خطوات حاسمة.. لماذا تسعى تركيا لتطوير علاقاتها مع تركمانستان؟
نشر مركز تركي مقالا سلط فيه الضوء على مؤتمر نظمته وزارة خارجية تركمانستان، عبر "الفيديو كونفرانس" بعنوان "أهمية السلام والأمن في العالم الحديث"، في 24 مارس/آذار 2021، وأيضا على العلاقات الثنائية بين أنقرة وعشق أباد.
وقال مركز "أنقرة لدراسة السياسات والأزمات" في مقال للكاتب والباحث دوغاجان باشاران: إن "إدارة عشق أباد لفتت الأنظار مرة أخرى إلى دورها البناء في إنشاء سلام عالمي بهذه المناسبة".
خبرة تراكمية
وتابعت وسائل الإعلام الدولية الاجتماع الذي تم تنظيمه بمناسبة الذكرى الـ30 لاستقلال تركمانستان والذكرى الـ25 لتبنيها "مبدأ الحياد الدائم" عن كثب، حيث حضر الاجتماع 80 صحفيا من 18 دولة، وفقا لباشاران.
وتابع: "وفي الاجتماع تمت مناقشة السياسة الداخلية والخارجية الناجحة لرئيس تركمانستان قربان قولي بيردي محمدوف، فيما أشادت الصحافة الدولية بالجهود التي تبذلها إدارة بيردي محمدوف في الأمم المتحدة، لا سيما في سياق السلام العالمي".
وتجدر الإشارة إلى أن إعلان الأمم المتحدة عام 2021 "السنة الدولية للسلام والثقة" جاء باقتراح من تركمانستان وإجماع من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهكذا، أظهرت تركمانستان أنها تبذل جهودا فعالة لإنشاء السلام على الصعيدين الإقليمي والعالمي، يقول الكاتب التركي.
وأضاف قائلا: "كما تم التأكيد في الاجتماع على مسألة منع المعلومات المضللة التي يمكن أن تضر ببيئة الأمن الدولي، وقد قال الصحفي التركي بورا بيرقدار في هذا السياق: مع تطور أدوات الاتصال، أصبحنا أكثر عرضة للأخبار والأيديولوجيات والتلاعب".
ولفت بيرقدار إلى "أننا نشهد اليوم منافسة هائلة على قلوب الناس وعقولهم لجذب جماهير المشاهدين، الأمر الذي يجعل من مصادر الأخبار الموثوقة أكثر أهمية، وتشكل الجهود التي تبذلها إدارة بيردي محمدوف خبرة تراكمية مهمة في قضية حل المشاكل بين الدول من خلال الحوار".
ومع كل هذه التحركات والجهود، تقدم تركمانستان نفسها على أنها "بلد السلام التي يمكن أن تكون عنوانا لحل المشاكل الإقليمية والعالمية، وهذا يدل على أن تركمانستان تولي أهمية كبيرة لدبلوماسية الوساطة وستستمر في ذلك".
وأردف باشاران أن "مدير موقع روسيا اليوم، أليكسي نيكولوف، لفت الانتباه إلى حقيقة أن جهود تركمانستان تخدم شعوب العالم، واعتبر أن موقف تركمانستان المحايد كان فعالا في الاعتراف بإدارة عشق أباد فاعلا موثوقا به في الساحة الدولية من قبل جميع الدول".
وتابع: "بالمثل أكد الأمين العام لاتحاد الإذاعات الآسيوية، جواد متقي، أن جهود صانعي القرار التركمان مهمة وقيمة في منع النزاعات والصراعات، كما وأعرب كل من ممثلي الدول مثل الهند وأوزبكستان وأذربيجان وأرمينيا عن امتنانهم لجهود تركمانستان لإنشاء السلام العالمي".
سياسة انفتاح
واستطرد باشاران قائلا: "بالطبع كانت تركيا مهتمة بالاجتماع المذكور كثيرا، وقد انضم إليه الصحفي بورا بيرقدار، نيابة عن قناة (TRT World)، حيث قال في تصريح له إن الآمال تضاءلت في السلام والأمن في العالم، بسبب المشكلات العالمية مثل الحروب والإرهاب والاقتصاد والأوبئة التي اجتاحت العالم منذ نهاية الحرب الباردة".
كما قال بيرقدار: إن "الدبلوماسية السلمية لتركمانستان تضيف هيبة لهذا البلد، وأن هذا الموقف السياسي يسرع أيضا في التنمية الاقتصادية".
وبينما تعكس تصريحات بيرقدار رغبة تركيا في تطوير العلاقات الاقتصادية مع تركمانستان، فإنها تعرض رضاها عن دور إدارة عشق أباد ومساهمتها في السلام الإقليمي والعالمي. خاصة وأن صناع القرار في تركيا يدركون مدى أهمية جهود تركمانستان من أجل استقرار وازدهار آسيا الوسطى بشكل دائم"، بحسب باشاران.
وقد كان وزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو قد التقى نظيره التركمانستاني رشيد ميردوف في وقت سابق من هذا العام بأنقرة.
وقال ميردوف في تصريحه بعد اللقاء: "لقد نظرنا إلى إمكاناتنا لتطوير علاقاتنا الثنائية المستقبلية في القضايا السياسية والدبلوماسية على نطاق أوسع، وتحدثنا عن التعاون الثنائي في إطار المنظمات الدولية والتعاون في إطار الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة التعاون الاقتصادي بشكل خاص".
وفي إشارة إلى العلاقات التجارية والاقتصادية بين تركيا وتركمانستان، أوضح ميردوف أن "حجم التجارة بلغ حوالي 2 مليار دولار عام 2020 رغم كورونا، وهذا ليس سيئا".
وأضاف "سنعزز علاقاتنا بشكل أكبر، ويمكننا القيام بمشاريع معا حول الطاقة والنقل والتقنيات العالية والمجالات أخرى، وسننظم الخطط والبرامج من جانبنا ونعرضها على أصدقائنا الأتراك"، كما نقلت عنه وكالة الأناضول التركية.
ومما لا شك فيه أنه بينما تمتنع تركمانستان، التي اتخذت خطوات حاسمة في مسألة إقامة علاقات جيدة مع الدول المجاورة لها والانفتاح على العالم، عن التورط في نزاعات نشطة بسبب تبنيها موقفا محايدا من ناحية، فإنها تصبح وسيطا قويا يمكنها إنهاء النزاعات، يقول الكاتب التركي باشاران.
ووتابع "هذا لا يزيد من مكانة تركمانستان في نظر المجتمع الدولي فحسب، بل يسهل أيضا جذب الاستثمارات للبلاد، نظرا للتصور والانطباع الذي تتركه كدولة آمنة وموثوقة".
وأردف: "نتيجة لذلك، فإن تركمانستان، التي تركز على التنمية الاجتماعية وتظهر تطورا مطردا بموقفها الحيادي، لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتتبنى سياسة خارجية سلمية، الأمر الذي يتسبب باشتهار تركمانستان بمشاريع الطاقة أكثر منها في السياسة الخارجية لتشغل إدارة عشق أباد جدول الأعمال من خلال توفيرها لفرص تعاون اقتصادي".
وختم باشاران مقاله بالقول: إن "صورة تركمانستان السلمية في المجتمع الدولي تجعل منها فاعلا أكثر تأثيرا واحتراما يوما بعد يوم".