مباحثات متواصلة منذ 14 عاما.. لهذا لا تبرم الهند اتفاق تجارة حرة مع إسرائيل

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سلط معهد عبري الضوء على القدرات الاقتصادية لكل من الهند والكيان الإسرائيلي، مؤكدا أنه حان الوقت لتعزيز التعاون بين البلدين عبر عدة صور أبرزها اتفاقية التجارة الحرة المنتظر إبرامها منذ سنوات.

وذكر "معهد القدس للإستراتيجية والأمن" في مقال لأوشريت بيرودكار، الأخصائية الهندية في السياسة الخارجية والأمنية أن هناك فرص استثمار كبيرة تجمع الهند وإسرائيل، لاسيما بعد تطبيع العلاقات بين الأخيرة ودولة الإمارات الثرية، ما يمهد الطريق لتشكيل مثلث اقتصادي متكامل.

تعاون دون المستوى

وأشار المعهد إلى أن المسح الاقتصادي للهند لعام 2022 الذي كُشف عنه في مطلع فبراير/ شباط توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8 بالمئة، وهو أكثر تحفظًا من توقعات صندوق النقد العالمي التي تتوقع زيادة 9 بالمئة.

وأوضح أنه قبل أيام قليلة من هذا الإعلان، احتفلت الهند وإسرائيل بمرور 30 ​​عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.

وبالنظر إلى التوقعات الإيجابية للمسح والعلاقة الوطيدة بين البلدين، فإن الأمر يستحق دراسة إمكانية توسيع التجارة بين الهند وإسرائيل.

فمنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة في 29 يناير/ كانون الثاني 1992، حدثت زيادة تدريجية في حجم التجارة بين البلدين من 200 مليون دولار إلى خمسة مليارات دولار في عام 2021.

وتعتبر الهند ثالث شريك تجاري لإسرائيل في آسيا والسابع في العالم، وركزت التجارة بين الجانبين بشكل أساسي على الماس والمواد الكيميائية، وتوسعت في السنوات الأخيرة لتشمل المنتجات عالية التقنية وأنظمة الاتصالات والمعدات الطبية والزراعة المتقدمة.

ومع ذلك، فإن الإمكانات التجارية بعيدة عن المستوى، فقد يصبح الاقتصاد الهندي تدريجيا وجهة رئيسة للصادرات الإسرائيلية، خاصة عندما تصبح القوة الشرائية البالغة 300 مليون مواطن من الطبقة الوسطى والطبقة العليا منافسا للقوة الشرائية للطبقة الوسطى في الاقتصادات الغربية.

وأكد أنه على الرغم من توسع العلاقات على المستوى السياسي والإستراتيجي، إلا أن تقدم التجارة المدنية ما زال بطيئا وبعيدا عن تحقيق الإمكانات في السوق الهندي.

وأضاف أنه يمكن أن يكون توقيع اتفاقية التجارة الحرة نقطة انطلاق مهمة، حيث استمرت المفاوضات بين الهند وإسرائيل حول اتفاقية التجارة الحرة لمدة 14 عاما، وبدا أحيانا أنه لن يتم التوقيع على الاتفاقية.

ومع ذلك، فإن زيارة وزير الخارجية الهندي " جاي شنكار " إلى إسرائيل في أكتوبر/ تشرين 2021، جلبت معها أملا جديدا في الوعد بالتوقيع النهائي في مارس/ آذار 2022.

واقع جديد

وزعم المعهد العبري أن إسرائيل من أكثر الاقتصادات انفتاحا في العالم، والدولة الوحيدة التي لديها اتفاقية تجارة حرة مع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ولفت إلى أنه على مر السنين، كانت دولة إسرائيل مهتمة باتفاقية تجارة حرة مع الهند التي من شأنها أن تسمح للإسرائيليين بالتمتع بإعفاءات جمركية واسعة على استيراد وتصدير المنتجات.

لكن الهند تخشى إغراق السوق بمنتجات رخيصة من شأنها إلحاق ضرر بالصناعة المحلية، رغم أن لديها اتفاقية تجارة حرة مع رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان"، وسنغافورة، واليابان، وكوريا الجنوبية، وماليزيا.

