تنافس جيوسياسي.. مركز تركي يتنبأ بـ"حرب ساخنة" بين روسيا وأوكرانيا

12

طباعة

مشاركة

سلط مركز تركي الضوء على تصاعد حدة التوتر بين أوكرانيا وروسيا يوما بعد يوم، خاصة عقب مقتل 4 من الجنود الأوكرانيين إثر هجوم القوات الانفصالية الموالية لروسيا شرق أوكرانيا في 26 مارس/آذار 2021.

ونشر مركز "أنقرة لدراسة السياسات والأزمات"، مقالا للكاتبة والباحثة نازرين علي زاده، قالت فيه، إن "انتشار وحدات مسلحة روسية قرب الحدود الأوكرانية، دفع رئيس هيئة الأركان العامة الأوكراني رسلان خومتشاك لنقل ما حدث إلى البرلمان عقب التطور الأخير".

وتابعت: "ورغم أن روسيا قالت إن هذه القوات تتوجه إلى المنطقة في إطار التدريبات، إلا أن المسؤولين الأميركيين قالوا إن المواقع التي يتموضع فيها الجنود ليست ضمن المناطق المحددة للتدريبات".

وأشارت الكاتبة إلى أن "إقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتصاعد التوتر مع أوكرانيا في اتصال هاتفي له مع رؤساء فرنسا وألمانيا، وإعرابه عن قلقه من الأحداث على الجبهة، يظهر أن هناك صراعا ساخنا بل وخطر نشوب حرب بين الأطراف".

تطورات الصراع

ولفتت علي زاده إلى أن "روسيا ضمت شبه جزيرة القرم إليها عام 2014، وبينما لا تعترف واشنطن وحلفاؤها في الناتو بضم روسيا لشبه جزيرة القرم، تساعد الولايات المتحدة أوكرانيا بملايين الدولارات كل عام، سواء كان ذلك في المجال العسكري أو في مجالات أخرى".

وعلى الناحية الأخرى، ترحب أوكرانيا بهذه المساعدات وترغب في توسيع وتطوير علاقاتها مع هذه الدول بما أنها تريد فتح أسواقها أمام الاتحاد الأوروبي وتتعاون مع الشركات الأميركية لتطوير احتياطيات الغاز الطبيعي، لكن هذا الوضع "يثير حفيظة روسيا كونها ترى الأمر تهديدا كبيرا لاقتصاد البلاد"، وفقا للكاتبة الأذربيجانية.

ولفتت قائلة: "وفي هذا السياق، يبرز كون أوكرانيا جهة فاعلة تؤيد الغرب سببا لتصاعد التوتر أكثر منها مشاكل حدودية بين الدولتين، وإن كان سبب التوتر الذي تصاعد عام 2021 يعود إلى انتهاكات وقف إطلاق النار على خط المراقبة في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا".

وأوضحت أنه "في الواقع، أثار كل من الجيش الأوكراني والانفصاليين المدعومين من موسكو، مسألة تعليق الأعمال العدائية عند التوصل إلى وقف إطلاق النار في يوليو/تموز 2020، وبدأ الجانبان في سحب أسلحتهما الثقيلة من الجبهة اعتبارا من 27 يوليو/تموز 2020".

ومع أن نسبة التسلح انخفضت بين الطرفين، إلا أنه من المعروف أن انتهاكات وقف إطلاق النار التي سجلها مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا قد تزايدت منذ فبراير/شباط 2021.

ومع تزايد هذه الانتهاكات، بدأ الأطراف في نشر القوات المدججة بالسلاح على خط الجبهة مرة أخرى، لتدعو كل من أوكرانيا وروسيا الأخرى بـ"المحرضة" وتوجهان اتهامات متبادلة ضد بعضهما البعض.

ورغم أن الاشتباكات المسلحة والاتهامات المتبادلة في دونباس ليست جديدة، إلا أن المسؤولين العسكريين في كييف وموسكو يعتقدون أن التوترات المتصاعدة في المنطقة هذه المرة قد تتسبب في الحرب، بحسب الكاتبة.

وترى أن هذا الاحتمال "يستمد قوته من إعلان أوكرانيا التعبئة، واستدعاء جنود الاحتياط الذين شاركوا سابقا في النزاعات المسلحة في دونباس ذوي الخبرة الواسعة، وإجراء مجموعات الاستطلاع الأوكرانية أبحاثا في خط الدفاع الأوكراني وتفقد الجنود رفيعي المستوى القوات في المنطقة". 

