسمت بالفعل وأن الشخصين الأخيرين سيقودان الحكم بعد نزول الأول عن الحلبة السياسية.

لكن الشارع الفلسطيني غير مستعد لقبول هذا الإملاء، ولا كبار المسؤولين في حركة فتح ولا المعارضة، وفق ما قال موقع "نيوز ون" العبري في أبريل 2022.

فساد أخلاقي

واستنكر ناشطون اللغة السوقية التي تحدث بها الشيخ وتدنيه واستخدامه ألفاظا نابية، وعدّوها دليلا على المستوى المتدني لأخلاقه والمنظومة التي يعمل بها. 

وأشار الكاتب والحقوقي مصطفى إبراهيم، إلى أن الألفاظ البذيئة التي سمعت في تسريبات حسين الشيخ ليست موضوعا جديدا سواء إن كانت صحيحة أو لا.

وأكد أنها عينة مخففة من ألفاظ وشتائم وسلوك قديم جديد لدى القيادات الفلسطينية يستخدمونها ضد بعضهم، لدرجة قذف بعضهم بالأحذية.

وبث الليدر عثمان، التسريب، معلقا بالقول: "هذه قيادة فتح الساقطة أخلاقياً ووطنياً حتى وصل السب لبعضهم البعض لأنهم مرتزقة سفلة، لكن لا تذهبوا بعيداً هي نفسها أخلاق شبابهم وأخلاق مناديبهم في تويتر وكلوب هاوس".

ورأت صمود عماوي، أن المصيبة فيما أظهره التسريب من مستوى دونيّة أخلاق من يريد أن يستمر في حكم شعب يُقتل كل يوم، مستنكرة أنهم يعتبرون أن ما تبقى من فُتات الضفة مزرعتهم. 

وأشارت إلى أن المرحلة المُقبلة هي مرحلة الاقتتال من أجل سيطرة أحد الأقطاب المتناحرة، متوقعة أن ترسى على محمود العالول لأنه في ظاهر كلامه حمل وديع إلا أن المخفي يقول أنه سيحرق الأخضر واليابس ليكون وريث عباس، وهو شخصية متفق عليها دوليًا واسرائيليًّا.

وتساءل الكاتب عزات جمال، عمن أعطى حسين الشيخ الجرأة يتكلم هكذا عن رئيسه؟!، مؤكدا أن الإجابة تلخص باقي القصة وتظهر اليد الحقيقية المتحكمة في المشهد، التي تمنع أو تعطي المناصب في السلطة وحركة فتح ومنظمة التحرير.

واستبعد مخلص برزوق، أن تقوم القيامة بين عباس والسلطة بعد تسريب الشيخ، موضحا أنهم "في عالمهم السفلي القذر اعتادوا على نهش لحوم بعضهم والطعن في أعراضهم ووطنيتهم وتحيتهم بينهم شتائم ولعنات".

وأكد أنه لن يحدث شيئا لأنهم يتهارشون تحت أحذية المحتل الذي لا يسمح لأحد منهم أن يتجاوز حدوده.

سلسال الخيانة

وأعرب ناشطون عن قناعتهم بأن ما يفعله الشيخ بعباس وخيانته له اليوم، نتاج لما فعله الأخير بسابقه ياسر عرفات كونه المتواطئ الأكبر في الخلاص منه، وأن الدوائر تدور على بعضهم البعض.

وقال الإعلامي والكاتب والباحث السياسي أبو يحيى: "لا عزاء للسلطة والتاريخ يكرر نفسه.. عباس قتل وخان عرفات لأنه وثق به، واليوم حسين الشيخ يخون عباس ويسبه بألفاظ نابية شاكراً له الجِميل ووثوقه له".

وتحت عنوان "كما تدين تُدان!"، قال الكاتب والمحلل السياسي عبدالله العقاد، إن "ما فعله أبو عمار مع كل من خالفه سواء من فتح أو الفصائل الأخرى فعله به عباس".

وأردف: "اليوم يفعل الشيخ ما فعل عباس من قبلُ بأبي عمار؛ ليلقى محمود مصير من سبقه، غير أن الشيخ نهاية حالة العفن والانحطاط الوطني".

وكتبت ماريا محمود: "دايما الكلاب بالأخير تعض بعض.. مثل ما سمموا صاحبهم ياسر عرفات يسمموا بعض وبعد كل خائن يأتي ساقط بعده يتفنن بالعمالة والخيانة"، بحسب تعبيرها.

وأعرب المغرد خضير عن غضبه من التسريبات، قائلا إن السقوط والانحطاط الذي وصلت له السلطة وحركة فتح لا قاع له.