أسطول الصمود المغاربي يستعد للإبحار نحو غزة.. هل ينجح في الوصول؟

“4 أغسطس موعد الإعلان عن انطلاق الأسطول”
يسارع "أسطول الصمود المغاربي" الخطى من أجل الانطلاق بحرا نحو غزة، ومحاولة كسر الحصار الإسرائيلي على القطاع، الذي يتعرض لإبادة مستمرة من الكيان الإسرائيلي.
ودعا "أسطول الصمود المغاربي" عبر منشور على فيسبوك في 25 يوليو/تموز 2025، كل الشعوب المغاربية الراغبة في المشاركة بحرا لكسر الحصار عن غزة إلى ملء استمارة التسجيل.
وأكد الأسطول في بيانه أن هذه الدعوة تأتي انصهارا مع "الزخم العالمي المناصر للقضية الفلسطينية وللصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني فوق أرضه".
وأيضا "لرفض الحرب الصهيونية الوحشية، ومراكمة على العملية المشتركة الأولى"، في إشارة إلى قافلة الصمود البرية.
وقافلة الصمود هي مبادرة إنسانية برية انطلقت من تونس باتجاه غزة منتصف يونيو/حزيران 2025، غير أنها توقفت عند بوابة سرت في الأراضي الليبية، بعد ما وصفه منظموها بـ"تضييقات"، شملت الإيقاف والتجويع والاعتداء من قبل قوات ليبية في الشرق، بحسب شهادات المشاركين.
كما أشار المنظمون إلى أن المساعي للحصول على تراخيص دخول إلى الأراضي المصرية باءت بالفشل، رغم التواصل الرسمي مع سفارة القاهرة لدى تونس، ما حال دون استكمال المسار البري نحو القطاع.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يرتكب الاحتلال بدعم أميركي إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت هذه الإبادة أكثر من 194 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.
مبادرة إنسانية
وأكد عضو تنسيقية "العمل المشترك من أجل فلسطين"، وائل نوار، أن "أسطول الصمود المغاربي، سيشمل مشاركين من الدول المغاربية والذين يشكلون وحدة تضامنية مع متطوعين من باقي دول العالم".
ولفت نوار بحسب موقع "ألترا تونس" في 25 يوليو، إلى أن "العملية ستشمل عشرات السفن التي ستنطلق من كل أنحاء العالم".
وأضاف أن "باب التسجيل سيفتح لكل الناشطين والمواطنين وكل من يرغب في المشاركة في أسطول كسر الحصار على غزة".
من جانبه، قال ممثل القافلة في موريتانيا، النائب البرلماني عن حزب تواصل، المرتضى ولد اطفيل: إن “هذه الخطوة تأتي استجابة للواجب الديني والإنساني، وتعبيرا عن تضامن الشعوب المغاربية مع الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان والحصار”.
وأضاف ولد اطفيل لموقع "السراج" الموريتاني في 27 يوليو 2025، أن التنسيقية أجرت اتصالات مع عدد من الشخصيات الوطنية والنقابات المهنية ونشطاء المجتمع المدني، تمهيدا لترتيب مشاركة موريتانية فاعلة في هذا الأسطول.
وأكد أن باب المشاركة في المبادرة مفتوح أمام جميع الموريتانيين، مشيرا إلى أنه سيتم خلال الأيام القادمة الإعلان عن تشكيلة موسعة للتنسيقية، إلى جانب تفاصيل وآليات المشاركة.
وجدد ولد اطفيل، مطالبته بـ"الوقوف في وجه أي حراك يمكن أن يؤثر على الإجماع المنعقد في موريتانيا حول مناصرة المقاومة".
وطالب بتجميد أنشطة فريق الصداقة البرلمانية مع الولايات المتحدة، ويرى أن استمرار هذا الإطار في ظل الدعم الأميركي لما يجرى في غزة يُعدّ "استفزازا لمشاعر الضمير الإنساني، وتجاهلا لمعاناة شعب يتعرض للموت والجوع تحت الحصار والقصف".
