بعد صفقاتها مع ابن سلمان.. موقع بريطاني: كوريا الجنوبية بلغت ذروة النفاق
أجرى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان زيارة لافتة إلى كوريا الجنوبية في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، التقى خلالها مسؤولي البلاد، إضافة إلى عدد من رؤساء كبرى الشركات الكورية الجنوبية مثل "سامسونغ" و"هيونداي".
وبعد الكشف عن إبرام الطرفين السعودي والكوري صفقات بمليارات الدولارات، أكد موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن كوريا الجنوبية تحصل على نصيبها من كعكة أموال ابن سلمان نتيجة سكوتها عن جرائمه، ولا سيما في اليمن.
صفقات بالمليارات
وأوضح الموقع البريطاني أن عناوين المنافذ الإخبارية في كوريا الجنوبية أبرزت خلال الزيارة حجم الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، حيث ادعى بعدها أن زيارة ابن سلمان يمكن أن تقود سيول إلى طفرة اقتصادية.
وذلك من خلال عقود المشاريع العملاقة، مثل مشروع نيوم، الذي سيكلف الخزينة السعودية 500 مليار دولار، لإنشاء مدينة في الصحراء السعودية، أقصى شمال غربي المملكة.
وخلال الزيارة التي استغرقت أقل من 24 ساعة، وقع الجانبان 26 اتفاقية استثمارية، تبلغ قيمتها 75 مليار دولار، وفقا لصحيفة "سيول" الاقتصادية الكورية.
وتضمنت مذكرات التفاهم الموقعة، مشروع إنشاء نظام سكك حديدية في نيوم، وتطوير مشترك للهيدروجين الأخضر، وإنتاج الأمونيا.
وقال ابن سلمان في لقائه مع الرئيس الكوري الجنوبي، إنه يأمل في "رفع التعاون الثنائي إلى مستوى عال" في قطاعات الطاقة والدفاع والبنية التحتية والبناء، وفقا لمكتب الرئاسة في كوريا الجنوبية.
ويشير الموقع إلى أن الصفقات الاستثمارية الضخمة الموقعة بين البلدين لم تأت فجأة، إذ أخذت العلاقات في التطور منذ صعود ابن سلمان إلى السلطة في عام 2015، عندما عُين وليا للعهد ووزيرا للدفاع.
فحينها، شهدت العلاقات السعودية الكورية الجنوبية تنوعا ملحوظا في التعاون، حيث توسعت من القطاعات التقليدية كشراء النفط والتشييد، إلى تنمية الطاقة البديلة، والترفيه، والصناعات الدفاعية.
وكانت كوريا الجنوبية تسعى بحماس شديد للمشاركة في بناء أول محطة للطاقة النووية في السعودية.
إذ قدمت بجانب فرنسا والصين وروسيا عرضا للانضمام إلى محاولة بناء أول محطات الطاقة النووية في المملكة، بقيمة تزيد عن 10 مليارات دولار.
وفي الوقت نفسه، عززت سيول والرياض علاقاتهما فيما يتعلق بصناعة السلاح، حتى في ظل الإدانات المتتابعة للدولة الخليجية؛ بسبب النتائج المدمرة لحرب اليمن، المستمرة منذ سنوات.
وصرح وزير الأراضي والبنية التحتية والنقل الكوري الجنوبي، وون هي ريونغ، أن ولي العهد السعودي أظهر خلال القمة "إرادة قوية في التعاون مع بلادنا بشأن صناعة الأسلحة"، وفقا لوكالة يونهاب الكورية.
وكشف أن الرئيس الكوري الجنوبي اقترح تطوير وإنتاج أسلحة مشتركة على الأراضي السعودية.
بدورها، أكدت صحيفة "جونغ أنغ إلبو" الكورية اليومية، أن مبيعات الأسلحة الكورية الصنع للسعودية ليست بالأمر الجديد.
فقد وقعت المملكة عقودا مع شركات دفاع كورية لشراء أسلحة، في مارس/ آذار 2022، بقيمة 989 مليون دولار.
ووفق الموقع البريطاني، فإن الحظر المؤقت على تصدير الأسلحة الأميركية، الصادر في وقت سابق من عام 2022، وما تلاه من عقوبات على استيراد الأسلحة الروسية بعد غزو أوكرانيا، جعلا كوريا الجنوبية بائع سلاح أكثر جذبا بالنسبة للسعوديين.
وأكد أنه تم بالفعل نشر صواريخ كورية مضادة للدبابات وأنظمة دفاع جوي، من قِبل الجيش السعودي، في حرب اليمن.
ازدواجية معايير
كما لفت الموقع البريطاني إلى أن زيارة ابن سلمان لكوريا الجنوبية لاقت تنديدا كبيرا من قبل اللاجئين اليمنيين هناك.
