ارتفاع جنوني في سعر "فاكهة الفقراء" بالمغرب.. ما علاقة حكومة أخنوش؟

12

طباعة

مشاركة

مع بدء موسمها السنوي صيفا، اشتكى مغاربة من ارتفاع أسعار “التين الشوكي”، حيث وصلت الحبة الواحدة لنصف دولار، بعدما كانت بسعر جد زهيد ورفيقة “الغلابة” حتى في الوجبات الرئيسة.

وعادة خلال سنوات خلت كان ثمن الحبة الواحدة من "التين الشوكي، لا يتعدى نصف درهم على الأكثر (حوالي 0.10 دولار)، ولذلك كانت تعرف بـ"فاكهة الفقراء".

يأتي ذلك في وقت يرى فيه مواطنون وخبراء أن مخطط "المغرب الأخضر" الذي أشرف عليه رئيس الحكومة عزيز أخنوش لما كان وزيرا للفلاحة مجرد "سراب" ضاعت أمواله دون أي نتائج على المحصول الفلاحي.

و"المغرب الأخضر" برنامج لتطوير القطاع الزراعي في المملكة أطلقته وزارة الفلاحة في أبريل/ نيسان 2008، إلا أن نتائجه بحسب مهنيين لم تنعكس على الطبقة الاجتماعية الفقيرة.

نجمة جديدة

وقال الإعلامي محمد واموسي، إن "فاكهة الفقراء، التين الشوكي (الكرموص أو الزعبول أو الهندية) تجاوزت الأناناس والأفوكادو وأصبحت النجمة الجديدة في عالم الأسعار !".

وأضاف في تدوينة على فيسوك: "من الآن فصاعدا، عليكم أن تدفعوا ثمنا باهظا للاستمتاع بمذاقها الرائع، من قبل كانوا يحذرونكم من الإكثار من تناولها، الآن المعادلة انقلبت، فربما ستحتاجون للحصول على قرض بنكي لشراء كيلو واحد".

من جانبه، قال الصحفي يونس مسكين: "أعتقد وبدون مبالغة، أنه الصيف الأول على الإطلاق الذي يحلّ علينا دون أن تكون موائدنا مزيّنة بالفواكه مختلفة الألوان والأشكال.. بل ها هو حتى الكرموس الهندي (التين الشوكي) يحلّق عاليا في سماء الأسعار ويصبح سعر الحبّة الواحدة منه بثمن الصندوق قبل عقدين أو أقل".

وأضاف في مقال نشره عبر موقع “صوت المغرب” في 5 يوليو، "لقد كانت هذه الفاكهة رخيصة للغاية، لدرجة أن كثيرا من المغاربة كانوا يجعلونها فطورهم اليومي، يقضمون حباتها الحلوة وهم في الطريق إلى العمل، فيشبعون ويحققون اكتفاء ذاتيا من حاجياتهم الغذائية الأساسية، مقابل دريهمات، وأحيانا سنتيمات…".

من جانبه، قال البرلماني عبد الرحيم بوعيدة إن “التين الشوكي أصبح حلما مستحيلا بالنسبة لنا، فما بالك بمجموعة من الفواكه غير القادرين عليها من زمان بسبب غلائها واستحالة شرائها بالنسبة للأسر الفقيرة وأيضا المتوسطة”.

وأشار في مقطع فيديو نشره في 7 يوليو، إلى أن “الحكومات أعلنت عن عدة مخططات، ومنها المخطط الأخضر، لكن كلها  فاشلة، رغم أن المجال الفلاحي مهم في المغرب ويشغل 40 بالمئة من اليد العاملة، ويسهم في 16 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، لكن مع الأسف مازلنا نستورد القمح كسادس أكثر دولة استيرادا في العالم”.

وأمام هذه الانتقادات لارتفاع الأسعار “الجنونية” لفاكهة “الين الشوكي” ترجع الدولة السبب إلى "الحشرة القرمزية"، لكن المواطنين يردون عليها بفشلها في التعامل معها كدول أخرى وصلتها هذه الحشرة ومنها، بيرو.

الحشرة القرمزية 

وتصيب "الحشرة القرمزية" الصبار فقط دون غيره من النباتات، وقد ظهرت أواخر سنة 2015 في المغرب، لونها أحمر داكن وتفرز سائل "الكرمن"، واستوطنت الحشرة عددا من المناطق الزراعية المغربية قادمة من المكسيك والولايات المتحدة.

وحسب الخبراء، فإن آلية تكاثر الحشرة القرمزية تعقد طرق التصدي لها، حيث تضع الإناث بيضها بعد التزاوج، وسرعان ما يتحول إلى حوريات دقيقة تفرز مادة شمعية بيضاء على أجسامها لحمايتها من ارتفاع درجات الحرارة وشح المياه، ويظهر الصبار حينها كأنه تم طلاؤه بمسحوق أبيض.

وكشفت وزارة الفلاحة المغربية في بيان آنذاك، أنه قد تم الإبلاغ عنها لأول مرة بدوار سانية برجيج بإقليم سيدي بنور (غرب)، حيث دمرت الحشرة القرمزية مجموع الإنتاج من الصبار بهذه المنطقة، لتنتشر بسرعة كبيرة وغير متوقعة إلى مناطق الإنتاج الأخرى عبر أنحاء البلاد.

