مايكروسوفت وأمازون.. لماذا اختارتا دعم بايدن في الانتخابات الأميركية؟
اختار عدد من شركات التكنولوجيا الضخمة، مثل "أمازون" و"مايكروسوفت"، مرشحها في الانتخابات الأميركية، المقررة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وقررت الاصطفاف خلف المرشح الديمقراطي جو بايدن، في مواجهة المرشح الجمهوري والرئيس الحالي دونالد ترامب.
وفي تقرير نشرته "رويترز" مؤخرا، قالت فيه: إن أمازون أخذت زمام المبادرة، في وقت مبكر بتأييدها لمعسكر المرشح الديمقراطي (بايدن)، وانضم روج كارني رئيس السياسة العامة والاتصالات في أمازون إلى رئيس شركة مايكروسوفت براد سميث كواحد من اثنين من كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا، ليقوما بدور عام في مؤتمر الحزب الديمقراطي.
علاقة دافئة
تعمل شركات التقنية، بحسب التقرير، على تقوية العلاقات لضمان أن يكون لها صوت في قضايا ممارساتها التجارية، وفقا لسجلات تمويل الحملات والمقابلات.
وأوضحت الوكالة أن دفء العلاقة بين صناعة التكنولوجيا والحزب الديمقراطي -والذي يعود إلى عدة انتخابات- يثير قلق منتقدي هيمنة هذه الشركات على السوق.
جاءت التبرعات من كبار المسؤولين التنفيذيين في أمازون لحملة بايدن خلال الانتخابات التمهيدية في المرتبة الثانية بعد مايكروسوفت، وفقا لبيانات من مشروع الباب الدوار (Revolving Door Project)، وهو جزء من مركز البحوث الاقتصادية والسياسية.
ويحظر القانون على الشركات التبرع بأنفسها لتمويل حملات انتخابية، ويتم تقديم المساهمات إما من قبل لجان العمل السياسي للشركة المعروفة باسم باك (PAC)، أو من قبل أعضاء باك أو موظفيهم.
رقابة حتمية
في يوليو/ تموز 2020، هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، باتخاذ إجراء تنفيذي إذا لم يقر أعضاء مجلس النواب تشريعا بشأن شركات التكنولوجيا.
وجاء تهديد ترامب قبل جلسة استماع في الكونغرس مع رؤساء 4 من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم.
وقال ترامب في تغريدة على تويتر: "إذا لم يحقق الكونغرس الإنصاف فيما يتعلق بشركات التكنولوجيا العملاقة، وهو ما كان ينبغي عليهم فعله منذ سنوات، فسأفعل ذلك بنفسي بأوامر تنفيذية".
وأضاف: "في واشنطن، اقتصر الأمر كله على الحديث ولم يتم اتخاذ أي إجراء لسنوات، وشعب بلدنا سئم هذا الوضع!".
عدة مرات اتهم ترامب شركات التكنولوجيا الكبرى بفرض رقابة على ما ينشره الساسة المحافظون، وأكد البيت الأبيض أن الإدارة تدرس طرقا لفرض رقابة أكبر على المنصات عبر الإنترنت.
بايدن من جهته انتقد شركات الإنترنت الكبيرة خلال المقابلات وفعاليات الحملة الانتخابية، وحث أيضا على إلغاء الدرع القانوني الرئيسي الذي يحمي شركات الإنترنت من المسؤولية عن المحتوى الذي ينشؤه المستخدمون.
كما أعرب عن قلقه بشأن تركيز السوق وقضايا الخصوصية في صناعة التكنولوجيا، وانتقد أمازون لعدم دفع الضرائب، وأعرب عن استيائه من فيسبوك ومؤسسها مارك زوكربيرغ.
صراع وصفقات
وقالت متحدثة باسم أمازون: إن لجنة العمل السياسي التابعة لها لم تساهم في حملة بايدن، وقالت: إن الشركة دعمت المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي والجمهوري بالتكنولوجيا والخدمات الرقمية لزيادة نسبة المشاهدة.
وأضافت المتحدثة: "نعمل مع كل إدارة بنفس الطريقة، نهجنا لن يتغير بغض النظر عن الفائز في الانتخابات".