حيث اعتبروها دليلا على ازدواجية المعايير، في وقت لا تزال فيه بلادهم تعاني من صراع طويل الأمد تقوده السعودية.
ونقل عن "شبامي"، وهو لاجئ يمني في كوريا الجنوبية، قوله إنه يشعر بخيبة أمل، بسبب رؤية ابن سلمان في ضيافة الرئيس الكوري الجنوبي.
وأضاف أن "هذا القاتل الذي دعته حكومة كوريا الجنوبية ينهب موارد اليمن ويدمره"، مؤكدا أن "القوات السعودية تقتل الأطفال والنساء الأبرياء وكبار السن، وتقصف الأعراس والحافلات المدرسية".
وأردف: "لقد أصبحنا لاجئين بسببه"، مشددا على أن "استضافة ابن سلمان سعيا خلف المصالح الاقتصادية هي خيانة للمبادئ الإنسانية، ودليل على أن كوريا الجنوبية وصلت للذروة في سياسة الكيل بمكيالين".
ويقول الموقع إن الضربات الجوية التي تقودها السعودية في اليمن، والحصار الذي تفرضه عليها ساهما في "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، حسب وصف "برنامج الأغذية العالمي" التابع للأمم المتحدة.
وبينما شهدت السنوات السبع الأخيرة من الحرب في اليمن مقتل أكثر من 370 ألف شخص، فإن بيع كوريا الجنوبية للأسلحة، وشراكتها الموسعة مع المملكة تثير تساؤلات جدية حول موقفها من قضايا حقوق الإنسان، وفق الموقع البريطاني.
من جانبه، رأى الباحث في مركز آسيا بجامعة سيول الكورية، هوانغ أوي هيون، أن "سلوك كوريا الجنوبية يحاكي سلوك حلفائها الغربيين".
وأضاف أن "الرئيس الأميركي جو بايدن، وجَّه انتقادات لاذعة، خلال حملته الانتخابية، إلى وضع حقوق الإنسان في السعودية، لكن مع ارتفاع أسعار النفط، سافر إلى المملكة للقاء ابن سلمان".
ويؤكد الباحث الكوري الجنوبي أن "موقف كوريا الجنوبية لا يختلف عن موقف بايدن، الذي يُنظر إليه على أنه خطوة لاستجلاب تعاون الحكومة السعودية، سعيا لاستقرار أسعار الطاقة".
ووفق هوانغ، فإن "ما يهم سيول في سياستها الخارجية هو منافعها الأمنية والاقتصادية".
أحلام عريضة
ويشير "ميدل إيست آي" إلى أن التطور الجديد متعدد الأبعاد في العلاقات الثنائية بين كوريا الجنوبية والسعودية يندرج في سياق "خطط الإصلاح التي وضعها ولي العهد في إطار رؤية السعودية 2030".
وقال: "منذ أن أصبح وليا للعهد، قدم ابن سلمان نفسه على أنه المصلح، عبر تنويع الاقتصاد المرتكز على النفط، وتنفيذ إصلاحات تشمل إتاحة مجالات الترفيه، ورفع بعض القيود الاجتماعية".
ورأى أن ولي العهد السعودي الذي عُين مؤخرا رئيسا للوزراء يسعى إلى تعزيز شعبيته بين الشباب، حيث إن 70 بالمئة من مواطني المملكة تقل أعمارهم عن 30 عاما.
ويعد الاهتمام بالمجالات الترفيهية أحد طرق الوصول إلى هذا الهدف، وقد برزت كوريا الجنوبية لتصبح شريكا رئيسيا لابن سلمان في هذا المشروع الجديد.
ففي عام 2019، كان الفريق الغنائي الكوري الجنوبي "بي تي إس" هو أول فريق غير عربي يُدعى لحفل على مسرح استاد الملك فهد الدولي، بحضور 60 ألف متفرج.
علاوة على هذا، كان مؤسس شركة "إس إم إنترتينمنت" الكورية الترفيهية، سو مان لي، موجودا في العاصمة السعودية، في مارس/ آذار 2022، والتقى بنائبة وزير السياحة، هيفاء بنت محمد آل سعود.
وقال المسؤول الكوري حينها إن "الوقت قد حان للأجيال العربية القادمة لإنشاء موسيقى بوب عربية يمكن الاستمتاع بها في جميع أنحاء العالم".
وأضاف أنه "إذا أتيحت الفرصة له، فإنه يود المشاركة في إنتاج موسيقى البوب العربي".
وأشار الموقع، في الختام، إلى أن سو مان لي هو أيضا المستشار الآسيوي الوحيد لخطة التنمية الجديدة للمملكة في "القدية"، وهي مدينة منتجعات ترفيهية تبلغ استثماراتها 82.1 مليار دولار.