"اغتيالات الدوحة".. ترامب يتبرأ والعرب يشجبون وناشطون: بداية لحرب مفتوحة

أعلنت حركة حماس أن قيادتها نجت من محاولة اغتيال إسرائيلية استهدفتها في العاصمة القطرية الدوحة
في تطور خطير وتحد سافر وفاضح يؤكد غطرسة الاحتلال الإسرائيلي وغير مبالاته بالأعراف والقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية وعبثه بأمن واستقرار المنطقة، استهدف قادة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في العاصمة القطرية الدوحة، بغارة جوية أدت لوقوع قتلى.
واستهدف الاحتلال الإسرائيلي في 9 سبتمبر/أيلول 2025، بغارة جوية اجتماعا بالدوحة كان يبحث مقترحا جديدا لوقف إطلاق النار في غزة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حليف الاحتلال الإسرائيلي، قبل يومين من الاستهداف أنه قدم للحركة بشأن إنهاء الحرب.
كما استهدف الهجوم "رئيس وفد حركة حماس المفاوض خليل الحية، وعضو المكتب السياسي زاهر جبارين، ومسؤول حماس في الخارج خالد مشعل" -بحسب القناة 12 الإسرائيلية-.
وأعلنت حماس أن قيادتها نجت من محاولة اغتيال إسرائيلية استهدفتها في العاصمة القطرية الدوحة، لكن الهجوم خلّف عددا من الشهداء من بينهم نجل القيادي خليل الحية ومدير مكتبه وعنصر بقوة الأمن الداخلي القطري.
وقالت حماس في بيان: "نؤكد فشل العدو في اغتيال الإخوة في الوفد المفاوض، فيما ارتقى عدد من الإخوة الشهداء إلى علياء المجد، وهم: الشهيد جهاد لبد (أبو بلال) مدير مكتب الدكتور خليل الحية، الشهيد همام الحية (أبو يحيى) نجل الدكتور خليل الحية، الشهيد عبد الله عبد الواحد (أبو خليل) مرافق، الشهيد مؤمن حسونة (أبو عمر) مرافق، الشهيد أحمد المملوك (أبو مالك) مرافق".
كما نعت الحركة "الشهيد الوكيل عريف/ بدر سعد محمد الحميدي، من منتسبي الأمن الداخلي القطري (لخويا)".
وبحسب البيان، "مثّلت هذه الجريمة عدوانا على سيادة دولة قطر الشقيقة، التي تضطلع مع الشقيقة مصر بدور مهم ومسؤول في رعاية الوساطة والجهود الرامية إلى وقف العدوان والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى".
وذكرت الحركة أن "استهداف الوفد المفاوض، في لحظة يناقش فيها مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخير، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن نتنياهو وحكومته لا يريدون التوصل إلى أي اتفاق، وأنهم يسعون بشكل متعمد لإجهاض كل الفرص وإفشال المساعي الدولية".
وأكدت الداخلية القطرية، مقتل نجل الحية، وعنصر أمن وإصابة آخرين، جراء استهداف إسرائيلي لمقرات سكنية يقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي للحركة في الدوحة، موضحة أنه دوي الانفجارات الذي سمع في أنحاء متفرقة عصرا كان نتيجة الاستهداف.
وأوضحت أن "الاعتداء أسفر عن استشهاد العريف بدر سعد محمد الحميدي الدوسري من منتسبي قوة الأمن الداخلي (لخويا) أثناء مباشرته لمهامه في موقع الاستهداف، إضافة إلى عدد من الإصابات المتفرقة بين العناصر الأمنية".
وأعلن الاحتلال عشية الاستهداف مسؤوليته عن الهجوم الجوي على قادة "حماس"، وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: "هاجم الجيش والشاباك من خلال سلاح الجو بشكل موجه بالدقة قيادة حركة حماس".
وزعم أن "القيادة الحمساوية التي تم استهدافها قادت أنشطة الحركة على مدار سنوات وتتحمل المسؤولية المباشرة عن ارتكاب السابع من أكتوبر وإدارة الحرب ضد إسرائيل"، وفق تعبيره.
كما زعم الجيش أنه "قبل الغارة تم اتخاذ خطوات لتجنب إصابة المدنيين شملت استخدام أنواع الذخيرة الدقيقة والمعلومات الاستخبارية الإضافية".
وقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان لمكتبه، إن "إسرائيل بادرت إلى هذه العملية ونفذتها وتتحمل مسؤوليتها الكاملة".
وفي بيان مشترك، قال نتنياهو ووزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس: إن استهداف قادة حماس جاء في ضوء توفر "فرصة عملياتية"، و"بعد التشاور مع جميع رؤساء الأجهزة الأمنية".
وقالت هيئة البث الإسرائيلية: إن الوفد الإسرائيلي ورئيسيْ الأركان والموساد ومدير الاستخبارات العسكرية تحفظوا جميعا على قرار العملية.
وأشار البيان المشترك إلى أن نتنياهو وجه بعد الهجمات بالقدس وغزة أجهزة الأمن كافة كي تستعد لتحييد (اغتيال) قادة حماس.
