ردا على إسقاط الأسد.. هل تمد إيران "العمال الكردستاني" بمسيرات لضرب تركيا؟
"لدى تركيا إمكانيات عسكرية تفوق ما تمتلك المليشيات الإيرانية"
مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا على يد فصائل المعارضة، بتأييد تركي واضح، تدور تساؤلات عن مدى تنفيذ مليشيات إيران في العراق تهديداتها بتجهيز حزب العمال الكردستاني بطائرات مسيرة، ردا على دعم أنقرة إسقاط النظام السوري.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، تمكنت المعارضة السورية المسلحة من السيطرة على العاصمة دمشق، وفر رئيس النظام بشار الأسد من البلاد، وذلك قبل أن تعلن موسكو لاحقا أنه وصل إلى أراضيها، وقررت منحه وعائلته حق اللجوء الإنساني.
تهديدات حقيقية
وفق تصريح أدلى به المقرب من المليشيات العراقية، حيدر الموسوي، رئيس مركز "القرار" العراقي للدراسات، فإن هذه الفصائل هددت الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان بتجهيز حزب العمال الكردستاني "بي كا كا" بالمسيرات ردا على أحداث سوريا.
وبحسب موقع “الساعة” العراقي، فإن الموسوي، أكد في 6 ديسمبر 2024، أن "الفصائل هددت أردوغان بأنه ستجهز حزب العمال الكردستاني بالطائرات المسيرة في حال استمرار تركيا بدعم المعارضة السورية".
ومن دون أن يكشف متى وكيف هددت المليشيات الشيعية، أردوغان، أشار الموسوي إلى أن الأخير "أبلغ محمد شياع السوداني (رئيس الوزراء العراقي) بأن تركيا لن تسكت في حال تحرك حزب العمال الكردستاني"، وفق رواية الباحث العراقي.
وفي 3 ديسمبر، ذكرت الرئاسة التركية، أن الرئيس أردوغان أكد في اتصال مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أن أولوية تركيا هي الحفاظ على الهدوء خارج حدودها ومنع لحاق الأذى بالسكان المدنيين.
وأشار أردوغان خلال الاتصال إلى أن تركيا اتخذت وستتخذ تدابير تتماشى مع أمنها ومصالحها لمنع تنظيم "بي كا كا" وأذرعه من الاستفادة من التطورات الأخيرة في سوريا.
ومع إطلاق المعارضة السورية عملية "ردع العدوان" في 27 ديسمبر، أبدى عدد من قادة المليشيات العراقية، ومنهم أبو آلاء الولائي زعيم "كتائب سيد الشهداء"، وشبل الزيدي قائد "كتائب الإمام علي"، دعمهم للنظام السوري، ومهددين تركيا التي اتهموها بدعم التطرف هناك.
وكتب الولائي على منصة "إكس" في 1 ديسمبر، أن أردوغان مازال يغامر بمستقبله السياسي، وأن على تركيا أن تفهم بأن "سوريا لن تكون مكبا لنفاياتكم البشرية ثانية، وكما أسهمنا برد كيدكم عنها بالأمس، فإننا جاهزون اليوم بعزيمة أكثر تصميما وإيمان أكبر عمقا".
من جهته، قال شبل الزيدي عبر تدوينة على "إكس" في 7 ديسمبر، إن "الدور التركي واضح وجلي للعيان فهو الداعم والمحرض الرئيس للفوضى والعنف والتطرف في المنطقة، وخصوصا سوريا"، داعيا إلى تدخل عراقي رسمي علني في الشأن السوري.
وتدخلت المليشيات العراقية للقتال إلى جانب النظام السوري بعد عام من اندلاع الثورية السورية، وتحديدا عام 2012، بحجة الدفاع عن "المراقد المقدسة" الشيعية، كما هو الحال لباقي المليشيات التابعة لإيران، واتهمت بارتكاب مجازر بحق الشعب السوري.
