شملت ألبانيا وصربيا.. ما الذي حدث في جولة الرئيس أردوغان بدول البلقان؟

12

طباعة

مشاركة

خلال يومي 10 و11 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة رسمية لكل من ألبانيا وصربيا؛ وهما من دول منطقة البلقان.

وكانت محطته الأولى في ألبانيا، حيث استُقبل رسميا في تيرانا من قبل الرئيس الألباني بايرام بيغاي. وهناك، عقد الرئيس أردوغان اجتماعا ثنائيا مع نظيره الألباني بيغاي، وتبعه اجتماع بين الوفود الرسمية.

إلى جانب ذلك، عقد أردوغان لقاء مغلقا مع رئيس الوزراء الألباني إدي راما، كما شاركا في الاجتماع الثاني لمجلس التعاون رفيع المستوى في العاصمة الألبانية تيرانا.

اتفاقيات تعاون

وخلال الزيارة، وُقعت أربع اتفاقيات في مجالات التعاون والاتصال والتعليم والزراعة بين تركيا وألبانيا. 

وقبل المؤتمر الصحفي المشترك، وُقعت الاتفاقيات بين البلدين بحضور الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء الألباني راما.

كما وقع الطرفان "بيانا مشتركا بشأن تعميق الشراكة الإستراتيجية التي أُقيمت بتأسيس مجلس التعاون رفيع المستوى بين حكومتي الجمهورية التركية وجمهورية ألبانيا".

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك، بجانب تصريحاته فيما يخص العلاقات الثنائية، تحدث الرئيس أردوغان عن الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة. 

حيث قال: "إن الإبادة الجماعية المستمرة منذ عام في غزة هي عار مشترك على الإنسانية. يجب علينا كمجتمع دولي أن نبذل قصارى جهدنا لتحقيق وقف إطلاق نار دائم وتقديم المساعدات الإنسانية والضغط على إسرائيل".

ومن جانبه، قال إدي راما: "ما يحدث يوميا في غزة هو مأساة عالمية. نحن نتشارك نفس القيم مع الرئيس أردوغان فيما يتعلق بعدوان روسيا على أوكرانيا وحق الشعب الفلسطيني في العيش بحرية في وطنه".

وعلى جانب آخر، شارك أردوغان في افتتاح مسجد "نامازجه" في العاصمة الألبانية تيرانا، والتقى بالمواطنين الذين أظهروا له الاحترام والمحبة. وفي خطابه خلال الافتتاح، شدد الرئيس التركي على "أهمية وحدة المسلمين والعمل المشترك فيما بينهم".

كما أشار في حديثه إلى إسرائيل قائلا: "إن الوقوف في وجه إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل هو واجب أخلاقي على الجميع. ولقد أظهرت إدارة نتنياهو من خلال هجومها الأخير على لبنان أن نيتها ليست إحلال السلام في المنطقة".

وتابع: "أدعو مرة أخرى المسلمين والعالم بأسره، خاصة أصحاب الضمائر، إلى اتخاذ موقف مشترك ضد العدوان الإسرائيلي، يجب علينا أن نتمسك بالقيم السامية للإسلام، وألا نترك الساحة للمجموعات التي تستغل ديننا المقدس لأغراض شخصية".

وفي نهاية الافتتاح، شكر رئيس الوزراء الألباني راما تركيا على مساهمتها في بناء مسجد "نامازجه". 

وبعد مغادرته ألبانيا، وصل أردوغان إلى محطته الثانية في صربيا؛ حيث استقبل الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، الرئيس أردوغان في مطار بلغراد. 

وفي 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، بدأ أردوغان لقاءاته، حيث التقى بالرئيس الصربي فوتشيتش في القصر الرئاسي الصربي لعقد اجتماع ثنائي. 

بدوره، أعرب الرئيس فوتشيتش عن اعتزاز صربيا باستقبال أردوغان قائلا: "زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان، أحد أكثر رجال الدولة تأثيرا في العالم اليوم، هي دائما شرف كبير لصربيا".

ولاحقا، شارك الزعيمان في الاجتماع الرابع لمجلس التعاون رفيع المستوى في العاصمة الصربية بلغراد. حيث أُبرمت 11 اتفاقية تعاون بين تركيا وصربيا، شملت مجالات الاقتصاد والصناعة والكوارث والمساعدات والإعلام والمعلومات. 

وفي كلمته خلال الاجتماع، متحدثا عن العلاقات التجارية والثنائية، قال أردوغان: "لقد تجاوز حجم تجارتنا مع صربيا ملياري دولار للسنتين الماضيتين على التوالي. ونحن مستمرون في اتخاذ خطوات للوصول إلى هدفنا المشترك البالغ 5 مليارات دولار". 

وأكمل: "لا ينبغي لأي طرف خارجنا أن يحاول تحديد ما يجب أن يكون في صناعة الدفاع بين تركيا وصربيا. إذ إن كلا من تركيا وصربيا يمتلك إمكانيات كبيرة، وسنعمل معا للاستفادة منها لتحقيق المستقبل". 

وأضاف أردوغان: "ويجب علينا، كتركيا وصربيا، أن نتخذ خطوة مشتركة، وهذه الخطوة يجب أن تكون موجهة نحو إنشاء صناعة دفاعية تضمن الحفاظ على السلام".

بالإضافة إلى ذلك، أكد أردوغان لفوتشيتش على أهمية النهج البناء لصربيا في تجاوز الهشاشة السياسية في البوسنة والهرسك.

