"الانتفاضة قادمة".. إسناد شعبي عربي واسع للمقاومة والمرابطين في القدس

12

طباعة

مشاركة

عشية احتفالات "رأس السنة العبرية" المقررة في 26 و27 سبتمبر/أيلول 2022، استأنف مستوطنون يهود اقتحاماتهم للمسجد الأقصى، بحراسة مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، إمعانا في استباحته واستفزاز المسلمين وسعيا لنفخ البوق وتهويد الأقصى.

وفي الأسابيع الماضية كثف قادة المستوطنين وجماعات دينية يهودية على رأسها جماعات الهيكل دعواتهم لاقتحام جماعي للأقصى ونفخ البوق خلال أعيادهم، ومنها ما يسمى "عيد الغفران" في 5 أكتوبر/تشرين الثاني، وعيد العرش التوراتي من 10 إلى 17 من الشهر ذاته.

وواجهت الفصائل الفلسطينية الدعوات بتحذير شديد، إلا أن استجابة المستوطنين تصاعدت في 24 سبتمبر 2022، وتزامنت مع اقتحام قوات الاحتلال لمنطقة التعاون بمدينة نابلس، مما أسفر عن استشهاد شاب، وإصابة ثلاثة آخرين.

وأثارت اقتحامات المستوطنين وتدنيس الأقصى وإقامتهم احتفالات في ساحاته وترديدهم أغاني صاخبة برعاية أمنية من قوات الاحتلال، وتعديهم على المرابطين والتنكيل بهم واعتقالهم ومضايقاتهم وإبعادهم المستمر عن الأقصى، موجة غضب واسعة بين الناشطين على تويتر.

وأشاروا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسمي #نحمي_الأقصى، #لن_يمر_الاقتحام إلى أن المخطط الصهيوني بلغ ذروته، متداولين صورا ومقاطع فيديو تظهر فيها رقصات الصهاينة وممارساتهم لطقوسهم التلمودية وترديدهم لترانيمهم أمام الأقصى، في استباحة معلنة ومتعمدة له ومسعى لترسيخ واقع جديد.

ورأى ناشطون أن ما يحدث نتيجة طبيعة لتطبيع بعض الأنظمة العربية مع الكيان الإسرائيلي، وعدم وجود ردة فعل عربية على اقتحامات المستوطنين اليومية للأقصى، مؤكدين أن المقاومة والمرابطين في أكنافه هم الأمل في التصدي للعدوان.

واستنكروا عدم مبالاة حكام العرب والمسلمين لما يشهده المسجد الأقصى من اعتداءات صهيونية، وانشغالهم بالحفاظ على مناصبهم في قمة هرم السلطة وقمع وإهانة شعوبهم، وخذلهم للقضية الفلسطينية وتطبيعهم مع الكيان.

وتحدث ناشطون عن وجوب الحشد للتصدي لاقتحامات الصهاينة للأقصى وتكثيف الرباط والمرابطة بكافة أشكالها، سواء بالوجود الجسدي في الأقصى أو بتوثيق جرائم الاحتلال وتجاوزاته وتدنيسه لمقدسات المسلمين وفضحها ونشرها، أو بالدعاء.

تصعيد الاحتلال

ورصد ناشطون أوجه تصعيد الاحتلال الإسرائيلي واستعداداته لإقامة احتفالاته التي تستفز المسلمين، منها تجريب أسلحة جديدة على الفلسطينيين، والتحضير رسميا لتقديم القربان المقدس فيما يسمى "حفل التطهير".

ويعني "حفل التطهير" إحضار خمس بقرات من سلالة معينة تمتاز باللون الأحمر، فبحسب الفقه اليهودي فإن رماد البقرات الحمراء يستخدم في "تطهير" الهيكل بعد تدشينه على أنقاض الأقصى.

وأشار أستاذ الاقتصاد بجامعة تورنتو بكندا، فارس المصري، إلى تواصل استعدادات الصهاينة لتدمير الأقصى، وجلبهم قبل أيام 5 بقرات حمراء من أميركا، وتدشين مزرعة لها في مغتصبة "بيت شآن" حتى تتكاثر.

وأفادت الناشطة الحقوقية والصحفية مها الحسيني بأن الجيش الإسرائيلي "يفحص سلاحا جديدا على الفلسطينيين، وأنه تم تركيب مدفع رشاش آلي يسمى (سمارت شوتر) على حاجز عسكري في الخليل. 

وأوضحت أن الآلة لديها القدرة على إطلاق قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع والرصاص المعدني المغلف بالمطاط على الحشود.

ونشر الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة مقطع فيديو يظهر صهاينة يؤدون طقوس سنتهم العبرية، قائلا إن "الإصرار الصهيوني على تهويد المسجد الأقصى (الهيكل برأيهم) يمنح اليقين بأن باعة الأوهام سيفشلون، وأن أحلام الغزاة ستتحطم على صخرته".

وأضاف: "إما أقصانا أو هيكلهم"، مستطردا: كما فجر من قبل "انتفاضة الأقصى"، سيفجر انتفاضة جديدة تكنسهم بإذن الله.

