بقيادة أميركا.. ما حقيقة التحضير لـ"عملية برية" ضد الحوثيين في صنعاء؟
"إذا حصلت العملية فستكون واحدة من التحولات المهمة التي يمكن أن توصل اليمن لمرحلة مختلفة تماما"
مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، تحدثت وسيلة إعلامية تابعة لحزب الله اللبناني، عن أن الولايات المتحدة والغرب يحضّرون إلى معركة برية محتملة في صنعاء التي تسيطر عليها جماعة الحوثي منذ عام 2014.
ومنذ 23 سبتمبر/ أيلول 2024، يشن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا هو الأعنف والأوسع والأكثر كثافة على لبنان منذ بدء المواجهات مع حزب الله اللبناني في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ومنذ "حرب تموز" عام 2006، ما أسفر عن مئات القتلى وآلاف الجرحى وعشرات آلاف النازحين.
"الورقة الأخيرة"
بحسب تقرير نشرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية في 24 سبتمبر، فإن "ثمة معركة برية محتملة تجاه صنعاء يجرى التحضير لها، وسط تصاعد الحراك الأميركي - الغربي الخاص بالترتيب للمعركة".
وذكرت الصحيفة التابعة لحزب الله اللبناني أنه "يجرى ذلك في سياق لقاءات عدة عُقدت بين رئيس المجلس الرئاسي اليمني (رشاد العليمي)، وعدد من القيادات العسكرية الأميركية، وجرى خلالها بحث خيارات الفصائل (اليمنية) بوجه الحوثيين".
في الوقت نفسه، تضيف الصحيفة، أن "وزير الدفاع في الحكومة اليمنية، اللواء محسن الداعري، اجتمع خلال الساعات الماضية، مع قيادات عسكرية فرنسية وبريطانية وأميركية في الرياض".
وأضافت أن "الداعري طالب الفرنسيين والبريطانيين بدعم قواته العسكرية وفصائله المتعدّدة التابعة للتحالف (السعودي الإماراتي) بالعتاد العسكري اللازم، بدعوى تأمين الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين، وهو ما يؤكد وجود توجه أميركي- غربي لتصعيد عسكري خلال الفترة المقبلة في مختلف الجبهات اليمنية".
وفي 23 سبتمبر، نشرت وكالة "سبأ" اليمنية الرسمية، أن الداعري التقى الملحق العسكري البريطاني العقيد جوناثان فريم، والملحق العسكري الفرنسي المقدم جونيد جوده كل على حدة، لبحث مستجدات الأوضاع العسكرية وسبل تعزيز التعاون الثنائي في المجالات العسكرية والأمنية ومكافحة الإرهاب.
وفي كلا اللقاءين، طالب الوزير البريطانيين والفرنسيين بدعم "قدرات القوات المسلحة اليمنية بما يمكنها من أداء مهامها ومسؤولياتها كشريك فاعل في تحقيق الأمن البحري ومكافحة الإرهاب".
وتعلق الصحيفة اللبنانية على اللقاءين، بالقول إن هذه "إشارة واضحة إلى رغبة الحكومة (الشرعية) في المشاركة العسكرية مع الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، في حماية الملاحة الإسرائيلية التي حظرت صنعاء عبورها من البحر الأحمر وباب المندب".
وتابعت: "رغم أن الوزير اليمني سبق أن قدّم أكثر من طلب بهذا الشأن، وتمّ رفضه من قبل الأميركيين والأوروبيين، إلا أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تدفع هذه المرة إلى دعم الخطة التصعيدية في اليمن".
وأشارت صحيفة حزب الله اللبناني إلى أن "واشنطن تتّجه إلى تفعيل آخر أوراقها العسكرية في اليمن، بالتزامن مع اتساع نطاق الاعتداءات الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة".
وخلصت الصحيفة إلى أن "العمليات الأميركية المنشودة تستهدف تحييد جماعة الحوثي في صنعاء وإضعاف قدراتها ومنعها من مواصلة هجماتها الصاروخية الباليستية على السفن التجارية والحربية المحظور مرورها في البحر الأحمر وخليج عدن".
وتواصل جماعة الحوثي شن هجمات بالبحر الأحمر وبحر العرب، ضد السفن المرتبطة بإسرائيل، لدعم الفلسطينيين في غزة التي تتعرض لإبادة متواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وضمن تحالف أطلق عليه اسم "حارس الازدهار" في يناير/كانون الثاني 2024، توجه الولايات المتحدة مع بريطانيا وأكثر من 20 دولة متحالفة معهما، مئات الضربات الجوية على الحوثيين، في محاولة لوقف هجمات الأخيرة على السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر.
"خيار محتمل"
وعن حقيقة ما أوردته الصحيفة اللبنانية، قال الخبير في الشأن اليمني، ياسين التميمي، إنه "لا يوجد حاليا أي مؤشر على وجود عملية عسكرية يدعمها التحالف الغربي لاجتياح صنعاء بريا، وإذا حصل فسيكون واحدا من التحولات المهمة التي يمكن أن توصل اليمن إلى مرحلة مختلفة تماما".
وأكد لـ"الاستقلال" أن "هذا الأمر إما أنه يخضع لتكتم شديد بحيث تنفذ هذه العملية البرية بأقل تكاليف ممكنة، أو أنه تهويل لإظهار أن ما يحصل في لبنان وما سيحدث باليمن هو جزء من مؤامرة غربية - عربية مشتركة للقضاء على (محور المقاومة)".
