بايدن يعلن الإمارات "شريكا دفاعيا" لأميركا.. ما خطط وأهداف الجانبين؟
"تستضيف الإمارات قرابة 5 آلاف جندي أميركي في قاعدة الظفرة الجوية"
في زيارة هي الأولى من نوعها منذ توليه رئاسة الإمارات، التقى محمد بن زايد الرئيس الأميركي جو بايدن، في 23 سبتمبر/أيلول 2024 بواشنطن، ليعلن الأخير الإمارات "شريكا دفاعيا رئيسا" للولايات المتحدة.
ويتيح هذا التصنيف الشراكة الأمنية المتعمقة والتعاون العسكري الوثيق من خلال التدريبات المشتركة والمناورات وغيرها، وفق صحف أميركية.
ولم تمنح واشنطن هذا التصنيف من قبل سوى للهند، ما يشير إلى أهمية دور الإمارات لأميركا، كحليف في المنطقة مع إسرائيل، خاصة بعد ترسيخ مسار التطبيع بينهما.
ماذا يعني الشريك الدفاعي؟
وبهذا القرار أصبحت أميركا والإمارات "شريكين إستراتيجيين ديناميكيين" في التجارة والتكنولوجيا المتقدمة، بحسب بيان صادر عن البيت الأبيض في 23 سبتمبر.
البيان تحدث عن الإمارات مرة كـ"شريك إستراتيجي" ومرة أخرى كـ"شريك دفاعي"، ومع أن هذا التصنيف لا يعد "اتفاقية دفاع مشترك"، إلا أنه يمنح الإمارات مجموعة متنوعة من المزايا العسكرية والتقنية.
ويقصد بـ"الشريك الإستراتيجي"، حليف رئيس من خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو)، من الدول التي لديها علاقات عمل إستراتيجية مع الجيش الأميركي ولكنها ليست عضوا في الناتو.
فيما يخص "الشريك الدفاعي الرئيس للولايات المتحدة" أكد البيان على "التعاون في التكنولوجيا المتقدمة والمصلحة المشتركة في منع الصراع وخفض التصعيد".
و"سيسمح تعيينها كشريك دفاعي رئيس، بتعاون غير مسبوق من خلال التدريبات المشتركة والمناورات والتعاون العسكري بين الجيش الأميركي والإمارات والهند، فضلا عن الشركاء العسكريين الآخرين، لتعزيز الاستقرار الإقليمي".
وأوضح البيان أن "هذه الشراكة تتضمن ضمانات لحماية الأمن القومي لكلا البلدين، وتمكين الاستثمارات، وتسهيل الابتكار عبر الحدود، وتسهيل حماية التقنيات الأميركية المتقدمة واحترام المبادئ الدولية وحقوق الإنسان".
وأكد بايدن أن "دولة الإمارات شريك دفاعي رئيس للولايات المتحدة، بعد الهند، لتعزيز التعاون الدفاعي والأمن في منطقة الشرق الأوسط وشرق إفريقيا والمحيط الهندي".
وقال إنه ملتزم بقوة بأمن الإمارات والدفاع عن أراضيها، والعمل على تسهيل حصولها على القدرات اللازمة للدفاع عن شعبها وأراضيها ضد التهديدات الخارجية.
من جانبه قال "معهد واشنطن" في تقرير نشره في 20 سبتمبر 2024، إن ابن زايد يسعى إلى "الحصول على ضمانات أمنية أعمق من واشنطن، على غرار مفاوضات الدفاع بين واشنطن والرياض، وكذا صفقة طائرات إف 35 المجمّدة منذ مطلع 2021".
وبجانب حديث بيان البيت الأبيض عن "الشراكة الإستراتيجية والدفاعية الدائمة بين الولايات المتحدة والإمارات"، أشار إلى "تعزيز مجالات تعميق التعاون في التكنولوجيا المتقدمة والاستثمارات"، و"تعزيز شراكتهما الاقتصادية".
