"العمال الكردستاني" يحل نفسه.. وناشطون: نهاية أحد أطول النزاعات وأردوغان يدخل التاريخ

منذ ١٣ ساعة

12

طباعة

مشاركة

ضمن تحوُّلات كبيرة تشهدها منطقة الشرق الأوسط قد تعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي، أعلن حزب "العمال الكردستاني"، المصنف كمنظمة إرهابية، ويخوض نزاعا مسلحا مع أنقرة لأكثر من 40 عاما، حل كيانه، ووقف العمل المسلح في تركيا، منهيا تمرده المستمر منذ 4 عقود.

وكالة "فرات" القريبة من حزب العمال الكردستاني، قالت في 12 مايو/أيار 2025: إن هذه القرارات صدرت في ختام مؤتمره الـ12 الذي عقد قبل أيام، موضحة أن المؤتمر قرر حل الهيكل التنظيمي للحزب وإنهاء "الكفاح" المسلح وجميع الأنشطة التي تتم باسمه.

وأضافت أن الحزب يرى أنه أنجز "مهمته التاريخية"، وأنه يرى أن "الأحزاب الكردية ستضطلع بمسؤولياتها لتطوير الديمقراطية الكردية وضمان تشكيل أمة كردية ديمقراطية"، وأن العلاقات التركية الكردية "بحاجة إلى إعادة صياغة".

وكان مؤتمر حزب العمال الكردستاني انعقد في شمال العراق بين 5-7 مايو/أيار 2025 بناء على دعوة قائده عبد الله أوجلان المعتقل منذ 26 عاما في تركيا.

وقالت وكالة "فرات": إن اجتماعات الحزب أسفرت عن "قرارات ذات أهمية تاريخية على أساس دعوة القائد" في 27 فبراير/شباط 2025 إلى نزع الحزب سلاحه وحلّ نفسه.

بدوره، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن بلاده ستراقب "بحذر" تطبيق قرار "حزب العمال الكردستاني" حل نفسه وإلقاء السلاح الذي يجب أن يمتد إلى كل فروعه، مضيفا: "نعدّ هذا القرار مهما من حيث تعزيز أمن بلادنا وسلام منطقتنا والأخوّة الأبدية لشعبنا".

وأضاف في حديثه عقب اجتماع لمجلس الوزراء في أنقرة: إن "أبواب عهد جديد ستفتح بمجرد أن يلقي حزب العمال الكردستاني سلاحه".

فيما قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحفي بأنقرة: إن إعلان حزب العمال الكردستاني إلقاء السلاح "تاريخي ومهم جدا"، مؤكدا أن "هناك الكثير من التفاصيل بشأن تنفيذ القرار".

بدوره، قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، عمر جليك، إن التنفيذ الكامل لقرار حزب العمال الكردستاني بحل نفسه وتسليم سلاحه بشكل كامل بما يؤدي إلى إغلاق جميع فروعه وامتداداته وهياكله غير القانونية "سيكون نقطة تحول حاسمة".

وأكد أن القرار خطوة مهمة نحو تركيا خالية من الإرهاب، مضيفا أن الدولة ستراقب عن كثب عملية حل الحزب على الأرض، وأنه سيتم إطلاع الرئيس أردوغان على مراحل العملية.

منظمة إرهابية

وتجدر الإشارة إلى أن حزب العمال الكردستاني تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تنظيما إرهابيا محظورا.

والحزب هو جماعة مسلحة نشأت جنوب تركيا أواخر سبعينيات القرن العشرين، وهي حركة انفصالية تسعى لإقامة ما تسميه "دولة كردستان الكبرى المستقلة"، تجمع بين الأفكار القومية الكردية ومبادئ الاشتراكية الأممية، ومنذ بدأ تمرده المسلح عام 1984، قُتل أكثر من 40 ألف شخص.

وعبر الحزب منذ تأسيسه في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1978 من محطات عديدة، تأرجح فيها صراعه مع الدولة التركية بين المواجهة العسكرية ومساعٍ للتسوية وإحلال السلام، كما شهد مساره التاريخي تحولات جوهرية لامست نهجه الفكري وأحدثت تغييرا في مواقفه تجاه القضايا والأحداث التي عايشها.

