غير مسبوقة.. هل نجحت إيران في اختراق القلعة النووية الإسرائيلية؟

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

في تطور جديد، أعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية أنها حصلت على إمكانية الوصول إلى كمية كبيرة من المعلومات الإستراتيجية والسرية المتعلقة بالبرنامج النووي الإسرائيلي.

وفقا للتصريحات الرسمية في 9 يونيو/حزيران 2025، فإن البيانات التي استُولِي عليها تشمل آلاف الوثائق المتعلقة بالمشاريع والبنى التحتية النووية الإسرائيلية.

وقال المعهد الإيطالي لتحليل العلاقات الدولية: "إذا ما تم تأكيد ذلك، فإن هذه العملية ستمثل واحدة من أخطر حالات اختراق الأمن الإسرائيلي في العقود الأخيرة". مضيفا أنها "قد تغير توازنات القوى في الشرق الأوسط".

وهو ما حدث فجر  13 يونيو 2025 بشن إسرائيل هجوما على إيران، استهدف منشآت نووية ومواقع عسكرية وقيادات عسكرية بارزة وعلماء نوويين.

قفزة نوعية

وفي إطار المنافسة التاريخية بين الجانبين، أشار المعهد إلى أن "إسرائيل وإيران طورتا هياكل استخباراتية متطورة للغاية ونفذتا عمليات سرية مستمرة". 

ومع ذلك، أكد أن "اختراقا مباشرا لأصول إستراتيجية مثل البرنامج النووي الإسرائيلي سيشكل قفزة نوعية غير مسبوقة".

وفي إطار الحديث عن العملية الاستخبارية، قال المعهد: إن "عملية بهذا الحجم تتطلب قدرات متقدمة على عدة مستويات". 

فمن الناحية السيبرانية، يتطلب الأمر اختراقات إلكترونية للشبكات المحمية وأنظمة إدارة المعلومات السرية. 

ومن ناحية الموارد البشرية، يستلزم الأمر اختراق أفراد داخل منشآت البحث أو في الوكالات ذات الصلة.

إضافة إلى عمليات اعتراض تقنية لجمع الاتصالات الإلكترونية أو الإشارات المنبعثة من مراكز القيادة والسيطرة.

فضلا عن الاستخدام المتزامن لأدوات سيبرانية ومصادر بشرية وحروب إلكترونية لتجاوز مستويات الأمن الإسرائيلية، المعروفة بكونها من بين الأكثر تقدما في العالم. حسب المعهد.

ولفت إلى "حالة سابقة؛ حيث اخترق الموساد الإسرائيلي الأرشيف النووي الإيراني عام 2018"، ورأى أن "الضربة التي تتعرض لها إسرائيل اليوم انتقام إستراتيجي من قبل طهران".

إستراتيجية الغموض

وفي دلالة على خطورة هذه الوثائق، أكد المعهد الإيطالي أن "أي تسريب للبيانات الإستراتيجية المتعلقة بالبرنامج النووي الإسرائيلي سيشكل تهديدا وجوديا، ليس من الناحية التشغيلية العملياتية فقط، ولكن من المنظور الإستراتيجي لإسرائيل في السياق الشرق أوسطي".

وعزا ذلك إلى أن "العقيدة التي تستند إليها السياسة النووية الإسرائيلية هي ما يُعرف بـ(الغموض النووي)"، حيث إن "إسرائيل لم تؤكد أبدا رسميا أو لم تنفِ امتلاكها لأسلحة نووية، محافظة على توازن محسوب بين الردع الضمني والإنكار المحتمل".

وأوضح المعهد أن هذه الإستراتيجية المتبعة منذ الستينيات سمحت لإسرائيل بتجنب سباق التسلح النووي في المنطقة، والالتفاف على الضغوط الدبلوماسية، وعدم الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية دون التعرض لعقوبات. 

كذلك أشار إلى أن "الغموض له قيمة تشغيلية؛ لأنه يبقي الخصوم الإقليميين -لا سيما إيران وسوريا، والجماعات المسلحة مثل حزب الله- في حالة من عدم اليقين الدائم بشأن مستوى التصعيد الذي قد يُحدثه هجوم واسع النطاق".

وتابع: "على الصعيد الدبلوماسي، يسمح لإسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة وحلفاء غربيين آخرين دون إلزامهم بمواجهة مفتوحة لمسألة الانتشار النووي".

وفي حال كانت المعلومات التي حصلت عليها الاستخبارات الإيرانية حقيقية ومفصلة، فإن الهيكل الإستراتيجي الكامل لـ"الغموض النووي" مهدد بالانهيار، حسب المعهد.

وهو ما سيكون له عدة عواقب، منها "نهاية الردع الضمني"؛ حيث إن "نشر التفاصيل الفنية (مثل القدرات الفعلية للرؤوس النووية الإسرائيلية أو أعدادها أو توزيعها) سيحرم (الكيان المحتل) من ميزة الغموض، ويدفع الخصوم المحتملين إلى إعادة ضبط إستراتيجياتهم العسكرية".

