الإمارات وفرنسا وإسرائيل.. مقرات انطلاق حملة حفتر لانتخابات رئاسة ليبيا
.jpg)
قالت صحيفة تركية إن اللواء الانقلابي خليفة حفتر، يستفيد من الأزمات التي يعاني منها منافسيه، في تعزيز موقفه خلال الانتخابات الليبية المقررة خلال 2021، وذلك عبر الاستفادة من الدعم الإسرائيلي والإماراتي والفرنسي.
وأعلنت مفوضية الانتخابات، في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، "قائمة أولية" بـ73 مرشحا لانتخابات الرئاسة التي تعقد 24 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، بينهم حفتر، إضافة إلى قائمة أخرى شملت 25 مستبعدا، بينهم سيف الإسلام القذافي.
وفي 5 ديسمبر/كانون الأول 2021، قررت محكمة ليبية، إعادة القذافي بشكل نهائي إلى سباق الانتخابات الرئاسية، رافضة استئناف مفوضية الانتخابات على استبعاده من قائمة المرشحين.
وأوضحت صحيفة "يني شفق" في مقال للباحث والكاتب نعمان أيغين، أن "هذا الأمر دفع حفتر إلى استغلال هذه الفرصة، للتعاون مع إسرائيل في سبيل التقدم في سباق الانتخابات والفوز فيها".
ولفت أيغين إلى أنه "تمت محاكمة حفتر، الذي يحمل الجنسية الأميركية، في ثلاث قضايا منفصلة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وذلك في الولايات المتحدة في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، غير أن قاضي محكمة فيرجينيا الشرقية قام بتأجيل جلسات المحاكمة إلى ما بعد انتخابات 24 ديسمبر/كانون الأول 2021.
وأشار إلى أن "قرار المحكمة هذا تزامن مع ذهاب نجل حفتر، صدام، إلى إسرائيل نيابة عن والده وطلب المساعدة والدعم العسكري مقابل قيام ليبيا بتطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، حيث يمكن تقييم وساطة الإمارات بين حفتر وإسرائيل، إلى جانب إطلاق فرنسا مؤتمرا لدعم حفتر، كخطوات لتمهيد الطريق أمام الأخير وضمان نجاحه في الانتخابات".
أهداف تل أبيب
وأوضح أيغين أن "ليبيا في عهد معمر القذافي (1969 ـ 2011) كانت تحتل مكانها في مقدمة الدول التي دعمت الحروب ضد إسرائيل وأيدت المقاومة الفلسطينية، ما جعلها تتصدر قائمة الدول غير المرغوب بها بالنسبة لإسرائيل، لذلك يمكن أن نقول إن الحرب الأهلية التي اشتعل فتيلها في ليبيا مع مقتل القذافي كانت تصب في مصلحة إسرائيل بشكل مباشر".
وأضاف: "وهكذا، كان لزاما على ليبيا أن تواكب التيار وتنضم لركب الدول التي وقعت اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، لتضمن عدم إعادة إدراجها في قائمة الدول التي تشكل تهديدا على أمن إسرائيل".
وأكد أن "ليبيا ذات أهمية إستراتيجية كبيرة بموقعها الجغرافي وحدودها مع مصر التي تضفي على ليبيا أيما قيمة، والأهم من كل هذا، أن السياسات الإستراتيجية التي تتبعها تركيا تهدد مصالح إسرائيل في المنطقة، خاصة وأن تركيا تدافع عن الديمقراطية ومصالح الشعب في ليبيا، ما يجعل الأخيرة ذات أهمية خاصة بالنسبة لإسرائيل".
ولذلك نجد أن وسائل الإعلام والصحافة الإسرائيلية "تؤكد مرارا وتكرارا على الدعم الإسرائيلي المقدم لليبيا في نطاق الانتخابات المقبلة، وتتناول وبشكل متكرر زيارة صدام حفتر لإسرائيل"، وفقا للباحث المتطوع في مركز الإستراتيجيات البحرية والعالمية التابعة لجامعة "بهتشه شهير".
