صحيفة روسية: ألمانيا الجديدة لن تكرر خطأها مع اللاجئين مرة أخرى
سلطت صحيفة "غازيتا.رو" الروسية، الضوء على أزمة الهجرة المشتعلة منذ أسابيع على حدود بيلاروسيا وبولندا وموقف ألمانيا منها.
وغادر المهاجرون، المخيمات التي أقاموها على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا وانتقلوا في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إلى المنطقة المغلقة التي أعدتها الحكومة البيلاروسية في المنطقة الحدودية، ضمن أزمة مشتعلة منذ أسابيع.
وفي مقال للكاتب مكسيم إيرمولوف، قالت الصحيفة: "يبحث آلاف المهاجرين من الشرق الأوسط عن فرصة للوصول إلى أراضي الاتحاد الأوروبي عبر الحدود البولندية البيلاروسية، كما يستمر الوضع في التدهور".
ويقول معظم اللاجئين إنهم يريدون الذهاب إلى ألمانيا، التي لم تعد سلطاتها ترغب بتكرار أزمة اللجوء الحادة في عام 2015.
في الوقت نفسه، تحاول المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها أنغيلا ميركل التأثير على رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو من خلال الزعيم الروسي فلاديمير بوتين.
"التوبيخ لا يكفي"
وفي إطار ذلك ناقشت ميركل وبوتين أزمة الهجرة على حدود بيلاروسيا وبولندا للمرة الثانية خلال يومين (في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2021).
كما ذكر الكاتب أن حكومة ألمانيا لم تخف أن ميركل كانت تطلب من بوتين التأثير على رئيس بيلاروسيا الذي تهاون في حل الأزمة التي يستخدمها كورقة ضغط ضد العقوبات الأوروبية.
وتقول الصحيفة: "ينصح الخبراء برلين بإصرار بإقامة اتصال مباشر مع مينسك".
وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن الكرملين أيضا أنه "جرى التأكيد على أهمية التسوية المبكرة لأزمة الهجرة الحادة التي نشأت وفقا للمعايير الإنسانية الدولية".
في غضون ذلك، أصبح الوضع على الحدود أكثر تعقيدًا، تقول الصحيفة.
وقال بافيل يابلونسكي نائب وزير الخارجية البولندي "يوجد الآن حوالي 4-5 آلاف شخص على الحدود، في حين أنه من الممكن وصول 15 إلى 20 ألف مهاجر إلى ألمانيا".
وقررت بولندا أخيرا زيادة عدد حرس الحدود، الذين جرى تزويدهم بالدروع وخراطيم المياه، وذلك بعد عدة "اعتداءات" على حدودها.
وكما قال الكاتب "يتحدث المهاجرون على الحدود البولندية عن رغبتهم في الذهاب إلى ألمانيا. لكن حتى الآن، يمكن وصف رد فعل البلاد على الأزمة الجديدة بأنه محدود، باستثناء مكالمات ميركل المتكررة لبوتين".
وبالتالي، فإن وزير الخارجية الألماني المؤقت هايكو ماس، يعتقد أن توبيخ السلطات البيلاروسية لا يكفي في ظل الوضع الحالي.
ويؤكد أن وكالات تنفيذ القانون البيلاروسية هي التي ترافق المهاجرين إلى حدود الاتحاد الأوروبي.
في تعليق لـ غازيتا.رو"- الروسية، دعا الباحث في مركز الدراسات الأوروبية "أرتيم سوكولوف"، برلين لمنع تكرار أحداث عام 2015 على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي وألمانيا.
في الوقت نفسه، تتجنب ألمانيا الدعم المفتوح للتدابير الصارمة من قبل قوات الأمن البولندية.
ورأى الباحث أن "الوضع معقد لأن ألمانيا وكذلك بولندا ودول البلطيق، لا تعترف فعليا بمينسك كعضو رسمي للمفاوضين".
لهذا السبب، تقتصر أدوات الدبلوماسية الألمانية على إنذار الجانب البيلاروسي.
على أي حال، لا تنوي برلين فتح حدود أوروبا تجاه موجة جديدة من المهاجرين وتبذل قصارى جهدها حتى يتم إيقاف الآلاف من اللاجئين عند الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وفق المحلل.
نوايا ألمانيا الجديدة
وعلق إيرمولوف أنه من المثير للاهتمام أن رئيس حزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني "أولاف شولتز"، الذي لديه أكبر فرصة ليصبح المستشار التالي، يتجنب قضايا اللاجئين الذين يرغبون في الوصول إلى ألمانيا. لذلك، رفض حتى التعليق على الوضع.
بالإضافة إلى ذلك، تحدث شولتز عن ضرورة فرض عقوبات جديدة ضد بيلاروسيا، وقدم المساعدات الإنسانية للاجئين وساعد سلطات حراس الحدود البولندية.
وفقا لسوكولوف من معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، فإن جميع أعضاء الائتلاف الحاكم الناشئ ليسوا مستعدين ببساطة لبدء عملهم في الحكومة الجديدة بحل لأزمة الهجرة الجديدة.
وصرح "رئيس مركز الدراسات الألمانية بالأكاديمية الروسية للمعلومات" فلاديسلاف بيلوف أنه طوال فترة تولي ميركل منصب المستشارة، فإن المسؤولية الكاملة عن الأزمة المتنامية تقع على عاتق حكومتها.
ورأى أنه "ليس من الطبيعي أن شولتز، الذي يشغل الآن منصب وزير المالية، هو المتحدث الرئيسي بشأن الهجرة غير الشرعية"، كما يؤكد بيلوف أن موضوع بيلاروسيا لم يظهر بعد في محادثات الاتحاد.
ويقول بيلوف "نحن بانتظار 30 نوفمبر/تشرين الثاني، فحتما سيظهر شيء عن روسيا البيضاء وموسكو وسيتم إدانتهم".
وأضاف إيرمولوف أنه بشكل عام، في ألمانيا، يستمر النقاش العام حول التكتيكات التي يجب أن تكون عليها البلاد في الأزمة الجديدة.
على سبيل المثال، دعا ناشطون منظمات حقوق الإنسان الألمانية سابقا إلى المساهمة في فتح ممر للمهاجرين غير الشرعيين من الحدود البولندية البيلاروسية بدافع الإنسانية.
حتى إن نائب البرلمان الاتحادي الألماني من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، نيلس شميد، حث على مناشدة أوكرانيا لطلب إدخال المهاجرين إلى أراضيها.
وقد أثار هذا بالفعل غضب أمين مجلس الأمن القومي والدفاع في أوكرانيا، أوليكسي دانيلوف.
ويتهم الاتحاد الأوروبي الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بتنسيق وصول هذه الموجة من المهاجرين واللاجئين إلى الجانب الشرقي من التكتل، وذلك ردا على العقوبات الأوروبية التي فرضت على بلاده بعد "القمع الوحشي" الذي مارسه نظامه بحق المعارضة.