شاحنات مساعدات تصل شمال غزة لأول مرة.. هكذا لقنت شرطة القطاع درسا للاحتلال

8 months ago

12

طباعة

مشاركة

بعد 163 يوما من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وفرض حصار تسبب في تفاقم المجاعة خاصة في الشمال وارتفاع أعداد الوفيات، وصلت لأول مرة 13 شاحنة محملة بالطحين إلى محافظة الشمال.

مراسل الجزيرة أنس الشريف أوضح أن عملية وصول المساعدات كانت آمنة، في ظل تنسيق داخلي لافت، وجرى تفريغها في أحد مراكز وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) شرقي جباليا.

وسبق وصول شاحنات المساعدات، إصدار قوات الأمن الفلسطينية في غزة تعميما للمواطنين لتأمين وضمان وصولها بشكل آمن وللحفاظ على سلامة السكان، يحث على منع التوجه إلى دوار الكويت وسط المدينة لتسلم المساعدات حيث سبق للاحتلال استهدافه عدة مرات.

وطالب التعميم بعدم التجمهر في شارع صلاح الدين أثناء قدوم المساعدات، محذرا من مخالفة التعليمات، ودعا المواطنين في غزة إلى التحلي بالمسؤولية وعدم المشاركة في إشاعة الفوضى وتجويع أبناء الشعب الفلسطيني.

واحتفى ناشطون على منصة إكس بوصول المساعدات لأول مرة بأمان دون أن تهدر وتختلط بالتراب أو يتم استهداف منتظريها برصاص قوات الاحتلال، معربين عن سعادتهم بتولي الشرطة المدنية في شمال القطاع مهمة الإشراف على تسلم وتوزيع المساعدات. 

وتداولوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #غزة_بلافطور_ولاسحور، #المجاعة_تفتك_بغزة #الأونروا، وغيرها، صورا للتعميم الذي نشرته الأجهزة الأمنية التابعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس للأهالي مما سهل دخول المساعدات. 

وتحدث ناشطون عن الدلالات التي تحملها استجابة أهل القطاع لتعميم شرطة غزة وانعكاساته على سلطات الاحتلال الإسرائيلي ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، مسلطين الضوء على سوء الأوضاع في القطاع وتفشي المجاعة وصابين جام غضبهم على حكام الأنظمة العربية.

وبدورها، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، في 16 مارس/آذار 2024، إن طفلا من كل 3 أطفال دون السنتين في شمال غزة يعاني من سوء التغذية الذي ينتشر بسرعة بين الأطفال ويصل إلى مستويات غير مسبوقة، مؤكدة أن "المجاعة تلوح في الأفق".

وميدانيا، بثت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة حماس، مشاهد جديدة لتصدي مقاتليها لتوغل قوات الاحتلال في مدينة الزهراء وسط القطاع، وأظهرت استهداف المقاومة لعدد من الآليات الإسرائيلية وتدميرها، وتداولها الناشطون وقدموا قراءات للعملية. 

الفضل للمقاومة

وأشار الكاتب والمتخصص في علوم التاريخ والحضارة محمود سالم الجندي، إلى وصول المساعدات إلى شمال قطاع غزة، لافتا إلى أن الشرطة وزعت على المواطنين منشورات طلبت فيها منهم: "عدم التجمع عند دوار الكويت، عدم التجمهر على طول شارع صلاح الدين، وأن الشرطة ستقوم بتوصيل المساعدات وتأمينها للناس نحو شمال القطاع".

وأوضحت المغردة هبة، أن الأجهزة الأمنية تحت إشراف وحماية شرطة القسام نظمت وصول شحنات المساعدات من خلال ورقة نشرتها للمواطنين بعدم التوجه للدوار الكويتي وتم التزام المواطنين، ووصلت الشحنات لشمال غزة وخزنت في مخازن تمهيدا لتوزيعها على المواطنين.

وعرض مغرد آخر صورة التعميم، قائلا: "شرطة غزة التابعة لحركة حماس.. قولها في وش كل جاسوس فتحاوي أو صهيوني عربي ونكد عليه، علشان يعرف أن المقاومة التابعة لحركة حماس وباقي الفصائل، قدرت تفرض الأمن في الشمال بعد انسحاب قوات الصهاينة منه."

ولفت سالم سعيد، إلى أن هذه أول مرة تدخل المساعدات بدون مجازر، ولأول مرة منذ أربعة شهور من حركة حماس، موضحا أن 13 شاحنة محملة بالطحين 6 في جباليا والشمال، و 7 في مدينة غزة.

 

درس للاحتلال

وقراءة في دلالات ما حدث، ذكر مؤسس المرصد الأورومتوسطي رامي عبده، بأن جيش الاحتلال يستهدف على مدار أكثر من 160 يوم الأجهزة الشرطية والمدنية في غزة لصناعة حالة من الفوضى والتشكيك بسيطرتها. 