وتابع: "الجدير بالانتباه أن أكبر الفاعلين في المنطقة، إسرائيل والإمارات، متفقتان على محتوى الخطابات الأيديولوجية الموجهة ضد العناصر الإسلامية السياسية والديناميكيات الإقليمية، والتي يسمونها بالحركات الإسلامية الراديكالية، لذلك، فإن حفتر الذي يصرح بمعارضته لتركيا ويتبنى خطاب الثنائي إسرائيل والإمارات، يعتبر مرشحا مثاليا لإسرائيل".
وعلى الناحية الأخرى، يعرف حفتر أن إسرائيل قادرة على تغيير الموازين على الأرض الليبية، كما يعرف الأهمية التي توليها له إسرائيل وهو المواطن الأميركي المعروف أيضا باسم "عميل سابق لوكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه)"، يقول الكاتب التركي.
خطوات تكتيكية
واعتبر الباحث أيغين أن "هناك خطوتين أخيرتين أظهرتا تحركات لعبة الشطرنج الإسرائيلية في ليبيا، أولهما، حفتر وسيف الإسلام اللذان انضما لاحقا إلى معادلة الانتخابات، ومع أنهما يعتبران خصمان، إلا أنهما يعززان قوة شركات الاستشارة الإسرائيلية اقتصاديا وسياسيا بما أنهما يقومان بإبرام العقود مع الشركات الإسرائيلية".
وفيما وصل إليه الأمر، تظهر حقيقة عدم قبول ترشيح سيف الإسلام في الوقت الحالي أن ترشحه "لم يكن في الغالب إلا لتقليل ردود الفعل تجاه ترشح حفتر وتشتيت انتباه الجماهير"، بحسب تقييم الكاتب التركي.
وأضاف "أما الخطوة الثانية التي تكشف عن تحركات إسرائيل في ليبيا، فهو ما قاله سفيرها السابق لدى القاهرة، إسحاق ليفانون، قبل وقت ليس ببعيد، من أن حفتر هو فرصة إسرائيل الوحيدة للتطبيع مع ليبيا، وأن إسرائيل سبق وأن أرسلت جميع أنواع الدعم إلى حفتر عبر مصر".
وأعقب أيغين قائلا: "وبالنظر إلى كل هذا، يمكننا أن نقول ودون تحرج، أن حفتر يعمل بالتعاون مع إسرائيل للفوز بالانتخابات القادمة، وأن إسرائيل نفذت تحركاتها على رقعة ليبيا في خطوة تكتيكية باستخدام حفتر لتغيير الموازين على الأرض الليبية".
وهكذا، فإن "مواجهة سيف الإسلام والدبيبة عوائق تمنعهما من الترشح للانتخابات مع ما يملكانه من قواعد شعبية كبيرة، عززت من قوة موقف الانقلابي حفتر الذي يحاول ضمان الفوز في سباق الانتخابات من خلال التعاون مع إسرائيل".
وفي ظل الظروف الحالية والتي يشتد فيها وطيس المعركة الانتخابية، "من المتوقع أن تبدأ إسرائيل في تولي دور أكبر شيئا فشيئا على الساحة الليبية، وعلى صعيد آخر، قد نجد أنفسنا في مواجهة سيناريوهات مختلفة تماما في فترة إجراء الانتخابات"، يقول أيغين.
وشرح ذلك بالقول: "يمكن أن نتوقع حدوث مظاهرات واحتجاجات شعبية ضد قوانين الانتخابات الرئاسية، أو حتى يتم تأجيل الانتخابات حتى تتفق جميع الأطراف على القوانين، أو يحدث سيناريو مختلف تتصاعد فيه الحرب الأهلية".
وختم أيغين مقاله بالقول: "بالنظر إلى الصورة الحالية بشكل عام، يمكن القول إن هناك صراعا قويا بين تركيا وإسرائيل غير الصراع القائم بين الفاعلين الإقليميين في ليبيا، وفي هذا، من الضرورة والأهمية بمكان أن تحافظ تركيا على موقفها الحالي الذي يتماشى مع مصالحها في ليبيا ويقف إلى جانب الشعب الليبي ويدعمه".