سرية وغير معترف بها دوليا.. لهذا تثير اتفاقية الشراكة مع الصين قلق الإيرانيين
سلط موقع إيراني الضوء على اتفاقية الشراكة الإستراتيجية بين بلاده والصين، التي دخلت حيز التنفيذ حديثا، مؤكدا أنها تثير قلق كثيرين لعدة أسباب، في مقدمتها سرية محتواها وعدم المصادقة عليها داخليا وأمميا.
وفي 15 يناير/ كانون الثاني 2022، أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان على هامش زيارة أجراها إلى الصين بدء تنفيذ اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الموقعة بين البلدين في 27 مارس/ آذار 2021.
وتُدخل الاتفاقية التي تبلغ قيمتها 400 مليار دولار، وفق بيانات مسربة، إيران رسميا في مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهي خطة بنية تحتية تقدر قيمتها بتريليونات الدولارات، وتهدف بكين من خلالها إلى بناء شبكة واسعة من المشروعات من شرق آسيا إلى أوروبا.
ومنذ الإعلان عنها تثير الاتفاقية جدلا واسعا في إيران حيث يخشى كثيرون من أن الاتفاقية سترهن موانئ البلاد الإستراتيجية وبنيتها التحتية للنفوذ الصيني لمدة 25 عاما.
اتفاقية غير قانونية
وذكر موقع "إيران واير" في مقال للصحفي "فرامرز داور" أن 15 يناير سيكون يوما تاريخيا في تقويم إيران، بعد الإعلان عن بدء تنفيذ الاتفاقية السرية الثنائية لمدة 25 عاما فجأة وبدون أي ترتيبات قانونية.
فالمسودة المسربة المنتشرة عن هذه الاتفاقية تنم عن منح امتيازات متعددة وكبيرة من جهة إيران إلى الطرف الصيني.
وأكد الموقع أنه وفقا للدستور الإيراني لا بد من مصادقة مجلس الشورى الإسلامي على تنفيذ المعاهدات بين الحكومة وسائر الدول.
وهذه المسألة تحوز على أهمية بالغة في الدستور، حيث تم التأكيد على هذا الأمر مرتين في مادتين منفصلتين، (77، و125) بالدستور.
لكن الاتفاقية التي اعتبرت سرية لم يتم المصادقة عليها من قبل المجلس، وبشكل عملي لا إمكانية لبحثها علنا ولا لتصديق المجلس عليها، وهكذا بدأت إيران تنفيذ الاتفاقية رامية بعرض الحائط مواد الدستور.
وأكد الموقع أن نص اتفاقية عمرها 25 عاما يجب أن يكون متوفرا مثله مثل سائر المعاهدات طويلة الأمد بين الدول.
فمن حق المواطنين الإيرانيين أن يكونوا على اطلاع، ما التعهدات التي قطعتها السلطة الحاكمة من أجل الشعب الإيراني لربع قرن، وما الآثار الناتجة عن تنفيذ هذه الاتفاقية.
وأشار إلى أن اعتبار الاتفاقية سرية أمر مشكوك فيه، فالحكومة الإيرانية أعلنت تحت ضغط شديد من قبل الرأي العام أن نص الاتفاقية سري بناءً على طلب من الحكومة الصينية.
وقبل الإعلان عن سرية المعاهدة، تم تسريب مسودة النسخة الفارسية إلى المحافل الإعلامية المحلية.
ولفت الموقع إلى أن وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف كان قد أعلن أن الحكومة الصينية أعربت عن عدم رضاها عن هذه الاتفاقية، وعملت على تأخير التوقيع عليها لتغيير أجزاء من محتواها.
وورد في المسودة المسربة أن الحكومة الإيرانية أعطت امتيازات متعددة وكبيرة إلى الطرف الصيني. وتغيرت هذه المسودة من أجل التوقيع، لكن حتى نسختها غير الرسمية لم تكن في متناول يد الشعب الإيراني لتقييمها.
الاعتراف الدولي
كما أوضح الموقع أن هذه الاتفاقية تعد معاهدة بين دولتين. وأهم شرط للاعتراف الدولي بالمعاهدات هو إمكانية الوصول العام إلى محتواها.
وحددت اللوائح الدولية ضوابط معينة للاعتراف بالمعاهدات والأساس في هذا كونها غير سرية، من أجل الحيلولة دون إبرام الاتفاقيات غير القانونية للحكومات مع بعضها بعضا، ومن ثم تهديد السلام والأمن الدولي.
وإخفاء محتوى المعاهدات عامةً يكون بهدف تجاهل التعهدات الدولية، أو تواطؤ الحكومات مع بعضها بعضا للهدف نفسه.
وبعد معاهدة فرساي التي أنهت الحرب العالمية، كان من المقرر أن يتم منع المعاهدات السرية؛ لكي تتحلى معاهدات الدول بالشفافية، وتستقر تحت مراقبة المجتمع الدولي.
والمعاهدات السرية بين حكومتي إيطاليا ومملكة بروسيا (شرق ألمانيا حاليا) كانت إحدى أهم الأسباب التاريخية التي مهدت للحرب العالمية الأولى.
وللحيلولة دون هذه المخاطر برزت أهمية وجوب شفافية المعاهدات، والإعلان عنها، وعدم سريتها.
كما طلب ميثاق الأمم المتحدة من الدول الأعضاء تسجيل نصوص المعاهدات التي تبرمها، في المنظمة.
وكل اتفاق دولي لا يطابق ميثاق الأمم المتحدة وغير مسجل فيها، لا يمكن الاستشهاد به مقابل أركان الأمم المتحدة؛ أي أن الأمم المتحدة لا تعترف به.
ومن هنا بما أن معاهدة الـ25 عاما بين إيران والصين سرية، فلا توجد إمكانية لتسجيلها في منظمة الأمم المتحدة، وفي حال حدوث اختلاف بين الحكومتين، فلن يمكن لمحكمة العدل الدولية التدخل والفصل في هذه الاختلافات.
ولن تأخذ في عين الاعتبار اتفاقية غير مسجلة كمعاهدة معترف بها.
البعد السيادي
كما أكد الموقع أن أحد الأمور الباعثة على القلق بشأن هذا الاتفاق السري، الأبعاد العسكرية والأمنية والسيادية المحتملة له، والشعب الإيراني ليس على دراية بها بشكل تام.
فإحدى شروط المعاهدات المعترف بها دوليا احترام مبدأ المساواة، والتكافؤ في السيادة الوطنية للحكومات وتجنب فرض ظروف غير متكافئة.
غير أنه وفقا لإعلانات الحكومة الإيرانية، فإن بكين أجبرت طهران على سرية المعاهدة.
وهذا الإجبار من قبل الحكومة الصينية وتردد الحكومة الإيرانية في قبول سرية معاهدة بالغة خمسة وعشرين عاما وضع مبدأ الرضا والحرية، ومبدأ حسن النية في موضع شك.
وهذا بالتأكيد نموذج من نماذج انتهاكات السيادة الوطنية الإيرانية، وفق الموقع.