إحكام الحصار.. لماذا تركز إسرائيل على استهداف المعابر البرية بين لبنان وسوريا؟

a month ago

12

طباعة

مشاركة

تزامنا مع بدء محاولات توغلها البري في جنوب لبنان منذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2024، شرعت إسرائيل في تضييق الخناق على طرق إمداد “حزب الله” اللبناني بالسلاح عبر الحدود مع سوريا.

فركزت إسرائيل ضرباتها الجوية على طرفي الحدود اللبنانية السورية، والتي نالت كذلك حتى المعابر الرسمية في إشارة إلى تساوي الأهداف المدنية والعسكرية بعين الكيان الإسرائيلي.

ضرب الحدود

وفي ضربة عنيفة، قُتل خمسة عناصر من قوات النظام السوري بعد استهداف موقع عسكري قرب منطقة “كفير يابوس” بريف دمشق قرب الحدود السورية اللبنانية في 27 سبتمبر/ أيلول 2024.

كما استهدفت طائرات إسرائيلية في 4 أكتوبر ما قال جيش الاحتلال في بيان له إنه "نفق تحت الأرض يمتد من الحدود اللبنانية إلى داخل سوريا على مسافة 3,5 كيلومترات ويسمح بنقل كميات كبيرة من الأسلحة وتخزينها تحت الأرض".

وقال جيش الاحتلال إن "عمليات النفق تديرها الوحدة 4400 المسؤولة عن نقل الأسلحة من إيران ووكلائها إلى حزب الله في لبنان".

كما أدت غارة إسرائيلية استهدفت فجر يوم 4 أكتوبر منطقة المصنع شرق لبنان، الحدودية مع سوريا، إلى قطع الطريق الدولية بين البلدين، على الرغم من وجود ستة معابر برية بينهما.

وكان معبر المصنع هو الطريق الرئيس لتنقل الأشخاص إلى سوريا، ومن ثم إلى الأردن ودول الخليج، بينما كان الطريق في لبنان يربط غربا أيضا بالعاصمة بيروت على الساحل.

وجاء استهداف معبر المصنع، المعروف باسم جديدة يابوس من الجانب السوري، غداة اتهام الجيش الإسرائيلي حزب الله بنقل "وسائل قتالية حساسة" لاستخدامها في جنوب لبنان.

ودفع التصعيد الإسرائيلي على لبنان منذ 23 سبتمبر 2024 أكثر من 310 آلاف شخص إلى العبور من لبنان إلى سوريا، وفق السلطات اللبنانية، معظمهم سوريون.

فيما قتل القصف الإسرائيلي منذ التاريخ المذكور في لبنان 1204 أشخاص وأصيب 3411 بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، بالمقابل نزح داخليا أكثر من مليون و200 ألف، وفق بيانات رسمية لبنانية.

وفي بيان صدر قبل الغارة، قال الجيش الإسرائيلي إن المعبر أصبح "المعبر الحدودي الرئيس لنقل أسلحة حزب الله" واتهم الجماعة بإخفاء "نشاط التهريب بين الشاحنات والمركبات المدنية". ودعا لبنان إلى تفتيش الشاحنات بدقة.

فيما نفى وزير النقل والأشغال علي حمية في مؤتمر صحفي في 4 أكتوبر "الادعاءات" الإسرائيلية، مؤكدا أن جميع المعابر البحرية والجوية والبرية بينها معبر المصنع "توجد عليه الأجهزة الأمنية اللبنانية" وتخضع الشاحنات التي تمر عبره "لرقابة" من قبل الأجهزة المعنية.

وتعمل منظمات أممية على الضغط على إسرائيل من أجل إبقاء المعابر الرسمية بين سوريا ولبنان مفتوحة وبعيدة عن التصعيد لأنها ستكون حاسمة لمغادرة الناس، وكذلك لدخول السلع الإنسانية الدولية للفارين لداخل الأراضي السورية.

وفي مؤشر على محاولة إسرائيل تضييق الخناق على طرق إمداد حزب الله بالأسلحة من سوريا، هو إعلانها في مطلع أكتوبر 2024 اغتيال محمد جعفر قصير قائد "الوحدة 4400" في حزب الله لأكثر من 15 عاما.

وزعم المحلل العسكري، نوعام أمير، في مقال نشره في موقع "مكور ريشون" العبري، أن الوحدة 4400 "هي وحدة نخبة في حزب الله، وأسسها أمينه العام حسن نصر الله خلال الحرب في سوريا؛ بهدف نقل عناصر وتكنولوجيا إنتاج الطائرات المسيرة التي يتم إنتاجها بعيدا من لبنان".

ونقل أمير عن دوائر أمنية زعمها أن هذه الوحدة مكلفة، أيضا، بتهريب أسلحة "خطرة" إلى حزب الله مباشرة من فيلق القدس الإيراني.

"رسالة للأسد"

ويعتقد أن حزب الله حصل على معظم أسلحته من إيران عبر سوريا، بشكل مكثف منذ أن تدخل عسكريا إلى جانب قوات الأسد عام 2012 بأمر المرشد الإيراني علي خامنئي لقمع الثورة السورية.