وقال: "ورقة واحدة عممتها تلك الأجهزة اليوم في غزة قوبلت بالتزام كامل من السكان، لتنجح تلك الأجهزة وللمرة الأولى بتأمين إدخال بعض الاحتياجات الإنسانية لتصل أقصى نقطة في الشمال".

وأكد عبده، أن المشهد يكرس الفشل الكبير للاحتلال وعجزه سوى في ارتكاب المجازر واستهداف المدنيين الأبرياء.

وأضاف: "قد يختلف الناس على الأرض في غزة حول الرؤى والاتجاهات السياسية، لكننا جميعا ندرك أن لا جهة قادرة على ضبط الأمن سوى شباب غزة ورجالها الأحرار الملتزمين بخدمة شعبهم وحفظ دمائه وتضحياته".

 

وقال الإعلامي حسام يحيى: "بعد 5 شهور من محاولات إسرائيلية لتدمير قوات الشرطة وكل من يستطيع تنسيق الجهود المدنية والتنظيمية، بمنشور واحد فقط استطاعت القوى الأمنية الغزية منع المواطنين من التوجه لدوار الكويت، للسماح للمساعدات أن تصل إلى أقصى الشمال، واستجاب الناس رغم جوعهم"، مضيفا أن ذلك "درس لإسرائيل من يحكم غزة".

 

وكتب المغرد إياد: "بفضل الله، الأجهزة الأمنية من خلال ورقة نشرتها للمواطنين بعدم التوجه إلى دوار الكويت، تم الالتزام من المواطنين. الشعب اتبع أوامر الأجهزة الأمنية في الشمال التي لم تنتشر بسبب استهدافها من قِبل قوات الاحتلال. تم تأمين وصول الشاحنات المحملة بالطحين إلى شمال القطاع وتحديدا مخيم جباليا". 

وأكد أن المواطن يثق بقدرتهم على التأمين وتوصيل المساعدات للناس، مضيفا أن نتنياهو فشل في خلق جواسيس تتعاون معه في الشمال، والآن الأجهزة الأمنية من خلال منشورات مكتوبة تقود الحالة في الشمال.

 

مظاهر المجاعة

ورصدا لمعاناة أهل غزة من انعدام المواد الغذائية، علق الباحث علي أبو رزق، على مقطع فيديو لفلسطيني يحمل الأعشاب على ظهره، قائلا: "سبحان من جعل لأهلنا في حشائش الأرض فرجا ومخرجا، بعد أن أوصدت في وجوههم أبواب الأشقاء، وبلغ فيهم الجوع مبلغا عظيما".

ونشر الناشط خالد صافي، صورة من إفطار أحد أسر الشمال، موضحا أن "هذه هي وجبة الإفطار التي يتناولها أهلنا في الشمال حشائش الأرض والليمون بلا خبز".

 

وعرض أحد المغردين، مقطع فيديو لنازحة فلسطينية من غزة تقول إن "السحور رغيف خبز أتقاسمه مع زوجي".

وعرض الناشط محمد نشوان صورة لتمور وحلاوة طحينة وزبادي، موضحا أن شقيقته النازحة عند أقارب والدة زوجها أرسلتها له، وبعدما فرح وذهب عنه الحزن والهمّ معتقدا أنها فعلا استطاعت توفير التمر والحلاوة والأجبان وبعض اللبن للفطور والسحور لديها".

وأضاف أنه قال لنفسه الحمدلله، شقيقتي ستتسحر وتُفطر بهذا الطعام، رغم بساطته فهو غير متوفر أصلا في كل قطاع غزة، ردَّت عليه: "هذا من السنة الماضية من معايدتك لي احتفظت بصورتها ، تعودنا عليها منك بحلول كل رمضان، شو أبو السعيد وقتيش حتيجي تجبلنا تمر وحلاوة !، قائلا: "انقلب الفرح إلى حزن عميق ولم استطع الرد".

خذلان العرب

واستنكارا لبلادة مشاعر الأنظمة العربية وتجاهلها لمجاعة الفلسطينيين، رأت الصحفية مريم محمد، أن ما يجرى في غزة، يعني أن كل دولة وكل بلدة عربية تعرضت في المستقبل لمحنة، ستعيش محنتها وحيدة، ولن تجرؤ على طلب المساعدة، وحتى إن طلبت فلن يجد نداؤها صدى أو استجابة.

ووصفت ذلك بأنه "مرحلة الأنانية المفرطة التي تنتهي بعيش الأزمات وحيدا دون تعاطف أو دعم"، مؤكدة أن مفهوم الأمة يكاد ينتهي ويصبح بلا معنى، وحكام العار لا يدركون ذلك.

