موقع إيطالي: مناورات حفتر تؤدي إلى سيناريوهات مرفوضة في ليبيا
قال موقع إيطالي إن حادثين منفصلين وقعا في ليبيا خلال الأيام القليلة الماضية أثارا تساؤلات مقلقة بشأن "الآفاق الحقيقية للمصالحة" في البلاد.
وأوضح موقع "إنسايد أوفر" أن الحادث الأول هو إقلاع طائرة رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، على أضواء السيارات من مطار طبرق شرق البلاد إلى طرابلس بعد قطع التيار الكهربائي عن مدرج المطار.
وقطع أشخاص مجهولون الكهرباء قبل وقت قصير من الإقلاع "فيما يبدو عملا تخريبيا متعمدا"، وفق وكالة "نوفا" الإيطالية للأنباء.
واعتبر "إنسايد أوفر" أن الحادث انتكاسة لرئيس الحكومة الذي وعد في عدة مناسبات بحل مشكلة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي الذي يعاني منه البلاد الغنية بالنفط والفقيرة في توفير الخدمات للسكان.
أعمال تخريبية
وأضاف الموقع أن "موكب الدبيبة أجبر عدة مرات على التوقف بينما كان في طريقه إلى المطار بعد أن اعترضه موالون للجنرال الانقلابي خليفة حفتر، الذي حاول السيطرة على العاصمة طرابلس في أبريل/نيسان 2019 قبل أن يتكبد هزيمة ويجبر على التراجع بعد التدخل العسكري التركي".
وأكد أن هذه الحادثة تعتبر تأكيدا آخر على توتر العلاقات بين رئيس حكومة الوحدة، الناشط السياسي من مدينة مصراتة، والجنرال الانقلابي المقيم في برقة.
وأشار إلى أنه "في نفس الساعات التي تعرض فيها رئيس الوزراء الليبي إلى أحداث غير سارة في طبرق، تسبب حريق غامض نتج عن ماس كهربائي في الفوضى بين قادة قوات حفتر في معقله الرجمة خارج بنغازي مباشرة".
ووصف الناطق باسم مليشيا حفتر، أحمد المسماري، الأخبار المتعلقة باندلاع الحريق داخل المقر بـ"الكاذبة"، ونشر على صفحته بـ"فيسبوك" بحسب موقع "بوابة الوسط" الليبي، بأنه "بعد التدقيق تبين عدم نشوب حريق وأن الخبر المتداول كاذب".
وعلق الموقع الإيطالي بالقول إنه "من الغريب أن المسماري يتحدث عن الأكاذيب لكنه هو نفسه من أذكى هذه الشائعات بنشره (ثم حذفه) تدوينة تفيد باندلاع حريق داخل مقر القيادة العامة بسبب ماس كهربائي".
كما من الصعب اندلاع حريق في مجمع به أقصى درجات الحماية مثل الرجمة، ولكن لماذا حذف المسماري المنشور و كذب الخبر؟ يتساءل الموقع.
سابقة خطيرة
يرى الموقع الإيطالي أن حادثة إقلاع طائرة رئيس الوزراء في الظلام بطبرق والحريق المزعوم في بنغازي يشيران إلى تصاعد التوتر بين الفصائل الليبية، وهو ما يؤكده عدم مغادرة المرتزقة الأجانب والتأخير في فتح الطريق الساحلي "سرت-مصراتة".
واعتبر أن ذلك يعني أن "الدبيبة غير مرحب به في برقة، كما اتضح سابقا من تصرف موالي الجنرال الانقلابي في أبريل/نيسان 2021 بمنع وفد تابع لحكومة الوحدة الوطنية من دخول مدينة بنغازي".
وشرح الموقع أن أسباب هذه المناوشات تتعلق "ببند في الميزانية العامة يخص صرف رواتب مليشيات حفتر لا سيما وأنه في المسودة الأولية من الميزانية المقدمة إلى مجلس النواب في طبرق، لم يتم تخصيص أي نفقات لهذه الجماعات التي، علاوة على ذلك، تواصل العمل خارج الإطار المؤسسي الليبي".