وكتب الكاتب والداعية جهاد حلس: "إذا كنتم مللتم من الدفاع عن الأقصى، فإن اليهود لم يملوا من اقتحامه وتدنيسه!!".

وتابع: "أفواج كبيرة من المستوطنين يقومون منذ صباح اليوم باقتحام الأقصى وتدنيس باحاته، ويؤدون طقوسهم التلمودية فيه إغاظة لكم، وإهانة لشعائركم ومقدساتكم، فماذا أنتم فاعلون؟".

استنهاض ووعيد

وتوعد ناشطون المستوطنين وتعهدوا بالدفاع عن المسجد الأقصى بكل ما أوتوا من قوة وعزيمة، واستنهضوا الهمم لمواصلة حمايته والتعريف بجرائم الاحتلال الإسرائيلي وفضح مساعيه لتدنيس مقدسات المسلمين وتهويدها.

وقال الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية: "سندافع عن مسرى رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، وسنكون السد الذي تتحطم عليه أحلام الصهاينة".

وأكد أن "فضح جرائم الاحتلال إعلاميا وعبر منصات التواصل الاجتماعي لا يقل أهمية عن رباط المرابطين في الأقصى".

وأكد رئيس لجنة زكاة وسط قطاع غزة، مصعب درويش، أن "المسجد الأقصى أمانة في أعناق الأمة، والواجب منع قطعان المستوطنين من أي اعتداء قادم بكل الوسائل والأساليب"، داعيا إلى "المحافظة على طهارة المسجد من دنس الصهاينة المحتلين". وناشد الحاج سليم الشرفا، المسلمين في كل مكان ليكونوا على أهبة الاستعداد للدفاع عن المسجد الأقصى في كل مكان، قائلا: "هذه أمانة في أعناقكم، دافعوا عن المسجد الأقصى بالكلمة والموقف والدعاء".

حرب دينية

ورأى ناشطون أن ما يشهده الأقصى من اقتحامات يؤكد أن حرب الاحتلال الإسرائيلي "دينية عقائدية"، تتعاقب مع الزج بعلماء المسلمين والدعاة في السجون ومحاسباتهم على انتمائهم.

ونشر الباحث في الشأن الإسرائيلي وتقاطعاته العربية والإسلامية والعالمية، صالح النعامي، مقطع فيديو يظهر إصرار ضباط وجنود من كتيبة "نيتسح يهودا"، في جيش الاحتلال والتي ينتمي جميع عناصرها إلى التيار الديني الحريدي المتطرف على الاحتفاء بحاخامهم على ظهر دبابة.

وأوضح أن "هذا مظهر بسيط من مظاهر تعاظم تأثير التيار الديني المتطرف على جيش الاحتلال"، ساخرا بالقول: "عندنا يحدثونك عن الأخونة والأسلمة".

وأشار السياسي الفلسطيني فايز أبو شمالة إلى أن "الهجمة على المسجد الأقصى بحجم التطرف الديني"، وحث على "ألا يقال لأهل القدس: اذهبوا أنتم وربكم ودافعوا عن أقصاكم".

وأضاف: "القدس لكم جميعا، والأقصى لكل المسلمين، بما في ذلك مسلمي رام الله والخليل وأريحا وبيت لحم وغزة جباليا ويافا واللد والناصرة والطيبة وعكا، كونوا على مستوى التحدي، ولا تموتوا أذلاء".

تواطؤ الحكام

وإلى جانب الحديث عن طبيعة الحرب التي يخوضها الاحتلال، استنكر ناشطون تجاهل حكام المسلمين العدوان على الأقصى وخيانتهم له، وصبوا لعناتهم على المطبعين مع الكيان، والصامتين على تجاوزاته، مشددين على وجوب نصرته في الوقت الراهن.

وأوضح أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية وصفي عاشور أبو زيد، في سلسلة تغريدات، أن تصرفات الصهاينة ضد القدس والمسجد الأقصى المبارك منطلقة من عقيدتهم، لافتا إلى أنهم لا يقومون باعتداءات إلا في مناسبات دينية عقدية. 

وتحدث عن واجب الأمة نحو الأقصى المبارك والقدس الشريف، مؤكدا أن الأمة "حكاما ومحكومين" مطالبون بالوقوف ضد التدنيس الصهيوني في الأقصى والقدس، لأن أرض فلسطين كلها وقف، وهي ملك للأمة المسلمة.

واستنكرت ليلى أبو زايد، نوم الحكام في حين الأقصى يستغيث، قائلة: "لا يوجد من بين جميع الدول المسلمة حاكم واحد ينتفض ضد هذا الظلم وهذه الاعتداءات المقيتة، لأن الأيادي مقيدة والقبلة هي أميركا".  وانتقد الكاتب يحيى بشير إقامة الاحتفالات والرقصات والصلوات التلمودية منذ الصباح على أبواب المسجد الأقصى قبيل وخلال اقتحام المسجد الشريف، وسط نوم عربي وانشغال بالتطبيع مع إسرائيل.