السلطات لا تفصح عن الجهات المتورطة.. من وراء التفجيرات والخلايا المسلحة بالأردن؟
“من المبكر توجيه اتهامات لأي طرف”
منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى” وما أعقبها من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تعلن السلطات الأردنية باستمرار إحباط محاولات لتهريب أسلحة ومتفجرات والقبض على خلايا مسلحة، لكنها لم تكشف عن الجهات التي تقف وراءها.
ومع كل إعلان للسلطات، تُدلي مصادر أمنية أردنية (لا تكشف عن هويتها) بتصريحات إلى وكالات دولية تتهم تارة فيها إيران بالوقوف وراء تهريب الأسلحة إليها، وتارة أخرى ترمي بالتهمة على جماعة الإخوان المسلمين بالأردن بزعم إرسالها إلى حركة المقاومة الإسلامية “حماس”.
بيانات غامضة
وفي 25 يونيو/ حزيران 2024، كشفت السلطات الأمنية الأردنية، عن ضبط متفجرات في محل تجاري يقع بالعاصمة عمّان جرى تفجيرها عبر الأجهزة المختصة، حسب بيان صادر عن مديرية الأمن العام.
يأتي ذلك، بعد يومين فقط من إعلان السلطات ضبط متفجرات في منزل بمنطقة ماركا الجنوبية، ضمن تطورات قضية تبين أنها تعود للمجموعة ذاتها التي خزنت هذه المتفجرات في كلا الموقعين، دون إعلان تفاصيل تتعلق بهوية المتورطين.
وأفاد البيان بأن "التحقيقات التي بدأت بشأن منزل ماركا الجنوبية، أفضت إلى الكشف عن موقع آخر لمحل تجاري يقع في منطقة أبو علندا داخل العاصمة أيضا للمجموعة ذاتها، حيث طوقت الأجهزة الأمنية المنطقة، وعزلت محلاً تجاريا استُخدم لتخزين المتفجرات".
وأضاف البيان أن "فرقا من سلاح الهندسة الملكي والأجهزة الأمنية أشرفت على تفجير المواد المخزنة داخل المحل التجاري بأعلى درجات المهنية والحرفية، ودون أية إصابات وأضرار تذكر".
ولم تفصح السلطات الأردنية عن الجهات المسؤولة أو ما إذا كانت قد ألقت القبض على أحد، مؤكدة أنها ستكشف التفاصيل بعد انتهاء التحقيقات.
وفي 15 مايو، نقلت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" عن مصدر مسؤول لم تسمه، أن "الأجهزة الأمنية أحبطت محاولة تهريب أسلحة إلى المملكة أرسلت من قبل مليشيات مدعومة من إحدى الدول إلى خلية في الأردن".
وأشارت "بترا" الرسمية إلى أنه "في الأشهر الأخيرة أحبطت الأجهزة الأمنية محاولات عديدة لتهريب أسلحة، بما في ذلك ألغام كلايمور، ومتفجرات (سي فور)، وسمتكس، وبنادق كلاشينكوف، وصواريخ كاتيوشا عيار 107 ملم".
وهو أمر سبق أن أشارت إليه الوكالة ذاتها عدة مرات من قبل دون أدلة مؤكدة عليه، لكن مصادر أردنية قالت إنها ربما محاولات من جانب أردنيين غاضبين لفتح معركة مع الاحتلال عبر الحدود واستهداف جنوده، ردا على الإبادة الإسرائيلية في غزة.
وسبق أن كشف الجيش الأردني في 26 فبراير/ شباط 2024 "عن إحباط محاولة تهريب أسلحة وقنابل يدوية عبر طائرة مسيرة مفخخة قادمة من سوريا"، لكنه لم يكشف عن الجهة التي تقف وراءها.
وعلى مدار عام 2023، لا سيما بعد عملية "طوفان الأقصى" وما أعقبها من عدوان إسرائيلي على غزة، أعلنت الأجهزة الأمنية الأردنية مرات عدة أنها أحبط العديد من المحاولات التي قام بها متسللون من سوريا، لتهريب السلاح.
