موقع إيطالي: التقرير الأممي بشأن الانتهاكات ضد الإيغور يحرج بابا الفاتيكان
رأى موقع إيطالي أن الانتهاكات التي تتعرض لها أقلية الإيغور المسلمة من قبل الصين، باتت أخيرا تحرج بابا الفاتيكان فرنسيس.
ونشرت رئيسة مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ميشيل باشليه تقريرا عن الوضع في إقليم شينجيانغ الصيني يتحدث عن انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبت ضد أقلية الإيغور.
وعلق موقع "إيل سوسيداريوا" الإيطالي بأن التعذيب والاعتقال التعسفي والعنف الجنسي كلها تجاوزات معلومة إلا أنه جرى شجبها أخيرا من قبل إحدى المنظمات الدولية الرائدة.
بينما انتقد ماسيمو إنتروفيني، عالم الاجتماع الإيطالي ومؤسس مركز دراسة الأديان الجديدة (CESNUR) بشكل خاص تعامل بابا الفاتيكان مع ملف الانتهاكات التي تتعرض لها الأقلية المسلمة لافتا إلى أن صدور التقرير سيسبب إحراجا في "المستقبل للكرسي الرسولي"، بحسب وصفه.
قبل التقاعد
وأشار التقرير الصادر في 31 أغسطس/آب قبيل ساعات من مغادرة رئيسة المفوضية لمنصبها إلى اتهامات بارتكاب ممارسات كالتعذيب والعنف الجنسي.
كما ذكر التقرير أن عمليات اعتقال واسعة استهدفت الإيغور وأفراد الأقليات المسلمة في شينجيانغ بين عامي 2017 و2019، موضحا أن المعتقلين وضعوا في منشآت تخضع لإجراءات أمنية مشددة.
واتهم السلطات الصينية بارتكاب جرائم وانتهاكات قد ترقى إلى مستوى "جرائم ضد الإنسانية".
وأشار إلى أن "نطاق الاعتقال التعسفي والتمييزي للأفراد، قد يرقى إلى مستوى جرائم دولية، وبالتحديد جرائم ضد الإنسانية".
وانتقد إنتروفيني، ميشيل باشليه قائلا: "كان التقرير جاهزا منذ شهور، لكنها رفضت نشره سريعا على الملأ. لقد فعلت ذلك فقط في آخر يوم من ولايتها، بعد أن قررت التقاعد والتفرغ للحياة الخاصة".
وقال إن هذا التقرير، بقدر ما أثار غضب بكين، "لا يهم كثيرا المواطن الصيني العادي الذي يشكو التطبيق المستمر لسياسة صفر كورونا الصارمة وحتى اليوم ملايين الأشخاص محبوسون في منازلهم بينما جرى تعليق أنشطتهم الاقتصادية".
وبين الخبير الإيطالي أنه ليست هذه المرة الأولى التي تقدم فيها وكالات الأمم المتحدة تقارير مماثلة، لكن التقرير الأخير بالتأكيد قد صدر من أعلى مستوى.
وذكر أنه قبل أقل من شهر نشر المكتب الذي يتعامل مع انتهاكات معايير العمل الدولية وثيقة عن العمل القسري الذي يتعرض له الإيغور، لافتا إلى أن تدخل وكالة رفيعة المستوى مثل المفوضية أمر مختلف.
وأشار عالم الاجتماع الإيطالي إلى أن هذا التقرير كان جاهزا منذ شهور، لكن باشليه رفضت نشره إلى غاية ساعة قبل تقاعدها زاعمة أن 900 منظمة غير حكومية صينية من شينجيانغ طلبت منها عدم فعل ذلك.
وأفاد بأنه أجرى تحقيقا حول ذلك "واكتشفنا أن معظم هذه المنظمات غير موجودة أصلا، في حين أن البعض الآخر عبارة عن منظمات موجودة في الخارج، لكن العناوين المدرجة تعود لسفارات أو قنصليات صينية".
