حطموا "حارس الأسوار" الإسرائيلية.. ماذا يفعل الفلسطينيون بـ"كاسر الأمواج"؟

12

طباعة

مشاركة

بإجراءات قمعية ومجزرة دموية، استقبل الفلسطينيون شهر رمضان الكريم بارتقاء سبعة شهداء برصاص القوات الخاصة التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتأتي جرائم الاحتلال ضمن عمليته الأمنية التي أعلن عنها في 31 مارس/آذار 2022، باسم "كاسر الأمواج"، جراء عمليات فدائية نفذها مقاومون فلسطينيون أخيرا ضد "الانتهاكات الإسرائيلية" المتواصلة.

وحذرت أطراف فلسطينية من التصعيد الإسرائيلي "الخطير"، الذي تزامن وبداية شهر رمضان الكريم، مع مطالبتها المجتمع الدولي بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الأعزل وعدم السماح بـ"ازدواجية المعايير"، وسط توقعات بمرور شهر صيام "عصيب" ممزوج بالدماء.

عمليات دموية

وفي 2 أبريل/ نيسان 2022، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة مقاومين من الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" (سرايا القدس)، قرب مدينة جنين شمالي الضفة الغربية.

كما قتل جيش الاحتلال الأسير المحرر، أحمد يونس الأطرش، من مدينة الخليل، في 1 أبريل 2022، خلال قمع المواجهات المندلعة في مدن الضفة الغربية.

فيما ارتقى ثلاثة شهداء برصاص قوات الاحتلال في 31 مارس/آذار 2022، اثنان من الشهداء من مخيم جنين أثناء تصديهم لاقتحام الوحدات الإسرائيلية الخاصة للمخيم والشهيد الثالث أعدمه الاحتلال بزعم تنفيذه عملية طعن. 

وقالت هيئة البث العامة الإسرائيلية، في 31 مارس 2022 إن الجيش الإسرائيلي أعلن عن عملية عسكرية موسعة في مناطق فلسطينية متفرقة، تحت اسم "كاسر الأمواج"، مقررا تعزيز قواته في الضفة الغربية، كما قرر الدفع بكتائب عسكرية إلى مستوطنات غلاف غزة.

بدوره، قالت قناة "كان" الرسمية العبرية، إن "هذه العملية (كاسر الأمواج) يجب ألا تتحطم كما تحطمت عملية (حارس الأسوار) في غزة".

كما كشفت النقاب أيضا أن "وحدة التنصت 8200"، التابعة لاستخبارات الاحتلال، تقوم بتكثيف عمليات التجسس في مدينة جنين، لمراقبة تحركات النشطاء الفلسطينيين.

وفي 10 مايو/أيار 2021، شنت إسرائيل عملية عسكرية واسعة على غزة تحت اسم "حارس الأسوار"، استمرت 11 يوما، شنت خلالها طائراتها ومدافعها مئات الغارات بالقطاع.

من جانبه، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، سعيد بشارات، إن "الاحتلال بدأ حملته الأمنية (كاسر الأمواج)، ضد المقاومة في الضفة الغربية، والتي تهدف لوقف العمليات وإجهاض أي فعل مقاوم خلال شهر رمضان".

وأضاف بشارات في حديث لـ"الاستقلال" أن "الاحتلال يستشعر الخطر الذي يهدد كبرى المدن المحتلة، لذلك أطلق هذه العملية الواسعة التي تشمل عملياتها كافة مدن الضفة، ويعمل من خلالها على تنفيذ عمليات اغتيال واعتقال وجمع معلومات عن بيئة المقاومة في الضفة".

وأوضح بشارات أن "الاحتلال أرسل وحداته الخاصة كـ(سييرت متكال) و(شييتت 13) و(شالداجتم) للمدن الكبرى في الكيان؛ لمحاولة منع العمليات المتوقعة، في ظل عجز الشرطة والشاباك وغياب الشعور بالأمن في دولة الاحتلال، بجانب تعليمات الحكومة للمستوطنين بحمل السلاح".