ولفت المعهد إلى أن الأحداث في الشرق الأوسط قد تؤثر على توسيع التجارة بين الدولتين، بفضل تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل.

ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، صدر بيان رسمي باسم الهند وإسرائيل والإمارات حول رؤية مشتركة حول الموضوع، فالتجارة بين إسرائيل والهند منخفضة نسبيًا (5 مليارات دولار)، وكذلك التجارة بين إسرائيل والإمارات (مليار دولار)، مقارنة بحجم التجارة بين الهند والإمارات (59 مليار دولار).

وأكد أن المثلث التجاري بين البلدان الثلاث خطوة مطلوبة.

وفي هذا الإطار، ستوفر إسرائيل التكنولوجيا، وسيتدفق رأس المال من الإمارات، وستوفر الهند البنية التحتية للإنتاج والقوى العاملة الماهرة والرخيصة.

فالمجال المحتمل للتعاون بين الدول الثلاث ضخم، وقد تعمل الهند أيضا على تعزيز قدراتها التجارية من خلال اعتماد ممر "الهند وبحر العرب والبحر المتوسط".

فمن المتوقع أن يختصر الممر وقت نقل البضائع من مومباي إلى أوروبا عبر إسرائيل واليونان بسبعة أيام، حيث سيسمح بإطار أوسع في شكل مجموعات إقليمية.

مجالات التعاون

وذكر المعهد أن مجال الصحة قد يكون عاملا رئيسيا في العلاقات بين الهند وإسرائيل، حيث كانت جائحة كورونا مثالا ساطعا على إمكانية التعاون المتبادل بين الدول، وأعادت القفزة الهائلة في عدد المصابين بالفيروس 19 في الهند إشعال الجدل حول نقص الخدمات الطبية في البلاد.

ففي العقد الماضي، اتجهت العديد من البلدان صوب تأسيس أنظمة صحة عامة رائدة في العصر الرقمي من أجل تحسين الخدمات الطبية وتكييفها مع الاتجاهات المستقبلية.

فيما لا تزال الهند تفتقر إلى البنية التحتية الصحية الملائمة، خاصة في المناطق غير الحضرية.

في المقابل، زعم المعهد أن إسرائيل نجحت في إنشاء نظام رعاية صحية متقدم، وقد يؤدي اختيار الشريك المناسب إلى تسريع عملية إصلاح القطاع في الهند.

كما أن مجال تقنيات الأغذية يعد منصة مثمرة للتعاون، حيث تعتبر إسرائيل من الدول الرائدة في تكنولوجيا الغذاء، وتحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث القدرة على تقديم حلول تكنولوجية متطورة للتعامل مع تحديات مراحل السلسلة في الإمداد الغذائي.

ونطاق مجال التكنولوجيا الزراعية في إسرائيل واسع ومتنوع ويتضمن أجهزة استشعار في الأرض، وطائرات بدون طيار، وروبوتات مستقلة، ولحوما مستنبتة، وبروتينات بديلة، وريا ذكيا، وبرامج تحليل بيانات ضخمة.

والهند منتج رئيس للتوابل والقمح، وتمثل الزراعة 17 بالمئة من الناتج المحلي، ولا تزال تواجه العديد من التحديات، مثل قطع الأراضي الصغيرة للمزارعين، والاستخدام المفرط للمواد الكيميائية، والاستخدام غير الفعال للمياه، ومحدودية الوصول إلى الائتمان والتأمين.

وقد تقدم إسرائيل حلولا لتبسيط الزراعة المحلية وزيادة ربحيتها، كما يمكن أن تصبح الهند مجالا تجريبيا للتكنولوجيا الإسرائيلية في مجال الزراعة، وبنية تحتية لنقل التكنولوجيا إلى الإنتاج المحلي والتصدير في جنوب آسيا.

وطالب المعهد بضرورة التغلب على الحواجز أمام ازدهار التجارة بين البلدين، وفي مقدمتها البيروقراطية الهندية وتعقيد النظام الفيدرالي في البلاد.