إيران والإخوان
وفي ظل غياب أي رواية رسمية صريحة عن الجهات التي تقف وراء الأسلحة والمتفجرات، فقد نقلت وكالة "رويترز" البريطانية في 25 يونيو، عن مصادر أمنية أردنية (لم تكشف هويتها)، أنها "جزء من مؤامرة مرتبطة بإيران لزعزعة استقرار حليف رئيس للولايات المتحدة".
وكشفت تلك المصادر الأمنية أن بعض الأسلحة كان متجها إلى الضفة الغربية المجاورة التي تحتلها إسرائيل، مضيفة أنها "ألقت القبض على عدد من الأردنيين المرتبطين بمسلحين فلسطينيين".
وأشاروا إلى أن “هذه الوقائع متعلقة بالإرهاب، نظرا لكميات المواد المتفجرة التي تم العثور عليها”.
وفي 15 مايو، أفادت وكالة "رويترز" بحسب "مصدرين أردنيين مطلعين على الأمر"، بأن "الأردن أحبط مؤامرة تقودها إيران لتهريب أسلحة إلى المملكة لمساعدة معارضي النظام الملكي الحاكم على تنفيذ أعمال تخريبية".
الوكالة نقلت عن هذه المصادر أن “الأسلحة أرسلتها فصائل مدعومة من إيران في سوريا إلى خلية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن لها صلات بالجناح العسكري لحركة حماس”، وفق زعمها.
وادعت "رويترز" أن "الأمن الأردني استولى على مخبأ السلاح، عندما ألقى القبض على أعضاء الخلية، وهم أردنيون من أصل فلسطيني، في أواخر مارس 2024".
وفي اليوم ذاته، عبّرت جماعة الإخوان المسلمين، عن استهجانها من الخبر الصادر عن وكالة "رويترز" الذي يخالف كل معايير المهنية والموضوعية ويزج باسم الجماعة في وقائع لا علاقة لها بها.
وقال الناطق الإعلامي باسم الجماعة معاذ الخوالدة، إن “رويترز نسبت روايتها لمصادر مجهولة غير معروفة دون أن تكلف نفسها عناء التواصل مع قيادة الجماعة للتأكد من صحة المزاعم التي أوردتها قبل العمل على نشرها والتعاطي معها على أنها حقائق”.
وشدد الخوالدة على أن “سياسة الجماعة المستقرة لم تتغير، فهي حريصة على أمن الأردن واستقراره وهذا ثابتٌ من ثوابتها الوطنية الراسخة”، مؤكدا أنه “لم يعهد عن الجماعة على مدار تاريخها منذ عقود خلاف ذلك”.
وأضاف “وفي هذا السياق تستهجن الجماعة الزج باسمها بمثل هذه الوقائع التي لا علاقة لها بها”، منوها في الوقت ذاته إلى أن "أي سلوك يخالف سياسات الجماعة وقراراتها يمثل مرتكبه فقط".
ولفت الخوالدة إلى أن “نشر مثل هذه الأخبار في هذا التوقيت خلفه نوايا وأهداف مقصودة لا تريد بالأردن خيرا، وتسعى لخلط أوراق المشهد الوطني، لبث الفرقة فيه في توقيت مُريب يتعرض فيه قِطاعُ غَزة لحرب إبادة صهيونية”.
بدورها، استهجنت حماس في بيان، "التسريبات الإعلاميّة التي تشير إلى علاقة الحركة بأعمال وُصِفت بأنها تخريبية تم التخطيط لتنفيذها في الأردن"، مؤكدة أنه "لا علاقة لها بأي أعمال تستهدف الأخير، وهي لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول".
