بعد عام "كورونا" الصعب.. التوتر يتصاعد في زامبيا لهذه الأسباب
أكدت صحيفة إيطالية أن المناخ السياسي لا يزال متوترا في زامبيا، أكثر البلدان تضررا من الأزمة الاقتصادية، قبل أشهر قليلة من إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
كما أثار رفض بعض الأساقفة صندوقا حكوميا مخصصا لدعم لكنائس المتضررة من وباء كورونا، الجدل أيضا.
قالت صحيفة "نيغريسيا" إن الشعب الزامبي سيتوجه في 12 أغسطس/آب 2021، إلى صناديق الاقتراع لتجديد الثقة في رئيسه الحالي واختيار أعضاء جدد بالبرلمان.
وأشارت إلى أنه سيقرر باختصار، ما إذا كان سيغير المسار الحالي باختيار قادة جدد للبلاد أو أنه سيواصل السير على هذا الطريق.
وبينت أن البلد الإفريقي عاش العام 2020 أوضاعا صعبة للغاية، ضربه في البداية الوباء وشهد أيضا اندلاع اضطرابات سياسية تمثلت خاصة في المحاكمات وحملات الاعتقال والاحتجاج ووقعت أيضا عمليات اغتيال.
كما ارتفع منسوب العنف السياسي خلال ذلك العام بين مؤدي الأحزاب الزامبية بمختلف توجهاتهم. لفتت الصحيفة إلى أن الحملة الانتخابية انطلقت في وقت مبكر عن الموعد المحدد لانطلاقها.
واتسمت بالمشاحنات والخلافات المحتدمة على نحو مقلق بين الحزب الحاكم، الجبهة الوطنية من جهة، بقيادة الرئيس إدغار تشاجوا لونغو - وبين المعارضة.
ويسعى الرئيس للفوز بولاية ثانية مدتها خمس سنوات من بوابة الانتخابات الرئاسية القادمة.
وعلى الطرف المقابل، تتحدى المعارضة الزامبية الحزب الحاكم ويقودها الخصم الرئيس، الحزب المتحد للتنمية الوطنية بقيادة الزعيم المعارض هاكيندي هيشيليما.
وفي هذا الاطار، اعتبرت الصحيفة الإيطالية أن الشعب الزامبي مقبل على مهمة صعبة تتمثل في ممارسة حقه الانتخابي في أجواء تتميز بانتشار الفضائح وفتح التحقيقات من قبل القضاء حول الاتجار غير المشروع بالخشب ومنح عقود بمعايير غير مدروسة.
بالإضافة إلى تخصيص امتيازات تعدين جديدة لشركات أجنبية، إلى جانب اتهامات بالفساد والتصرف غير الشفاف في أموال الدولة.
أزمة اقتصادية حادة
علاوة على ذلك، بينت الصحيفة أن زامبيا تمر بإحدى أشد الأزمات الاقتصادية في تاريخها.
وباتت البلاد، التي تعد ثاني أكبر منتج للنحاس في إفريقيا، في العام 2020 أول دولة إفريقية تعلن في زمن الوباء عن عدم قدرتها على سداد ديونها الخارجية.
أضافت الصحيفة أن العملة المحلية فقدت قيمتها بشكل كبير مقابل ارتفاع قيمة الدولار.
إذ تراجع سعر صرف الكواشا في السنوات الخمس الماضية من 8 للدولار الواحد، لتبلغ قيمة العملة الأميركية 22 كواشا في الوقت الراهن.
أدى ذلك إلى زيادة التضخم وبدورها تضاعفت تكلفة المعيشة ثلاث مرات، بينما ظلت الأجور على حالها، مما أدى إلى تفاقم مستوى الفقر في جميع أنحاء البلاد. كما ارتفعت نسبة البطالة بالبلاد وسجلت الخدمات الأساسية، المستشفيات والمدارس، تراجعا.
في هذا السيناريو الصعب، الناتج عن مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تفاقمت بسبب تشفي وباء كوفيد 19، ستجرى الانتخابات، تستغرب الصحيفة الإيطالية.
وزامبيا تعد واحدة من الدول الإفريقية القليلة التي اتسمت دائما بانتخاباتها السلمية، لكنها في ظل الوضع الحالي تخاطر بخسارة هذه السمة، وذلك بعد أن ساء المناخ السياسي بشكل واضح مسجلا ارتفاعا في العنف اللفظي. وجدير بالذكر أن البلاد شهدت اضطرابات خلال انتخابات عام 2016 خاصة في العاصمة لوساكا.
من جهتهم، يشعر أساقفة زامبيا بالقلق أيضا، لذلك توجه مجموعة من رجال الدين يتقدمهم رئيس أساقفة لوساكا، تيليسفور جورج مبوندو، بنداء من أجل السلام والتسامح ووضع حد فوري للعنف المستمر.
كما طالبوا بإجراء الانتخابات بدون تزوير وبطريقة شفافة ونزيهة تحترم فيها إرادة الشعب.
جوهر الخلاف
أفادت الصحيفة الإيطالية بأن العلاقات بين الحكومة والكنيسة الكاثوليكية في زامبيا توترت على إثر إقرار صندوق لدعم الكنيسة، وهو نوع من مساهمة مادية من قبل الحكومة لفائدة الكنائس جراء تضررها من آثار الوباء.
أوضحت الصحيفة أن هذا الصندوق أثار الريبة، لا سيما من قبل المؤتمر الأساقفي الزامبي، الذي اتخذ موقفا واضحا على الفور برفض هذه الأموال ودعا جميع كنائس الأبرشيات الزامبية إلى رفض تسلم أموال هذا الصندوق وأي تبرع آخر من قبل الممثلين السياسيين.
خصوصا وأنها تثير الشبهات بتزامنها مع انطلاق الحملة الانتخابية وإمكانية تأثيرها على إرادة الناخبين.
وبدوره، اقترح أسقف شيباتا، أن تستخدم الحكومة هذه الأموال في دفع رواتب عدد من موظفي الحكومة الذين لم يتلقوا رواتبهم لمدة تسعة أشهر تقريبا، أو استثمارها في مجالات الصحة والتعليم وتوظيف الآلاف من الأطباء والممرضين العاطلين عن العمل.
من جانبه، رد الرئيس لونجو في مقال نشر في 14 مارس/آذار في صحيفة ديلي ميل البريطانية، يطالب فيه بمناظرة مباشرة مع أسقف شيباتا، مؤكدا أن المساهمة المادية لا علاقة لها بالحملة الانتخابية للحزب الحاكم وأنها لا تقوض بأي شكل من الأشكال حرية التصويت.
وفي نفس اليوم، تدخل القاصد الرسولي في زامبيا جيانفرانكو جالون لتهدئة الأجواء المتوترة بمناسبة تأديته زيارة إلى مقر الرئاسة ولقائه بالرئيس لونجو.
وأكد على العلاقات الممتازة والودية بين الحكومة الزامبية والكنيسة الكاثوليكية، معربا عن أمله في أن تستمر هذه العلاقات الجيدة أيضا في المستقبل.