مساعدات أميركا العسكرية لإسرائيل.. الأضخم منذ الحرب العالمية الثانية

منذ ٧ أشهر

12

طباعة

مشاركة

كشفت صحيفة “واشنطن بوست”، عن تلقي إسرائيل مساعدات عسكرية أميركية أكثر من أي دولة أخرى منذ الحرب العالمية الثانية (1939ـ 1945).

واستعرضت الصحيفة الأميركية حجم المساعدات التي تلقتها إسرائيل وبلغت قيمتها مليارات الدولارات، منذ بدء العدوان على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي امتد أخيرا إلى لبنان.

وقبل الرد الإسرائيلي المتوقع على الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2024، أعلنت واشنطن أنها شرعت في إرسال نظام الدفاع الصاروخي "ثاد" إلى تل أبيب مع جنود أميركيين لتشغيله.

ويأتي نشر هذه الصواريخ، الذي يصحبه وضع قوات أميركية على الأرض للدفاع عن إسرائيل، بعد أن ساعدها الجيش الأميركي في التصدي لهجومين صاروخيين إيرانيين واسعي النطاق في أبريل/نيسان، وأكتوبر 2024.

وأوضحت الصحيفة أن "ثاد هو أحد أكثر أنظمة الدفاع الصاروخي الأميركية تقدما، فهو قادر على إطلاق صواريخ اعتراضية لتدمير الصواريخ الباليستية القادمة".

وتحتوي البطارية القياسية على 48 صاروخا اعتراضيا، الذي يقدر الواحد منها بعشرات الملايين من الدولارات.

وأضافت الصحيفة أنه "بغض النظر عن الجهود التي يبذلها الجيش الأميركي للدفاع عن إسرائيل، فقد زادت واشنطن بشكل كبير من حجم مساعداتها العسكرية لها، ووافقت على المزيد من مبيعات الأسلحة والمعدات لها".

وأشارت إلى أنه "منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لم تحصل أي دولة على مساعدات عسكرية -أو أي نوع من المساعدات عموما- من الولايات المتحدة أكثر مما حصلت عليه إسرائيل".

استنفار أميركي

وبعد عملية حركة المقاومة الإسلامية حماس مباشرة قبل عام، قال الرئيس الأميركي جو بايدن: "سنتأكد من أن إسرائيل لديها ما تحتاجه لرعاية مواطنيها والدفاع عن نفسها والرد على الهجوم".

“لكن أدى ارتفاع عدد ضحايا الحرب في غزة -والذي تجاوز الآن 42 ألفا، إلى زيادة التدقيق في الدعم العسكري الغربي لإسرائيل”، وفق الصحيفة.

وقالت إنه منذ 7 أكتوبر، كثفت الولايات المتحدة عملياتها العسكرية في الشرق الأوسط، ونشرت حاملة الطائرات الأكثر تقدما في قواتها البحرية "يو إس إس جيرالد فورد"، في شرق البحر الأبيض المتوسط.

وفي أبريل 2024، شاركت الولايات المتحدة وحلفاء آخرون في عملية للدفاع عن إسرائيل.

وجاء ذلك بعد أن أطلقت إيران أكثر من 100 صاروخ باليستي عليها، بالإضافة إلى حوالي 30 صاروخ كروز وأكثر من 150 طائرة مسيّرة متفجرة، وفقا لما قاله المسؤولون لاحقا لـ "واشنطن بوست".

واستخدمت الولايات المتحدة طائرات "إف-15 إي سترايك إيغل" لإسقاط نحو 70 طائرة مسيّرة هجومية متجهة إلى “إسرائيل”.

في حين أسقطت المدمرتان "يو إس إس كارني" و"أرلي بيرك"، اللتان نُشرتا في شرق البحر الأبيض المتوسط، ما بين 4 إلى 6 صواريخ باليستية.

وقال المسؤولون لصحيفة واشنطن بوست إن القوات الأميركية في العراق استخدمت نظام دفاع صاروخي من طراز "باتريوت" لإسقاط صاروخ آخر.

وفي الأول من أكتوبر 2024، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، باتريك رايدر، أن الجيش الأميركي تدخل أيضا عندما هاجمت إيران "إسرائيل" مرة أخرى في ذلك اليوم، حيث أطلق ما لا يقل عن 10 صواريخ اعتراضية على الصواريخ الباليستية الإيرانية القادمة.

ووفق الصحيفة الأميركية، لم يقدم البنتاغون تقديرات لتكلفة الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل خلال هذه الفترة.

لكن أوضح "مشروع تكاليف الحرب" التابع لـ "جامعة براون" الأميركية، في تقدير أصدره في أكتوبر 2024، قبل نشر نظام ثاد، أن تكلفة العمليات الأميركية الإضافية في الشرق الأوسط منذ أكتوبر 2023 بلغت 4.86 مليارات دولار.

