بعد اتفاق إدلب.. ماذا عن الملفات الأخرى العالقة بين تركيا وروسيا؟

12

طباعة

مشاركة

يسود هدوء حذر في مجمل مناطق شمالي غرب سوريا، بعد توقيع اتفاق الهدنة بشأن إدلب بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، في موسكو، بتاريخ 5 مارس/آذار 2020.

ورأى بعض الكتاب الأتراك أن الاتفاقية كانت جيدة لصالح أنقرة فيما يعتقد آخرون أن موسكو ستكون على طريق أسلافها الأمريكان والأوروبيين ولن ينفذوا أي اتفاق.

وقال الكاتب عبد القادر سيلفي: إن القرارات التي خرجت بعد القمة المطولة نسبيا بين بوتين وأردوغان كانت مهمة، سيما وأن الأزمة بين الدولتين مستمرة منذ حادثة إسقاط الطائرة الروسية قبل بضع سنوات.

قوة لتركيا

وأضاف في مقال بصحيفة حرييت: "عليه، كان لا مناص من التوصل لاتفاق بينهما وإلا فإن الشروخ في العلاقات كان سيصل إلى حد لا يمكن بعده إصلاحها".

ورأى سيلفي أن عدم تطرق الاتفاق لنقاط المراقبة التركية الـ12 في إدلب ليس عامل ضعف بل نقطة قوة، حيث أن تلك النقاط باقية ولم يتم التطرق لها أصلا وعليه فهي باتت أمرا واقعا.

وسجل الكاتب جملة من نقاط القوة في الاتفاق أبرزها: "تسجيل أردوغان أن النظام السوري هو المسؤول عن فشل اتفاق إدلب، وتأكيد بوتين على عمق ورسوخ العلاقة مع تركيا".

كما كان التأكيد على أن "الوضع الراهن الجديد أمر لا مفر منه في إدلب"، وهو المفتاح لاتخاذ خطوات أخرى، إضافة إلى تشديد أردوغان على حق بلاده في الرد حال خرق النظام للاتفاق.

هذا بالإضافة إلى إنشاء ممر آمن بطول 6 كيلو مترات على طول الطريق الإستراتيجي "إم 4"، مكسب إضافي لتركيا مدعوم بالدوريات المشتركة المقبلة. 

وصرح وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، في ٧ مارس/آذار أن بلاده ستظل قوة ردع ضد انتهاك وقف إطلاق النار في محافظة إدلب، وإنه لم يحدث أي خرق منذ سريان الاتفاق.

وأضاف: "سنبدأ دوريات مشتركة مع الروس في طريق (إم 4) اعتبارا من 15 مارس/ آذار، وبدأنا العمل بخصوص تفاصيل الممر الآمن على امتداد الطريق البري". ولتلخيص القمة في جملة واحدة، تمكن أردوغان وبوتين مرة أخرى من إيجاد حل للأزمة، بحسب سيلفي. 

ملفات إضافية

في صحيفة "ملييت"، قال الكاتب عبد الله كاركاكوش: إنه وخلال انعقاد قمة روسيا، كان هناك حدث آخر، في إسطنبول، حيث جمعت لفيفا من المسؤولين من بينهم المبعوث الأمريكي الخاص للشؤون السورية، جيمس جيفري.

وأعرب جيفري عن استمرار قلق واشنطن من صواريخ إس 400 التي تسلمتها تركيا من روسيا في 2019، معربا عن استعداد بلاده لتزويد أنقرة بالنسخة الأمريكية من هذه الصواريخ.

وأكد أن "الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا لديهم مسؤوليات. يجب أن يكون هناك حل سياسي لا عسكري، وتحت قيادة الأمم المتحدة، سيما وأن 81% من الفارين من أتون الحرب في سوريا هم من النساء والأطفال".

من جانبه، قال برهان الدين دوران، الكاتب في صحيفة صباح: إن القمة الروسية التركية كانت محط أنظار الجميع، وما زاد من أهميتها العملية العسكرية "درع الربيع" في إدلب ضد النظام السوري، وبقيت الكلمة الأخيرة للزعيمين أردوغان وبوتين وبدا من خلال المؤتمر الصحفي خطورة المؤتمر وأهميته والصعوبات التي مرت به.

وفي وقت أكد فيه أردوغان على ذلك، شدد بوتين على أهمية العلاقة بين الطرفين وفي ذات الوقت دعا لعدم تكرار ما حدث مؤخرا سيما بعد أن قال إن جيش النظام السوري لديه خسائر كبيرة وهذا يعني أنه "طالما Hk تركيا أخذت انتقامها، فالخطوة التالية بالتأكيد هي وقف إطلاق النار والاتفاق على ذلك".

