قناة ألمانية: السقوط الحر للبنان يتسارع بسبب خلافه مع دول الخليج

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت قناة "دويتشه فيله" الألمانية أن لبنان يجد نفسه مرة أخرى في صراع إقليمي بين السعودية وإيران، في الوقت الذي قد يؤدي فيه الخلاف الدبلوماسي مع دول الخليج إلى زيادة عدم الاستقرار السياسي والأزمة الاقتصادية في البلاد.

ويقع لبنان في قلب خلاف سياسي في منطقة الخليج، حيث تصاعدت حدة التوترات الدبلوماسية في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2021، عندما استدعت المملكة العربية السعودية سفيرها في بيروت بسبب تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي بشأن الحرب في اليمن.

وأجرى قرداحي المعروف بأنه قريب من مليشيا حزب الله المدعومة من إيران، مقابلة تلفزيونية في أغسطس/آب 2021، قبل شهرين من تعيينه وزيرا. 

وفي المقابلة التي لم تعلن حتى 25 أكتوبر/تشرين الأول، وصف قرداحي حرب اليمن بأنها "عبثية" و"عقيمة"، وقال إن المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران لم يهاجموا أي شخص ولهم الحق في الدفاع عن أنفسهم.

ونتيجة لذلك، استدعت السعودية سفيرها في بيروت، ومنعت جميع الواردات اللبنانية، ومنحت السفير اللبناني 48 ساعة لمغادرة المملكة، ومنعت مواطنيها من السفر إلى لبنان. 

وبعد ساعات، حذت الإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين حذوها وطردت سفراء لبنان، كما استنكر مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك قطر وعمان تصريحات قرداحي.

وليست هذه هي المرة الأولى التي تتصاعد فيها التوترات بين لبنان ودول الخليج.

إذ شهدت العلاقات بين لبنان والسعودية بعض التقلبات على مر السنين، لكن الخلاف الأخير قد يكون له عواقب سياسية واقتصادية وخيمة على بيروت.

ويرى الخبراء أن هذا الصراع بين لبنان ودول الخليج هو رد فعل عنيف للتنافس الإقليمي السعودي الإيراني.

وقال المحلل والمعلق في شؤون الشرق الأوسط إبراهيم الأصيل لدويتشه فيله إن المملكة العربية السعودية تأمل في أن تؤدي أفعالها إلى زيادة الضغط على جماعة حزب الله المسلحة في لبنان وإيران.

 وبين أن "الأزمة مع الخليج ستزيد من تفاقم الحياة اليومية للشعب اللبناني. تريد السعودية أن تظهر للناس في المنطقة أن المشروع الإيراني لن يؤدي إلا إلى الفقر والفوضى". 

الصادرات والتحويلات 

وفي وقت مبكر من أبريل/نيسان 2021، حظرت المملكة العربية السعودية استيراد الفواكه والخضراوات اللبنانية في محاولة لمكافحة تهريب المخدرات. 

وعلى الرغم من أن الحظر أصاب القطاع الزراعي اللبناني بشدة، فإن الشركات اللبنانية حاولت الالتفاف عليه من خلال التصدير إلى دول أخرى.

ومع ذلك، قال هيكو ويمين، مدير المشروع في مجموعة الأزمات الدولية، للقناة الألمانية إن الحظر السعودي الجديد على جميع الواردات اللبنانية من شأنه تسريع الانهيار الاقتصادي الحر في لبنان. 

ويعتمد لبنان بشكل كبير على الصادرات وتحويلات المغتربين لتوليد الإيرادات. وتصدر البلاد مجموعة واسعة من المنتجات إلى دول الخليج، بما في ذلك المواد الكيميائية والآلات والمعادن الثمينة والمواد الغذائية.

وعلى الرغم من انخفاض الصادرات على مدى العقد الماضي، ظلت المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر أسواق التصدير في لبنان. 

وتراجعت الصادرات اللبنانية إلى المملكة من 518.3 مليون يورو في عام 2011 إلى 128.2 مليون يورو في عام 2020، وفقا لمبادرة غربال اللبنانية غير الربحية. 