ويقول "بلال صعب"، الخبير في شركة الاستشارات، لموقع Breaking Defense في 24 سبتمبر 2024 إن تصنيف الإمارات "شريكا دفاعيا رئيسا" يفتح أبوابا جديدة للتعاون العسكري ونقل الأسلحة وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتشغيل البيني والابتكار الدفاعي وصناعة الدفاع".
وكان لافتا تطرق بيان البيت الأبيض إلى "تعميق الاستثمار (الإماراتي) في أنظمة الدفاع الأميركية"، و"استكشاف الاستثمارات المحتملة في أنظمة أميركا الدفاعية الأكثر تقدما".
وأكد البيان "التقدم المحرز في الممر الاقتصادي التاريخي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) الذي تم إطلاقه في قمة قادة مجموعة العشرين لعام 2023 في نيودلهي مع زعماء الهند والسعودية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي".
وهو الممر، الذي يربط الهند بأوروبا من خلال وصلات السفن بالسكك الحديدية عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل وأوروبا عبر اليونان توليد نموًا اقتصاديًا وتحفيز الاستثمارات الجديدة وتعزيز الوحدة الاقتصادية".
و"مراجعة المصالح الأمنية المشتركة، ومناقشة الأهداف الإستراتيجية للعلاقة والتحديات في المنطقة، مثل الأمن البحري، ومكافحة القرصنة، والتعاون في مكافحة الإرهاب، والوعي بالمجال في الشرق الأوسط والمحيط الهندي وشرق إفريقيا".
وتستضيف الإمارات قرابة 5 آلاف جندي أميركي في قاعدة الظفرة الجوية، وتوفر تسهيلات لوجيستية للقوات الأميركية مثل إعادة التزود بالوقود والاستطلاع وقدرات أخرى.
كما أن الإمارات شريك مؤسس في اتفاقيات "أبراهام"، التي مثلت أحد الإنجازات الكبيرة التي تتباهى إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بكونه أول اختراق إستراتيجي في العلاقات بين إسرائيل ومحيطها.
وهو ما يعني أن أميركا تعد الإمارات "إسرائيل الثانية" في المنطقة من أجل تنفيذ مخططاتها، أو أنها مجرد مستثمر في شركات السلاح والذكاء الصناعي الأميركية التي تحتاج لتمويل ضخم.
الإمارات وإسرائيل والهند
بعيداً عن الشراكة المطلقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي تكاد تكون الشريك الأول لأميركا في العالم، فإن الإمارات هي أول دولة في الشرق الأوسط تُعلنها واشنطن شريكا دفاعيا رئيسا لها، كما أنها الثانية في العالم بعد الهند.
إعلان الولايات المتحدة رسميًا تصنيف الإمارات كـ "شريك دفاع رئيس"، يضع الدولة الخليجية على قدم المساواة مع الهند، التي كانت تحتل هذا المركز منذ عام 2016.
ويمهد هذا الإعلان الطريق لزيادة التعاون الثلاثي بين الولايات المتحدة والإمارات والهند، بما في ذلك التدريبات العسكرية المشتركة ومبادرات الدفاع التعاونية، بحسب موقع "إنديا نيوز" في 25 سبتمبر 2024.
حيث تعد خطوة الاعتراف بالإمارات كشريك دفاعي رئيس، بمثابة فتح أبواب التعاون العسكري بين الدول الثلاث، خاصة أن هناك مصالح مشتركة للدول الثلاث في مناطق الشرق الأوسط، وشرق إفريقيا، والمحيط الهندي.
ويقول الموقع الهندي إن هذا التصنيف للإمارات هو خطوة هامة نحو زيادة قدراتها العسكرية وتعميق علاقاتها مع الولايات المتحدة والهند، ونقل عن خبراء توقعهم استفادة الإمارات من التكنولوجيات والأنظمة العسكرية الأميركية المتقدمة، مما يعزز دورها كقوة رائدة في الخليج.
