تعذيب وملاحقة معارضين.. هكذا تحول تبون إلى "سيسي جديد" في الجزائر

12

طباعة

مشاركة

لم يمر شهر على انتهاء قضية الناشط في الحراك الجزائري وليد نقيش، وما مر به من تعذيب نفسي وجسدي وصل حد الاعتداء الجنسي في مراكز المخابرات، حتى تفجرت قضية مماثلة في حق الناشط في الحراك بولاية باتنة سامي درنوني.

وكشفت هيئة الدفاع عن درنوني المعتقل منذ أواخر العام 2020، في الثاني من مارس/آذار، عن تعرضه لسوء معاملة، وصعق بالكهرباء، ونزع ملابسه، والسب والشتم، والحرمان من حقه في العرض على طبيب، والإجبار على تسجيل اعترافات تحت التعذيب.

وتطالب النيابة العامة لدى محكمة تيبازة التي يحاكم درنوني أمامها، بإنزال أقصى العقوبات في حقة، وحبسه 10 سنوات بدعوى اتهامه بالتحريض على التجمهر والمساس بالوحدة الوطنية والأمن الوطني، ومن المقرر أن يحكم في القضية 9 مارس/آذار 2021.

إفادات هيئة الدفاع أثارت غضب ناشطين على تويتر، ودفعتهم لتفعيل وسوم عدة تستنكر تعذيب المعتقلين، أبرزها #أوقفو_التعذيب_في_الجزائر، #stop_torture_in_algeria، #مخابرات_إرهابية_تسقط_المافيا_العسكرية، وغيرها، مؤكدين أن السلطات الجزائرية تتبع نهج رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي في التعامل مع الناشطين.

وتداول ناشطون اعترافات معتقلين سابقين وشهاداتهم عن ما تعرضوا له داخل المعتقلات والسجون بالجزائر، وكيف تخفي السلطات تعذيبها، معربين عن نقمتهم وغضبهم على المؤسسات الرسيمة في البلاد، وطالبوا بمحاكمتها وإسقاطها.

وتصاعد الغضب الجزائري، بعدما أعلنت الحكومة الجزائرية في 3 مارس/آذار عن خطتها، لسحب الجنسية من كل مواطن يرتكب عمدا أفعالا خارج التراب الوطني، تلحق ضررا جسيما بمصالح الدولة أو تمس الوحدة الوطنية، واعتبره ناشطون استهدافا لأنصار الحراك الجزائري بالخارج.

وأجمع ناشطون على أن النظام الجزائري يحاصر الناشطين في الحراك بالداخل بالاعتقال والتعذيب، ومؤيدوه بالخارج بسحب الجنسية، متهمين الحكومة بالتطاول على حقوق الشعب وانتهاك حقه في التعبير عن رأيه وتقييد حريته واستهداف الفاعلين في الحراك.

وأكدوا أن الخروج المتزامن والتنسيق المريب من عدد من الأشخاص والمنابر للطعن في الحراك، واتهامه بالتطرف والانحراف واتباعه بتهديد مؤسسات الدولة بسحب الجنسية من مؤيديه بالخارج يهدف إلى تبريد الحراك وتبرير حملات القمع وتبيض "جرائم النظام".

التصعيد الحكومي سواء بملاحقة الناشطين واعتقالهم وتعذيبهم وانتزاع الاعترافات منهم أو بإقرار قوانين مقيدة للمناصرين للحراك، يتزامن مع الذكرى الثانية للحراك الشعبي الذي بدأ في 22 فبراير/شباط 2019 وأسقط حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل/نيسان 2019.

ويتعاقب مع دعوات شعبية جزائرية للاحتشاد وعودة المسيرات الأسبوعية المناهضة للنظام (الجمعة من كل أسبوع) بعد عام من توقفها في مارس/آذار 2020 جراء التدابير الاحترازية لاحتواء انتشار فيروس كورونا.

ويطالب الحراك الشعبي بدولة مدنية أي إبعاد الجيش عن أمور السياسة، وإصلاحات ديمقراطية وعدالة وإسقاط الفاسدين والقضاء على الفساد، وتغيير شامل للنخبة الحاكمة القديمة.

استنكار التعذيب

وندد ناشطون بتعذيب النظام الجزائري للناشطين المعتقلين والتنكيل بهم، محملين المسؤولية للسلطة الحاكمة في البلاد من أعلاها لأسفلها.

