"الانتكاسة الصادمة".. هل تعيد بنكيران إلى قيادة العدالة والتنمية بالمغرب؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على العوامل التي تفسر الهزيمة التي عاشها "إسلاميو المغرب"، أي حزب العدالة والتنمية، في انتخابات 8 سبتمبر/ أيلول 2021 .

وقالت "إلباييس": "على وجه الخصوص، يقف وراء هذا الانهيار التاريخي عزلة الزعيم الكاريزمي للحزب الذي قاد الحكومة الأولى، عبد الإله بنكيران، وسوء الإدارة في المدن، والرضا عن النظام بقيادة محمد السادس". 

وأضافت أن أسباب الانهيار الذي عانى منه حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الثلاثية، التشريعية والجهوية والبلدية، تطرح العديد من الاحتمالات التي تفسر هذه الهزيمة.

ومع ذلك، فإن الإسلامي بونان بغداد، 64 سنة، يضع رؤيته ببساطة: حيث يقول إن بعض العوامل الخارجية كانت أساسية، وتتجاوز التكوين السياسي للحزب. 

وقال إنه "لا يملك أي دليل للحديث عن شراء الأصوات، ولكن، كان هناك الكثير من الأموال التي أنفقها الحزب الفائز على الحملة الانتخابية"، وبهذه العبارات، يشير بغداد إلى "التجمع الوطني للأحرار"، بقيادة الملياردير وصديق الملك عزيز أخنوش، المعين رئيسا للحكومة.

وأضاف بغداد في دفاعه أن "كثيرين ألقوا باللوم على الإسلاميين في سوء إدارة الحكومة"، مستدركا بالقول: "لكنهم لم يأخذوا بعين الاعتبار أن العدالة والتنمية ترأس فقط حكومة ائتلافية مع عدة أحزاب".

وتجدر الإشارة إلى أنه في السنوات الخمس الماضية، ظلت وزارات الاقتصاد، الفلاحة والثروة السمكية والزراعة، والصناعة، في أيدي أخنوش، ومن المفارقات، تمكن حزبه من الفوز من خلال تقديم نفسه على أنه محرك التغيير.

ومع ذلك، يعترف الإسلاميون بوجود مشاكل داخلية "كان هناك نقص في الديمقراطية في حزبنا، لقد سقط القادة في النفاق والأنانية". 

خسارة المقاعد

وأشارت الصحيفة إلى أن حصة البرلمان لحزب العدالة والتنمية انتقلت من 125 نائبا، من إجمالي 395 نائبا، إلى 13 مقعدا فقط، وبهذا، أصبح ثامن قوة في برلمان "منقسم للغاية".

من ناحية أخرى، فقد الحزب رئاسة بلديات الرباط ومراكش وفاس وطنجة ومكناس وأغادير والقنيطرة وسلا، فضلا عن مئات البلديات متوسطة الحجم. 

في هذا المعنى، كان الانهيار صادما للغاية لدرجة أنه في أغادير، حيث كان أخنوش ترشح لمنصب رئاسة البلدية، فيما تراجعت حصة الحزب من التصويت، ومرت من 38 ألف صوت إلى ألفي صوت فقط.

وأضافت الصحيفة أن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني، تحصل على أربعة آلاف صوت فقط في دائرته، الرباط المحيط، مقابل 29 ألفا و910 أصوات حصل عليها سلفه بنكيران.

لكن، حتى العثماني فشل في الفوز بمقعده، نتيجة لذلك، استقال هو وقيادة الحزب في صباح اليوم التالي للانتخابات غير أن هناك تكهنات حول احتمال عودة بنكيران.

ونقلت الصحيفة عن الخبيرة السياسة المغربية، منية بناني الشريبي، الأستاذة بجامعة لوزان في سويسرا، أن "الجميع توقع أن يخسر العدالة والتنمية دعم الناخبين الأقل صلابة؛ وهم الفئة التي انتخبته خلال سنتي 2011 و2016". 

وتفسر بأنهم "صوتوا للإسلاميين، ليس من منطلق التعاطف أو التوجه العقائدي، ولكن، لأن قادة الحزب كانوا آنذاك غير إقصائيين ويمثلون أملا في التغيير ضد الفساد". 

ونوهت الصحيفة بأن ما لم تتوقعه الباحثة هو خسارة العدالة والتنمية أيضا لأقوى الناخبين، أولئك الذين يدعمون الجمعيات القريبة منه مثل حركة الوحدة والإصلاح، الذراع الدعوي للحزب.