واستدرك قائلا: "لكن في كل الأحوال، فإن هذا الاحتمال (العملية البرية) لا يمكن أن يُستبعد، وما ندركه حتى الآن هو أن أميركا حتى وهي تخوض مواجهة مع الحوثيين فهي ضمن الحدود المقبولة وضمن قواعد الاشتباك، وأرادت واشنطن ذلك للتنفيس ليس أكثر".
وشدد التميمي على أنه "ما ينسب حاليا للحوثيين ليس واقعيا، سواء على مستوى الصواريخ أو الطائرات المسيّرة التي ينتهي بها المطاف إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، لأننا نعرف أن الهجمات تأتي من أطراف مختلفة، لكن يتم تبادل الأدوار في إطار المحور الإيراني".
وبخصوص دعم التحالف العربي لمثل هذه العملية، قال التميمي: "لم يعد هذا التحالف موجودا باليمن، وإنما توجد السعودية وترتب لعمليات السلام، وتوجد الإمارات المنسحبة وتتدخل باليمن ضمن اتفاقية مشتركة مع الحكومة اليمنية لمكافحة الإرهاب".
وأكد التميمي أن "أميركا والسعودية إذا قررتا القيام بعملية عسكرية برية في صنعاء، فليس للحكومة الشرعية اليمنية إلا أن تستجيب بطبيعة الحال".
وأشار الخبير اليمني إلى أن "حكومة الشرعية اليمنية تريد ذلك (عملية برية) منذ زمن، لكنها كانت دائما تقابل بعوائق تضعها السعودية والتحالف الدولي، لكن إذا رغب هذان الطرفان الآن في العملية البرية باتجاه صنعاء، فإن الحكومة ستكون متحمسة للقيام بهذا الدور".
"مؤامرة جديدة"
ما نشرته الصحيفة اللبنانية، لم يكن الحديث الأول من نوعه بخصوص وجود تحركات غربية مع دول عربية لشن عملية عسكرية برية في اليمن، وتحديدا صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، والتي وصفتها حينها قيادات هذه الجماعة بأنها "مؤامرة جديدة".
وفي 26 أبريل 2024، نشر موقع "شاشوف" اليمني، تقريرا ذكر فيه أن هناك مخاوف في صنعاء من استعدادات لمواجهة تحركات أميركية بريطانية بمشاركة عدد من الدول العربية لشن عملية برية جوية ضد اليمن.
وأشار التقرير إلى أن "الترتيبات الأميركية البريطانية قائمة على قدم وساق لشن هجوم على اليمن بمشاركة دول التحالف (العربي) وقوات عسكرية تابعة للشرعية".
وبيّن التقرير أن "الولايات المتحدة نقلت سربا من طائرات (إف 16) قاعدة الملك سلمان الجوية في السعودية إضافة إلى وصول قيادات عسكرية أميركية للرياض".
ونقل التقرير عن القيادي الحوثي، علي القحوم، أن "هناك مؤامرة جديدة تحاك على اليمن من بريطانيا وأميركا وضغط على بعض دول المنطقة وحشد دعم واستجلاب المقاتلين من مختلف أصقاع العالم بالتزامن مع حملة تضليل إعلامية رهيبة بغية تأجيج الوضع داخليا وخارجيا".
وبحسب القيادي الحوثي، فإن "المؤشرات واضحة والترتيبات قائمة لتوسيع العدوان على اليمن، وأن أي اعتداء على اليمن سيكلفهم الثمن باهظا وستكون النتائج وخيمة ووبالا عليهم، وأن لهم العبرة مما مضى إن كانوا يعتبرون".
وأكد القحوم أن "على أميركا وبريطانيا تحمل الضربات اليمنية وأن مصالحهم ستتضرر وقواعدهم ستضرب وسفنهم وقطعهم العسكرية ستغرق على يد اليمن وشعبها".
ولفت القيادي الحوثي إلى أن "اليمن يمتلك من عوامل القوة ما يمكنه من رد الصاع صاعين ومن كسر الغطرسة والعنجهية واقتلاع المشاريع الاستعمارية من اليمن والمنطقة برمتها وعلى الباغي تدور الدوائر، وأن الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت".
وتراجعت حدة القتال في الأراضي اليمنية بشكل ملحوظ بعد اتفاق على وقف إطلاق النار، الذي توسّطت فيه الأمم المتحدة، ودخل حيّز التنفيذ في أبريل/ نيسان 2022، إذ لا تزال هذه الهدنة سارية إلى حد كبير حتى بعد انتهاء مفاعيلها في أكتوبر من العام نفسه.
المصادر
- آخر الأوراق الأميركية في اليمن: استعدادات لدعم هجوم برّي
- التحضيرات الأمريكية البريطانية لعملية عسكرية في اليمن: تهديدات وتحذيرات تتصاعد في المنطقة
- مخطط لاستهداف 3 محافظات.. هل يشعل الحوثيون حربا جديدة في اليمن؟
- في ثالث أيام التصعيد.. إسرائيل تكثف غاراتها ليلا بأنحاء لبنان
- وزير الدفاع يؤكد استمرار إيران في تهريب الأسلحة والخبراء عبر ميناء الحديدة ..اخبار محلية