وشدد بشارات على أن "إسرائيل تريد منع حدوث التصعيد وتخشى منه كثيرا، ولكنها لا تقوم بأي تنازل أو إجراء لخفض التصعيد، كمنع الاقتحامات، لذلك الأمور تسير إلى تصعيد حتمي".

تدنيس الأقصى

وضمن خطواته التصعيدية، قرر الاحتلال مواصلة الاقتحامات اليهودية للمسجد الأقصى خلال شهر رمضان. 

واقتحم عضو الكنيست المتطرف، إيتمار بن غفير، في 31 مارس 2022، ساحات المسجد الأقصى، من جهة باب المغاربة، وذلك تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال في ظل غضب فلسطيني.

وقام ابن غفير بجولة استفزازية في ساحات الحرم مع تأدية شعائر تلمودية قبالة قبة الصخرة، تحت حراسة شرطة الاحتلال.

كما أطلقت جماعات "الهيكل" المزعوم دعوات للمستوطنين لتنفيذ اقتحامات جماعية للأقصى في رمضان بحجة "الأعياد اليهودية".

ولتسهيل الاقتحامات، صعدت شرطة الاحتلال من استهداف الفلسطينيين، وواصلت فرض التقييدات على دخولهم للمسجد.

وتسعى شرطة الاحتلال بإقرار قيود على دخول المصلين للمسجد الأقصى خلال رمضان، تشمل السماح للنساء والرجال الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما بالدخول دون قيود، في حين سيتعين على الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و60 عاما، إصدار التصاريح، حسب صحيفة "هارتس" العبرية.

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إياد القرا، إن "المرحلة المقبلة ستشهد تصعيدا كبيرا وغير محدود، فالاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ستستمر طيلة شهر رمضان، وخاصة اقتحام منتصف الشهر، وأيضا الإجراءات الأمنية المشددة ضد الفلسطينيين في القدس".

وأضاف القرا في حديث مع "الاستقلال" أن "من الواضح أن حكومة الاحتلال لا تستطيع أن تسيطر على الحاخامات المتطرفين وأتباعهم، فبالتالي سمحت لهم بمواصلة الاقتحامات خلال رمضان وهو الشهر الذي يشهد أكبر تواجد للفلسطينيين في الأقصى، وبالتالي ستحدث مواجهات داخله".

وأكد المحلل السياسي أن "هناك نفيرا فلسطينيا فصائليا وشعبيا تجاه ما يحدث في الأقصى، ولكن في الغالب ستكون الأحداث في بدايتها تتمحور حول رد الفعل الشعبي، خاصة في مدينة القدس من خلال المرابطين، في التصدي للاقتحامات".

وهذا ما يشي بإمكانية الذهاب لانفجار شامل بالأوضاع كما حصل في "سيف القدس"، حيث لم يتوقع الاحتلال مشاركة المقاومة بقوتها العسكرية في مايو/آيار 2021 ولكن عند اقتحام الأقصى بدأت الصواريخ تنهمر على العمق الاسرائيلي.

و"سيف القدس" هو الاسم الذي أطلقته فصائل المقاومة في قطاع غزة على تصديها لعدوان عسكري إسرائيلي في مايو/أيار 2021.

وشدد القرا على أن "تكرار سيناريو الاقتحام والاعتداء العسكري على المصلين في الأقصى، سيصاحبه ذات رد الفعل من المقاومة وربما تكون أكثر قوة، خصوصا أن الوضع في الضفة الغربية تغيّر وتنامت المقاومة المسلحة فيها، حيث باتت منصة انطلاق للعمليات في الداخل".

وتابع: "التسهيلات السابقة كانت محاولة لاحتواء قطاع غزة من خلال تحسن اقتصادي، ليتجنب انفجار ساحة غزة، ولكن التجربة أثبتت أن الحسابات الاقتصادية لا تكون حاضرة عند الفلسطينيين، عندما يتعلق الأمر بالمسجد الأقصى".