استقطاب إعلامي
وبخصوص عدم إفصاح سلطات الأردن رسميا عن الجهات التي تقف وراء تهريب السلاح والخلايا المسلحة، قال الكاتب والمحلل السياسي الأردني حازم عيّاد، إن "الأمر حاليا ما يزال يخضع للتكهنات الإعلامية والميول والتوجهات للأطراف التي تعلق على الملف".
وأضاف عيّاد لـ"الاستقلال" أن "التأخير في الكشف عن المتورطين هو أمر أعتقد يرتبط بالتحقيقات بشكل أساسي خصوصا أن المداهمات لم تنته على الأرجح، إذ جرت على مراحل وفي أكثر من موقع ويمكن أن تتواصل".
ويرى أن "التكهنات بشأن العمليات هذه تعكس الاستقطاب الإقليمي والإعلامي التقليدي في المنطقة ولا أعتقد أنها تمثل الحقيقة، فضلا عن أن تكون قريبة منها".
وأكد عيّاد أنه "من المبكر توجيه اتهامات لأي طرف، وأن الدولة الأردنية حذرة جدا في إصدار أي بيانات إلا بعد استكمال تحقيقاتها، فالأمر أعقد من أن يتم الانجرار فيه لميول إعلامية".
وتابع: "يترتب على أي اتهام للدول إجراءات دبلوماسية، قد تمتد إلى تقديم شكوى لدى مجلس الأمن الدولي في حال تورط دول، لذلك أستبعد أن تكون الأمور بهذه البساطة، وإطلاق اتهامات جزافا من دون وجود تحقيقات مهنية ودقيقة".
وفي 3 أبريل/ نيسان 2024، أعلنت "كتائب حزب الله" العراقية في بيان لمسؤولها الأمني أبوعلي العسكري أنها جهّزت أسلحة وقاذفات ضد الدروع وصواريخ تكتيكية لـ"مقاتلين"، تحت اسم "المقاومة الإسلامية في الأردن".
وقال “العسكري”، إن "المقاومة الإسلامية في العراق أعدت عدتها لتجهيز المقاومة الإسلامية في الأردن بما يسد حاجة 12 ألف مقاتل من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقاذفات ضد الدروع والصواريخ التكتيكية وملايين الذخائر وأطنان من المتفجرات، لنكون يدا واحدة للدفاع عن إخوتنا الفلسطينيين".
وأفاد في منشور على قناته في تطبيق "تلغرام"، بجهوزية "المقاومة في العراق بالشروع في التجهيز"، متابعا "يكفي في ذلك التزكية من حماس أو الجهاد الإسلامي، لنبدأ أولا بقطع الطريق البري الذي يصل إلى الكيان الصهيوني".
وتضم "المقاومة الإسلامية" في العراق بشكل أساسي، خمس جماعات، هي: "كتائب حزب الله"، و"عصائب أهل الحق"، و"حركة النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء" و"كتائب الإمام علي"، إضافة إلى بعض الفصائل الصغيرة مثل “أنصار الله الأوفياء"، و"لواء الطفوف".
وبين الحين والآخر تعلن المليشيات الشيعية في العراق، تحت عنوان "المقاومة الإسلامية في العراق"، شن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على الاحتلال الإسرائيلي، في سياق الرد على العدوان على قطاع غزة الذي بدأ في السابع من أكتوبر 2023.
المصادر
- فيديو يرصد الحادثة.. السلطات الأردنية توضح طبيعة "انفجار عمّان"
- الأردن: قوات الأمن تعثر على متفجرات بمخزن تجاري بالعاصمة عمان وتفجرها
- للمرة الثانية خلال أسبوع.. الأردن يكشف عن ضبط متفجرات جديدة في قضية "ماركا الجنوبية"
- الأردن يدعي إحباط تهريب أسلحة إلى "معارضين للحكم الملكي".. ما الحقيقة؟
- لإسناد غزة.. ما حقيقة تسليح المليشيات العراقية لـ"مقاتلين في الأردن"؟
- الأردن يحبط مؤامرة أسلحة مرتبطة بإيران وحماس تنفي تورطها