قد يسبب كارثة إنسانية.. هل يصل كورونا إلى مخيمات اللاجئين السوريين؟

نشرت صحيفة "ملييت" التركية مقالا للكاتب تونجا بنجين، سلط فيه الضوء على جدية تركيا في التعامل مع فيروس كورونا، وسعيها لتقليل آثاره إلى أدنى درجة ممكنة، مستعرضا الظروف الموضوعية التي قد تُخرج الأمر عن السيطرة، وأهمها مخيمات اللاجئين السوريين على الحدود التركية.

وأعلنت تركيا ارتفاع عدد المصابين بفيروس "كورونا الجديد" (كوفيد - 19) إلى 5 أشخاص، وقررت تعطيل الدراسة بالجامعات والمدارس وتعليق المعارض التجارية والموسم السياحي. كما علّقت الرحلات الجوية مع تسع دول أوروبية، حتى 17 أبريل/نيسان، وهي: فرنسا وألمانيا وإسبانيا والنرويج والدنمارك وبلجيكا والنمسا والسويد وهولندا.

تطورات خطيرة

وقال الكاتب التركي في مقاله: إنه "من أجل منع انتشار الفيروس التاجي، الذي يهدد العالم بأسره، تجري تعبئة كاملة في جميع أنحاء البلاد، لكن التطورات والتهديدات المحتملة عبر حدود جيراننا مقلقة خاصة على خطي إيران وسوريا، فعدد الأشخاص الذين فقدوا أرواحهم يتزايد كل لحظة، إضافة إلى أن الظروف سيئة للغاية بسبب الحرب الأهلية التي استمرت لسنوات. علاوة على ذلك، هناك حركة مرور بشرية مكثفة من إيران إلى سوريا".

وتطرق تونجا بنجين إلى الأنباء المتداولة والمتعلقة بالعثور على 10 إصابات بفيروس كورونا بين جنود إيرانيين في دمشق، وذلك في المقر المشترك لكل من قوات روسيا وإيران والنظام السوري، مؤكدا أن هذه التطورات خطيرة ولافتة.

وأضاف: "أيضا ثمة تهديد آخر هو المخيمات القابعة على الحدود، التي تجمع المدنيين السوريين الفارين من بطش نظام الأسد وقواته. هناك مئات الآلاف من الناس يعيشون هناك، وسط ظروف غذائية وصحية سيئة للغاية. وبعبارة أخرى، فإن الشروط الأولى والأكثر فعالية للحماية من الفيروسات التاجية مثل التنظيف وتجنب الاتصال وعدم الوجود في الأماكن العامة قدر الإمكان غير متوفرة هناك البتة".

وتابع الكاتب: "لذلك، إذا انتشر الفيروس التاجي في سوريا، حيث البنية التحتية الصحية ضعيفة للغاية بالفعل، فإن مخيمات اللاجئين المزدحمة في شمال غرب البلاد، حيث بقي النازحون بسبب الحرب، ستكون معرضة للتهديد بشكل مضاعف"، وهو ما يشرحه مدير الهلال الأحمر التركي كركم كينك.

"ظروف سيئة"

وقال كينك في حديث نقله الكاتب: "هناك مليون شخص قريب من حدودنا وهم يعيشون في مخيمات أو خيام أو مساكن مؤقتة، والبعض يعيش في مساجد أو مراكز تجمعات للاجئين وبشكل اضطراري ومزدحم، حتى أن بعض المساجد تحوي 500 شخص دفعة واحدة، ينامون ويأكلون ويشربون ويمارسون كافة أمورهم داخل المساجد المكتظة. وعليه، هناك مخاطر كبيرة، ونحاول تقديم الدعم الذي من شأنه أن يحسن من شروط النظافة وغيرها من الإجراءات".