وقالت أم أحمد ياسين: "ليس من العدل يا عالم أن يشتهي الكبار كسرة خبز، ويشتهي الصغار رضعة حليب ولا يجدونها! بينما في الجانب الآخر من العالم نتباهى بأصناف الطعام، كعديمي الأدب والدم والإحساس!".

وكتب ناصر بنبهاني: "وضعك صورة لسفرة طعام برمضان بها كل ما لذ وطاب، في وقت يوجد مئات الآلاف من الجائعين بغزة يحلمون برغيف خبز، سلوك ينم عن بلادة في المشاعر واستخفاف بمعاناة الآخرين !!".

وعرض المغرد إبراهيم صورة لرغيف خبز وأخرى لأربعة أرغفة داخل الفرن، قائلا: "لو تقلي شو أسعد لحظاتك حياتك راح أقلك كانت من شوية لأني أكلت خبز أبيض وما أوصف الكم قديش زاكي والله طعمه زاكي زاكي الحمدلله الحمدلله".

وتمنى الصحفي عماد زقوت، استمرار إدخال المساعدات للتخفيف من المجاعة، موضحا أنه لأول مرة تدخل مساعدات لشمال غزة، وتم تأمينها من الأجهزة الأمنية في غزة، وما دخل هو 6 شاحنات فقط، وسيتم تسليمها للأونروا لتوزيعها.

عملية الزهراء

وتفاعلا مع التطورات الميدانية، عرض الناشط أدهم أبو سلمية، مقطع فيديو بثه الإعلام العسكري التابع لكتائب القسام تكشف عن جانب من معارك مجاهديها من نقطة صفر مع جنود العدو الصهيوني في مدينة الزهراء وسط قطاع غزة.

وقال: "ولمن لا يعرف تعد منطقة الزهراء من المناطق الرخوة أمنيا وهي من أوائل المناطق التي دخلها العدو الصهيوني ودمرها تقريبا بالكامل، وقال إنه أحكم تماما السيطرة عليها"، مؤكدا أنه بعد نحو 161 يوما مازالت هناك مقاومة، ومازال هناك رجال يقاتلون بكل عنادة وصلابة وإيمان.

وأوضح الباحث الفلسطيني سعيد زياد، أن عملية مدينة الزهراء تمثل الهجوم المضاد الثاني الذي تنفذه كتائب القسام في منطقة مسيطر عليها من قبل العدو، بعد عملية شارعي 8 و 9 اللذين يقعان في أقصى جنوب مدينة غزة، والتي أعلن القسام عن تنفيذها خلف الخطوط في السابع والعشرين من الشهر الماضي.

وأشار إلى أن العملية وقعت في منطقة الزهراء، على أنقاض المدينة التي دمرها العدو بشكل كامل، وحوّلها إلى منطقة تمركز لقواته، وفي النقطة الأقرب للطريق العملياتي الحصين الذي شقّه العدو في وسط القطاع، لتسهيل حركة قواته من شرق القطاع إلى غربه.

ولفت زياد إلى أن العملية جاءت بعد أن ظن العدو أنه استقرّ له الموقف، وطاب له المقام، إذ تقرّب المقاتلون لتنفيذ العملية عبر نفق، ومن ثم هاجموا الدبابات المتمركزة من أكثر من نقطة، ونفذها مقاتلو لواء غزة الذين تعرضت كتائبهم  لموجتين هجوميتين كل واحدة منهما بقوام فرقتين.

ورأى أن العملية تمثل نقطة انتقال كبيرة أخرى، بحيث يمكن عدها هجوميًا وليست دفاعياً، بغرض دفع القوات الغازية خلف حدود القطاع، مؤكدا أن العدو الذي باتت قواته المنهكة تتمركز في مساحة ضئيلة جدا من قطاع غزة، وبتعداد لا يزيد عن فرقة ونصف فقط، على كامل مساحة القطاع.

 

ونشر عمر طاهر، مشاهد من استهداف عدد من آليات الاحتلال في مدينة الزهراء، معلنا: "أنا في صف هؤلاء، في صف جند الله، الذي يحملون أرواحهم على أكفهم لأجل هذا الدين وهذه الأرض، أعزة القوم الذين يقاتلون جيوش الظلم بأمعاء خاوية، ثبتهم الله.. نصرهم الله".

وأكد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية حذيفة عزام، أن أولياء الله في غزة يسطرون أروع الملاحم ويمتلكون زمام المبادرة ومعنوياتهم تعانق عنان السماء وأقدامهم تطأ الثريا ويجرعون جيش الاحتلال المر والعلقم ويفاوضون الكيان المهزوم المأزوم من منطلق قوة والنصر -بإذن الله- قاب قوسين أو أدنى ولكنكم تستعجلون.