بتواطؤ دولي وأممي.. الأناضول: آمال التوصل إلى حل في ميانمار تتلاشى

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت وكالة "الأناضول" التركية الضوء على الانقلاب العسكري في ميانمار، وذلك بعد مرور أكثر من عام على سيطرة الجيش على حكومة "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" في مطلع فبراير/شباط 2021، منهيا الحياة السياسية للزعيمة الفعلية، أونغ سان سو تشي.

وقالت الوكالة الرسمية، في مقال للكاتب، عمر فاروق يلديز، إن "الجيش لجأ إلى جميع أشكال العنف لكبح جماح الاحتجاجات الشعبية المكثفة بشكل غير متوقع ضد الانقلاب، وسرعان ما حولت حملة القمع اللا إنسانية التي شنها الجيش على المدنيين المناهضين للانقلاب إلى اشتباكات مسلحة". 

يذبح شعبه

ولفت يلديز إلى أن "السياسيين المؤيدين لسو تشي، الذين لا يقبلون الإدارة العسكرية كشرعية، قاموا أولا بتشكيل (حكومة مدنية) خاصة بهم تسمى حكومة الوحدة الوطنية".

وتابع: "ثم تعاونوا مع الجماعات المسلحة المناهضة للمجلس العسكري لوضع الأسس لـ(جيش ميانمار البديل) المسمى بقوات حماية الشعب، والذي يتكون في الغالب من المتظاهرين".

واستدرك يلديز موضحا أن "بيئة الحرب الأهلية المستمرة منذ أشهر تسببت في أزمات إنسانية واقتصادية حادة، وجرت البلاد إلى حالة من عدم الاستقرار، فقام جيش ميانمار بحجب الوصول إلى الإنترنت في المدن التي تقطنها المعارضة، وأخذ أطفال النشطاء المؤثرين كرهائن".

وذكر أن "هذه الأساليب أدت إلى مقتل أكثر من 2000 شخص، واعتقال أكثر من 11 ألف شخص، وإصدار 114 حكما بالإعدام".

وأشار إلى أنه "بسبب النزاع، يعيش حوالي 750 ألف مدني في جميع أنحاء البلاد في المناطق الجبلية والغابات حيث فروا من منازلهم ولجؤوا إليها، وهم عرضة لجميع أنواع الأوبئة، بعيدا عن المياه النظيفة والغذاء".

ووفقا لبرنامج الأغذية العالمي، يحتاج 14.4 مليون شخص في ميانمار إلى المساعدة الإنسانية، في حين يعاني 13.2 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي.

وقال يلديز: "لأكثر من عام، يسعى كل من السياسيين المناهضين للجيش والمتظاهرين المستقلين إلى إسماع أصواتهم وتحقيق الديمقراطية في بلدانهم". 

وأضاف "بينما يذبح جيش ميانمار شعبه أمام أعين العالم، فإن أهم ما يحتاجه أنصار الديمقراطية الذين يحاولون مقاومة هذا الطغيان هو التدخل الدولي". 

وتساءل يلديز: "هل تقوم الأمم المتحدة، التي تتحمل (مسؤولية حماية) المجتمع الدولي والمدنيين بدورها؟".

وأجاب "بالنظر إلى ردود الفعل الواردة حتى الآن، والقرارات المتخذة وطبيعة البيانات المدلى بها، لا يمكن إعطاء إجابة إيجابية على هذا السؤال".

موقف منقسم

ولفت يلديز إلى أن "اقتراح حظر الأسلحة الدولي ضد جيش ميانمار، الذي كان في كثير من الأحيان على جدول الأعمال عقب اشتداد الاشتباكات بعد شهر من الانقلاب والذي كان في أمس الحاجة إليه من قبل أنصار الديمقراطية، لكن لم يستطع مجلس الأمن الدولي تمريره بعد استخدام حق النقض (الفيتو) من روسيا والصين". 

وأشار إلى أنه "لم يتخذ أي إجراء جدي ضد الشركات الدولية التي توفر الأسلحة والتمويل للجيش، ولم توقف الصين وروسيا مبيعات الأسلحة من خلال الحفاظ على موقفهما المعارض في ميانمار، كما هو الحال في كل منطقة يتنافسان فيها مع الولايات المتحدة". 

والواقع أن حقيقة أن الدول الغربية أغلقت أبوابها أمام الحكم العسكري بعد الانقلاب، "جعلت ميانمار أقرب إلى روسيا من أي وقت مضى"، يقول الكاتب التركي.

وتابع: "لا تزال بلدان رابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان)، التي يتوقع أن تتحمل وحدها عبء أزمة ميانمار بسبب قربها الإقليمي، تتخذ موقفا منقسما إزاء الانقلاب العسكري". 

وأوضح يلديز أن "إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة أدانت علنا الانقلاب، لكنها لم تتخذ أي خطوات ملموسة كرادع لجيش ميانمار". 