وأضافت: "كما يشير عدم استجابة روسيا لدعوة ممثلي أوكرانيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا للامتثال الكامل لوقف إطلاق النار اعتبارا من الساعة 00:00 يوم 1 أبريل/نيسان 2021، إلى خطر تحول التوتر المتزايد في المنطقة إلى حرب ساخنة".

إثارة الصراع

وقالت علي زاده: "تدور التساؤلات حول سبب انتهاج روسيا لمثل هذه الإستراتيجية ضد دونباس، وفي الواقع، يرجع موقف موسكو هذا إلى تحول كييف نحو الغرب للتغلب على مشاكلها الاقتصادية، حيث ترى روسيا في خيارات السياسة الخارجية لأوكرانيا تهديدا على أمنها".

وأردفت أن "الدين العام المتزايد وارتفاع الضرائب الجمركية يزيد في إفقار الشعب الأوكراني مما يتسبب في أزمة اقتصادية كبيرة، وقد اتخذ الرئيس فولوديمير زيلينسكي بعض الإجراءات في جميع أنحاء البلاد وتبنى إستراتيجية التقارب من الغرب وخاصة الولايات المتحدة للقضاء على استياء الناس".

وأوضحت علي زاده أن "هذه السياسة تقلق موسكو، لذلك تستخدم القوات الانفصالية في دونباس كوكيل لها".

وفي هذا السياق، تتهم وسائل الإعلام الروسية الجيش الأوكراني بالحصول على دعم خارجي وتزعم أن كييف تستعد لهجوم كبير في دونباس.

وبناء عليه تتهم موسكو كييف بإثارة الصراع، لكن هناك أمرا يجب عدم نسيانه، وهو أن تدخل روسيا المحتمل في دونباس ليس له "أي أساس قانوني"، تماما كما في قضية شبه جزيرة القرم، تلفت الكاتبة الأذربيجانية.

وأضافت: "رغم أن روسيا قد تحاول إضفاء الشرعية على القضية بالقول إنها يمكن أن تتدخل في أوكرانيا بحجة حماية مواطنيها الذين يحملون جوازات سفر روسية، كما فعلت في شبه جزيرة القرم، لكن تدخلها في كلتا الحالتين يتعارض مع القانون الدولي ويشكل انتهاكا لوحدة الأراضي الأوكرانية".

واستطردت علي زاده: "في الحقيقة، تكمن رغبة روسيا في تحقيق التفوق المطلق على محيطها المباشر في خلفية هذه القضية، وهنا يجب إفساح المجال أمام ما جاء في صحيفة كومسومولسكايا برافدا (الروسية)، فعلى سبيل المثال، طُرح سؤال هل ستتدخل روسيا في أوكرانيا؟".

وتعلق قائلة: "من الواضح أن روسيا يمكن أن تتدخل فعليا في المنطقة بحجة حماية مواطنيها بحسب التصريح أعلاه، ولذلك ينبغي في هذه الحالة أن يتم تقييم السؤال التالي: ماذا سيحصل في حال تدخلت روسيا في دونباس وكانت لها اليد العليا في حرب محتملة؟".

وأجابت: "إذا انتصرت روسيا في سيناريو حرب محتملة، فقد تجبر القوات الأوكرانية على الخروج من الحدود الإدارية في دونباس، بما في ذلك مدن ماريوبول وسلافيانسك وسيفيرو دونيتسك، ما قد يعني فصل دونيتسك ولوهانسك عن أوكرانيا تلقائيا وتأسيس روسيا لقواعد عسكرية في المنطقة بشكل رسمي".

لكن هذه التطورات ستكون ضد وحدة أراضي أوكرانيا، الأمر الذي قد يتسبب بمواجهة بين روسيا والولايات المتحدة وحلف الناتو في المنطقة، وفرض الأخيرتان على روسيا عقوبات جديدة، وإن كان من المعروف أنه تم فرض عقوبات مختلفة في قضية ضم شبه جزيرة القرم و"لم يتم الحصول على أي نتائج ملموسة"، بحسب الكاتبة.

واختتمت علي زاده مقالها قائلة: "من الواضح أن احتمال تدخل روسيا في أوكرانيا التي تعتبرها الأولى شقيقها المقرب، يرفع من حدة التوتر في المنطقة، وهذه التطورات ليست مجرد أزمة بين البلدين، فهي تكشف أيضا عن التنافس الجيوسياسي بين الشرق والغرب، كما لا شك أنها تشير أيضا إلى حقيقة أن دونباس يمكن أن تصبح منطقة حرب ساخنة".