وسط انتهاك يوناني لأجواء تركيا.. لهذا تركز أنقرة على إحياء آليات الحوار
زعم موقع إيطالي أن "تركيا يمكن أن تجر أوروبا إلى حرب جديدة بين عضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إثر تصاعد التوترات مع اليونان في شرق البحر المتوسط، بشأن جزر بحر إيجة".
وادعى موقع "معهد تحليل العلاقات الدولية" أن ذلك "سيقوض علاقات أنقرة بالغرب ويضعها في نفس مستوى العداء الذي بات يكنه إلى روسيا منذ أن غزت أوكرانيا في فبراير/شباط 2022".
حوار ثنائي
وأشار الموقع إلى "مرور شهرين منذ تهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صراحة بإمكانية غزو جزر بحر إيجة اليونانية، مستنكرا الانتهاكات المستمرة للمجال الجوي التركي والاستمرار في عسكرة وتسليح الجزر منزوعة السلاح".
وفي خطاب ألقاه من ولاية سامسون بمناسبة مهرجان الفضاء والتكنولوجيا (تكنوفيست) في سبتمبر/أيلول 2022، قال أردوغان: "قد نأتي فجأة ذات ليلة، على حين غرّة"، وذلك في تعبير في شكل كلمة غنائية بتركيا يرددها كثيرا المعلقون والإعلاميون لتحذير أثينا من أن أنقرة لم تكن تمزح قبل عملية قبرص العسكرية عام 1974.
وعلق الموقع الإيطالي بأن "تصريحات أردوغان تثير مخاوف بشأن احتمال أن تلجأ أنقرة إلى القوة في تنفيذ مشروعها وإستراتيجيتها".
وأفاد بأن "من بين المخاوف التي دفعتها إلى تبني هذه الإستراتيجية ما تثيره الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في يونيو/حزيران 2023".
بالمقابل، طلب أردوغان من الاتحاد الأوروبي، أكثر من مرة، دعوة اليونان إلى "حوار ثنائي" مع تركيا بدلا من "دعم المبادرات غير العادلة وغير القانونية" بشأن مشاكل شرق المتوسط وبحر إيجة.
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إن تسليح اليونان للجزر الواقعة شرقي بحر إيجة "يشكل تهديدا لأمن تركيا".
وأوضح تشاووش أوغلو في كلمة بأنقرة، أن أثينا قامت بتسليح ما لا يقل عن 16 جزيرة من أصل 23 شرقي بحر إيجة، مبينا أن أنقرة "تدعو اليونان للامتثال للقانون الدولي".
وأضاف أن "تركيا ركزت على إحياء آليات الحوار مع اليونان مطلع عام 2021، لكن أثينا فشلت في إظهار الإرادة السياسية اللازمة لذلك".
وبالعودة إلى النزاع مع اليونان، أشار الموقع إلى أن المعارضة التركية "لطالما استخدمت موضوع سيادة جزر بحر إيجة لاتهام حزب أردوغان بالرضوخ للاحتلال اليوناني لتلك جزر، فيما شكك حزب العدالة والتنمية أخيرا علنا في سيادة أثينا عليها".
وذكر أن "استبعاد تركيا من عضوية منتدى غاز شرق البحر المتوسط، الناشئ عن التعاون الثلاثي بين قبرص واليونان وإسرائيل لبناء خط أنابيب الغاز (إيست ميد)، أثار مخاوف قوية في أنقرة بشأن احتمال استبعادها من إطار الطاقة الناشئ ومخاطر إعادة اصطفاف الجهات الفاعلة الرئيسة في شرق المتوسط ضدها".
وزعم كذلك أن "إقصاء أنقرة من برنامج تصنيع المقاتلات (إف 35) إثر شراء أنظمة الدفاع الجوي الروسية أس 400 وانضمام اليونان إليه، وجه ضربة قاسية لتركيا القلقة لا بشأن التواطؤ بين الولايات المتحدة واليونان فحسب، وإنما لما سيسهم به ذلك من تفوق أثينا الجوي في بحر إيجة".
تقويض العلاقات
علاوة على ذلك، تشير مواقف واشنطن الأخيرة المؤيدة للسيادة اليونانية المطلقة على جزر بحر إيجة إلى إنحيازها المؤكد إلى أثينا في حال وقوع أزمة جديدة بين البلدين، وفق "معهد تحليل العلاقات الدولية".
من ناحية أخرى، "هناك اعتقاد سائد بشكل متزايد بين السلطات التركية بأن رفع حظر الأسلحة الأمريكية عن جمهورية قبرص، وكذلك دعم الولايات المتحدة للمليشيات الكردية في سوريا، جزء من خطة حصار لشبه جزيرة الأناضول".
وبحسب الموقع الإيطالي، "أثار هذا التصور تكهنات حول سعي اليونان للتأثير على المفاوضات التركية إثر رفض الكونغرس الأمريكي بيع 40 طائرة من طراز F-16 من خلال تحركات استفزازية ضد أنقرة".
يذكر في هذا الصدد أن طائرات تركية تعرضت في أغسطس/آب 2022 إلى الاستهداف بنظام الدفاع الجوي إس-300 لليونان، بينما كانت في مهمة في بحر إيجة وشرق المتوسط.
وكانت أنقرة قد نددت بهذا "العمل العدائي" ورأت أن الاستهداف محاولة لجرها للقيام بعمل عسكري من شأنه أن يخضع لعقوبات واشنطن.
ورأى الموقع أن "اليونان تستعد لأسوأ من هجوم تركي على شاكلة العملية العسكرية على شمال قبرص عام 1974 للسيطرة على الجزر غير المأهولة المتنازع عليها".
وتابع: "لذلك تقوم القوات المسلحة اليونانية بنشر أنظمة إسرائيلية مضادة للطائرات بدون طيار للدفاع عن جزر شرق بحر إيجة، وفي 30 سبتمبر/أيلول 2022 أجرت تدريبات مشتركة مع البحرية والجيش الفرنسي في المنطقة".
ورجح الموقع أن "استخدام أنقرة للقوة ضد اليونان سيقابل بإدانة شديدة من المجتمع الدولي، ولن يؤدي إلا إلى تقويض العلاقات المتوترة بالفعل بين تركيا وحلفاء الناتو".
ويرى أن "اندلاع نزاع مسلح في بحر إيجة سيكون له تأثير كارثي على اقتصاد تركيا الهش، المدعوم جزئيا بعائدات السياحة من ساحل بحر إيجة، وكذلك على طرق التجارة التركية في المنطقة".
واختتم مقاله بالقول إن "هذا لا يكفي لاستبعاد احتمال اندلاع حرب بين اليونان وتركيا، خصوصا أن أنقرة كانت قد شنت عمليتها العسكرية عام 1974 في قبرص رغم إدراكها أن ذلك كان سيؤدي إلى توتر في العلاقات مع حلف شمال الأطلسي".