وأوردت الصحيفة أن الخبير السياسي الفرنسي المرتبط بمركز التحليل المغربي تافرا، عضو مختبرات جامعة السوربون بباريس، ديفيد جويوري، شدد على أنه "لم يتوقع أحد مثل هذه الانتكاسة الكبيرة في المدن الكبرى، حيث كان الحزب يبني صعوده منذ الربيع العربي". 

وقال في هذا المعنى: "لقد عوقب العدالة والتنمية بسبب إدارته المحلية"، مضيفا أن "رؤساء المجالس البلدية فضلوا وجودهم في البرلمان على الإدارة في مدنهم".

قانون جديد

ونوهت الصحيفة بأن بعض قادة العدالة والتنمية يلقون بمسؤولية النتيجة الرهيبة لنتيجة الانتخابات التي عانوا منها على عاتق قانون انتخابي (القاسم الانتخابي) روجت له وزارة الداخلية هذا العام بتوجيهات من القصر الملكي، ووافق عليه بالتصويت ضد الإسلاميين.

وقد أضرت هذه القاعدة، من حيث المبدأ، بالأحزاب الكبيرة وفضلت الأحزاب الصغيرة، لكن انتهى بها الأمر بالعودة بالفائدة على حزب العدالة والتنمية وإلحاق الضرر بالتجمع الوطني للأحرار، كما حدد القانون حصصا للنساء في القوائم الإقليمية للبرلمان. 

وفي هذا السياق، أضاف جويوري أنه: "بفضل هذا القانون، فإن تسعة من نواب حزب العدالة والتنمية الـ13 هم من النساء. لا يوجد حزب آخر به تمثيل نسبي أكبر للمرأة في البرلمان".

وأوضحت الصحيفة أن العشرات من المحللين على مدار العقد الماضي جادلوا بأنه من الجيد جدا أن يضع الملك إسلاميي حزب العدالة والتنمية في الحكومة، لأنهم عملوا كجدار صد أمام السخط الاجتماعي في الشارع. 

وفي السياق، قال المؤرخ وعالم الاجتماع المغربي، محمد الناجي: "لكن، ولى ذلك الزمن"، وعلل بأن "الحزب القوي في الشارع كان مفيدا جدا للنظام. لكن حزب العدالة والتنمية القوي والشعبي يمثله شخص بنكيران، القائد الذي أصبح مصدر إزعاج للقصر".

وبينت الصحيفة أن بنكيران تمكن من الفوز بولايته الثانية في رئاسة الحكومة خلال سنة 2016 بحوالي 125 نائبا، وهو رقم قياسي.

لكن كان من المستحيل عليه تشكيل حكومة، بسبب الشروط التي طالب بها أخنوش للمشاركة في حكومته الائتلافية، لذلك، رفض الملك بنكيران وعين العثماني، الرجل الثاني في العدالة والتنمية، الذي وافق على جميع مطالب أخنوش. 

في العام التالي، في 2017، صوت المجلس الوطني للحزب ضد ولاية ثالثة لبنكيران كأمين عام. وتعليقا على ذلك، يقول عالم الاجتماع، محمد الناجي: "في هذه الانتخابات، كان بنكيران سيضمن ما لا يقل عن 40 إلى 50 مقعدا برلمانيا". 

أكثر طواعية

وأشارت الصحيفة إلى أن الأستاذة بياتريس تومي، التي بحثت في العدالة والتنمية لعدة سنوات، تعتبر أن "الحزب وضع في دائرة الاتهام بانسحاب بنكيران. منذ رحيله، كان ينظر إلى العدالة والتنمية على أنه أكثر طواعية على نحو متزايد". 

بالإضافة إلى ذلك، لم يجدد حزب العدالة والتنمية قيادته، حيث تتكون بالأساس من نفس الأشخاص الذين كانوا في تشكيله في التسعينيات".

وتفسر الباحثة هذه الهزيمة بأن قادة العدالة والتنمية قد وافقوا على ثلاثة قوانين يمكن تفسيرها ضد إرادة جزء من ناخبيهم: من بينها إضفاء الشرعية على القنب للاستخدام العلاجي، وقبل كل شيء، تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية.

ونقلت الصحيفة أن الخبير الاقتصادي رشيد أوراز، من المعهد المغربي لتحليل السياسات، سلط الضوء على حقيقة أن حزب العدالة والتنمية "لم يف بوعوده" في مكافحة الفساد وإصلاح الخدمات العامة، كما ظلت القدرة الشرائية للشعب راكدة. 

من جهته، يرى الناجي أن "مؤيدي العدالة والتنمية توقفوا عن التصويت لهم عندما رأوا أنهم غير قادرين على إظهار أنفسهم مختلفين عن الأحزاب الأخرى، التي كانت تطمح فقط للحفاظ على كراسيها في الوزارات".