كذلك، لم يقدم البنتاغون تقديرا لتكلفة نشر "نظام ثاد" في إسرائيل، مع العلم أن الولايات المتحدة تمتلك حاليا 7 بطاريات منها.

المساعدات الأمنية

وقالت الصحيفة إن "إجمالي المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية بلغ أكثر من 200 مليار دولار".

وفي عام 2016، وافقت إدارة الرئيس الأسبق، باراك أوباما، على تقديم مبلغ غير مسبوق من المساعدات لإسرائيل، يصل إلى 3.8 مليارات دولار سنويا على مدى عِقد كامل.

وفي يونيو/حزيران 2024، ذكرت "واشنطن بوست" أن حجم المساعدات الأمنية المقدمة لإسرائيل منذ الحرب بلغ 6.5 مليارات دولار، من بينها 3 مليارات أُقرّت في مايو/أيار 2024 وحده.

وأفاد  بأن الكونغرس أعطى الضوء الأخضر لإعطاء مبالغ مالية أكبر لإسرائيل.

ففي أبريل 2024، وافق المشرّعون على حزمة للأمن القومي تضمنت مساعدات عسكرية بقيمة 14.1 مليار دولار مخصصة لتل أبيب، وفق ما صرح به بايدن.

وتشير بعض التقديرات إلى أن إجمالي ما أُنفق خلال زمن الحرب أعلى من ذلك بكثير.

إذ قدر تحليل نشره باحثون في "جامعة براون" الأميركية أن المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، تجاوزت 17.9 مليار دولار.

ويشمل هذا الرقم الالتزامات طويلة الأمد بالإضافة إلى الإنفاق الطارئ، والذي يتضمن مبيعات الأسلحة، والتمويل العسكري.

كما يتضمن ما لا يقل عن 4.4 مليارات دولار في عمليات نقل أسلحة من مستودعات السلاح الأميركية.

المعدات العسكرية

وقالت الصحيفة إن تقديم إدارة بايدن لتل أبيب أحد أنظمة الدفاع الصاروخي الأكثر تقدما، وما صاحب ذلك من نشر كبير للقوات الأميركية في إسرائيل، يعد التطور الأول من نوعه منذ بدء الحرب في غزة.

واستدركت: "على الرغم من ذلك، استخدمت إسرائيل طيلة عام 2023 أسلحة قدمتها لها الولايات المتحدة، في حربها بقطاع غزة وربما لبنان أيضا".

وأضافت: "بحسب تحليل صور نشرتها القوات الإسرائيلية، يُرجح أن إسرائيل استخدمت ذخائر أميركية الصنع، بوزن 2000 رطل، لاغتيال زعيم حزب الله اللبناني، حسن نصر الله، في سبتمبر/أيلول 2024، ببيروت".

وأشارت الصحيفة أنه "نظرا لأن تفاصيل الصادرات العسكرية الأميركية غير معلنة بالكامل، فإنه يصعب تحديد ما إذا كانت الأسلحة المستخدمة أو التي سُلّمت أخيرا لإسرائيل هي جزء من إمدادات دورية، أم أنها أتت نتيجة لتصعيد يهدف إلى تعويض الذخائر المستنفدة في قصف غزة".

لكنّ بعض مبيعات المعدات العسكرية أٌعلن عنها. ففي نهاية عام 2023، وافق البيت الأبيض على بيع ما يقرب من 14 ألف خرطوشة ذخيرة دبابات، ومعدات لإسرائيل، بقيمة 106.5 ملايين دولار.

هذا بالإضافة إلى بيع قذائف مدفعية عيار 155 ملم ومعدات ذات صلة بقيمة 147.5 مليون دولار. 

وفي مارس/آذار 2024، كشفت "واشنطن بوست" أن الولايات المتحدة وافقت سرا على أكثر من 100 صفقة بيع عسكرية لإسرائيل منذ أكتوبر 2023.

وهو ما أدى إلى توفير آلاف من الذخائر الموجهة بدقة، والقنابل صغيرة القطر، وقنابل اختراق التحصينات، وأسلحة خفيفة وأشكال أخرى من المساعدات الفتاكة.

وأفادت أن "خلال الحرب أيضا، جرت الموافقة على مبيعات أخرى، ولكن تنفيذها سيستغرق سنوات".

ففي أغسطس/آب 2024، وافقت إدارة بايدن على بيع أسلحة إضافية لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار، تتضمن مركبات تكتيكية و50 ألف خرطوشة هاون من المقرر أن يبدأ تسليمها عام 2026.

هذا بجانب خراطيش ذخيرة دبابات يبدأ تسليمها في عام 2027، وحوالي 50 طائرة مقاتلة من طراز "إف-15"، تتسلمها عام 2029.