أما بالنسبة للهند، فيرى موقع "إنديا نيوز" أن هذا التعاون مع الإمارات وأميركا كشركاء دفاعيين يعزز مكانة الهند كلاعب رئيس في الدفاع العالمي، ويزيد أهميتها على الساحة العالمية.
ويشير موقع "ميدل إيست آي" البريطاني في 23 سبتمبر 2024 إلى أن تصنيف الإمارات "شريكا دفاعيا إستراتيجيا" يعكس رغبة الولايات المتحدة في إبقاء الإمارات ضمن معسكرها.
وذلك "على الرغم من التوترات بشأن دورها في الحرب الأهلية السودانية، وارتباطاتها الاقتصادية مع روسيا، وعلاقاتها العسكرية مع الصين".
وسبق أن اتهمت الولايات المتحدة الإمارات بالسماح لروسيا بتجاوز العقوبات الأميركية والاقتراب من الصين عسكريًا.
وفي 2023، أضيفت الإمارات ودول خليجية أخرى إلى قائمة الدول المحظورة من استيراد شرائح الذكاء الاصطناعي المتقدمة المصنوعة في الولايات المتحدة بحُرّية بسبب مخاوف بشأن تقاربها من الصين.
لذا قال محلل إماراتي مقرب من المسؤولين في أبو ظبي لموقع "ميدل إيست آي" إن غرض ابن زايد من الزيارة كان "بناء الثقة وتخفيف القيود في نهاية المطاف من خلال الدولة العميقة في أميركا".
ونقل الموقع عن "إليزابيث دنت"، وهي باحثة في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" ومسؤولة سابقة في البنتاغون، تأكيدها أن "الإمارات مهتمة بمخاوف الولايات المتحدة بشأن دعمها لقوات الدعم السريع، وسعت للاستماع إلى آراء هاريس لمعرفة كيف ستتعامل مع الوضع إذا تم انتخابها".
وكان التوتر بين الإمارات وأميركا ظهر حينما اتهمت أبو ظبي الولايات المتحدة بأنها لا تقوم بما يجب للدفاع عن حلفائها في المنطقة، خصوصاً بعد الهجوم الذي نفذه الحوثيون بالصواريخ والطائرات المسيرة على أبوظبي، في يناير 2022.
وحينها أرسلت إدارة بايدن مدمرة بحرية وسرب طائرات إلى الإمارات لردع مزيد من الهجمات، لكن أبو ظبي عدت الرد الأميركي غير كاف.
شريك في جرائم السودان
كانت مفارقة غريبة ألا يتطرق حديث بادين وابن زايد عن الشراكة، إلى جرائم نظام أبو ظبي في السودان ودعمه قوات الدعم السريع بقيادة حمدان دقلو (حميدتي).
وذلك رغم تأكيد صحف أميركية بالتزامن مع اللقاء تفاصيل تورط الإمارات في تفجير الأوضاع بالسودان ونشر الخراب بدعمها قوات التمرد.
وبالمقابل، عُقد لقاء منفصل بين "ابن زايد" ونائب الرئيس "كامالا هاريس"، المرشحة للرئاسة، انتقدت فيه ضمنا الدور الإماراتي في التصعيد في السودان.
وسبق أن واجهت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، رئيس الإمارات، محمد بن زايد، بشأن دعم بلاده لقوات الدعم السريع عندما التقيا في ديسمبر 2023، وفقا لما قاله مسؤولون مطلعون لصحيفة نيويورك تايمز.
وبعد أن أثارت نائبة الرئيس هاريس اعتراضات أميركية على تهريب الأسلحة مع الشيخ محمد في ديسمبر، عرض رئيس الإمارات ما عده بعض المسؤولين اعترافا ضمنيا.
حيث قال ابن زايد إنه "ينظر إلى قوات الدعم السريع باعتبارها حصناً ضد الحركات السياسية الإسلامية في المنطقة، والتي طالما عدتها العائلة الحاكمة الإماراتية تهديدا لسلطتها، وفقا للمسؤولين".
