بوبليكو: قصف غزة مناورة إسرائيلية لصرف الأنظار عن التوسع الاستيطاني
سلطت صحيفة بوبليكو الإسبانية الضوء على قصف الطيران الإسرائيلي لقطاع غزة، حيث سجل الأمر مرتين خلال شهر يوليو/تموز 2021 وحده.
أما الذريعة التي تبرر هذه الأعمال العدائية، فقد تمثلت في إطلاق الفلسطينيين بعض البالونات الحارقة.
لكن في حقيقة الأمر، يهدف هذا النوع من النشاط العسكري إلى صرف الانتباه عن التوسع الاستعماري الإسرائيلي المستمر عبر الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك مدينة القدس.
وقالت الصحيفة: إن الغارات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة تتكرر كل بضعة أيام.وتأتي الهجمات الأخيرة "ردا على إطلاق الفلسطينيين بالونات حارقة"، تتسبب في بعض الأحيان في حرائق صغيرة في حقول المزارعين من المستوطنين في منطقة غلاف غزة.
ونوهت الصحيفة بأن التفجيرات هي العنصر الأكثر وضوحا في الأزمة الدائمة الناشئة بين الاحتلال الإسرائيلي وغزة.
إلا أن السلطات السياسية والعسكرية تنتهز الفرصة لتقييد عملية صيد القوارب الفلسطينية في البحر الأبيض المتوسط.
وفي الواقع، قلصت منطقة الصيد مرة أخرى إلى ستة أميال فقط من الساحل، أي نصف ما كان مسموحا به حتى الآن.
انتهاكات وجحيم
وأضافت الصحيفة أن أحدث عمليات القصف تجددت يوم 25 يوليو/تموز بعد أن أطلق الفلسطينيون عدة بالونات بدائية من قطاع غزة تسببت في حرائق صغيرة دون وقوع إصابات.
واستهدف القصف الإسرائيلي، الذي لم يسفر أيضا عن وقوع إصابات بين العسكريين والمدنيين الفلسطينيين، منطقة مفتوحة في وسط القطاع ومعسكر تدريب تابع لحركة المقاومة الإسلامية حماس في مدينة خان يونس الجنوبية.
وجاء في البيان الصادر عن وزارة الجيش في تل أبيب أن "قرار قصف القطاع جاء نتيجة استمرار إطلاق البالونات الحارقة من غزة باتجاه إسرائيل، وهو ما يشكل انتهاكا للسيادة الإسرائيلية".
وأوردت الصحيفة أن الجهات الإسرائيلية تنتهج سياسة اتهام حماس وتحميلها مسؤولية أي نشاط مقاومة من غزة، منذ أن تولت الحركة السلطة في القطاع في عام 2007.
وجاء توليها السلطة بعد شهور من فوزها في الانتخابات الأخيرة التي لم تعترف السلطة الفلسطينية، بقيادة الرئيس محمود عباس، بنتائجها.
وتقول تل أبيب: إن حماس مسؤولة عن الأضرار التي تلحقها بالإسرائيليين.
ومن المفارقات أنها "تجاهلت أن جيشها والمستوطنين اليهود المتطرفين يرتكبون جميع أنواع الاعتداءات اليومية ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، مما يتسبب في سقوط قتلى وجرحى واعتقال الكثيرين، بشكل مستمر"، تقول الصحيفة.
وذكرت أن حماس حذرت مرارا وتكرارا من أنشطة قوات الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية، وخاصة في شرق القدس.
وفي واقع الأمر، كانت تلك الأنشطة التي تعزز الاحتلال وتهدد حياة الفلسطينيين هي التي أثارت المواجهة المسلحة الأخيرة خلال 11 يوما من شهر مايو/أيار وأودت بحياة 248 فلسطينيا و13 إسرائيليا.
وأوضحت الصحيفة أن الهجمات العشوائية التي ينفذها الفلسطينيون بواسطة البالونات الحارقة تفسر بالأساس بالرغبة في مضايقة إسرائيل والتذكير بأن القطاع يخضع لحصار صارم للغاية.