ورحَّب ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي بإعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه، وعدّوه خطوة تاريخية نحو تحقيق السلام والمصالحة في المنطقة، معربين عن أملهم أن يفتح القرار الباب أمام مستقبل أفضل للبلاد وأن يسهم في تعزيز حقوق جميع الأطراف.

وأشادوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس" و"فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #حزب_العمال_الكردستاني، #PKK، #أردوغان، وغيرها، بالرئيس التركي وجهوده المكثفة وسياسته الحكيمة التي مكنت من تحقيق هذا الإنجاز، ونجاح إستراتيجيته في مكافحة الإرهاب.

وسلط ناشطون الضوء على جرائم الحزب الكردستاني وممارسته العنف والدمار منذ عقود وتاريخه في الإرهاب، متحدثين عن الدوافع الداخلية للحزب التي أوصلت للقرار بالإضافة إلى الضغوط العسكرية والسياسية التي واجهها وأوصلت لإعلانه حل نفسه وتسليم سلاحه.

حدث تاريخي

وحفاوة بإعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه ونبذ العمل العسكري، عدَّه أستاذ الأخلاق السياسية محمد المختار الشنقيطي، "حدثا تاريخيا"، متوقعا أن يلقي بظلاله الإيجابية على تركيا وسوريا والعراق وإيران.

كما توقع أن ينقل الحدث الأكراد من مسار الانفصال العدمي الذي تبنّته حركات قومية يسارية إلى مسار الاندماج في الفضاء الحضاري الإسلامي المشترك الذي تتمسك به الغالبية الكردية.

فيما رأى رئيس الهيئة العالمية لأنصار النبيﷺ محمد الصغير، إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه "انتصارا جديدا حققته التجربة التركية".

وأكَّد أن إدارة الرئيس أردوغان استطاعت من خلال إدارة الخلافات والمواءمات السياسية، إجبار حزب العمال الكردستاني على حل نفسه وإلقاء سلاحه، وإغلاق صفحة من التطرف التمرد عمرها 40 عاما.

ووصف السياسي العراقي طارق الهاشمي، إعلان العمال الكردستاني حل نفسه وإلقاء السلاح بعد 40 سنة من العنف، "خطوة تاريخية".

ووصف القرار بأنه "حكيم من شأنه حقن الدماء وتحقيق الاستقرار ليس في تركيا فحسب، بل في عموم المنطقة، وبالتالي إمكانية توجيه الطاقات نحو التقدم والتنمية". 

وأكد الهاشمي، أن “إدارة الخلافات بين أبناء الوطن الواحد  مازال ممكنا في إطار التعايش  وقبول الآخر”. قائلا: "يبقى السلاح حكرا على الدولة، والبديل هي الفوضى".

وأضاف أنه "درس بليغ، فيه تنبيه وتحذير، لكل القوى المسلحة في العراق والتي مازالت تصر على النهج الخطأ".

ووصف أستاذ العلوم السياسية عبدالله الشايجي، الإعلان بـ"الانتصار التاريخي لتركيا وأردوغان".

وأشار إلى أن المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر تشيليك، علق على قرار حزب العمال بأنه "يفتح صفحة وحقبة جديدة".

وعرض الصحفي سمير العركي صورة للقيادات العليا للتنظيم في مؤتمر الحزب الثاني عشر الذي تم فيه اتخاذ القرار، الذي انعكس على تعابير وجوههم.

وقال العركي، إنه بعد 47 عاما من الأعمال الإرهابية وجد الحزب نفسه وحيدا بعد المتغيرات العميقة التي يمر بها الإقليم والنظام الدولي، في موازاة النجاحات الكبيرة التي حققتها الحملة الأمنية التي نفذها الجيش والأمن التركيان داخل البلاد وخارجها.