وأردف الكاتب التركي أن "التصريحات التي أدلت بها الدبلوماسية السنغافورية والمبعوثة الخاصة للأمم المتحدة نولين هيزر في مقابلة تلفزيونية أضرت بالنضال من أجل الديمقراطية في ميانمار، حيث عرضت (تقاسم السلطة) مع الأطراف لحل الأزمة السياسية في ميانمار، مما فتح الباب أمام إضفاء الشرعية على الحكم العسكري نيابة عن الأمم المتحدة". 

ورد العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان في ميانمار، وخاصة كبار الشخصيات في حكومة الوحدة الوطنية، بقوة على تصريحات هيزر، قائلين إن "الأمم المتحدة تريد رسميا من الضحية أن يصنع السلام مع قاتله". 

وفي خطابها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 يونيو/حزيران 2022، وصفت هيزر انقلاب 1 فبراير/شباط 2021 بأنه "أزمة سياسية" ولم تنتقد الإدارة العسكرية.

وعلق يلديز: "يبدو أن تصريحات هيزر نيابة عن الأمم المتحدة قد أفادت جيش ميانمار أكثر من مؤيدي الديمقراطية في البلاد".

وبدأت الإدارة العسكرية مؤخرا في اتخاذ خطوات هامة لزيادة هيمنتها على البلاد، وكانت أولى هذه الخطوات احتجاز الزعيمة المخلوعة سو تشي، التي احتجزت سرا منذ الانقلاب في الحبس الانفرادي بالسجن المركزي في العاصمة نيبيدو في 23 يونيو. 

خطوات ملموسة

وقال يلديز إن "لجنة الانتخابات الاتحادية التي أنشأتها الإدارة العسكرية بدأت في تمهيد الطريق لانتخاب زعيم المجلس العسكري، الجنرال مين أونغ هلاينغ، رئيسا للدولة خلال الانتخابات العامة التي أشار إلى أنها ستجرى عام 2023". 

وأوضح أن "حزب الاتحاد للتضامن والتنمية الذي يسيطر عليه الجيش، والذي فاز بـ26 مقعدا فقط من أصل 440 مقعدا في البرلمان خلال انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2020، هو السلطة الوحيدة التي يمكنها حمل الجنرال هلاينغ إلى السلطة بطريقة (شبه مدنية)". 

وتابع: "لذلك، يستعد الاتحاد الأوروبي لإلغاء النظام القائم على أصوات الأغلبية الذي تم تطبيقه حتى الآن، وإدخال نظام التمثيل النسبي الذي سيسمح للأحزاب الصغيرة بالحصول على تمثيل أكبر". 

ويهدف الجنرال هلاينغ إلى تأمين رئاسة الحزب الديمقراطي الموحد، بالإضافة إلى زيادة عدد النواب الخاضعين لسيطرته، من خلال تعزيز الأحزاب القومية والعرقية الصغيرة في البرلمان التي يمكنه جذبها إلى جانبه مقابل وعود بالمنصب.

وعد يلديز أن "موافقة الإدارة العسكرية على الأحكام الصادرة في 3 يونيو/حزيران 2022، بحق اثنين من المتظاهرين الذين حكم عليهما بالإعدام، تشكل تحديا لكل من المعارضة المحلية والمجتمع الدولي". 

وأكد أن "الإدارة العسكرية، المدعومة بالذخيرة من روسيا والصين والدعم السياسي من حلفائها القدامى في رابطة أمم جنوب شرق آسيا وكمبوديا ولاوس وفيتنام وتايلاند، تعلن أنها لن تتراجع في مواجهة التدابير الإقصائية التي يتخذها المجتمع الدولي".

ومن ناحية أخرى، فإن "كفاح قوات الدفاع الشعبي والجماعات العرقية المسلحة المصاحبة لها لا يكفي لترهيب جيش ميانمار ما لم يكن هناك دعم خارجي للأسلحة".

وأدى الصراع إلى قيام جماعات مسلحة، مثل، "جيش كارين الوطني" و"جيش استقلال كاشين" الذي قرر محاربة جيش ميانمار عام 2021، وجعل الجيش "يدفع ثمنا باهظا بالإشارة الآن إلى التراجع عن القتال"، وفق الكاتب التركي.

وختم يلديز مقاله قائلا إن "العملية في ميانمار ستواصل العمل ضد مؤيدي الديمقراطية، ما لم تقرر الدول التي يمكن أن تؤثر تأثيرا مباشرا على مسار هذه الأزمة أن تجتمع معا وتتخذ خطوات ملموسة من أجل التوصل إلى حل".

وتابع: "إذا استمرت الأمم المتحدة في تركيز كل طاقتها في حل الأزمات على الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ منذ 24 فبراير/شباط 2022، واكتفت بمعالجة مشكلة ميانمار بالبيانات والتقارير المكتوبة فقط، فإن أياما أسوأ يمكن أن تنتظر شعب ميانمار".