وعقب ذلك ركز حزب الله على تثبيت وجوده على جانبي الحدود بين لبنان وسوريا، حتى باتت منطقة جبال القلمون شمال غربي دمشق المتاخمة للبقاع اللبناني، الباحة الخلفية اللوجستية والعملياتية لحزب الله.

إذ عمد حزب الله على مدار العقد الأخير على تعزيز النقاط العسكرية بأسلحة ثقيلة ومتوسطة، إضافة لنقل كميات من الأسلحة والذخائر إليها، بعد القيام بعمليات تحصين لأكثر من 20 مقرا عسكريا ونقطة مراقبة.

وضمن هذا السياق، ينظر المحلل والخبير العسكري العقيد إسماعيل أيوب إلى أن “إسرائيل تعلم أن خطوط الإمداد بين حزب الله وإيران تمر عبر سوريا وهي ليست فقط تلك الرسمية بين لبنان وسوريا وتراقبها منذ سنوات”.

وأضاف لـ“الاستقلال”: "لذلك خلال فترة التصعيد الجديدة على لبنان تعمل إسرائيل عسكريا على إرسال رسالة للنظام السوري لمنع إرسال أي إمدادات لحزب الله من الأسلحة وغيرها، وكذلك العمل على تعطيل تنقل عناصر الحزب".

وأشار الخبير العسكري إلى أنه “رغم المراقبة الإسرائيلية لطرق إمداد حزب الله فإن الأخير لديه أنفاق مع سوريا خاصة به ويتنقلون بها عبر طرق جبلية بين البلدين”.

وذهب أيوب للقول: "لهذا فإن الرسالة الإسرائيلية من قصف المعابر فقط للتدليل على قدرتها على قطع طرق الإمداد لحزب الله والتأثير على محافظة الحزب في الحصول على أسلحة نوعية ومهمة خلال المعركة الحالية".

وأردف: "علاوة على قول إسرائيل إن لديهم قنابل قادرة على تخريب حتى المعابر الرسمية في رسالة ضغط على الحكومة اللبنانية لضبط الحدود، خاصة أن ضربة معبر المصنع أحدثت حفرة عميقة جدا".

"طريق إمداد"

ودأبت إسرائيل منذ تدخل حزب الله في سوريا على مراقبة الحدود السورية–اللبنانية بشكل مستمر، في محاولة لتضييق الخناق على “حزب الله” اللبناني ومنعه من نقل السلاح الإيراني إليه.

وكانت هذه الرقابة جزءا من إستراتيجية إسرائيلية تتبعها لشل حركة عمليات نقل السلاح لحزب الله عبر استهداف مواقع وشحنات أسلحة فور وصولها إلى سوريا خلال السنوات الأخيرة.

لدرجة أن التكتيكات التي استخدمها حزب الله للتمويه على عمليات التهريب، أصبحت أقل فعالية بفعل المراقبة الجوية المكثفة التي تنفذها المسيرات الإسرائيلية.

إذ كثيرا ما كانت تستهدف الشحنات فور وصولها إلى الأراضي السورية برا أو جوا من قبل إيران.

وقد طال قصف إسرائيلي نهاية سبتمبر 2024، أربع مرات معابر غير شرعية تربط بين مدينة القصير بريف حمص السورية والأراضي اللبنانية.

كما طال قصف 6 مرات مواقع قرب معابر شرعية منها معبر كفر يابوس بريف دمشق على بعد بضعة كيلو مترات عن الحدود السورية – اللبنانية.

اللافت أن إسرائيل تعمل على استكمال حصارها العسكري على حزب الله، برا وبحرا وجوا؛ بعد الحظر الذي فرضته على الطائرات المدنية الإيرانية والعراقية في سبتمبر 2024، ومنعها من الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت، على خلفية اتهامها بنقل أسلحة إلى الحزب.

وتؤكد تقارير صحفية أن كل السفن القادمة إلى لبنان تخضع للرقابة، وأحيانا التفتيش، من قبل القوات البحرية التابعة للقوة الأممية العاملة في لبنان "اليونيفيل"، كما تعمل البحرية الإسرائيلية إلى اعتراض بعض البواخر الآتية إلى لبنان بغرض التفتيش.

وفي مارس 2024 كشف مركز الأبحاث العبري "إنتل تايمز" الإسرائيلي أن "حزب الله" اللبناني يهرب الأسلحة الحساسة من سوريا إلى لبنان في سفن إيرانية عبر ميناء اللاذقية على الساحل السوري.

وقال المركز إن "عناصر الوحدة 4400 في حزب الله، التي تعمل في تجهيز الأسلحة الحساسة من خلال وحدات التهريب من سوريا، تنقل المعدات والموارد العسكرية إلى الأراضي اللبنانية عبر ميناء اللاذقية".

وشنت إسرائيل هجمات على ميناء اللاذقية على الساحل السوري عدة مرات، لاستهداف شحنات أسلحة إيرانية.