لتناور إيران والحوثي.. هل تتعمد أميركا تمرير سفن أسلحة مهربة إلى اليمن؟

12

طباعة

مشاركة

بالتزامن مع تصعيد مليشيا "الحوثي" هجماتها بالطائرات المسيرة على موانئ تصدير النفط في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، أكدت واشنطن ضبط كميات كبيرة من الأسلحة للمرة الثانية خلال شهر كانت في طريقها للمليشيات.

وأعلنت البحرية الأميركية، في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2022، اعتراض سفينة صيد، أثناء تهريبها ذخيرة ووقودا في خليج عُمان في ممر بحري من إيران إلى اليمن.

وذكر الأسطول الخامس بالبحرية، في بيان، أن "سفينة صيد جرى ضبطها كانت تهرب أكثر من 50 طنا من طلقات الذخيرة والصمامات والوقود للصواريخ في خليج عمان".

وأوضح أن "أفراد البحرية الذين يعملون من قاعدة لويس بي بولر (أي.إس.بي 3) البحرية الاستكشافية اكتشفوا الشحنة غير المشروعة خلال عملية التحقق من العلم".

شحنات متوالية

وقال البيان إن "أفراد البحرية الذين يعملون من القاعدة المذكورة عثروا على أكثر من مليون طلقة من عيار 7.62 ملم و25 ألف طلقة ذخيرة عيار 12.7 ملم، بالإضافة إلى ما يقرب من 7 آلاف فتيل تقارب للصواريخ وأكثر من 2100 كيلوغرام من الوقود الدافع لإطلاق قذائف صاروخية".

وأكد الأسطول الخامس، أن "طهران تواصل تزويد الحوثيين بالأسلحة، في مخالفة لقرارات مجلس الأمن"، مشيرا إلى أن "سفينة الصيد التي تم توقيفها، كانت في طريقها إلى اليمن وهي المرة الثانية التي يجرى فيها ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة خلال شهر واحد".

ويشكل تسليم الأسلحة إلى الحوثيين "انتهاكا لحظر الأسلحة" الذي فرضته الأمم المتحدة على الحوثيين منذ عام 2015.

وينص قرار مجلس الأمن رقم 2216، الذي أصدره المجلس في 14 أبريل/نيسان 2015، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، على فرض حظر للسلاح على الحوثيين، ويدعو الحوثيين إلى الخروج من المدن والمناطق التي استولوا عليها بما فيها العاصمة صنعاء.

وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها الأسطول الأميركي الخامس الرابض في مياه الخليج عن اعتراض شحنات من الأسلحة والمواد المتفجرة والممنوعة القادمة من إيران لدعم الحوثيين في اليمن.

ففي منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، أعلنت القوات البحرية الأميركية أنها أوقفت شحنة إيرانية ضخمة من وقود الصواريخ في خليج عُمان كانت في طريقها إلى الحوثيين. 

وخلص تقرير سري للأمم المتحدة، أعدته لجنة خبراء في مجلس الأمن الدولي معنية باليمن، إلى أنه من المرجح أن ميناء إيرانيا هو مصدر آلاف الأسلحة التي صادرتها البحرية الأميركية في بحر العرب.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، مطلع يناير/ كانون الثاني 2022، أن التقرير السري الأممي يقدم بعض الأدلة الأكثر تفصيلا على إمكانية أن يكون مصدر الآلاف من قاذفات الصواريخ والمدافع الرشاشة والقناصات وغيرها من الأسلحة التي صادرتها البحرية الأميركية ببحر العرب في الأشهر الأخيرة، هو ميناء "جاسك" الإيراني.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي كبير قوله إن "إيران طورت طرقا متعددة لإيصال أسلحة لليمن ولم تتوقف قط".

مستودع عائم

وفي 9 مايو/ أيار 2021، أعلنت القوات البحرية الأميركية، ضبط كميات ضخمة من الأسلحة من على متن سفينة في بحر العرب، يعتقد أنها كانت في طريقها إلى اليمن.

وقال الأسطول الخامس، في بيان، إن البارجة “يو إس إس مونتيري سي جي 61” صادرت شحنة أسلحة غير مشروعة من مركب شراعي عديم الجنسية في المياه الدولية لشمال بحر العرب.

وتضمنت أسلحة روسية مضادة للدبابات وآلاف البنادق الهجومية الصينية من طراز 56، ومئات المدافع الرشاشة من طراز PKM، إضافة لرشاشات وبنادق قنص وقاذفات صواريخ.

وفي تعليقه على الحادثة، قال الباحث العسكري المتخصص في تكنولوجيا النقل البحري والأمن والسلامة البحرية علي الذهب، إن "منطقة غرب المحيط الهندي تمثل مستودعا عائما للأسلحة تجري فيها عملية التهريب بشكل منقطع النظير مقارنة بمناطق بحرية أخرى في العالم".