ولم يستثن أردوغان باقي الملفات التي تتشارك فيها كل من روسيا وتركيا سواء إدلب وليبيا وصولا للعلاقات والتبادل التجاري بينهما. 

ورأى دوران أن هذه النتيجة تمكنت أنقرة من الحصول عليها بعد تصميم كبير، سيما عقب تدمير العشرات من أنظمة الدفاع الجوي روسية الصنع التي كانت بحوزة النظام ما أعطى مؤشرات لا لبس فيها على قرار تركيا إنهاء المهزلة المستمرة هناك.

وبهذا، أكدت تركيا أن لها كلمتها في إدلب وأنها شريك في صنع القرار وليست صاحبة ردات فعل ليس أكثر، وعليه فقد أظهرت روسيا رغم تعاونها مع الأسد أنها لا تريد أن تخسر أنقرة، لذلك رأى بوتين أن من مصلحته الخاصة العمل مع أردوغان.

مستقبل العلاقات

وبالنسبة لمستقبل العلاقات الثنائية، كانت العقلانية في منع الصراع واللجوء إلى المصالحة؛ مردها مجالات التعاون الأخيرة بين العلاقات التركية الروسية وتاريخ المفاوضات بين الزعيمين تتطلب إدارة أزمة، غير أن هذه المفاوضات حتى الآن لم تنه الأزمة، فلا يزال أكثر من ثلاثة ملايين سوري عالقين في مساحة ضيقة.

ولهذا فإن الدعم الأوروبي والأمريكي مهم أكثر من أي وقت مضى للحيلولة دون تفرد روسيا بتركيا وحدها وبالتالي لجوء أنقرة إلى أوراق الضغط المتعلقة باللاجئين وهو آخر ما ترغب به أوروبا.

وقال: "يجب على العواصم الغربية أن تدعم سياسة أنقرة لمستقبل المدنيين في إدلب وسوريا"، مضيفا: "لا بد أن يتعاملوا بشكل إيجابي مع نشر نظام الدفاع الجوي وتبادل المعلومات الاستخباراتية وإلا فإنه لم تنته عملية إدلب، كما لا يزال ضغط اللاجئين السوريين على أوروبا قائما".

بدوره كتب حسن أوزتورك في صحيفة يني شفق، أنه لا واشنطن ولا موسكو صادقين فيما يتعلق بالملف السوري، مضيفا: "على الرغم من أن الروس يفضلون التعامل مع الأسد، من المبكر القول إن الطاولة ستنقلب، في وقت تحاول أنقرة إقناع أوروبا وأمريكا بدعم موقفها المتعلق بسوريا". 

وتابع: "لقد فتحت تركيا حدودها تزامنا مع عملية درع الربيع وذلك يأتي بعد سنوات من توقيع أنقرة اتفاقا يقضي بإعادة اللاجئين ومنعهم من المرور إلى أوروبا".

مع الاتفاق، تعهدت السلطات التركية بمنع الهجرة غير النظامية إلى الاتحاد الأوروبي، في مقابل حصول المواطنين الأتراك على إلغاء التأشيرة الأوروبية وكذلك تقديم نحو ٦ مليارات يورو، بحلول نهاية عام 2018.

ولكن أي من هذا تقريبا لم يحدث، لكن كابوس 2015 حيث تدفق 14 ألف شخص إلى الاتحاد الأوروبي قد يتكرر مرة أخرى في وقت تقول أوروبا: إن أزمة اللاجئين هو أمر خاص بها وهي – أي تركيا – تستضيف 4 ملايين لاجئ هنا بدون أدنى دعم من القارة العجوز.

ويرى الكاتب "أنهم يتعاملون مع تركيا كما تعامل الغرب مع الأردن وصنعوا للملايين من الفلسطينيين الوطن البديل هناك، وبالتالي يريدون من تركيا أن تكون الوضع البديل للسوريين وهذا الأمر لم ولن تسمح به حيث حاولت إنشاء مناطق آمنة في سوريا وكانت إدلب من المناطق التي توصف بأنها منطقة خفض تصعيد، عبر اتفاقيات سوتشي وأستانة.

وجرى التوقيع على مذكرة تفاهم مع تركيا يوم 22 "أكتوبر/تشرين الأول" 2019 في نطاق مباحثات السلام في سوتشي خلال عملية نبع السلام. لكن وعلى الرغم من سيل الاتفاقيات، لم يف أي من الأطراف الغربية سواء الولايات المتحدة أو روسيا أو حتى الاتحاد الأوروبي بوعوده، وهذا يعني مرة أخرى أن تقوم تركيا بما يقع عليها من مهمات وحدها.