وأشار ولد اطفيل إلى أن "الشعوب الحرة لا يمكن أن تظل صامتة أمام الجرائم اليومية التي تُرتكب بحق المدنيين في غزة"، مطالبا البرلمان بأن يكون "على قدر المسؤولية في هذه المرحلة المفصلية".
إجراءات تنظيمية
بدورهم، أطلق نشطاء في المجتمع المدني الموريتاني نداء وطنيا "من أجل الالتفاف حول مبادرة أسطول الصمود المغاربي، وضمان تمثيل فاعل وحيوي للبلاد ضمن هذا الجهد المغاربي في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى مواقف الشعوب الحرة لكسر جدار الصمت والتواطؤ الدولي".
ودعا النشطاء “فئات الشعب كافة إلى الالتفاف حول مبادرة تهدف إلى دعم ومشاركة موريتانيا في أسطول الصمود المغاربي، الذي يجرى التحضير لإطلاقه في اتجاه غزة، ضمن إطار جهد شعبي لكسر الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات”.
وأكدوا في بيان أن الوضع الإنساني المتدهور في غزة، مع تفاقم المجاعة وتواصل العدوان، يستدعي تحركا عاجلا من الشعوب الحرة في ظل "الصمت العربي الرسمي"، وتقاعس الأنظمة عن القيام بواجب النصرة والدعم.
وأفاد وائل نوار عن تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين، بشأن الاستعدادات للمشاركة في أسطول الصمود المغاربي ضمن الأسطول العالمي لكسر الحصار على غزة، بأن فتح باب التسجيل مرتبط بلقاء عالمي في تونس خلال الفترة من 1 إلى 4 أغسطس/آب 2025.
وأضاف نوار لموقع "جوهرة إف إم" التونسي في 27 يوليو 2025، أن بلاده ستستقبل ممثلين عن كل المبادرات العالمية المتمثلة في "أسطول الصمود المغاربي" و"المسيرة العالمية إلى غزة" و"أسطول الحرية"، و"تجمع جمعيات شرق آسيا" الذي يضم 8 دول.
وأشار إلى أنه تم تخصيص يومي 2 و3 أغسطس لتدريب القيادات من المبادرات الأربع والمشاركين من تونس من قبل مدربين من أسطول الحرية، على المشاركة في أسطول كسر الحصار على غزة بحرا وظروف الاحتجاز أو الاعتقال.
واستطرد نوار: “فيما سيخصص 4 أغسطس لعقد ندوة صحفية للإعلان عن موعد انطلاق الأسطول بعشرات السفن من المتوسط في نفس التوقيت، والمسار وكل التفاصيل المتعلقة به”.
رسائل متعددة
وشدد عضو الهيئة المغاربية لقافلة الصمود، مروان بن قطاية، أن "الوضع في غزة خطير ويحتاج إلى التفاتة شعبية تدعم مساعي كسر الحصار، ولذلك جاءت فكرة أسطول الصمود المغاربي".
وأوضح بن قطاية لـ"الاستقلال" أن هذا الأسطول هو جزء من أسطول الصمود العالمي، ويشتغل مع عدد من الهيئات، ويروم إلى توحيد الجهود لتحقيق الغاية نفسها، وهي إسناد أهل غزة وكسر الحصار.
ولفت إلى أن "شعوب المغرب العربي لها ارتباط تاريخي بفلسطين، ولذلك لهم بوابة المغاربة وحارة المغاربة، مما يجعل من هذه القضية ذات مكانة مركزية لدى ساكني المغرب العربي ككل".
وأكد بن قطاية على أن "هذه المبادرة لن تكون الأخيرة، بل ستتلوها مبادرات أخرى، ما دامت قضية الاحتلال والحصار مستمرة على غزة وفلسطين ككل".