وأضاف الذهب لـ"الاستقلال" أن "هذه المنطقة تمثل منطقة توتر في اليمن والصومال وإثيوبيا والسودان، فضلا عن الفواعل العنيفة من غير الدول في المنطقة والتي تتمركز في جانب من أرض مصر في سيناء وأيضا حركة المقاومة الفلسطينية فضلا عن المنطقة المجاورة لها حزب الله وما إلى ذلك".

وتابع: "هي منطقة تهريب أسلحة على ضفتي المنطقة شرقا وغربا وتجري فيها عملية تهريب الأسلحة بالتزامن مع عملية تهريب المخدرات والسلع الأخرى مثل النفط المسروق وأيضا الاتجار بالبشر".

وأشار الذهب إلى أن "هناك جهودا ومبادرات دولية لمواجهة هذا النشاط، فهناك تحالف بحري لقوى بحرية دولية لديها أربع فرق إحداها في الخليج العربي، لمواجهة عملية القرصنة والجرائم المنظمة العابرة للحدود من خلال البحار ومن ضمنها تهريب الأسلحة".

واستدرك بالقول: "هذه المبادرات غير مكتملة، لأن هناك أطرافا في المنطقة غير منخرطة في العملية، ومنها إيران والهند وسلطنة عمان".

ولفت الذهب إلى أن "المؤسسات الرسمية داخل الدول أصبحت طرفا مشتريا عن طريق وكلاء محليين وهم تجار الأسلحة، وذلك ما لوحظ في صنعاء".

واستطرد: "هناك تجارة رائجة لمختلف أنواع الأسلحة وهذا دليل على أن هناك تواطؤا بين السلطة وتجار الأسلحة لأنها أولا تخدمهم في تلبية احتياجاتهم من الأسلحة وفي نفس الوقت ريع عملية البيع والشراء يستفيد منها نافذين".

رأس جبل الجليد

ورأى الباحث العسكري أنه "لا يوجد تعاون وثيق داخلي وإقليمي ودولي لمواجهة هذه التهديدات، ولذلك ظهرت الولايات المتحدة كفاعل بارز في مواجهة عملية التهريب لأنها تهدد مصالحها".

واستدرك: "لكنها للأسف الشديد تستخدمها للمناورة بها أمام الخصوم لأنها في الوقت نفسه تريد أن تغرق هذه المناطق وتجعلها مناطق متوترة لكن في حدود". 

وشدد الذهب على أن "ما يجرى إيقافه من أسلحة هو رأس جبل الجليد وليس كل ما يتم تهريبه يتم ضبطه أو مصادرته".

وأكد أن "الولايات المتحدة الأميركية قادرة على اعتراض كل الشحنات، لكن هناك شحنات يتم تمريرها ولديها القدرة على اعتراضها، وفي الوقت نفسه هناك لوبيات ضاغطة تستفيد من تجارة الأسلحة على مستوى العالم".

ومضى الذهب قائلا: "يبدو أن الولايات المتحدة تستخدم هذه العمليات للتأثير على موقف إيران بشأن إعادة الاتفاق النووي، وأيضا للتأثير على الحوثيين في تمديد الهدنة وعلى السعودية أيضا والحكومة".

وخلص الباحث العسكري اليمني إلى أن "هذه هي العملية الثانية التي يتم الإعلان عنها خلال أقل من شهر بعد أن تم ضبط شحنة أسلحة سابقة تقدر بحوالي 100 طن وصادف الإعلان عنها بُعيد وصول المبعوث الأميركي، تيم ليندركينغ، إلى المنطقة لمناقشة تمديد الهدنة في اليمن".

وتابع: "هناك استخدام وتلويح ببعض القضايا من أجل التأثير على الأطراف المتحاربة ومن ورائها تحقيق مصالح خاصة للولايات المتحدة ولحلفائها في المنطقة".

وفي 26 نوفمبر 2022، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية بدء مبعوثها الخاص جولة غير محددة المدة، تشمل سلطنة عمان والسعودية، لدعم ما سمته "جهود السلام" المتواصلة.

وحذر المبعوث الأميركي، ليندركينغ، من "حرب مدمرة" في اليمن، داعيا إلى وقف الاستفزازات في البلاد التي تشهد حربا منذ نحو 8 سنوات.

وفي تغريدة نشرها مكتب الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأميركية، على تويتر في 30 نوفمبر 2022، قال ليندركينغ، إنه التقى في مسقط بنائب وزير الخارجية العماني، خليفة الحارثي، ومسؤولين آخرين.

وتأتي تحركات المبعوث الأميركي مع تواصل جهود دولية لتمديد هدنة استمرت 6 أشهر وانتهت في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وتتبادل الحكومة والحوثيون اتهامات بشأن المسؤولية عن فشل تمديدها.

وبعد انتهاء الهدنة، بدأ الحوثيون تصعيد هجماتهم ضد الموانئ النفطية الواقعة في مناطق سيطرة الحكومة لمنعها من تصدير الخام، مشترطين تخصيص العائدات لصرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم.