صحيفة إيطالية: لهذا تلتزم الصمت "نور سلطان" تجاه قمع الصين لأقلية الكازاخ
أكدت صحيفة إيطالية أن أقليات أخرى بالإضافة إلى الإيغور تتعرض إلى الاضطهاد في إقليم شينجيانغ من قبل السلطات الصينية على غرار أقلية الكازاخ (الكازاخستانيين)، وهي تنتمي إلى الشعوب التركية التي تعيش في الصين.
وقالت صحيفة "إيل كافي جيوبوليتيكو" إن حكومة كازاخستان تفضل التزام الصمت ولم تتخذ إلى حد اللحظة موقفا ضد ممارسات الصين القمعية في شينجيانغ ضد أقليتها هناك لإدراكها أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى رد فعل يصعب إدارته وخوفا من التعقيدات الداخلية والدولية.
وأشارت إلى أن جمهوريات آسيا الوسطى وخاصة كازاخستان تغيب عن قائمة الدول التي وجهت انتقادات للصين في السنوات الأخيرة لسوء معاملة الأقليات العرقية في مقاطعة شينجيانغ.
وأفادت أن المقاطعة الصينية تحولت، وفقا لاتهامات من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، إلى مسرح لإبادة جماعية مستمرة ضد الأقليات العرقية، في مقدمتهم أقلية الإيغور التي تشكل الأغلبية.
كما استوطنت أقليات الكازاخ والقرغيز أيضا المنطقة، ويعود استقرارها هناك إلى عقود إن لم يكن لقرون.
في السنوات الأخيرة، ذكرت الصحيفة الإيطالية أن هذه الأقليات أضحت ضحايا الاضطهاد وهو ما اضطر سلطات نور سلطان (أستانة الكازاخية) إلى التعامل مع مشكلة اللاجئين الوافدين المنتمين لهذه الأقليات.
لفتت الصحيفة إلى أنه على الرغم من استنكار الأمم المتحدة للاضطهاد الذي يتعرض له الإيغور، اختارت الحكومة الكازاخستانية عدم إدانته.
بينما في التسعينات، أولت السياسة الداخلية للرئيس السابق لكازاخستان نزار باييف اهتماما خاصا بما يحدث للكازاخستانيين المقيمين خارج حدود الجمهورية السوفييتية السابقة.
وحاليا، تساءلت الصحيفة عن أسباب التزام أستانة الصمت رغم ما أثارته مسألة احترام بكين لحقوق الإنسان من خلافات على المستوى الدولي خاصة مع الولايات المتحدة.
أسباب التزام الصمت
قالت الصحيفة إنه كما هو الحال في أي وضعية تتعلق بسياسات آسيا الوسطى، يجب على المرء أن يضع نفسه مكان البلدان الفردية ليكتشف أن هناك العديد من التفسيرات المتداخلة.
يتعلق التفسير الأول بالاقتصاد لاسيما وأن الصين تعد الشريك الاقتصادي الرئيس لكازاخستان، لذلك تستفيد من مبادرة الحزام والطريق بطريقة مهمة خصوصا من ناحية البنى التحتية.
ومن ذلك مركز خورجوس وميناء أكتاو على بحر قزوين إلى جانب الاستثمارات في قطاع الطاقة والتكنولوجيا.
كما تأمل البلاد في الاستفادة من إعادة إطلاق المبادرة بعد انتهاء أزمة تفشي جائحة كورونا حول العالم.
أضافت الصحيفة أن التفسير الثاني سياسي وفق الدكتور سين روبرت من جامعة جورج واشنطن، الذي يرى أن أستانة تتبع مبدأ سياسة توازن العلاقات دوليا، أي الحفاظ على علاقات دبلوماسية جيدة مع الأطراف العالمية الرئيسة في المنطقة.
بمعنى آخر، إذا لم تتدخل في شؤون الصينيين، فلن يتدخلوا في شؤونها وسيظل لديها هوامش للحفاظ على علاقات جيدة مع الدول الأخرى أيضا (روسيا).
أردفت الصحيفة بأن خيار الصمت تفرضه بعض المسائل الداخلية، لاسيما وأن كازاخستان تعاني من آثار أزمة انفصالية في شمال البلاد.
إذ لا تزال هناك أقلية روسية صغيرة، تحتج من آن إلى آخر. لذلك تخشى كازاخستان من خطر الضم الروسي على غرار ما حدث لشبه جزيرة القرم.
في هذه الحالة، توضح الصحيفة أن السياسة المتبعة فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية تجاه الصين لها أيضا تأثيرات تجاه روسيا.
إذا طالبت كازاخستان بالحق في الدفاع عن أقليتها الموجودة على الأراضي الصينية، فسيؤدي ذلك إلى توتر جديد مع موسكو.
وبينت أن المسألة الداخلية الثانية تتعلق بحقوق الإنسان خاصة وأن البلاد تحظر المعارضة كما يتضح من غياب أحزاب المعارضة في الانتخابات الأخيرة لمجلس النواب، كما أن بعض الحقوق الأساسية مثل الحق في الاحتجاج غير مكفولة.
وبالتالي، فإن تجنب التعليق على ما يحدث من انتهاكات في شينجيانغ يعني توجيه الانتباه بعيدا عن كازاخستان ومشاكلها الداخلية.
ترى الصحيفة أن الإجابة إيجابا عن سؤال: هل سيتغير الوضع في المستقبل؟ يعتبر أمرا معقدا بوجود العديد من العوامل السالف ذكرها والتي يجب مراعاتها من جانب أستانة قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة.
لذلك تشعر الحكومة الكازاخستانية بالارتياح في اتخاذها موقف الترقب الحالي، وفق الصحيفة.
وتابعت بأن الحكومة لا تخشى أي تهديد بأن تؤجج الانتهاكات "رهاب الصينوفوبيا" في البلاد، أو أن تستغل المعارضة المسألة لصالحها، لذلك من المستبعد اتخاذها موقفا صارما تجاه الجار الآسيوي.
ويذكر أن بعض المنفيين الكازاخستانيين من شينجيانغ واجهوا مشاكل كبيرة للحصول على وضع اللاجئ في بلادهم، لذلك انتقلوا إلى الخارج لمواصلة المعركة ضد الاضطهاد الصيني.
في الختام، أكدت الصحيفة أن الدفاع عن حقوق الكازاخستانيين في الصين يمر من خلال قوة دولية لا تستطيع أستانة تحملها.