وفي فبراير/ شباط 2020، وبعد أيام قليلة من تبرئة مجلس الشيوخ الأميركي للرئيس دونالد ترامب من تهمتي "إساءة استغلال السلطة" و"عرقلة عمل الكونغرس"، أعلنت شركة أمازون أنها لا تزال تريد عزل ترامب ووزير الدفاع مارك إسبر.
ويأتي إعلان أمازون في ظل استمرار غضب الشركة لعدم منحها صفقة مع وزارة الدفاع لتولي مشروع بعقد قيمته 10 مليارات دولار، وإرسائها لصالح شركة مايكروسوفت.
وأعلنت وزارة الدفاع في أكتوبر/تشرين الأول 2019 فوز شركة مايكروسوفت بعقد مشروع البنية التحتية للدفاع المشترك، ويعنى بتخزين بيانات وزارة الدفاع الأميركية، وإنشاء نظام حوسبة سحابية لخدمة أعمال ومهمات الجيش الأميركي.
وتعتقد الشركة أن الرئيس ترامب استغل سلطاته لاستبعاد أمازون من الصفقة بسبب خلافه السياسي مع رئيس الشركة ومالك صحيفة واشنطن بوست التي تنتقده، جيف بيزوس.
دعم قوي
تعد أمازون وشركة ألفابت (مالكة غوغل) ومايكروسوفت من بين أكبر 5 مساهمين في لجنة حملة المرشح جو بايدن في دورة عام 2020، وفقا لبيانات من "أوبن سيكرتس"، وهو موقع إلكتروني يتتبع الأموال في السياسة وسجلات تمويل الحملات.
وترى سالي هوبارد التي عملت مع المشرعين الديمقراطيين في الماضي وتركز حاليا على القوة الاحتكارية لشركات التقنية في معهد الأسواق المفتوحة بواشنطن، أن فوز بايدن قد يعتبر تكرارا لما كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه إعادة لنهج الرئيس باراك أوباما تجاه شركات التكنولوجيا.
وتساءلت: "هل سنرى نفس الشيء مع إدارة بايدن؟"، مضيفة أنه سيكون هناك قدر كبير من الضغط من قبل الجماعات المناهضة للاحتكار والجناح التقدمي للحزب الديمقراطي، لمحاسبة الشركات.
المتحدث باسم حملة بايدن، مات هيل قال: إن بايدن ضد إساءة استخدام السلطة، مضيفا: "العديد من عمالقة التكنولوجيا ومديريهم التنفيذيين لم يسيؤوا استخدام سلطتهم فحسب، بل ضللوا الشعب الأميركي وأضروا بديمقراطيتنا، وتهربوا من أي شكل من أشكال المسؤولية".
وكان روج كارني رئيس السياسة العامة والاتصالات في أمازون قد عمل في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما سكرتيرا صحفيا لما يزيد قليلا على 3 سنوات، وكان مدير اتصالات نائب الرئيس بايدن في أول عامين من إدارة أوباما.
وفي الوقت نفسه، أضاف فريق الانتقال ومجموعات العمل التابعة لحملة بايدن 8 أشخاص على الأقل ممن عملوا في فيسبوك وغوغل وأمازون وآبل، وغيرهم ممن لهم صلات بهذه الشركات.
وقال السيناتور الجمهوري جوش هاولي -وهو حليف وثيق لترامب ومنتقد صريح لشركات التكنولوجيا الكبرى-: إن التقدميين قد يحصلون على "إيماءة خطابية في اتجاههم بين الحين والآخر"، لكن حملة جمع التبرعات لحملة بايدن تظهر أن التقدميين سيكافحون.
وقال هاولي لرويترز: "ظهور أمازون على وجه الخصوص في مؤتمر سياسي أمر مثير للقلق حقا"، وأضاف: "أنها تنقل جماعات الضغط الخاصة بهم إلى مستوى جديد تماما".
وتقول رويترز: "من المؤكد أن العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى -عن طريق موظفيها أو أعضاء باك- كانت من كبار المساهمين في الحملات الانتخابية الديمقراطية في الدورات الانتخابية الثلاث الماضية".