وأضاف البيان: "مباشرة بعد تشخيص هذه الآفة، تفاعلت الوزارة بشكل فوري معها من أجل احتوائها والحد من انتشارها".

كما أعلنت وزارة الفلاحة عن توصل المعهد الوطني للبحث الزراعي إلى تحديد 8 أصناف مختارة من الصبار مقاومة للحشرة القرمزية تم تطويرها من أصل 249 نوعا مختارا من المجموعة الوطنية للصبار. 

وأكدت أن هذه الأصناف المقاومة ستمكن من مواكبة برنامج الوزارة لإعادة الغرس بالمناطق المتضررة من الحشرة القرمزية.

البرلماني بوعيدة شدد على أن “هذه الحشرة التي لم نحاربها أو حاولنا نحاكي دولة بيرو في تجربة رائدة حولت وجود هذه الحشرة إلى أماكن لمجموعة من المصانع متخصصة في كل ما له علاقة بمواد التجميل وشبه الطبية وخلقت بها ثروة كبيرة".

ورأى في مقطع الفيديو "أننا لم نحارب الحشرة القرمزية وتفرجنا فيها تحت شعار كم حاجة قضيناها بتركها ”.

وأكد بوعيدة أن "هذه الحكومة لم تحارب أي ظاهرة، تقدم خطابا استهلاكيا تشعرك أننا نعيش في فنلندا لكن الواقع سوداوي ".

من جهته، قال الصحفي يونس مسكين "خلاصة ما فعله مخطط المغرب الأخضر بمستوى معيشة المغاربة، أن المغرب كان فقيرا لكن المغاربة كانوا أغنياء.. جاء هذا المخطط ليجعل المغرب أغنى، لكنه حوّل المغاربة إلى شعب من الفقراء العاجزين عن إتمام شبعهم خلال الوجبات". 

وأضاف أن "المغرب كان فقيرا بفلاحته المعيشية البسيطة والتقليدية، لكن المغاربة كانوا يحصلون على الطماطم والبطاطس والجزر.. وكانوا يتذوقون الفواكه الصيفية في وقتها وبمذاقها الحلو الأصيل… لكن فلاحتنا تطوّرت واغتنت، فأصبحنا جميعا فقراء، نراقب غلالنا وهي تعبر تحت أنوفنا من المزارع والضيعات إلى موانئ التصدير".

ورأى مسكين أن "هذا جزء من التفسير الممكن لما حصل لفاكهة التين الشوكي.. أتى مخطط المغرب الأخضر وشجّع على تأسيس التعاونيات والبنيات الصناعية الضرورية لجمع وتحويل هذه الفاكهة التي تمنحها الطبيعة مجانا تقريبا، إلى زيوت ومستخلصات طبية وتجميلية تباع في الأسواق العالمية بالعملة الصعبة".

واستطرد: "هذا هدف قد لا يجد القائمون على هذا المخطط، وفي مقدمتهم وزير الفلاحة السابق ورئيس الحكومة الحالي أخنوش، أي حرج في الافتخار به والدفاع عنه".

إنتاج وتصدير

وكشفت الأبحاث في مجال طب التجميل، أن الزيوت المستخلصة من بذور التين الشوكي ، تحتوي على نسبة عالية جدا من فيتامين "إي" المضاد للشيخوخة، وفيتامينات أخرى ضد الأكسدة.

ويعد هذا الزيت من أغلى الزيوت في العالم، حيث يصل سعره إلى ألف دولار للتر الواحد.

هذه الثورة التي أحدثها زيت الصبار في عالم صناعة مستحضرات التجميل، جعلت شركات دولية توجه البوصلة نحو المغرب، لما يتوفر عليه من مؤهلات. 

ويعد المغرب واحدا من أكبر منتجي ومصدري هذه الفاكهة في منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا. 

ويضم 200 ألف هكتار من  الصبار، ويصدر ما يزيد عن مليون طن سنويا من فاكهة التين الشوكي، وهو ما أسهم في ارتفاع أسعارها.

وفي السياق ذاته، أوضح نائب رئيس جمعية حماية المستهلك بالدار البيضاء، بوجمعة موجي، أن "استهلاك التين الشوكي لم يعد مقتصرا على تناولها كفاكهة، بل باتت تستخدم بكثرة في صناعة مواد التجميل، خاصة زيت التين الشوكي الذي يصل سعر اللتر الواحد منه إلى 10 آلاف درهم (ألف دولار)". 

وأضاف موجي لموقع "العمق" المغربي في 26 يونيو 2024، أن "انتشار الحشرة القرمزية أسهم بدوره في ارتفاع الأسعار، نتيجة تدمير المحاصيل الزراعية". 

وتابع: "رغم الجهود المبذولة للقضاء عليها، إلا أنها لم تحقق النجاح المطلوب، مما يتطلب تكثيف الجهود لمكافحة هذا المرض الذي أصاب حقول التين الشوكي، من خلال حرث الأرض ومعالجتها وزرع الفاكهة من جديد". 

وأوضح موجي أنه "إذا استمر الوضع الحالي، فقد نرى قريبا حبة واحدة من التين الشوكي تُباع في علبة بلاستيكية بسعر خيالي يفوق قدرة المستهلك، مما سيجعل من الصعب على المواطن المغربي ساعتها تناولها".