وسبق أن أكدت منظمة العفو الدولية أن السلطات الجزائرية استهدفت عشرات المحتجين والصحفيين والناشطين باعتقالات تعسفية ومحاكمات، بسبب مشاركتهم في احتجاجات سلمية، والتعبير عن آرائهم السياسية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشارت في بيان لها بمناسبة الذكرى الثانية للحراك الشعبي، إلى تعرض بعضهم للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء الاحتجاز.

وبينت أنها وثقت طريقة اعتقالهم تعسفيا ومحاكمتهم، والحكم عليهم بالسجن لفترات طويلة استنادا إلى أحكام جزائية غامضة الصياغة في العامين الماضيين، موضحة أن بعضهم تعرضوا لتفتيش تعسفي لهواتفهم أو تمّ فصلهم عن عملهم بسبب ملاحقتهم القضائية. 

وتهكم الكاتب والمحلل السياسي رشيد زياني شريف، قائلا: "لم أسمع صوتا ولا همسا، في أي من منابر الديمقراطية والحرية والحداثة عن تعذيب سامي درنوني؟؟ هل سمع بعضكم ما لم أسمعه؟ 

ونقلت المغردة آيه عن المحامية فريدة بلفراق، قولها، إن تعذيب المعتقلين بسبب الحراك السلمي أو التعبير عن الرأي، يعد جريمة يعاقب عليها القانون الدولي والمواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتشريعات الوطنية.

وكتب المغرد عبد الكريم: "لقد تأكد لنا وبما لا يدع أي مجال للشك أن جهاز الإجرام المخابراتي هو المتحكم في مقاليد الحكم في الجزائر ولا قيام للدولة الجزائرية إلا بتفكيك هذا الجهاز ومحاسبة كل من تسبب في تعذيب المواطنين ومحاكمتهم".

وأكد الحاج حديدان أن التعذيب و المعاملة القاسية التي مارستها المخابرات الجزائرية ضدّ الناشط #سامي_درنوني تقع تحت مسؤولية وزير الدفاع (والرئيس) عبد المجيد تبّون ومدير المخابرات الداخلية وزيرالعدل، وذلك بتواطئ مع القاضي ووكيل الجمهورية اللذينِ تجاهلا فتح تحقيق في القضية مباشرة بعد تصريح الضحيّة.

خطى السيسي

واستننكر ناشطون نية الحكومة سحب الجنسية من المعارضين في الخارج على خطى رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، مؤكدين أنه قرار تعسفي لتكميم الأفواه وإرهاب أصحاب الرأي المخالف لرأي السلطة، أو كل منتقد لسياسة النظام أو داعم للحراك.

ويتبع النظام المصري برئاسة السيسي سياسة التضييق على المعارضين المصريين في الخارج الذي خرجوا من البلاد عقب الانقلاب العسكري على الرئيس الشرعي محمد مرسي يوليو/تموز 2013، إلى جانب حملات تشويه إعلامي واسعة وإساءات واتهامات بالخيانة وغيرها.

وسخر الكاتب والباحث في الشؤون الإستراتيجية رضا بودراع الحسيني، من أن الجمهورية الجديدة تثبت الجنسية لمن مارس التعذيب والعمالة وتجردها من المعارضة السياسية.

ودافعت المغردة آية عن المعارضين بالخارج قائلة: "ألم يكفهم غلق الحدود يريدون سحب الجنسية منهم كل هذا لأنهم يريدون دولة العدل والقانون ".

وأكدت سماح أن المعارض الحقيقي في الجزائر يجد نفسه مسجون وتطاله كل أنواع التعذيب وإذا لم ينفع معه كل هذا يتم إسكات صوته نهائيا وأخيرا على خطى السيسي نحو سحب الجنسية، متهكمة بالقول: "مرحبا بكم في الجزائر الجديدة".

وأوضح الناشط في الحراك الشعبي وليد نقيش، أن المعارض للنظام داخل الجزائر، يسجن، والمعارض للنظام خارج الجزائر تسحب منه الجنسية.

وقال القائمون على حساب اتحاد طلبة الجزائر الأحرار، إنهن في الجزائر الجديدة التي يحكمها المجرمون وبعد أن نسفوا بسمعتها وسمعة عدالتها وأصبحت غير معترف بها وبقراراتها لدى العالم أجمع لم يتبق أمامهم سوى تجريد الجزائريين من جنسيتهم لمجرد معارضتهم للنظام.

 واعتبر المدون والصحفي الجزائري خلادي عبد المنجي، إجراء سحب الجنسية أمرا خطيرا يُنذر بقادم سيكون كارثة إنسانية ضد الشعب الجزائري، داعيا الحراك للاستمرار وحث الشعب على  الخروج عن بكرة أبيه لأنه تبين الخيط الأبيض من الأسود.