صحيفة بريطانية: 5 عوامل توضح طبيعة العلاقات التركية الكويتية
نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية مقالا قالت فيه إن "دول الخليج شكلت سياساتها الخارجية وفقا لتصورها للثورات" التي بدأت في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد عام 2010 والذي كان يختلف عن تصور غيرها من الدول.
وأوضحت الصحيفة بنسختها التركية في مقال الكاتبة سينيم جنكيز، أن "اختلاف التصور أثر بين دول مجلس التعاون الخليجي المكون من السعودية والكويت وقطر والبحرين والإمارات وعمان على علاقاتها مع تركيا.
سياسة حذرة
وبحسب جنكيز، كانت هذه الدول تختلف في علاقاتها مع تركيا كما كانت تختلف سياساتها في العديد من القضايا الإقليمية من العلاقات مع إيران، والتطبيع مع إسرائيل إلى تصور الجهات الفاعلة من غير الدول.
وأوضحت قائلة: "فبينما تتوافق تركيا مع قطر التي ترى في رؤية تركيا الإقليمية والتغييرات في النظام الإقليمي فرصة، فإنها تجد نفسها مناهضة لسياسات كل من السعودية والإمارات والبحرين التي ترى في التطورات الحادثة تهديدا لها".
واستدركت: "أما الكويت التي وقفت بين الجبهتين واختارت اتباع سياسة خارجية أكثر حذرا تعتمد على مبدأ الحياد واتبعت مسارا ثابتا ومستقرا في علاقاتها مع تركيا، ولم تتأثر العلاقات التركية الكويتية بالديناميات الإقليمية أو الداخلية على عكس العلاقات مع دول الخليج الأخرى التي اتبعت مسارا متعرجا".
وهنا من المهم أن نفهم تصور دولة الكويت الصغيرة، القوية من حيث مواردها الاقتصادية والتي برزت بسياستها الوسيطة، لرؤية تركيا الإقليمية وكيفية تأثير هذه التصورات على العلاقات التركية الكويتية، بحسب ما تراه الكاتبة.
وأضافت: "لقد قام وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو (في الفترة ما بين 9- 11 فبراير/شباط 2021) بزيارة رسمية إلى الكويت وقطر وسلطنة عمان كجزء من جولة الخليج، وذلك بعد قمة العلا مباشرة والتي أنهت أزمة الخليج التي استمرت لثلاث سنوات ونصف".
وقال تشاووش أوغلو الذي أكد على الأهمية الرمزية لكون الكويت محطته الأولى، أن تركيا تقدر الوساطة الكويتية ومساهماتها في إنهاء الصراع بين قطر والدول العربية الأربع.
ويمكن أن نصف العلاقات التركية الكويتية المستقرة بكونها "القريبة البعيدة"، حيث "لم تتقارب الدولتان أو تتباعدا تأثرا بسبب من الأسباب أيا كان".
5 أبعاد
ويمكن تصنيف العوامل الرئيسة التي توضح سير العلاقات التركية الكويتية إلى 5 أبعاد، وفق الكاتبة.
البعد السياسي-التاريخي:
لفتت جنكيز إلى "تطور العلاقات بين تركيا والكويت بشكل ثابت ومستقر، خاصة بعد غزو صدام حسين للكويت عام 1990، ورغم الخسائر السياسية والاقتصادية التي عانت تركيا منها بعد حرب الخليج، إلا أن اتباعها سياسة الحفاظ على استقلال الكويت كانت إيذانا ببدء عهد جديد في العلاقات".
وأضافت: "من ناحية أخرى تتمتع كل من الكويت وتركيا بالتقاليد البرلمانية الأكثر رسوخا في منطقة الخليج، إلى جانب العلاقات المؤسساتية القوية بين البلدين، حيث تم تأسيس مجلس التعاون المشترك عام 2014 من أجل إضفاء الطابع المؤسسي على التعاون بين البلدين ولتطوير العلاقات في مختلف المجالات".
إضافة إلى أن إدانة الكويت لمحاولة الانقلاب بتركيا في 15 يوليو/تموز 2016 أمام دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وكون أنقرة أول دولة تدعم دور الكويت في الوساطة في أزمة الخليج التي اندلعت بعد عام ردا على ذلك، عززت العلاقات الصادقة القائمة بين البلدين، تقول الكاتبة.
وأردفت: "فيما قامت تركيا بإرسال وفد على أعلى مستوى لتقديم العزاء بمناسبة وفاة أمير الكويت الشيخ صباح في سبتمبر/أيلول الماضي، واتخذت خطوات للبقاء على اتصال قريب مع الأمير الجديد وولي العهد".
بعد الرؤية الإقليمية:
وأشارت الكاتبة إلى أن "الكويت التي تقع في مثلث العراق وإيران والسعودية، والتي تواجه دائما خطر الوقوع ضحية للصراعات الإقليمية والمنافسة المتزايدة خاصة في السنوات الأخيرة، بدأت في تطوير تعاون متعدد الأبعاد مع تركيا وغيرها من الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية لحماية موقفها الجيوسياسي الحساس والحفاظ على توازن الديناميات الداخلية".
