المغرب والجزائر.. تسلسل زمني لأبرز محطات الصراع خلال 60 عاما
سلط الإعلام الإسباني الضوء على التصعيد الجديد في الخلاف بين الجارين، المغرب والجزائر، فرغم تعدد الانتكاسات على مستوى العلاقات الثنائية، إلا أن التطورات الأخيرة يمكن أن تكون الأخطر من نوعها وتنتهي بصراع مسلح.
وقالت صحيفة "لاراثون" إن التوتر بين المغرب والجزائر "اتخذ خطوة جديدة بعد أن اتهمت الرئاسة الجزائرية جارتها الغربية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بمقتل ثلاثة مدنيين جزائريين في هجوم بإقليم الصحراء الغربية".
وأضافت الصحيفة أن العلاقات بين البلدين دائما مضطربة منذ استقلال البلدين عن فرنسا أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، والتي اتسمت أيضا بلحظات من التوتر وأخرى من الهدنة.
وفي الواقع، تعود جذور هذه الأعمال العدائية إلى الصراع في الصحراء الغربية، حيث إن الجزائر، التي تمول وتستضيف جبهة البوليساريو والمخيمات الصحراوية على أراضيها في منطقة تندوف، تدعم خيار إجراء استفتاء لتقرير المصير للشعب الصحراوي، فيما يعتبر المغرب أن هذا الخيار منتهي الصلاحية ويعلن سيادته على الإقليم.
تسلسل زمني
ورصدت "لاراثون" التواريخ الرئيسة للصراع بين الجارين المغاربيين، التي يعود تاريخها إلى ما يقرب من 60 عاما.
** 1963
وأشارت الصحيفة إلى أن الاشتباك الخطير الأول بين البلدين وقع خلال ما يسمى بحرب الرمال، التي اندلعت بين أكتوبر/تشرين الأول- نوفمبر/تشرين الثاني 1963 في منطقتي تندوف وحاسي البيضاء الجزائرية وفي منطقة فجيج الحدودية المغربية.
وأوضحت أن الحرب بدأت بعد اشتباكات على الحدود بسبب غياب الترسيم الحدودي بين المغرب والجزائر.
وفي وقت لاحق انتهى القتال بتدخل منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا) والاتفاق على هدنة بين الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس الجزائري آنذاك أحمد بن بلة، في فبراير/شباط 1964، والتي لم تحدد مشكلة الحدود بأكملها.
** 1975
وأوردت الصحيفة أن التوتر بلغ ذروته مرة أخرى بين البلدين عام 1975 عندما دعا الملك الراحل الحسن الثاني إلى مسيرة مدنية في 6 نوفمبر/تشرين الثاني على أراضي الصحراء، ما أجبر القوات الإسبانية على مغادرة المنطقة.
ونتيجة لذلك، أعربت الجزائر عن معارضتها لهذا الحدث وطردت بشكل جماعي حوالي 45 ألف مغربي من أراضيها.
** 1991
وقف إطلاق النار، بعد الحرب التي اندلعت مع خروج القوات الإسبانية من إقليم الصحراء بإعلان جبهة البوليساريو، بدعم من الجزائر، الحرب على المغرب وموريتانيا.
** 1994
وذكرت الصحيفة أن الجزائر أغلقت الحدود البرية مع المغرب عام 1994، بعد أن فرضت الدولة الأخيرة تأشيرة إلزامية على الجزائريين بعد أن اتهم المغرب المخابرات الجزائرية بالوقوف وراء الهجوم على فندق "أطلس أسني" في مدينة مراكش.
وأغلقت الحدود البرية منذ ذلك الحين رغم اليد التي مدها المغرب لجارته، ملتمسا إمكانية إعادة فتح الحدود من جديد.
** 1999
ونوهت الصحيفة بأن "اعتلاء الملك محمد السادس سدة الحكم مهد لمرحلة تحسن العلاقات المغربية الجزائرية، بدأت بتبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين، لكن العلاقات تدهورت مرة أخرى فيما بعد بسبب تبادل الاتهامات بين مسؤولين من البلدين أو الحملات الإعلامية المعادية من الجانبين".