كما يزداد الضغط الدولي على إسرائيل، فـ"الكشف عن تفاصيل ملموسة يمكن أن يُثير مطالب عالمية بفتح البرنامج النووي الإسرائيلي أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يقوض الدعم الدبلوماسي الغربي".

إلى جانب ذلك، حذر المعهد من أن "صحة هذه التسريبات قد تؤدي إلى تشجيع الانتشار النووي الإقليمي؛ حيث إن دولا مثل إيران أو السعودية أو مصر قد تسرع برامجها النووية كرد فعل على التهديد الإسرائيلي الكامن".

وأضاف كذلك أن إحدى العواقب ستتمثل في "إضعاف قدرة الردع الوقائي"، معللا ذلك بأن "الردع المعلن يفقد جزءا من قدرته الترهيبية، لأنه يؤدي إلى تحديد أكثر وضوحا للخطوط الحمراء ويحد من المرونة الدبلوماسية والعسكرية".

تدابير محتملة

وفي حال أن الاختراق الإيراني كان خطيرا، يستشرف المعهد الإيطالي أن “إسرائيل ستتبنى عددا من التدابير لمحاولة احتواء الأضرار”.

وقد تشمل هذه التدابير، إجراءات دبلوماسية مضادة تستهدف الضغط على الحلفاء الرئيسين لمنع مبادرات الإدانة الدولية. إلى جانب محاولة تنفيذ هجمات سيبرانية مضادة لتخريب أو تقويض نشر البيانات.

كما أنه من المحتمل أن تنتقل إسرائيل من "الغموض" إلى "إعلان نووي جزئي"، وذلك بهدف "تخفيف الضرر عن طريق تعزيز الردع المعلن".

ومع ذلك، أكد المعهد أن "فقدان الغموض النووي لا يعني نهاية التفوق الإستراتيجي الإسرائيلي، لكنه سيتطلب إعادة ترتيب عميقة لأسسه العقدية والإستراتيجية".

وفي الجهة المقابلة، توقع أن تستخدم طهران البيانات التي حصلت عليها لعدد من الأغراض الدبلوماسية.

ومن هذه الأغراض "زيادة الضغط الدولي على إسرائيل، لا سيما في منتديات مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبناء سردية سياسية لنزع الشرعية عن إسرائيل أمام الدول غير المنحازة أو العربية، خاصة في ضوء التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط".

ورأى المعهد أن اختراقا من هذا النوع يعد عملا من أعمال الحرب المعلوماتية، وهو ما قد يستدعي ردا إسرائيليا.

وأوضح أن هذا الرد قد ينطوي على "عمليات مكافحة استخبارات وهجمات سيبرانية واسعة النطاق، أو اغتيالات لعناصر إيرانية متورطة، أو عمليات سرية ضد البنية التحتية النووية الإيرانية كإجراء انتقامي وقائي".

وهو ما حدث فجر  13 يونيو 2025 بشن إسرائيل هجوما على إيران، استهدف منشآت نووية ومواقع عسكرية وقيادات عسكرية بارزة وعلماء نوويين.

معلومات حساسة

وفي حال مشاركة ما ورد في هذه الوثائق مع أطراف ثالثة (وكلاء مثل حزب الله أو دول معادية مثل روسيا أو الصين)، شدد المعهد على أن "خطر انتشار البيانات الحساسة حول القدرة النووية الإسرائيلية سيزداد بشكل كبير".

وافترض احتمالية أن تكون درجة الاختراق الإيراني أقل مما هو متوقع أو معلن. 

وفي هذه الحالة، يرى المعهد أن الإعلان الإيراني يخدم إستراتيجية محددة للحرب النفسية، تستهدف تقويض الثقة الداخلية الإسرائيلية في هياكلها الأمنية، واستعراض القوة والقدرات التكنولوجية داخل وخارج المنطقة، وكذلك التأثير غير المباشر على ديناميكيات المفاوضات النووية والموقع الإقليمي لإسرائيل.

ولا يستبعد كذلك عنصر "التضليل"؛ حيث من المحتمل أن إيران تعمل على تضخيم الأثر النفسي حتى في غياب اختراق عميق فعلي.

واستعرض المعهد السيناريو الأفضل والأسوأ بالنسبة لإسرائيل في هذا الصدد.

ورأى أن السيناريو الأفضل يتمثل في أن “يكون الاختراق محدودا، أو مشتملا على بيانات غير محدثة، وهو ما يمكّن إسرائيل من احتواء الضرر، من خلال اتخاذ تدابير سريعة وتعزيز أنظمة الدفاع السيبراني والاستخبارات المضادة”.

أما السيناريو الأسوأ، بحسب المعهد، فيكمن في “نجاح العملية الإيرانية في اختراق وثائق حساسة، مما يعرض أمن البرنامج النووي الإسرائيلي للخطر، وهو ما يُعرض مصداقية إسرائيل الدولية لضربة ويُقلص تفوقها الإقليمي”.