إشادة بأردوغان

وإشادة بالرئيس التركي والحكومة، قالت الإعلامية سارة أردوغان: "السلطان أردوغان يدخل التاريخ من أوسع أبوابه ويصعد بتركيا إلى العالمية بعد أن وجَّه ضربته القاضية للمشروع الصهيوني الذي ظلَّ لعقود يقف أمام النهضة التركية".

وشكر الإعلامي التركي محمد صديق يلدرم، الرئيس أردوغان، قائلا: إن "تركيا تعيد كتابة التاريخP حيث تم تحويل آيا صوفيا إلى الجامع بعد 86 عاما، ودفن آفة منظمة غولن الإرهابية التي استمرت 50 عاما في التاريخ، وأنهى كابوس حزب العمال الكردستاني الذي دام 47 عاما".

وعرض صورة لأردوغان، مشيرا إلى أن تركيا حررت قره باغ، التي كانت محتلة لمدة 30 عاما، وبعد 61 عاما، قامت بالخطوة التي هزت نظام الأسد.

وقال محمد إسماعيل، إن “تركيا تجبر التاريخ على الركوع”، مشيرا إلى أن إعلان العمال الكردستاني استسلامه وحل نفسه وإسدال الستار على صراع مسلح أمام القوة الجبارة للدولة التركية، “جاء بعد سنوات من التمرد وسفك الدماء”.

وأكد أن هذه ليست نهاية صراع، بل إعلان نصر ساحق لتركيا التي لا ترحم خصومها، وأن تركيا لا تهادن من يهدد أمنها، ولا تُصافح من يحمل خنجر الغدر، مضيفا أن "تركيا واجهت بالنار، حاربت وانتصرت، وها هو العدو الأزلي ينهار تحت قبضتها الحديدية".

وتابع إسماعيل: "من تكون تركيا حليفته، فلن يُهزم أبدا! لأنها لا تعرف التراجع، ولا تقبل إلا بالنصر الكامل".

وكتب مالك محمد الصغير: "حفظ الله لنا وللشعب التركي الرئيس أردوغان.. وانتصار جديد  للدولة.. حزب العمال حل نفسه وألقى سلاحه.. إغلاق صفحة من التطرف دامت 40 عاما.. فأتم على الطيب يارب الحنكة والذكاء السياسي مُنقطع النظير.. والتوقيتات المُميزة.. واحفظ أرض تركيا".

جرائم الحزب

وهجوما على حزب العمال الكردستاني وتذكيرا بجرائمه، قال هوشينغ أوسي: "كان وسيبقى طاعونا وكوليرا سياسية وكابوسا مرعبا". 

وأكَّد أن الشعب الكردي عانى في كل مكان، وعاش 50 عاما من كابوس حزب العمال الكردستاني، وسيعاني 100 عام للشفاء والتعافي من فيروس هذا الحزب، متمنيا الرحمة للشهداء الضحايا الذين اغتالهم الحزب بطرائق إرهابية شديدة البشاعة.

وأكد أوسي، أن أرقام الذين صفاهم الحزب غير معروف، قائلا: إن "الاستشفاء من السرطان يلزمه وقت وصبر وقوة تحدٍّ، وكذلك الشفاء من سرطان حزب بي كا كا".

وقال الناشط السياسي التركي، محمد أردوغان: إن "تنظيم بي كاكا كان مدعوما من الكيان الإسرائيلي والغرب"، عارضا مقطع فيديو لاحتفال مدينة ديار بكر التركية بقرار إعلان حزب العمال الكردستاني الذي وصفه بـ"التنظيم الإرهابي" حل نفسه وإلقاء السلاح.

وعلقت المغردة كاريس، على الإعلان قائلة: "لا تصدقوهم، بي كا كا لن يتراجع عن الإرهاب ومحاولة تقسيم أراضينا، هؤلاء أخبث الكائنات على الأرض، ما رح نخلص من شرهم قريبا، حيكملو باسم تاني أو من موقع تاني". 