تصعيد شامل

ويواصل الاحتلال إجراءاته الأمنية المشددة، حيث أعلنت وزارة الأمن الإسرائيلية، أن غانتس وقع على أمر اعتقال إداري بحق ناشطين من القدس المحتلة بادعاء ارتباطهما بحركة المقاومة الإسلامية "حماس".

وزعم بيان وزارة الأمن في 30 مارس 2022، أن أجهزة أمن الاحتلال تلقت معلومات حول "أنشطة عنيفة" تتعلق بالمعتقلين الإداريين في القدس.

وتعتزم شرطة الاحتلال إقامة نقاط لتفتيش الحافلات في طريقها إلى القدس من الداخل المحتل، في محاولة لمنع فلسطينيي الداخل من الوصول إلى المدينة المحتلة.

وبحسب قناة "كان" العبرية، في 16 مارس 2022، فإن الإجراءات لن تقتصر على جيش الاحتلال وقواه الأمنية، حيث أعلن مستوطنون عن تشكيل "مليشيا يهودية" ستقتحم حي الشيخ جراح طوال شهر رمضان، بحجة "حماية اليهود".

وتأتي هذه المليشيا بعد تشكيل مليشيات مسلحة في الضفة الغربية وكذلك في منطقة النقب، ومدينة اللد.

وعسكريا، استدعى الاحتلال 12 كتيبة عسكرية؛ للعمل في الضفة الغربية والقدس المحتلة وحدود غزة، كما عزز نظام "القبة الحديدية"، تخوفا من تدخل غزة عسكريا وتكرار سيناريو الحرب الأخيرة.

جاء ذلك في الوقت الذي اتفق فيه بينيت مع وزير الأمن الداخلي، عومر بارليف، على تخصيص ميزانية قدرها 181 مليون شيكل (56 مليون دولار) إلى قوات الأمن الإسرائيلية، لتعزيز عملها على خلفية العمليات الأخيرة.

من جهته، قال رئيس حركة حماس في الخارج، خالد مشعل، خلال ندوة إلكترونية في 30 مارس 2022، إن "شهر رمضان سيكون موسما مفتوحا لكل الاحتمالات، وسيكون من المحتمل تكرار معركة سيف القدس".

من جانبه، قال الكاتب الفلسطيني، فايز أبو شمالة، إن "الاحتلال يسير لتفجير الأوضاع في وجهه، من خلال سياسته في القدس وسماحه بالاقتحامات وبالذات اقتحام النائب المتطرف ابن غفير، وغضه الطرف عن مخطط التنظيمات الصهيونية الإرهابية اقتحام حي الشيخ جراح طيلة رمضان".

وأضاف في حديث لـ"الاستقلال" أن "ذلك يتزامن مع مواصلة التهويد، واشتداد هجمات المستوطنين على القرى، واقتحامات قوات الاحتلال المدن في الضفة والأمر الذي انتهى بإعلان عملية (كاسر الأمواج) أوقعت شهداء وجرحى في صفوف الفلسطينيين".

وشدد أبو شمالة على أن "ما يحصل في القدس لا يخدم مصلحة إسرائيل بأي حال من الأحوال، وأن الانفجار سيكلفها الكثير، ولكن الحكومة الحالية ضعيفة، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت يخشى أن يتم اتهامه بالخضوع للفلسطينيين".

وأوضح أن "التقديرات الإسرائيلية الأمنية تفيد بأن الهبة ستكون غير مسبوقة ومن المحتمل أن تستمر عدة أشهر، وهي فترة طويلة بالنسبة للاحتلال وستستنزفه كثيرا في كل الجبهات".

وأكد أبو شمالة أن "الاحتلال سيكون أمام معركة مع جبهة القدس والضفة والداخل المحتل وأيضا غزة في حال تفاقمت الأمور، وقد أثبتت حرب سيف القدس عجز الاحتلال عن مجابهة الفلسطينيين على كل الجبهات، لذلك الوصول لتلك المرحلة سيكون مكلفا لإسرائيل".