ويدل تصنيف الإمارات شريكا، رغم الانتقادات الموجهة لها بإشعال حرب السودان، على أن مخاوف الولايات المتحدة من حرب السودان وادعاء أنها تقوم بجهود لجلب "السلام"، ليست جادة، وفقا لمصادر سودانية لـ "الاستقلال".
أكدت أن ما تفعله أميركا باتفاق الشراكة مع أبو ظبي "ليس سوى حيلة سياسية لصرف الانتباه عن إخفاقات السياسة الخارجية الأميركية في إفريقيا".
وقبل اتفاق الشراكة بيومين، أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية 21 سبتمبر 2024 أن الدور الذي تلعبه الإمارات في السودان، هو توسيع "حملة سرية" لدعم الدعم السريع، بالتخفي تحت راية الهلال الأحمر، لتهريب الأسلحة ونشر الطائرات بدون طيار.
ذكرت أن الإمارات تلعب لعبة مزدوجة مميتة في السودان، بإظهار اهتمامها بوقف الحرب ثم دعمها قوات التمرد الدعم السريع ضد الجيش السوداني.
قالت: تقدم الإمارات نفسها كبطل للسلام والدبلوماسية والمساعدات الدولية، وتستخدم أحد أشهر رموز الإغاثة في العالم، وهو الهلال الأحمر، نظير الصليب الأحمر، كغطاء لعمليتها السرية لإرسال وتهريب الأسلحة إلى قوات حميدتي.
وفي بيان البيت الأبيض، وفيما يتعلق بالصراع في السودان، أعرب بايدن وابن زايد عن "قلقهما العميق إزاء التأثير المأساوي الذي خلفته أعمال العنف على الشعب السوداني وعلى الدول المجاورة".
"وشددا على أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع في السودان وضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة وفورية لتحقيق وقف دائم للأعمال العدائية، والعودة إلى العملية السياسية، والانتقال إلى الحكم المدني".
ووفقا للصحيفة، أكد محققو الأمم المتحدة، في يناير 2024، تحقيقاً أجرته "نيويورك تايمز"، عام 2023، يفصل عملية تهريب الأسلحة الإماراتية، عندما استشهدوا بأدلة "موثوقة" على أن الإمارات تنتهك حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على السودان لمدة عقدين من الزمان.
وأوضحت الصحيفة أن الإماراتيين يعملون الآن على زيادة مد الدعم السريع بالأسلحة وبعضها متطور مثل طائرات بدون طيار صينية يتم تهريبها لحميدتي من مطار عسكري عبر الحدود في تشاد قامت الإمارات بتوسيعه.
ويقول المسؤولون الأميركيون إن الإماراتيين يستخدمون المطار الآن لتسيير طائرات عسكرية بدون طيار متقدمة لتزويد قوات الدعم السريع بمعلومات استخباراتية عن ساحة المعركة، ومرافقة شحنات الأسلحة إلى المقاتلين في السودان لمراقبة الكمائن.
وأعلنت الإمارات يوم 25 سبتمبر 2024 مقتل أربعة من جنودها وإصابة عشرة آخرين خلال "تأدية واجب بالداخل"، دون أن توضح أين ومتي وأسباب ذلك؟
لكن مصادر سودانية رجحت مقتل وإصابة العسكريين الإماراتيين، في السودان بغارة جوية نفذها سلاح الجو السوداني، على مطار نيالا يوم 24 سبتمبر 2024.
المصادر
- Biden designates UAE as a second major defense partner after India
- US names UAE major defence partner as Middle East tensions soar
- How a U.S. Ally Uses Aid as a Cover in War
- UAE designation as US Major Defense Partner to tighten security ties, could aid F-35 deal: Experts
- تتطلع الولايات المتحدة والإمارات إلى التعاون العسكري مع الهند بعد تصنيفها كشريك دفاعي رئيسي