انتقام وارد
وتعليقا على هذه التهديدات، قال الباحث العراقي، علي المساري، إن "هذه الخطوة من الممكن أن تتخذها مليشيات إيران عبر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل الطالباني، كونه يتمتع بعلاقة مع الطرفين".
وتختلف أنقرة مع "الاتحاد الوطني الكردستاني" الذي يدير الحكم في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، وطالما اتهمته بدعم حزب العمال الكردستاني، وشنت العديد من الغارات الجوية على السليمانية، استهدفت فيها أعضاء من "بي كاكا" المصنفين على لوائح الإرهاب في تركيا.
وأضح المساري لـ"الاستقلال" قائلا: "لكن إذا حصل ذلك، فإن سلاح الجو التركي لن يترك المليشيات العراقية من دون استهداف، والتي قد ترد عليها الأخيرة بضرب أهداف تركية في العراق، لا سيما وجودهم العسكري في معسكر زليكان بمدينة الموصل".
وتأسس معسكر "زليكان" التركي عام 2014 عقب اجتياح تنظيم الدولة للأراضي العراقية وسيطرته على محافظة نينوى (مركزها الموصل)، حيث طلب الجانب العراقي من أنقرة إرسال قوات تركية (لا يعرف تعدادها) مهمتها تدريب متطوعين من أبناء المدينة لاستعادتها من التنظيم.
ولفت الباحث العراقي إلى أن "المليشيات العراقية اليوم، لن تستطيع قصف إسرائيل بصواريخها، لأنها كانت في السابق تستخدم الأراضي السورية، وبالتالي قد تدير وجهة استهدافها إلى قوات تركيا في العراق، لاستفزازها بعد وقوف الأخيرة إلى جانب المعارضة في سوريا".
ورأى المساري أن "خطوة تسليم طائرات مسيرة إلى العمال الكردستاني، لن تشكل أهمية كبيرة لدى تركيا التي لديها إمكانيات عسكرية تفوق ما تمتلك المليشيات و(بي كاكا)، وبالتالي هي قادرة على التعامل مع أي تهديد يصدر منهما".
وبيّن الباحث أن "المليشيات الشيعية ليست لديها أخلاق فرسان وقد تفعل كل شيء، ولكنهم يبقون تحت تصرف إيران كونها هي من تمتلك قرارهم، لذلك الأخيرة هي المسؤولية عن أي تصعيد يصدر منهم ضد تركيا، ولاسيما ضد القوات الموجودة في الأراضي العراقية".
وأكد المساري أن "إيران خسارتها كبيرة، لأن الهلال الشيعي كُسر (لبنان وسوريا والعراق وإيران)، وهذه المرة ليس بفعل إسرائيل كما حصل مع حزب الله اللبناني، وإنما بدعم تركي للمعارضة السورية، التي أسقطت حليفا لطهران طيلة ستة عقود، بالتالي الرد الانتقامي الإيراني أمر وارد".
هجمات متواصلة
وكثيرا ما يتعرض معسكر "زليكان" التركي في الموصل العراقية إلى هجمات صاروخية، تتهم بتنفيذها مليشيات شيعية، وكان آخرها استهدافه بأربعة صواريخ في 6 ديسمبر 2024، سقطت جميعها بمحيط المعسكر، من دون تسجيل إصابات"، حسبما ذكرت وكالة "نينا" العراقية.
وفي يونيو/ حزيران 2022، قال زعيم مليشيا "كتائب الإمام علي" شبل الزيدي، إن تركيا ومصالحها بأنها "أصبحت أهدافا معادية"، وذلك على خلفية هجمات تنفذها أنقرة ضد حزب العمال الكردستاني في العراق الذي تصنفه "إرهابيا"، لا سيما في مناطق سنجار وإقليم كردستان.
وفي 1 فبراير 2022، توعد زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" الموالية لإيران، قيس الخزعلي بما وصفه "الرد على الاحتلال التركي، وإجباره على الخروج من أرض العراق"، منتقدا "الصمت الحكومي والسياسي المؤسف إزاء مسلسل الانتهاكات التركية الواضحة للسيادة العراقية".
