خطة تهجير سكان غزة.. كيف ستحدد مسار العلاقات بين ترامب والسيسي؟

منذ ٦ أيام

12

طباعة

مشاركة

قابلت القاهرة اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بـ"إخلاء" غزة وتهجير المزيد من اللاجئين الفلسطينيين إلى مصر والأردن، برفض قاطع تصاعدت حدته، بعد طرحه فكرة أن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على القطاع.

ومع ذلك، لا يزال ترامب واثقا من أن رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، سيغير موقفه، رغم أن خطته قوبلت بازدراء العديد من المصريين على منصات التواصل الاجتماعي.

غير واقعية

وفي مقال نشره "المجلس الأطلسي" الأميركي، للكاتبة شهيرة أمين، وهي زميلة أولى غير مقيمة في مبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي وصحفية مقيمة في القاهرة، أكدت أن "عواقب حرب غزة ستحدد مسار العلاقات المصرية-الأميركية".

وأضافت: "لقد استغرق الأمر من السيسي عدة أيام قبل أن يكسر صمته أخيرا في 29 يناير/كانون الثاني، معربا عن رفضه الصريح لعرض ترامب".

ووصف السيسي التهجير القسري لسكان غزة بأنه "ظلم"، مضيفا أن مصر لا يمكن أبدا أن تكون جزءا من مثل هذه الخطوة.

ونقلت أمين عن الناشط، هشام قاسم، قوله: إن اقتراح ترامب بنقل الفلسطينيين إلى مصر "غير واقعي"، و"قد يكون من الصعب تحقيق رغبة الرئيس الأميركي؛ لأن السيسي من المرجح أن يواجه مقاومة شديدة في الداخل إذا انحاز إلى ترامب".

وتابع قاسم: "كان من الممكن أن تنجح الخطة لو ناقش ترامب الأمر سرا مع السيسي، ولكن بعد أن أصبحت المعلومات متاحة للعامة، فإن الكثير على المحك بالنسبة للسيسي".

ويتصاعد السخط الشعبي في مصر بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة والتضخم الذي بلغ معدلات من رقمين، وحذر قاسم من أن منح الناس سببا إضافيا للغضب سيكون "خطأ فادحا".

لكن المعارضة لن تقتصر على مصر وحدها؛ إذ أشار قاسم إلى أن دولا عربية أخرى في المنطقة، مثل السعودية، رفضت الخطة بالفعل. 

وأضاف أن "القاهرة محقة في تركيزها على حل الدولتين كسبيل نهائي لإنهاء الصراع".

ويرى قاسم أن "الحرب، التي استمرت لأكثر من خمسة عشر شهرا، قد وفرت فرصة لإعادة إطلاق محادثات السلام، حيث يلعق كلا الجانبين في الصراع جراحهما بعد تكبدهما خسائر فادحة".

تجنب الاضطرابات

في غضون ذلك، أثار أمر تنفيذي أصدره ترامب جدلا واسعا حول العالم؛ إذ يقضي بتعليق مؤقت للمساعدات التنموية الخارجية، إلى جانب مراجعة كفاءة برامج المساعدات ومدى اتساقها مع السياسة الخارجية الأميركية.

وفي أعقاب الأمر التنفيذي، أبلغ وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، المسؤولين والسفارات في الخارج أن الوزارة "ستوقف مؤقتا المساعدات الأجنبية القائمة -باستثناء مساعدات الغذاء الطارئة والتمويل العسكري لإسرائيل ومصر- من أجل مراجعتها".

وتحصل مصر سنويا على نحو 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية أجنبية من الولايات المتحدة، إلى جانب مساعدات اقتصادية وتنموية كبيرة من واشنطن، والتي ستكون بدورها مشمولة بقرار تعليق المساعدات والمراجعة.

وأشار قاسم إلى أن "مصر تفخر للغاية بكونها ثاني أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأميركية في المنطقة بعد إسرائيل"، مضيفا أن "ذلك يمنحها نفوذا سياسيا في تعاملاتها مع الدول الأخرى".

وفي ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تواجهها البلاد، فهي بحاجة ماسة أيضا إلى مساعدات اقتصادية لتجنب حدوث اضطرابات.

ورأى محللون أن استثناء المساعدات العسكرية مرتبط بدور القاهرة في الحفاظ على أمن المنطقة، فيما اعتقد البعض أن الهدف منه هو ضمان التزام مصر بمعاهدة السلام مع إسرائيل.