العدوان الإسرائيلي

وأشار أردوغان كذلك، خلال زيارة صربيا، إلى العدوان الإسرائيلي، قائلا: "منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، اعترفت 9 دول بدولة فلسطين. وهنا، نعيد تذكير الدول التي لم تفعل ذلك بعد بضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية".

ومن جانبه، صرح فوتشيتش قائلا: "الرئيس أردوغان يفهم مشاكل البلقان جيدا، ودائما ما يشير إلى أن الحوار هو الحل الوحيد للمشاكل".

وفي إشارته إلى التحولات التي شهدتها تركيا في السنوات الأخيرة، قال فرتشيتش: "انظروا كيف كانت تبدو تركيا قبل قدوم أردوغان. لقد غير مظهر بلاده، واليوم تُعد تركيا من أكثر الدول حداثة في العالم".

ومن ناحية أخرى، أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، عن توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال تحول الطاقة في صربيا.

وفي هذا الصدد، قال بيرقدار: "نحن نهدف إلى تطوير مشاريع مشتركة في مجال التعدين".

وخلال مشاركته في منتدى الأعمال التركي-الصربي، ألقى الرئيس أردوغان كلمة، قال فيها: "لقد أحرزنا -تركيا وصربيا- تقدما كبيرا في وقت قصير، إذ تجاوز حجم تجارتنا 2 مليار دولار، محققا أرقاما قياسية في السنتين الماضيتين".

وفي ذات الاجتماع، قال فوتشيتش: "علاقاتنا مع تركيا تتجاوز التعاون الاقتصادي بكثير، فالعلاقة مع تركيا تعني السلام والاستقرار بالنسبة لنا".

وعلاوة على ذلك، اجتمع الرئيس أردوغان مع القادة السياسيين والدينيين في منطقة سنجق، حيث يشكل المسلمون أغلبية. 

ثم غادر أردوغان البلاد مساء 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، فيما حظيت جولته في البلقان بتغطية واسعة في وسائل الإعلام في ألبانيا وصربيا.

ونشرت وكالة الأنباء التلغرافية الألبانية (ATA) تفاصيل موسعة عن الزيارة، مشيرة إلى توقيع 4 اتفاقيات بين تركيا وألبانيا في مجالات التعاون والاتصال والتعليم والزراعة. 

أما وكالة الأنباء الرسمية الصربية "تانيوغ"، فقد نقلت تصريح أردوغان بأن "العلاقات التركية مع صربيا تعيش عصرها الذهبي".

كما أشارت إلى تأكيد أردوغان على أهمية النهج البنّاء لصربيا في تجاوز الهشاشة السياسية في البوسنة والهرسك.

"جغرافية القلب"

وفي هذا السياق، يمكن التأكيد على أن منطقة البلقان، التي تحتل مكانة مهمة في "جغرافية القلب" لتركيا، منطقة ذات أهمية دائمة، سواء من الناحية السياسية أو من حيث عناصر القوة الناعمة. 

وفي كواليس الزيارة، وإلى جانب العلاقات الثنائية، بودلت معلومات مهمة حول تقليص تأثير تنظيم فتح الله غولن (FETÖ).

ورغم تأثر العلاقات بين تركيا والدول المجاورة في بعض الأحيان بالتطورات الإقليمية، إلا أن كلا المنطقتين تظل مرتبطة ببعضهما بشكل لا يسمح بوجود بديل.

ومن ناحيتها، تناولت وسائل الإعلام التركية أيضا زيارة الرئيس أردوغان إلى البلقان، حيث سُلط الضوء على الدولتين اللتين زارهما. 

حيث كتبت صحيفة "صباح" في مقال لها: "ألبانيا هي بلا شك واحدة من الحلفاء الطبيعيين لسياسة تركيا في البلقان. حيث تعد ألبانيا نفسها راعية للألبان في البلقان، وقد رفعت علاقاتها مع تركيا إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، خاصة منذ تولي إيدي راما رئاسة الوزراء في عام 2013".

وتابعت الصحيفة: "وخلال العقد الماضي، تعمقت العلاقات التركية-الألبانية في مجالات الاقتصاد والتعليم والثقافة والنقل والبنية التحتية".

وأشارت الصحيفة إلى أن "راما يسعى إلى تحقيق أعلى استفادة ممكنة لبلاده، من خلال موازنة العلاقات مع اليونان وإيطاليا وتركيا، كما أنه يحاول انتشال البلاد من إرث الاقتصاد المغلق الذي دمره نظام أنور خوجة، الزعيم الشيوعي لألبانيا من بعد الحرب العالمية الثانية وحتى عام 1985".

وفيما يخص صربيا، ذكر المقال أنها "تُعد واحدة من أهم الدول في منطقة البلقان، فهي تتميز بتاريخ دبلوماسي عميق وخبرة تراكمت على مر القرنين التاسع عشر والعشرين، إضافة إلى موقعها الجيوسياسي على مفترق طرق آسيا وأوروبا، وكونها اللاعب الرئيس في أزمات البوسنة وكوسوفو".

ولفت المقال إلى أن "صربيا هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تستطيع التحدث مع الصين وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا". كما أشار إلى أنها "تتميز بقدرتها على جذب الاستثمارات وتطوير أجندة سياسية، مما يجعلها دولة لا غنى عنها في المنطقة".

الكلمات المفتاحية