سيناريوهات كارثية
في تقرير أعدته شبكة "بي بي سي" البريطانية، قالت: إن الشركة الأقل تحفظا ضد هذين النهجين هي فيسبوك، فمن الصعب معرفة الخيار الذي سيكون أسوأ بالنسبة لها. وبالنسبة للشركات الأخرى، هناك حجة معقولة يمكن طرحها تقول: إن ترامب سيكون أفضل.
من شأن تركيز الجمهوريين على تحيز وسائل التواصل الاجتماعي أن يترك شركة آبل وربما أمازون على حالها. ويعتقد الكثير من الجمهوريين أن وسائل التواصل الاجتماعي لديها تحيز ضد المحافظين.
وتركزت القضايا الانتخابية في هذه الحملة على وباء كوفيد-19، واحتجاجات حياة السود مهمة، والاقتصاد وإنفاذ القانون، لكن لا تخرج باستنتاج خاطئ من كل ذلك، فهذه انتخابات ضخمة لشركات التكنولوجيا الكبرى أيضا.
ومنذ أشهر تكثف "فيسبوك" وتويتر" و"غوغل" و"مايكروسوفت" إعلاناتها حول الهجمات الإلكترونية والحملات التي أحبطتها والمدارة من الخارج.
وزارة الداخلية الأميركية قالت: إن تقرير مايكرسوفت "يثبت أن الصين وإيران وروسيا تحاول تقويض ديمقراطيتنا والتأثير على الانتخابات". وتحرص الشركات والسلطات على إظهار ما تستثمره في هذا المجال لتجنب تكرار فضائح العام 2016.
قبل 4 سنوات طغت على الحملة عمليات تأثير خفية أجرتها خصوصا منظمات قريبة من الكرملين مثل "إنترنت ريسيرتش أجنسي" لصالح دونالد ترامب.
وتستعد "فيسبوك" و"تويتر" بالإضافة إلى "يوتيوب" (تابعة لغوغل) لسيناريوهات كارثية في حال استخدام منصاتها لإعلان نتائج أو الدعوة إلى الطعن بها على سبيل المثال.
وقالت "تويتر" التي منعت الإعلانات السياسية قبل سنة تقريبا: إنها ستحذف أي "رسائل مضللة أو خادعة" أو ستقوم إرفاقها بتنبيه بما في ذلك تغريدات تعلن فوز طرف ما قبل الإعلان الرسمي.
ويشمل القرار ثلاثة أنواع من التصريحات: الرسائل "التي تسبب الالتباس" حول العملية الديمقراطية أو السلطات المكلفة بالاقتراع، والمعلومات غير المثبتة حول عمليات تزوير مفترضة وتلك التي تتعلق بفرز الأصوات مثل "التصرفات غير القانونية التي تهدف إلى منع حصول عملية انتقالية سلمية".
من جهتها أقامت "فيسبوك" مركز معلومات حول الاقتراع عبر الإنترنت وأعلنت استحالة بث أي إعلان سياسي جديد في الأسبوع الذي يسبق الاستحقاق الرئاسي.
وتحاول "غوغل" عبر يوتيوب أن تعطي الأولوية للمعلومات التي تعتبر موثوقة واتخذت الشركة إجراء لمواجهة التضليل الإعلامي يشمل عمليات البحث.
المصادر
- مايكروسوفت: متسللون أجانب يستهدفون حملتي بايدن وترامب
- ترامب يهدد باتخاذ إجراء تنفيذي ضد شركات التكنولوجيا العملاقة
- فيسبوك وغوغل ومايكروسوفت وتويتر أمام امتحان اسمه الانتخابات الرئاسية الأمريكية
- الانتخابات الأمريكية 2020: من الأفضل لشركات التكنولوجيا الكبرى، ترامب أم بايدن؟
- رغم انتقاده لها.. شركات التكنولوجيا لم تغير سياستها في دعم مرشحها المفضل للرئاسة الأميركية
- رغم براءته.. أمازون تريد عزل ترامب بسبب عقد لم تحصل عليه