وتابعت: "كما أن التوافق في بعض السياسات الخارجية بين البلدين عزز التعاون بينهما، كان أولها عدم انخراط الكويت في سياسة التطبيع التي تتبعها الإمارات والبحرين واللتان تقيمان علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، حيث إن موقف الكويت المتردد من التطبيع لقي ترحيبا كبيرا من أنقرة".
وقد لعبت الكويت دورا نشطا في قمة التعاون الإسلامي التي عقدت في إسطنبول عام 2018، بعد أن أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
ثانيا، تتبع تركيا والكويت سياسة مماثلة في العلاقات مع إيران، فرغم أن البلدين غير مرتاحين لسياسات إيران التوسعية في المنطقة، إلا أنهما يفضلان الحوار والدبلوماسية في علاقاتهما مع طهران على عكس دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وفقا للكاتبة التركية.
ثالثا، اتباع الكويت سياسة محايدة، لا سيما في أزمة قطر واليمن وليبيا بدلا من سياسة تدخلية، كان مكسبا لتركيا التي دخلت في صراعات إقليمية مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، باستثناء قطر، وهكذا لم تتواجه تركيا والكويت في أزمة قط.
عنصر موازنة
البعد الثالت، حسب جنكيز- العسكري الأمني، وترى فيه أن "الكويت تتقارب مع الفاعلين الذين يمكن أن يكونوا عنصر موازنة في مواجهة التهديدات الإقليمية التي تواجهها، وقد وقع البلدان عدة اتفاقيات أمنية في السنوات الأخيرة، خاصة في مجال الدفاع، ونفذت الوحدات الأمنية التركية والكويتية برامج تعاون وتدريب مشتركة بموجب هذه الاتفاقيات".
وأضافت: "كما وقع البلدان على خطة تعاون دفاعي مشترك عام 2019 بعد الاجتماع التركي الكويتي حول التعاون العسكري الذي عقد في 2018، وقد تم التوقيع على هذه الاتفاقية في الوقت الذي كانت علاقات تركيا مع السعودية والإمارات أسوأ ما يكون، وجاء تزامنا مع اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول".
من ناحية أخرى، كان هذا الاتفاق مؤشرا على أن التعاون سيشمل عناصر القوة الصلبة إلى جانب القوة الناعمة في العلاقات التركية الكويتية أن جاء نتيجة للتبعية والترابط المتبادل، تنوه الكاتبة.
واستدركت: "جدير بالذكر أن الناتو افتتحت أول مركز لها في الخليج بالكويت عام 2017، وذلك في نطاق مبادرة إسطنبول للتعاون التي بدأت عام 2004؛ لزيادة التعاون بين الناتو ودول مجلس التعاون الخليجي، ومن المهم لتركيا أن تستضيف الكويت مركز الناتو في الخليج، كونها عضوا بارزا في الناتو".
البعد الاقتصادي
واستطردت الكاتبة: "من ناحية أخرى لا ينعكس المسار الإيجابي للسياسة في العلاقات التركية الكويتية على الأرقام كثيرا، أو لنقل لم يصل إلى المستوى المطلوب بعد، حيث انخفض حجم التجارة، الذي بلغ 700 مليون دولار عام 2019، إلى نحو 600 مليون دولار في 2020".
إلا أن شركات المقاولات التركية تدير حاليا بعض المشاريع مثل مطار الكويت، والتي تقدر قيمتها جميعا بنحو 8.2 مليارات دولار.
وأضافت جنكيز: "فيما تهدف الشركات التركية إلى الحصول على حصة أكبر من رؤية التنمية للكويت عام 2035، وتوفر رؤية البلاد لعام 2035 فرصا كبيرة لزيادة حجم العلاقات الاقتصادية بين تركيا والكويت، فيما تستمر السياحة والعقارات في تركيا بجذب اهتمام الكويتيين".
وأردفت قائلة: "أرى أنه سيكون من المفيد التذكير بأن موقف رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم والذي قال في اجتماع الجمعية البرلمانية الأوروبية الآسيوية في أنطاليا: (أقول لمن يبشر بحرب اقتصادية ضد تركيا، لن تنجحوا فتركيا ليست جمهورية موز)، في وقت كان تنعكس فيه التوترات السياسية بين تركيا والتحالف السعودي الإماراتي على التجارة".
البعد الإنساني
واعتبرت الكاتبة أن "الكويت من أهم دول الخليج التي تقدم المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين في تركيا، وتقيم الكويت حملات مساعدات مختلفة في المحافظات التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في جنوب شرق تركيا مثل شانلي أورفا وغازي عنتاب وهاتاي".
وأضافت موضحة: "يتم الدعم المالي الذي تقدمه الكويت للسوريين في تركيا غالبا من خلال الجمعيات الخيرية الخاصة، وقد استضافت الكويت إلى جانب ذلك، ثلاث مؤتمرات دولية للمساعدات الإنسانية للسوريين".
وختمت جنكيز مقالها قائلة: إن "سياسة التوازن التي تتبعها الكويت لهي من أهم العوامل الكامنة خلف المسار الإيجابي في العلاقات بين تركيا والكويت في ظل المنافسة المتزايدة في المنطقة في السنوات الأخيرة".