** 2020
التوتر بين المغرب والجزائر تجدد مرة أخرى بعد العملية العسكرية في منطقة الكركرات الحدودية (في 14 نوفمبر /تشرين الثاني)، عندما طرد الجيش المغربي مجموعة من المتظاهرين الصحراويين الذين منعوا مرور الركاب عبر هذا المركز الحدودي مع موريتانيا، وفي وقت لاحق طالبت الجزائر بانسحاب القوات المغربية.
وفي 10 ديسمبر/كانون الأول، تصاعدت الأعمال العدائية الثنائية بعد اعتراف الرئيس السابق للولايات المتحدة، دونالد ترامب، بالسيادة المغربية على الأراضي الصحراوية.
** 2021
وبلغ التوتر ذروته في أغسطس/آب 2021 بإعلان الجزائر قطع علاقاتها الثنائية مع الدولة المجاورة، التي تتهمها بدعم الإرهاب وتنفيذ سياسة عدائية ضد الجزائر.
وأشارت الصحيفة إلى أن التوتر تصاعد فيما بعد مع قرار الجزائر إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية وقطع خط الغاز المغاربي الأوروبي، الذي كان يمد إسبانيا بالغاز الطبيعي عبر الأراضي المغربية.
وجاءت هذه الخطوة بمثابة ضغط من الجزائر على جارتها الغربية وفي محاولة لاستعادة نفوذها الدبلوماسي في المنطقة، الذي فقدته خلال سنوات مرض الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
القدرات العسكرية
في السياق ذاته، قالت صحيفة "بوبليكو" إن التصعيد بين المغرب والجزائر دفع الجارين إلى تعزيز ترسانتهما العسكرية، في الآن ذاته أجرت جيوش كلا البلدين مناورات وتدريبات عسكرية لإظهار قدراتها العسكرية.
وأضافت بوبليكو أن "كل شيء يشير إلى أن سباق التسلح سيستمر، وهي حقيقة تضر بشكل كبير بإسبانيا، التي، مثل الجزائر، لا تعترف باحتلال الصحراء الغربية، لكن بينما تسعى إسبانيا إلى الحفاظ على موقف دبلوماسي متحفظ تدعم الجزائر بشكل علني جبهة البوليساريو، بما في ذلك في المنطقة العسكرية".
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الجزائر لديها العديد من الغواصات الحديثة التي لا يملكها المغرب والتي تمنحها التفوق في البحر. وفي أحدث مناوراتها، قبل أسابيع قليلة، عملت الغواصات في مياهها الخاصة ولكن تحديدا بالقرب من المغرب.
وأوضحت الصحيفة أن "الصحراء الغربية هي المشكلة الرئيسة في المنطقة، ويبدو أن المغرب عازم على الحفاظ على السيادة هناك بأي ثمن، ورغم خطاباته المطمئنة، إلا أنه لا يمكن استبعاد إمكانية استفادته من دعم الولايات المتحدة وإسرائيل للشروع في مغامرة عسكرية ضد جارته".
وفي جميع الأحوال، يتهم البلدان باستمرار بعضهما البعض باستفزاز الآخر، ومن هذا المنطلق يخاطر هذا التصعيد، الذي يمكن وصفه حتى الآن بأنه محدود، بالتطور والتسبب في صراع ذي أبعاد أكبر.
ونقلت "بوبليكو" أن "هذا السيناريو وارد نظرا لسياسة واشنطن الكارثية تجاه الشرق الأوسط، من الصحراء الغربية إلى إيران".
وفي الوقت الذي أصبحت فيه إدارة الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن أكثر تعارضا مع مصالح الغرب وخاصة شعوب المنطقة، مع وجود شلل واضح لا يساهم في تحقيق العدالة، ستنتهي السياسة الأميركية عاجلا أم آجلا بالتسبب في صراعات "أكثر دموية".
عموما، تختلف الآراء بين مؤيد ومعارض لفرضية اندلاع صراع مسلح بين المغرب والجزائر، لكن حالة التأهب عالية في دول شمال إفريقيا وأوروبا، حيث إنها تخشى علانية صراعا محتملا بين الجارين، يكون بحجم "حرب الرمال" التي اندلعت منذ 60 عاما.
وفي هذا المعنى نقلت صحيفة "الكونفدنسيال" أن الكاتب المغربي الطاهر بن جلون يرى أنه "يتم التحضير للحرب بالفعل، والتي ستتطور بحسب رغبة الجنرالات الجزائريين".