عقدان من النزاع.. هل تندلع حرب بين روسيا والناتو في البحر الأسود؟

12

طباعة

مشاركة

رأت صحيفة "يوراسيان تايمز" أن روسيا تمتلك أدوات وفرصا أكثر للحفاظ على هيمنتها على منطقة البحر الأسود، التي أصبحت ساحة توتر بين موسكو وحلف شمال الأطلسي "الناتو" بقيادة واشنطن.

وفي التفاصيل، قالت الصحيفة التي تركز على المنطقة الأوراسية: "يقع البحر الأسود بين أوروبا وآسيا، وهو بحر هامشي أصبح في قلب المنافسة الشديدة بين روسيا والغرب من أجل مستقبل القارة الأوروبية".

وحتى قبل ضم روسيا غير القانوني لشبه جزيرة القرم (الواقعة على الساحل الشمالي للبحر الأسود)، شهد هذا البحر عقدين من النزاعات. 

ومنذ عام 2008، ضاعفت "موسكو" استخدام القوة العسكرية أربع مرات ضد دول المنطقة لفرض سلطتها. وكان السبب هو أن الرئيس "فلاديمير بوتين" يسعى إلى إقامة مجال نفوذ على دول المنطقة لتقييد اندماجها في الهيكل الأطلسي الأوروبي.

كما تسعى "روسيا" أيضا إلى ضمان استقرار نظامها مع زيادة قدراته العسكرية، للدفاع عن الوطن والتوسع على نطاق أوسع في الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط.

ويلوح الآن في الأفق، خطر اندلاع صراع جديد، مع زيادة وجود الولايات المتحدة في المنطقة، حيث أجرت "واشنطن" مؤخرا دوريات وتدريبات عسكرية استمرت لمدة شهر، بما في ذلك "نسيم البحر"، إلى جانب دول أخرى في البحر الأسود وحلف شمال الأطلسي.

سيناريو المناورات

وقد يكون "سيناريو المناورات" الذي أصدرته مجموعة (RAND Corp)، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، مفيدا لروسيا في الحفاظ على التفوق على دول "الناتو" الأخرى في المنطقة.

وصمم المركز لعبة لوحية، لعبت فيها عدة فرق أدوار الولايات المتحدة ودول أخرى في البحر الأسود في سيناريو تم تحديده بين عامي (2020 و2025). 

سمحت اللعبة لكل فريق باختيار واستخدام العديد من بطاقات الخيارات، بدءا من الحوافز الاقتصادية لكسب الأصدقاء المحتملين، والحرب الإلكترونية والانتشار والتمارين العسكرية، من أجل تخويف الأعداء.

وكانت الفرضية الأساسية للحرب، هي أن "الناتو" خطط لتوسيع وجوده البحري في منطقة البحر الأسود المتنازع عليها بشدة، مع تعزيز رومانيا لعلاقاتها الدفاعية مع "مولدوفا"، الجمهورية السوفيتية السابقة. 

وبعد هذه الخطوة، خرجت "موسكو" بإستراتيجية متعددة الجوانب، تتضمن الإنفاذ الصارم لمنطقة اقتصادية خالصة موسعة (EEZ) في البحر الأسود إلى جانب العمليات الإلكترونية ضد "رومانيا".

وفي اللعبة، اختار الفريق الأميركي استخدام مزيج من الضغط العسكري والسياسي، لاحتواء نفوذ روسيا وخلق فرقة عمل البحر الأسود لدعم حرية عمليات الملاحة وتنفيذ التدريبات العسكرية مع قوى تلك المنطقة.

وفقا لتقرير "راند"، ساعد التصميم الروسي على تجنب سيناريو يشبه الحرب مع الولايات المتحدة. 

الخطر القادم

وقال التقرير: إن "الخطر الذي يثير قلق جميع اللاعبين الدوليين في الفريق الروسي، هو احتمال حدوث تصعيد خارج عن السيطرة، مما يؤدي إلى صراع مع الناتو والولايات المتحدة".

لكن ما يمكن أن يكون شوكة لواشنطن، هو أن "موسكو" لن تحتاج إلى شن حرب لتحقيق أهدافها. وفقا للعبة اللوح، يمكن لروسيا أن تعطل أي تحالف ضدها في البحر الأسود من خلال استخدام إستراتيجية "العصا والجزرة" دون أي قوة.

وتضمنت بعض الخيارات التي كانت تحت تصرف روسيا ضغوطا عسكرية ضمنية، مثل حجب سفن الناتو أو نشر صواريخ إضافية في شبه "جزيرة القرم". 

وإضافة إلى ذلك، يمكن لموسكو أيضا الاستفادة من الحوافز الاقتصادية وحرب "المنطقة الرمادية"، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية وحرب المعلومات، وحتى الابتزاز عبر كشف معلومات سرية وضارة  بالسياسيين.

وقدمت المجموعة الواسعة من الخيارات لروسيا مجموعة أدوات مثالية، لصياغة إستراتيجية يمكن أن تلبي أهداف موسكو في جميع دول البحر الأسود. 

وفقا لـ"راند"، اعتمدت النتيجة النهائية للعبة إلى حد كبير على علاقات روسيا مع تركيا.

ويشير التقرير أنه "بدت الحوافز الروسية - ولا سيما احتمال استمرار التعاون المعزز في سوريا، والتكاليف المحتملة لفقدان التعاون الحالي - كافية لتحييد تركيا في اللعبة ومنع دعمها لخطة الناتو".

وفي السيناريو المتوقع، أدت جهود التواصل الثنائية الموجهة إلى "روسيا" من قبل فرق تركيا وبلغاريا، فضلا عن تردد "صوفيا" في الموافقة علنا على المبادرة الأميركية، إلى زيادة تآكل الوحدة الإقليمية بشأن استجابة دفاع وردع متماسكة.

لكن ووفقا لنتائج التمرين، فإن أفضل إستراتيجية لروسيا في استخدام تكتيكات الفرق، هي إحباط أي تحالفات محتملة تتحدى الهيمنة الروسية على منطقة البحر الأسود. 

وفي هذا السياق قالت أستاذة العلوم السياسية في مؤسسة (RAND)، أنيكا بنينديجك: "كان من الأسهل على روسيا تحقيق هدفها المتمثل في تقسيم المنطقة، أكثر من تحقيق الولايات المتحدة هدفها في توحيدها".