وأضاف: "في غضون ذلك، هناك حركة سكانية مكثفة من إيران إلى سوريا كما تستمر خدمات الرحلات بين طهران ودمشق، وهناك رحلات ذهاب وعودة لا يمكن السيطرة عليها. أيضا هناك عناصر تتجه من إيران إلى سوريا، وخاصة لأغراض مختلفة من الناحية العسكرية. وعليه، فإن الفيروس التاجي يشكل الآن خطرا جسيما في كل من دمشق وحلب، رغم أنه لم يعلن حتى اللحظة عن وصوله لإدلب، لكن احتمال وصوله في ظل الظروف الآنفة مرتفع للغاية".

وتابع مسؤول الهلال الأحمر: "لا توجد بنية تحتية صحية في سوريا، وبما أنه لا يوجد شيء اسمه الدولة السورية، دعونا نتخذ إجراء وقائيا بهذا المعنى، ونطبق الحجر الصحي، ونعزل الناس فلو حدث -لا قدر الله- وانتشر الفيروس في المنطقة سيكون الأمر سيئا للغاية. بالتعاون مع وزارة الصحة التركية، نقدم الدعم في هذه المنطقة مع 8 مستشفيات وحوالي 40 مركزا طبيا".

وأشار إلى أن "هناك يعمل نحو 2500 موظف صحي، وتتخذ تركيا الإجراءات اللازمة في نقاط العلاج أو الصحة العامة. لكن هذا لا يكفي لسوريا بكاملها، لكن على الأقل يجب حماية المناطق التي تقع تماما تحت سيطرة السلطات التركية وفي ذات الوقت محاذية تماما لها كمناطق عفرين والباب وجرابلس، وكذلك أراضي عملية نبع السلام مثل تل أبيض، ورأس العين".

منطقة عسكرية

وحين توجه الكاتب بسؤال: ماذا إذا كان التهديد كبيرا فيما لو أصيب أحد من القابعين بالمخيمات بكورونا؟ أجاب كينك، قائلا: "بما أن هذه مناطق عسكرية، فإن انتقال الناس صعب، كما أن الاحتكاك هناك ليس كبيرا، لكن، لا يوجد مطار هناك والطرق السريعة كلها باتجاه تركيا فقط".

وتابع: "يعني هذه المخيمات هي في حالة عزل، نظرا لعدم وجود أشخاص قادمين أو متجهين إليها، لم يتم نقل أي فيروس بهذا المعنى، ومع ذلك، من وقت لآخر، تمر الشاحنات التجارية، وهناك مخاطر في هذا الصدد، نأمل أن تنخفض هذه المخاوف مع ارتفاع درجة حرارة الطقس".

وكان مراقبون قد حذروا من أن الوصول المفترض لوباء كورونا إلى مناطق سيطرة المعارضة قد يتسبب بكارثة إنسانية لا يمكن التنبؤ بها أو السيطرة عليها في حال وقعت بالفعل، على اعتبار أن المنطقة تأوي مئات الآلاف من النازحين والمهجرين من قاطني المخيمات العشوائية المنتشرة على طول الحدود السورية-التركية شمالي حلب وإدلب، التي تفتقد للكثير من الخدمات الأساسية، كالمياه الصالحة للشرب وشبكات الصرف الصحي.

وأضافوا أن الخدمات والمرافق القليلة الموجودة داخل المخيمات، التي يزيد عددها عن 40 مخيما، هي مشتركة، ويستخدمها عدد كبير من العائلات، كالحمامات مثلا. ولا تتوفر في المخيمات مشاف أو مراكز طبية كبيرة، ولا وجود لنقاط تحوي أقساما للحجر الصحي في حال عثر على إصابات بالفيروس المستجد.

يذكر أن من ضمن الإجراءات المتخذة في هذا الصدد، إلغاء الزيارات للاجئين السوريين في معبر باب السلامة شمالي إعزاز اعتبارا من يوم 13 آذار/مارس 2020، وفي اليوم نفسه أغلقت الحكومة التركية معبر باب الهوى شمالي إدلب أمام حركة المسافرين لمدة ثلاثة أسابيع ابتداء من 15 من الشهر ذاته، وأبقت  على الحركة التجارية والإغاثية في المعبرين.