تاريخ من المساعدات

وقالت الصحيفة: "خلال سبعينيات القرن العشرين، قدمت واشنطن مساعدات عسكرية متزايدة لإسرائيل لإعادة بناء قواتها بعد حرب عام 1973، والتي شن فيها تحالف من الدول العربية بقيادة مصر وسوريا هجوما عليها".

وأوضحت أن "منذ ذلك الحين، ظلت المساعدات العسكرية ثابتة إلى حد كبير، إذا ما أخذنا في الحسبان نسبة التضخم، هذا مع وجود هدف معلن يتمثل في مساعدة إسرائيل للحفاظ على تفوق عسكري نوعي على جيرانها".

صورة تحتوي على نص, لقطة شاشة, تخطيط

تم إنشاء الوصف تلقائياً

عُدّلت الأرقام لتناسب قيمة الدولار في عام 2022؛ بيانات جزئية لعام 2023؛ المساعدات العسكرية لا تشمل تمويل الدفاع الصاروخي

وبحسب الصحيفة، فإن أغلب المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل تندرج تحت "برنامج التمويل العسكري الأجنبي".

ويوفر البرنامج منحا تستخدمها تل أبيب لشراء السلع والخدمات العسكرية الأميركية.

كما تسهم الولايات المتحدة بنحو 500 مليون دولار سنويا لأنظمة الدفاع الصاروخي المشتركة.

وحسبما كشفت وزارة الخارجية الأميركية، فإن الولايات المتحدة ساهمت منذ عام 2009 بمبلغ 3.4 مليارات دولار لتمويل الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، ويشمل ذلك 1.3 مليار دولار للقبة الحديدية التي تتصدى للصواريخ قصيرة المدى.

كذلك، مُنحت إسرائيل حق الوصول إلى بعض أكثر التقنيات العسكرية الأميركية طلبا، إذ كانت أول دولة خارجية تستخدم مقاتلة "إف-35"، واستخدمتها في القتال لأول مرة عام 2018.

التدقيق العسكري

وأوضحت "واشنطن بوست" أن "مسألة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل حظيت بإجماع حزبي أميركي على مدى عقود".

واستدركت: "مع ذلك، أتت لحظات نادرة علقت فيها الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية لإسرائيل، أو ربطتها بشروط".

فبعد غزو إسرائيل للبنان عام 1982، أوقف الرئيس وقتها رونالد ريغان، شحنة من قذائف المدفعية والقنابل العنقودية، بينما كان المسؤولون في الإدارة الأميركية يقيّمون ما إذا كان نقلها يتفق مع القوانين الأميركية المتعلقة بصادرات الأسلحة".

وفي العام التالي، أوقف ريغان شحنة طائرات "إف-16"؛ حتى تنسحب "إسرائيل" من لبنان.

صورة تحتوي على نص, لقطة شاشة, رقم, الخط

تم إنشاء الوصف تلقائياً

عُدّلت الأرقام لتناسب قيمة الدولار في عام 2022؛ بيانات جزئية لعام 2023؛ المساعدات العسكرية لا تشمل تمويل الدفاع الصاروخي

وفي سبتمبر 2024، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن هيئات الرقابة الحكومية تحقق في بعض قرارات الإدارة الأميركية بشأن نقل الأسلحة لإسرائيل.

هذه التقارير أتت بعد أن انتشرت مخاوف داخل الحكومة الأميركية من أن عمليات نقل الأسلحة قد تنتهك القوانين التي تحظر تقديم مساعدات عسكرية أميركية للقوى الأجنبية التي ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو منعت المساعدات الإنسانية.

وقد اعترفت إدارة بايدن بأن إسرائيل ربما انتهكت القانون الإنساني باستخدام الأسلحة الأميركية؛ لكنها تؤكد على أهمية استمرار تدفق المساعدات الأمنية؛ لتمكين تل أبيب من “الدفاع عن نفسها”.

وفي مايو/أيار 2024، أوقف البيت الأبيض شحن آلاف الأسلحة إلى إسرائيل، بما في ذلك قنابل يبلغ وزنها 2000 رطل، كانت قد أثارت الجدل.

وجاء ذلك وسط مخاوف بشأن خطط "إسرائيل" لتوسيع العمليات العسكرية في غزة. لكن استأنفت الإدارة بعد ذلك شحنة من الذخائر يبلغ وزنها 500 رطل.

وقد فرض بالفعل العديد من حلفاء الولايات المتحدة -منها بريطانيا وكندا واليابان وهولندا وإسبانيا وبلجيكا- قيودا على نقل المعدات العسكرية لإسرائيل؛ بسبب المخاوف القانونية والسياسية من احتمالية استخدامها لارتكاب جرائم حرب.