وأضافت: "أنك تتوقع من بي كا كا يتراجعوا عن حلمهم بإنشاء إسرائيل الثانية وهمستان، لا يقل عبثية عن أنك تتوقع من تنظيم الدولة تتراجع عن حلم الخلافة".

قراءات وتحليلات

وفي قراءات وتحليلات لقرار حزب العمال الكردستاني وانعكاساته على المنطقة والدول الأخرى وتقديما لنصائح تخدم مستقبل المنطقة، دعا هوزان تينجو، إلى فتح صفحة جديدة بعد حل حزب العمال الكردستاني، وتجاوز ما حدث في السابق دون اللجوء إلى التخوين أو الإدانة.

وأكد أن المستقبل هو الأكثر أهمية، داعيا لاعتماد سياسة براغماتية واقعية تضع مصلحة الشعب في المقام الأول، لأن في النهاية ما يحدث فعليا هو مسار يؤدي إلى مستقبل زاهر للكرد.

وقالت منار الزبيدي: إن هذا القرار المفاجئ لا يشكل فقط نقطة تحوّل في علاقة الحزب بأنقرة، بل يمتد تأثيره بشكل مباشر وعميق إلى العراق، البلد الذي مثّل لعقود طويلة مسرحا للعمليات العسكرية وميدانا لتصفية الحسابات بين الطرفين.

وأكَّدت أن هذا القرار “قد يفتح المجال لظهور حركات كردية مدنية جديدة تحمل خطابا أكثر ديمقراطية وأقل عسكرة”.

وتوقعت الزبيدي، أن هذا التغيير، إن حظي بدعم شعبي ومؤسساتي، يمكن أن يعيد صياغة معادلة العمل السياسي الكردي، ويفتح نقاشا عميقا حول قضايا العدالة، والتمثيل، وحقوق الإنسان، بعيدا عن الخطاب القومي المسلح.

وحذرت من أن الفراغ الذي سيتركه الحزب، خاصة في المناطق الحدودية، قد يسعى آخرون لملئه، سواء من قبل جماعات مسلحة أخرى، أو حتى قوى إقليمية قد تستخدم غيابه لإعادة رسم خطوط النفوذ.

وخلصت الزبيدي إلى أن قرار حلّ حزب العمال الكردستاني هو بداية لمرحلة انتقالية أكثر من كونه نهاية لصراع العراق، بحكم موقعه الجغرافي وتركيبته السياسية، أمام فرصة لإعادة ترتيب أولوياته الأمنية والسياسية في الشمال. 

وعدد الصحفي جهاد الفيومي أسباب إعلان العمال الكردستاني حل نفسه، ومنها أن تركيا حققت اختراقات استخباراتية كبيرة داخل التنظيم، وتراجع التأييد الشعبي للحزب بين الأكراد، والضغوط الدولية، والتحولات في خارطة التحالفات بعد الحرب في سوريا والعراق، وتغير البيئة وخسارة بي كا كا أوراقه.

وأكد أن إعلان الحلّ "ليس مجرد قرار تنظيمي، وإنما حدث إقليمي يعيد رسم المشهد الكردي والتركي وحتى السوري والعراقي"، قائلا: "لو ثبت هذا الاتفاق فعليا.. فنحن أمام نهاية أحد أطول وأعقد النزاعات في المنطقة".

وتوقع المغرد عبدالرؤوف، أن تبدأ أنقرة بعد إعلان بي كاكا حل نفسه وإنهاء الحرب مفاوضات مع أوجلان تفضي إلى إطلاق سراحه ومعالجة آثار الحرب، بما في ذلك إدماج الحاضنة الشعبية للحزب في الحياة العامة للجمهورية التركية.

وأكَّد الطبيب الكردي زيد بريفاكي، أن “قرار بي كا كا بنزع السلاح هو نِتاج عقود من تخبط في سياساته بين القيادة المخططة والقاعدة المنفّذة وضياع بوصلة الأهداف”.

وشدد على أن "هذا القرار يجب أن يُحتفى به وأن نستمر بدفع عجلة المناداة بالحقوق بشكل سلمي.. العالم متّجه نحو حروب الاقتصاد".