ضغوط شديدة
وبحسب إنتروفيني، تعرضت رئيسة المفوضية لضغوط شديدة من الجانب الصيني لعدم نشر التقرير ولم تفعل ذلك إلا عندما قررت التقاعد والتخلي عن تجديد أو مهمة أخرى.
وبين الموقع الإيطالي بأن هذا التصرف "لا يرقى بالتأكيد إلى مستوى المهمة".
وقال الخبير الإيطالي إن باشليه ذهبت إلى شينجيانغ دون أن تطلب زيارة أي من معسكرات الاعتقال، كما أن التقرير لا يحتوي معلومات غير معروفة.
ونوه بأن "الأمر المهم هو أن هيئة من المستوى الأول للأمم المتحدة تعترف وتؤكد أن هناك تطهيرا عرقيا وتعذيبا وعنفا جنسيا واعتقالات ضد الإيغور لمجرد كونهم مسلمين".
وعما يمكن أن يتغير على إثر صدور التقرير، رجح بأنه سيكون من الصعب الآن على منظمات أو تكتلات مثل الاتحاد الأوروبي الدعوة إلى تجديد المعاهدات الاقتصادية مع الجانب الصيني.
من جانبها، تحركت الولايات المتحدة بالفعل إلى الأمام، فلديها قانون يربط مستوى العلاقات التجارية بوضع الإيغور لكن في بقية العالم لم يفعل ذلك أحد، يضيف إنتروفيني.
وذكر الخبير الإيطالي أنه خلال الاجتماع الكنسي (لم يذكر تاريخه)، "تحدث البابا عن عدة مواقف يجري فيها انتهاك حقوق الإنسان، لكنه لم يذكر شينجيانغ، من الواضح أن هناك اتفاقيات مع الصين لا نعرفها".
"لكن الآن كلما تحدث الكرسي الرسولي عن حقوق الإنسان، يصبح من الصعب تجاهل ما يحدث مع الإيغور"، وفق قوله.
وفيما كان تقرير الأمم المتحدة وسياسة الإغلاق لمجابهة تفشي جائحة كورونا يهددان زعامة الرئيس الصيني شي جين بينغ على ضوء المؤتمر القادم للحزب الشيوعي، أكد عالم الاجتماع الإيطالي بأن تقرير الأمم المتحدة وانتقادات حقوق الإنسان لا تأثير لهما على مستقبل الحزب.
من ناحية أخرى، لفت إلى أن الاغلاق الشامل يؤثر على السلطات، خصوصا وأنه يولد استياء لدى السكان والمهتمين بالنشاط الاقتصادي.
من جانبهم، يجادل العديد من المراقبين بأن الأمور محسومة لصالح تجديد ولاية الرئيس الحالي فيما يتعلق بالمؤتمر القادم المقرر عقده في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2022.
فيما يرجح الخبير الإيطالي بأنه على المدى الطويل ستكون إدارة شي جي بينغ في مأزق لا بسبب حقوق الإنسان وإنما في حال استمر الوضع الاقتصادي في التأثر بشدة بسياسة صفر كوفيد، مضيفا بأن أزمة الرهن العقاري بالصين تسبب أيضا الكثير من السخط.
وفي تعليقه على الآفاق المحتملة، أكد أن هناك استياء واسع النطاق في الطبقة الوسطى الصينية، في حين يتمكن الجميع من اختراق جدار الإنترنت وقراءة ما تنشره وسائل الإعلام الأجنبية.
وقال إن "الصينيين على دراية جيدة بانتهاكات حقوق الإنسان، لكنهم لا يهتمون، وإنما يشعرون بالقلق من فقدان مدخراتهم للحصول على منزل لن يكون بإمكانهم امتلاكه مطلقا أو بسبب متجر مغلق لأشهر أو سنوات بسبب سياسة صفر كوفيد".