وتسيطر إسرائيل على كل ما يدخل ويخرج من القطاع مما حول حياة مليوني شخص من المدنيين إلى جحيم منذ ما يقارب ثلاثة عقود.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الجديدة برئاسة نفتالي بينيت، تسير على خطى سياسة رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، في الرد بالقصف على كل عمل من أعمال الفلسطينيين.
ومن هذا المنطلق، تتمكن من عرض الصراع على المجتمع الدولي على أنه مواجهة بين قوتين، بشكل أو بآخر، متكافئتين.
ونقلت الصحيفة أن بالنسبة لإسرائيل، فإن الحرب الحقيقية ليست حرب غزة، التي هي بحد ذاتها ذريعة لصرف نظر العالم عن توسعها الاستيطاني.
المجتمع الدولي
وفي الواقع، هي الحرب التي تحدث يوميا في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس، حيث تزيد القوات الإسرائيلية والمستوطنون العنيفون من الاحتلال بسبب سلبية المجتمع الدولي.
وفي حركة خالية من الواقعية والعقلانية، يسمح الأوروبيون، بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون والمستشارة أنغيلا ميركل، لإسرائيل بالقيام والتراجع عما ترغب فيه في الضفة الغربية، حيث نشأ وضع لا رجوع فيه يؤثر على أوروبا، دون وعي من قادتها، والمنطقة بأكملها.
في هذا المعنى، لم يترتب عن تغيير الإدارة في واشنطن أفعال رمزية لصالح القضية الفلسطينية، تقول الصحيفة.
علاوة على ذلك، لا توجد مفاوضات في الأفق بين إسرائيل والفلسطينيين، رغم أن المفاوضات، من ناحية أخرى، قد انحرفت عن مسارها منذ سنوات عديدة ولا أمل في أن تنجح الآن.
ونوهت الصحيفة بأن إرادة الرئيس الأميركي جو بايدن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية تبقى لغزا.
وعلى الرغم من أن هناك مجموعة من البرلمانيين الديمقراطيين يضغطون عليه لتبني إجراءات نهائية لحل النزاع، إلا أن شعبية بايدن شهدت حالة من الخمول خلال الأشهر الستة التي قضاها في البيت الأبيض، وأصبح له هامش ضيق للمناورة.
بالإضافة إلى ذلك، طلب الإسرائيليون من بايدن عدم القيام بأي شيء طالما لم يوافق الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) على ميزانيات عام 2022.
وهو أمر سيحدث في الأسابيع المقبلة، بالنظر إلى أن الائتلاف الحاكم محفوف بالمخاطر للغاية وأي مبادرة سلام ستؤدي حتما إلى سقوط الحكومة.
في ظل هذه الظروف، من المرجح أن تستمر الأحداث في قطاع غزة، مع المد والجزر المعتاد، على الرغم من أنه من الواضح أن هذه الهجمات التي تعكر صفو القطاع ليست المشكلة الحقيقية ولكنها مجرد سراب تخفي به إسرائيل الاحتلال الوحشي واستمرار مصادرة الأراضي الفلسطينية.
وأشارت الصحيفة إلى غياب الإرادة الغربية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وفي هذا المعنى، ستنتهي وعود الولايات المتحدة وحلفائها بالمساهمة في إعادة إعمار قطاع غزة، إثر الحرب الأخيرة، كما حدث في مناسبات أخرى.
أما الجزء الضئيل من المساعدات التي ستصل في نهاية المطاف إلى غزة لن يكون من الممكن إدارتها دون موافقة حماس، وهو الأمر الذي يرفضه الغربيون، بحيث يكون لها تأثير ضئيل على الحياة اليومية للسكان.
لكن، يدرك الجميع أنه من المستحيل إدارة المساعدات دون حماس، إلا أن الغربيين يصرون على ذلك بطريقة ترضي إسرائيل فقط.
ولن تكون مجدية على المدى المتوسط والبعيد، ولا تصب في صالح الاقتصاد الفلسطيني الذي هو على وشك الانهيار، تقول الصحيفة.