إسقاط الطائرة الأوكرانية.. كيف أضعف قدرة إيران على الثأر لسليماني؟

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية: إن اعتراف طهران بإسقاط الطائرة الأوكرانية، يعتبر تحولا جذريا في موقفها بعد أيام من التوتر في المنطقة.

واعترفت إيران بأنها أسقطت الطائرة في 8 يناير/كانون الثاني الجاري بشكل غير متعمد وظنا منها أنها طائرة معادية، مما أسفر عن مقتل  176 شخصا.

وجاء إسقاط الطائرة في نفس اليوم الذي ضربت فيه صواريخ إيران القواعد الأمريكية في العراق ردا على اغتيال واشنطن قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري.

وأكدت إيران فور سقوط طائرة بوينغ أن المشكلات الميكانيكية هي السبب. وكانت الرحلة رقم PS752 متجهة إلى تورنتو في كندا عبر العاصمة الأوكرانية كييف.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الرئيس الإيراني حسن روحاني "إن جمهورية إيران الإسلامية تأسف بشدة لهذا الخطأ الكارثي".

خطأ كارثي

وقالت فرانز فسيحي المراسلة العسكرية والخبيرة في الشؤون الإيرانية بصحيفة نيويورك تايمز: إن الجيش الإيراني أعلن في وقت مبكر 11 يناير/كانون الثاني أنه أسقط بطريق الخطأ طائرة ركاب أوكرانية، وألقى باللوم على خطأ بشري بسبب ما أسماه انحراف حاد وغير متوقع نحو قاعدة عسكرية حساسة.

وأشارت الكاتبة إلى أن الضغط الدولي كان يتزايد على إيران لتحمل المسؤولية عن إسقاط الطائرة، بينما خلصت تقييمات المخابرات الأمريكية والحليفة إلى أن الصواريخ الإيرانية أسقطت الطائرة، على الأرجح عن طريق الخطأ، وسط توترات متزايدة بين الولايات المتحدة وإيران.

وقال روزبه ميرمبراهيم، المحلل الإيراني المستقل في نيويورك والمستشار لدى الأمم المتحدة: "إن مصداقية طهران المتآكلة تلقت ضربة كبيرة الليلة. وهذه المأساة تقوض الصورة التي نمتها إيران كقوة عسكرية، وتضعفها بشكل كبير على الصعيدين الإقليمي والدولي".

على وسائل التواصل الاجتماعي، بدأ الإيرانيون في التعبير عن الغضب تجاه جيشهم بعد فترة وجيزة من الإعلان. وانتقد كثير منهم مصطلح "الانتقام الأشد"، والذي وعد المسؤولون مرارا وتكرارا بتنفيذه في أعقاب اغتيال قاسم سليماني.

وكتب الصحفي مجتبى فتحي "كان من المفترض أن ينتقموا بشدة من أمريكا، وليس الشعب".

وقال الجيش الإيراني في بيانه: إن الطائرة كانت قد اتخذت نفس ارتفاع وسرعة طيران الأهداف المعادية وانحرفت لتقترب من قاعدة فيلق الحرس الثوري الإيراني، مضيفا أنه "في ظل وضع الطائرة واقترابها، وبسبب خطأ بشري اٌعتبرت هدفا معاديا وتم إسقاطها".

وتعهد الجيش الإيراني في بيانه بأنه سيجري إصلاحات كبيرة في عمليات القوات المسلحة للتأكد من عدم حدوث مثل هذا الخطأ مرة أخرى. وأضاف أن مسؤولي الحرس الثوري قد أمروا بالظهور في وسائل الإعلام الحكومية لشرح ملابسات الحادث للشعب الإيراني.

ما علاقة أمريكا؟

من جانبه أصدر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بيانا حاول فيه إلقاء اللوم على الولايات المتحدة، قائلا على تويتر: إن الكارثة سببتها المغامرة الأمريكية.

وقال بيان الجيش: إن هناك معلومات تشير إلى أن الولايات المتحدة كانت تستعد لاستهداف المواقع الحساسة وأهداف متعددة في بلادنا، وهذا أدى إلى اتخاذ موقف دفاعي أكثر حساسية من قبل وحداتنا المضادة للطائرات.

وكان الإيرانيون قد طلبوا من  المجلس القومي لسلامة النقل المساعدة في التحقيق، ومنحت وزارة الخارجية إعفاءات للسماح للوكالة الأمريكية بالمساعدة.

وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية في 10 يناير/كانون الثاني الجاري: إنه يعتقد أن الإيرانيين يريدون من محققين أمريكيين أن يدعموا افتراضهم القائل بأنهم لا يعرفون سبب تحطم الطائرة.

وقال المسؤول الأمريكي، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول لمناقشة هذه الأمور علنا: إن الجيش الإيراني افتقد القيادة والسيطرة، وانعكس هذا على ما حدث مع الطائرة.

وأضاف أن الاتصالات بين المسؤولين والوحدات غالبا ما تكون غير موجودة، ويمكن أن يكون الارتباك قد ساد الأوساط العسكرية في طهران، لافتا إلى أن المحللين الغربيين كثيرا ما يبالغون في تقدير قدرة أجزاء من الجيش الإيراني.

وبث التلفزيون الحكومي في إيران لقطات قال إنها أظهرت وجود وحدتين مسجلتين للطيران جرى استعادتهما من موقع الحادث. وقال حسن رزيفار رئيس فريق التحقيق الإيراني: إن معالجة بياناتهم قد تستغرق أكثر من شهر، وقد يستمر التحقيق ما يصل إلى عامين.

أسباب سقوطها

وجاء الإعلان العسكري كمفاجأة، حيث كان المسؤولون الإيرانيون يفكرون فيما إذا كان عليهم إلقاء اللوم على معدات الطائرات المعيبة في الاعتراف بأن الصواريخ الإيرانية أسقطت الطائرة، وفقا لأربعة إيرانيين مطلعين على المداولات.

حتى اليوم 11 يناير/كانون الثاني، كانت وكالة الاستخبارات الرئيسية في أوكرانيا، والمعروفة باسم S.B.U. تقول: إنها ضيقت احتمالات أسباب سقوط الطائرة إلى ضربة صاروخية أو عمل إرهابي.

وقال تقرير إيراني صدر في التاسع من الشهر الجاري: إن الطائرة التي كانت متجهة إلى العاصمة الأوكرانية كانت مشتعلة قبل أن تصل إلى الأرض لكنها لم ترسل أي إشارة استغاثة.

وتحققت "نيويورك تايمز" من شريط فيديو نشر يوم 9يناير،كانون الثاني الجاري، تقول: إنه "يظهر صاروخا أطلق من الأراضي الإيرانية أصاب الطائرة".

كما أظهر الفيديو انفجارا صغيرا عندما حلقت الطائرة فوق باراند، وهي مدينة تقع في محافظة طهران بالقرب من المطار، حيث توقفت عن إرسال الإشارة قبل تحطمها، ثم ما لبثت الطائرة أن عادت نحو المطار قبل أن تنفجر وتتحطم.

جدير بالذكر أن شركات الطيران الدولية كانت قد أعادت توجيه الرحلات الجوية بعيدا عن إيران عندما بدأت في إطلاق الصواريخ ردا على مقتل الجنرال سليماني، وحظرت إدارة الطيران الفيدرالية شركات الطيران الأمريكية من المجال الجوي في المنطقة.

ردود فعل

وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في 10 يناير/كانون الثاني الجاري: إن الولايات المتحدة وحلفاءها لديهم معلومات استخبارية تبين أن طائرة الركاب قد أسقطت.

ودعا رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، إلى إجراء تحقيق كامل "للاقتناع بما لا يدع مجالا للشك" برواية طهران، حيث كانت الطائرة تقل 57 كنديا من بين 176 راكبا وطاقمها.

وقال ترودو بمؤتمر صحفي في أوتاوا: "نحن ندرك أن هذا ربما تم عن طريق الخطأ، حيث تشير الأدلة بوضوح شديد إلى سبب محتمل للحادث".

وأوضح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الحكومات الغربية لم تشارك في البداية، الأدلة التي تدعم تقييماتها بأن إيران أسقطت الطائرة الأوكرانية، رغم أن متحدثة باسمه قالت في وقت لاحق: إن المسؤولين الأمريكيين سلموا المزيد من المعلومات.

وقال زيلينسكي في بيان يوم الجمعة: "هدفنا هو التأكد من الحقيقة التي لا يمكن إنكارها". "نعتقد أن هذه هي مسؤولية المجتمع الدولي بأسره أمام أسر الموتى وذاكرة ضحايا الكارثة".

بدوره، أوضح وزير الخارجية الأوكراني فاديم بلتيكو في مؤتمر صحفي أن المسؤولين الأوكرانيين حللوا أيضا نمط رحلة الطائرة وقرروا أنها بقيت داخل الممر المعتاد للرحلات الجوية خارج مطار الإمام الخميني الدولي بطهران.