وذكر أن "عدد المشاركين في الأسطول لن يكون كبيرا؛ لأنه سيتم استخدام سفن صغيرة، لكن يتم حاليا العمل على توسيع دائرة المشاركة عبر مضاعفة عدد السفن".
وبشأن شروط المشاركين، قال عضو الهيئة المغاربية لقافلة الصمود: إن الشرط الأساسي أن يكون للمتطوع مواقف سابقة بشأن فلسطين، وأن يكون له دور ميداني في نصرة القضية.
وأشار إلى أن قافلة الصمود البرية السابقة كسرت حاجز الصمت والخذلان، وإن لم تكسر الحصار، مشددا على أنها تفاعلت بشكل راق مع التحديات والأزمات التي تعرضت لها.
واليوم، يردف بن قطاية، هناك لجنة دولية تنسق العمل بشأن أسطول الصمود، وهناك مناقشة يومية لتحديد الموعد المناسب لانطلاق القافلة، والذي سيتم الإعلان عنه في 4 أغسطس 2025.
واسترسل: "بالنسبة لمسار الأسطول وصولا إلى شاطئ الأراضي المحتلة، فإن الأسطول يعتمد على خبراء وأناس لهم تجربة في هذا الموضوع".
وذكر بن قطاية أن إسبانيا وإيطاليا أعلنت تبنيها للمبادرة العالمية، وأيضا أعلنت دول شرق آسيا مشاركتها فيها بشخصيات وازنة، وكذلك الأمر بالنسبة للمغرب العربي.
ورأى المتحدث ذاته أن "أسطول الصمود العالمي يمثل رسالة عالمية من الشعوب الحرة، بغية كسر الحصار ووقف جرائم الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني بفلسطين".
وخلص إلى أن "المشاركة المغاربية في الأسطول العالمي هي استكمال لرسالة المجاهدين والشهداء، الذين حرروا بلداننا في القرن الماضي من الاحتلال الفرنسي والإسباني والإيطالي".
سفينة حنظلة
وتأتي هذه الدعوات المغاربية عقب استحواذ الاحتلال الإسرائيلي على سفينة حنظلة، وترحيل الناشطين الحقوقيين المناصرين للقضية الفلسطينية الذين كانوا على متنها، ومنهم الصحفي المغربي بقناة الجزيرة محمد البقالي.
ووصل البقالي إلى مطار محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء في 29 يوليو 2025، وكان في استقباله عدد من رموز النضال من أجل القضية الفلسطينية بالمغرب.
وقال البقالي في تصريح للصحافة بالمناسبة: إن "حجم التضامن الذي تلقاه يفسر لماذا للمغاربة باب وحارة باسمهم في القدس، دون باقي الدول والبلدان".
وأعرب عن امتنانه للجميع على حجم التضامن الكبير معه، مشددا على أن هذا التضامن هو دليل على الالتفاف حول القضية الفلسطينية وليس السفينة ومن فيها.
وأكد البقالي أن "القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية، ولذلك كانت السفينة حنظلة تحمل فوقها أشخاصا من 10 جنسيات مختلفة، ومن أديان وألوان وانتماءات متعددة، لكن جمعتهم القضية الفلسطينية".
واستطرد: “لذلك نقول يكفي أن تكون إنسانا لكي تقف مع هذه القضية”.
وبخصوص ما قامت به سلطات الاحتلال، أكد البقالي أن سلوكها يؤكد أننا أمام دولة مارقة، مشيرا إلى أن التعامل مع المشاركين في الرحلة "كان سيئا، وأنهم سمعوا ألفاظا نابية وتعرضوا لضغط نفسي وترهيب".
وأشاد بالأجانب المدافعين عن القضية، قائلا: "قاموا بمجهودين مهمين، أولهما فكري لكي يتعرفوا على القضية الفلسطينية، وثانيهما مجهود نفسي؛ لأنهم قد يتعرضون للتهميش والقطيعة العائلية بسبب مواقفهم هاته، ورغم ذلك ثابتون".