وقالت الكاتبة: "رغم أن العلاقة بين حكومة السيسي والولايات المتحدة تميل إلى أن تكون مستقرة، أو بحد أدنى أقل توترا، في ظل وجود رئيس جمهوري في البيت الأبيض، إلا أن الطريق في ظل إدارته قد لا يكون سلسا تماما"

وأرجعت تحسن علاقات مصر عند وجود جمهوري في البيت الأبيض إلى أن “القادة الديمقراطيين سبق أن ربطوا المساعدات الأميركية بإحراز تقدم في سجل مصر المتدهور في حقوق الإنسان، بينما يغض ترامب الطرف عن ذلك”.

وأردفت: "في حين أن ترامب، خلال إدارته الأولى، وصف السيسي بأنه دكتاتوره المفضل، وأخيرا، ورد أنه أخبر الصحفيين أن السيسي صديقه، فإن رفض الأخير اقتراح ترامب بشأن فلسطينيي غزة قد يتسبب في توترات بين الرجلين".

توترات محتملة

علاوة على ذلك، "سيتعين على صناع القرار الأميركيين التدقيق في انتهاكات مصر لاتفاقية السلام الموقعة عام 1979 مع إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بنشر أعداد متزايدة من القوات المصرية في شبه جزيرة سيناء".

شددت أمين على أن "هذا الموضوع يعد شديد الحساسية بالنسبة لمصر، التي حصلت على موافقة إسرائيل بعد ثورة 2011 لنشر قوات إضافية شمال سيناء للسيطرة على الجماعات المسلحة".

واستطردت: "منذ ذلك الحين، عززت مصر وجودها العسكري هناك عدة مرات بموافقة إسرائيل، رغم أن هذه الخطوة تمثل انتهاكا لاتفاقية كامب ديفيد، التي تفرض قيودا على عدد القوات وأنواع الأسلحة التي يمكن لمصر نشرها في المنطقة الحدودية".

وذكرت أنه خلال العدوان على غزة، "سيطر الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا، وأعلن مسؤول عسكري أنه عثر على ما لا يقل عن 20 نفقا تحت الأرض أنشأتها حماس، تمتد من غزة إلى مصر".

وقالت أمين: "يُرجَّح أن هذه الأنفاق استُخدمت كطرق إمداد، بما في ذلك لأغراض عسكرية، كما تشتبه إسرائيل في أنها ربما سمحت لمقاتلي حماس بالتنقل من وإلى القطاع".

وأضافت: "لقد ألقت هذه المعلومات بظلالها على العلاقات المصرية-الإسرائيلية، التي كانت قد شهدت تحسنا في الأشهر والسنوات التي سبقت الحرب الإسرائيلية على غزة".

وتابعت: "يبدو أن قضية الأنفاق قد تؤثر أيضا على علاقة مصر بالإدارة الجديدة لترامب؛ إذ أثارت تساؤلات بين بعض المحللين بشأن مدى التزام مصر بمعاهدة السلام، والتي كانت السبب الرئيس وراء تقديم الولايات المتحدة مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية والتنموية على مدار العقود الأربعة الماضية".

وأكد مصدر أمني مصري، تحدث مع أمين بشرط عدم الكشف عن هويته، أن “أي حديث عن سحب القوات الإضافية من شمال سيناء أو عن وجود إسرائيلي دائم في محور فيلادلفيا من شأنه أن يثير غضب القاهرة ويؤدي إلى بداية متوترة للعلاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة”.

ولفتت الكاتبة إلى أن "البديل عن هذه المحادثات سيكون التوصل إلى اتفاق مع حكومة السيسي على تركيب نظام مراقبة تحت الأرض لمنع استغلال الحدود من قِبل حماس والجماعات المسلحة الأخرى".

وأردفت أنه "مع استقرار إدارة ترامب في البيت الأبيض، لا يزال من غير الواضح كيف ستتطور العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر".

وختمت أمين قائلة: "لكن رد فعل صناع القرار الأميركيين على انتهاكات مصر لمعاهدة السلام، وكيفية استجابة السيسي لخطة ترامب للسيطرة على غزة، سيشكلان على الأرجح الاتجاه الذي ستتخذه العلاقات بين البلدين في عهد ترامب".