كما تتحدث دوائر طرابلس أن الدبيبة ذهب إلى طبرق على وجه التحديد للتوصل إلى اتفاق مع ممثلي حفتر حول هذا الملف وبالنظر إلى الكيفية التي جرت عليها الأمور، لا يبدو أن المفاوضات كانت ناجحة للغاية، يقول الموقع.
وأكد "إنسايد أوفر" أن الأحداث التي وقعت في شرق ليبيا ليست إلا "مرآة لمشاكل متنامية على الجانب السياسي، خاصة وأنه لم تجر إلى حد اللحظة المصادقة على الميزانية، الأساسية للاستقرار السياسي لحكومة الدبيبة".
كما أنه من المحتمل أيضا أن يضع رئيس الوزراء الليبي ميزانية مؤقتة "لتجنب انهيار الآلية الإدارية والبيروقراطية"، لكن التأخير في إعطاء الضوء الأخضر للمالية، سيكون له "تداعيات كبيرة" على المستوى السياسي، يحذر الموقع.
وأضاف أن الخلاف على الميزانية يشكل سابقة خطيرة للاستقرار السياسي الهش خصوصا وأنه يمكن للعديد من الجماعات أن تتقدم بمطالبات جديدة وتعتبر الجهاز التنفيذي للدبيبة هيئة ضعيفة غير قادرة على تحقيق الوحدة الحقيقية للبلاد.
وأردف الموقع أن "التوترات السياسية تأتي في مرحلة انتعشت فيها الشائعات في طرابلس حول تأجيل محتمل للانتخابات المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021".
وتحدث الناشط السياسي من بنغازي، عضو لجنة الحوار السياسي، أحمد الشركسي، للقناة الليبية "218" عن وقوع ضغوطات ومحاولات، خلال انعقاد ملتقى الحوار السياسي الليبي للتوافق حول القاعدة الدستورية في سويسرا في 2 يوليو/ تموز 2021، بهدف الدفع نحو تأجيل موعد التصويت.
خطر الانحراف
من جانبها، أنكرت الحكومة الليبية الشائعات التي أدت بطريقة ما إلى زيادة مناخ الشك حول هذه المرحلة الانتقالية الحساسة.
فمن ناحية، هناك من يحاول تقويض عمل حكومة الدبيبة ومن ناحية أخرى تحاول أطراف أخرى تمديد فترة بقائها في الحكم وبينهما يتهدد ليبيا خطر الانحراف عن المسار، وفق قول الموقع.
وقال الموقع: إنه "وسط أحداث غريبة وعمليات تخريب مزعومة وتوترات سياسية، يبرز بشكل عفوي سؤال: ما هو مستقبل عملية السلام التي تشرف عليها الأمم المتحدة؟ من الجيد تذكر أن الحكومة الحالية ولدت تحت رعاية خارطة الطريق للأمم المتحدة في عملية ستنتهي في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، مع إجراء الانتخابات الرئاسية".
واعتبر "إنسايد أوفر" أن "الدبيبة ضعيف، وأن الوحدة في ليبيا مجرد وهم، ولا يبدو أن ظروف تنظيم المشاورات متوفرة".
وبالإضافة إلى رمزية تاريخ 24 ديسمبر/كانون الأول لتزامنه مع ذكرى الاستقلال، تأجيل الانتخابات المحددة في ذلك الموعد إلى أجل غير مسمى، يعني انتكاسة خطيرة لخارطة الأمم المتحدة.
وختم الموقع الإيطالي بالتأكيد على أن "هذا السيناريو غير مرغوب فيه، بالنظر إلى عدم وجود خطط بديلة في الوقت الحالي، ومجرد وقوع تأخير على الجدول الزمني للأمم المتحدة يمكن أن يؤدي إلى تعطيل جديد للإطار السياسي والعسكري المجزأ في حد ذاته".