بينما تؤكد تركيا أن عملياتها لا تهدف إلى انتهاك سيادة العراق وسلامة أراضيه، بل تستهدف عبرها أوكار تنظيم العمال الكردستاني التي يقصف أراضيها بصورة دورية، متسببا في سقوط قتلى وجرحى.
وأشارت تقارير دولية عديدة في الآونة الأخيرة، إلى أن إيران تقف وراء زيادة حدة تصريحات المليشيات الشيعية ضد تركيا، خوفا من تصاعد نفوذ الأخيرة بالمنطقة.
وعن علاقة طهران مع "بي كاكا"، قال محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي لوكالة "بغداد اليوم" في 25 مارس/آذار 2019، إن "حزب العمال الكردستاني، له دور كبير في عمليات تهريب المخدرات من إيران إلى العراق وسوريا ومنها إلى الخليج العربي".
ورأى النجيفي أن "حزب العمال يعد بمثابة الصفقة الرابحة لطهران ولا يمكن التخلص منه بهذه السهولة"، مشيرا إلى أن "إيران رفضت خروج الجناح العسكري للحزب (بي كا كا) من مدينة سنجار العراقية (تابعة لمحافظة نينوى) وبعض المناطق الأخرى التي يوجد بها".
وأوضح المسؤول العراقي السابق أن "وجود حزب العمال في تلك المناطق سبق وجود تنظيم الدولة، واستقوى في فترة دخول الأخير بناء على خطة مسبقة، وحصل على فرصة كبيرة ليتغلغل في تلك المناطق".
وأضاف النجيفي أن "بعض الجهات العراقية وبدعم إيراني غامرت بدعم حزب العمال لمحاربة الكرد، وخلق صراع كردي - كردي على حساب الوطن، إيمانا منهم بأنها الطريقة الأسهل لتحجيم المطالب الكردية".
وأكد محافظ نينوى السابق أن "وجود الحزب في سنجار والمناطق الأخرى ينعكس سلبا على مجمل الوضع العراقي، وأن هناك جهات تستفيد من وجود العمال الكردستاني، على الشريط الحدودي بين العراق وسوريا، لاستخدامهم في صراع إيران وأميركا في المنطقة".
بدوره، أعلن سعيد حسن قائد "وحدات مقاومة سنجار"، (تابعة للعمال الكردستاني)، أن بغداد تزود عناصره بالرواتب الشهرية والاحتياجات اللوجستية للمقاتلين، كما أنها "وافقت على طلب تزويدهم بالدبابات والمدافع والأسلحة الثقيلة".
ونقلت شبكة "رووداو" العراقية في 4 يناير/ كانون الثاني 2016، عن سعيد حسن، قوله إنه "جرى الاعتراف بقوتهم رسميا من الحكومة العراقية في شهر يوليو/ تموز 2015، وإنهم حاليا قوة عراقية في إطار قوات الحشد الشعبي، ويتسلمون رواتبهم شهريا لنحو 500 مقاتل".
المصادر
- الفصائل العراقية تهدد تركيا بتسليح حزب العمال بالمسيرات
- أردوغان: على النظام السوري الانخراط بعملية سياسية جادة لمنع تفاقم الوضع
- ابو الاء الولائي: أردوغان يغامر بمستقبله وجاهزون لردع العدوان على سوريا
- أغضب تركيا.. كيف أقصى الحلبوسي تركمان العراق من إدارة كركوك؟
- استهداف معسكر تركي شمال الموصل بهجوم صاروخي
- شبل الزيدي.. زعيم مليشيا عراقي معاقب أميركيا وسعوديا يتحدى تركيا عسكريا
- قائد وحدات مقاومة سنجار: الحكومة العراقية وافقت على تزويدنا بالدبابات والمدافع
- حكومة كردستان تنتقد دعم بغداد لحزب العمال التركي في سنجار