وعلى مدى العقد الماضي، بلغ متوسط ​​التحويلات حوالي 15 -20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبنان سنويا، مع حوالي 43 بالمئة قادمة من دول الخليج، وفقًا للبنك الدولي.

وفي هذا السياق قال سامي زغيب الخبير الاقتصادي والباحث في مركز الأبحاث The Policy Initiative الذي يتخذ من بيروت مقرا له، إن التوترات الدبلوماسية الحالية يجب أن تظهر للبنان أنه لا يمكنه الاعتماد فقط على العلاقات مع الدول الأخرى.

وبين أنه يجب تسريع الجهود لبناء اقتصاد أكثر مرونة.  وقال "ليست مسؤولية دول الخليج أن تضمن الرفاه الاقتصادي للبنان". 

كل دولار مهم

من جهته يعتقد كريم مرهج الباحث في The Public Source، وهي منظمة إعلامية مستقلة مقرها بيروت أن المغتربين اللبنانيين لعبوا دورا حيويا في اقتصادات دول الخليج على مر السنين. لكنه قال إن وجودهم هناك تراجع في العقد الماضي. 

وأضاف مرهج أن "دول الخليج تطبق سياسات لتشجيع مواطنيها على إيجاد عمل في القطاع الخاص وتقليل اعتمادهم على العمالة الوافدة".

نتيجة لذلك، فقد العمال اللبنانيون وظائفهم في الخليج وتحويلات المغتربين آخذة في الانخفاض.

وبالنسبة للبنان الذي يعاني ضائقة مالية، فإن كل دولار له أهميته، لكن الخلاف قد يؤثر بشكل غير مباشر على مفاوضاته المستأنفة أخيرا مع صندوق النقد الدولي. 

ويسعى لبنان للحصول على دعم مالي من صندوق النقد الدولي لمواجهة أزمته الاقتصادية والمالية. 

وقال هيكو ويمين إن الأزمة الدبلوماسية الحالية قد تتحول إلى سياسية في لبنان. 

وأضاف "هذه الأزمة قد تشل أنشطة الحكومة وقد تقلل من نفوذها التفاوضي أثناء الجلوس على طاولة مع صندوق النقد الدولي".

وعلاوة على ذلك، أدت الدعوات الداخلية لاستقالة قرداحي إلى استقطاب الجدل السياسي مرة أخرى.

إذ احتدم الجدل بالفعل حول تحقيق انفجار مرفأ بيروت، والذي بلغ ذروته في اشتباكات المدينة في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2021. 

نتائج عكسية؟

وقال مرهج لـ"دويتشة فيله" إن الخلاف السعودي مع لبنان يهدف إلى استهداف سمعة حزب الله.

وبين أنه يهدف أيضا إلى تشجيع المواطنين اللبنانيين على دعم الأحزاب المناهضة لحزب الله مثل "القوات اللبنانية". 

ووسط تنافسها مع إيران، تريد السعودية من اللبنانيين أن ينظروا إلى الجماعة المدعومة من إيران على أنها المصدر الرئيسي لمشاكلهم.

ومع ذلك، فإن الإجراءات العقابية القاسية التي تتخذها السعودية قد يكون لها تأثير معاكس، حيث يمكن أن يعزز ذلك الدعم لحزب الله وحجة الأخير بأن لبنان تحت حصار دول الخليج. 

وقال مرهج إن السعودية كانت تحاول موازنة حزب الله لسنوات عديدة، لكنها خلصت أخيرا إلى أن التكلفة فاقت الفوائد.

وبين أن أفضل إستراتيجية للسعودية هي ترك لبنان لإيران لزيادة العبء الاقتصادي والسياسي على طهران.

 ومن الواضح أن السعودية لا تتسامح مع أي انتقادات من هذا القبيل من قبل الحكومة اللبنانية، على حد قوله.

وبينما قال الرئيس اللبناني ميشال عون إن الدبلوماسيين يعملون على نزع فتيل الصراع مع دول الخليج، ألمح رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إلى أن قرداحي يجب أن يستقيل لتخفيف التوترات. 

ومع ذلك، ووسط إشادة كبيرة من حزب الله، أصر قرداحي على أنه لن يتنحى.