والإثنين، قُتل 6 مستوطنين إسرائيليين وأصيب نحو 30 آخرين في إطلاق نار نفذه فلسطينيان ضد حافلة بمدينة القدس المحتلة، كما قتل 4 جنود إسرائيليين بشمالي قطاع غزة، إثر استهداف دبابتهم بعبوة ناسفة وإطلاق نار، ردا على حرب الإبادة الإسرائيلية.
وفي تباه بالعدوان الإسرائيلي على قطر، نشر رئيس الكنيست أمير أوحانا، عبر حسابه على منصة "إكس" مقطع فيديو يوثق لحظة الاستهداف الإسرائيلي لقطر بغارة جوية، قائلا باللغة العربية: "هذه رسالة لكل الشرق الأوسط"، في إشارة إلى التهديدات الموجهة للمنطقة.
ومن جانبها، نددت قطر بالهجوم الإسرائيلي عليها، ووصفته وزارة الخارجية بأنه إجرامي وجبان، ويشكل انتهاكًا صارخًا للقوانين والأعراف الدولية كافة، بالإضافة إلى كونه تهديدًا خطيرًا لأمن وسلامة القطريين والمقيمين في البلاد.
ووصفه رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بالغادر وأنه يمثل إرهاب دولة ورسالة إلى المنطقة كلها بأن هناك لاعبا مارقا يعربد في المنطقة لزعزعة أمنها واستقرارها.
وأكد أن قطر لن تتهاون بشأن المساس بسيادتها وأنها تحتفظ بحق الرد، داعيا المنطقة كلها للرد على تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي الهمجية.
ترامب يتبرأ
وقال الديوان الأميري القطري: إن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تلقى اتصالا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أكد إدانته للاعتداء على السيادة القطرية وأنه شدد على أن قطر حليف إستراتيجي موثوق للولايات المتحدة.
وبدوره، قال الرئيس الأميركي: إن الهجوم على دولة قطر كان قرارا اتخذه نتنياهو، وإن مثل هذا الأمر لن يتكرر على أرض قطر مجددا، مضيفا أن الهجوم الأحادي على قطر لا يحقق مصالح إسرائيل ولا الولايات المتحدة، وأنه يشعر بحزن شديد بسبب القرار الذي اتخذه نتنياهو بهذا الشأن.
وأوضح في منشور على منصة "تروث سوشيال أنه تحدث إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس وزرائها ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وأكد لهما ذلك، مقدما الشكر لهم على دعمهـما وصداقتهما للولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، قال الرئيس الأميركي إنه وجّه مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف لإبلاغ الجانب القطري بالهجوم الإسرائيلي لكن التحذير جاء متأخرا للأسف، على حد تعبيره.
إلا أن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية ماجد الأنصاري، قال: إن ما يتم تداوله من تصريحات حول أنه تم إبلاغ دولة قطر بالهجوم مسبقاً عارية عن الصحة.
وأوضح أن الاتصال الذي ورد من قبل أحد المسؤولين الأميركيين جاء خلال سماع دوي صوت الانفجارات الناتجة عن الهجوم الإسرائيلي في الدوحة.
وأدانت بشدة دول عربية بينها مصر والسعودية والإمارات والكويت والأردن والعراق وسوريا، العدوان الإسرائيلي على الدوحة.
كما أدانت أيضا وزارة الخارجية التركية الهجوم، وقالت: إن "هذا الاعتداء يضيف قطر - الوسيطة في مفاوضات وقف إطلاق النار - إلى قائمة الدول المستهدفة من قبل إسرائيل في المنطقة".
وأكدت أن "هذا الوضع يشكل دليلا واضحا على سياسات إسرائيل التوسعية في المنطقة وتبنيها للإرهاب كسياسة دولة".
وقال شيخ الأزهر أحمد الطيب: إن "هذا العدوان الذي يكشف عن نوايا الاحتلال ومخططاته في نشر الفوضى والعبث بأمن المنطقة واستقرارها، واستباحة أراضيها ومقدَّرات شعوبها، وتحويلها إلى ساحة مشتعلة بالصراعات والحروب".
كما عبر بابا الفاتيكان ليو عن قلقه إزاء عواقب العدوان الإسرائيلي على قطر، وقال للصحفيين خارج مقر إقامته الصيفي في كاستل جاندولفو: إن الوضع برمته خطير للغاية"، مضيفا: "لا نعرف كيف ستسير الأمور.. إنه أمر خطير حقا".
وعد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الهجوم الإسرائيلي على قطر "انتهاكا لسيادتها وسلامة أراضيها"، لافتا إلى أن لقطر دورا إيجابيا جدا في المفاوضات غير المباشرة بين "حماس" وإسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الأسرى.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم الأربعاء 10 سبتمبر/أيلول 2025 جلسة طارئة للبحث في الغارات التي شنها الاحتلال على الدوحة.
وأثارت الضربة الإسرائيلية الموجهة للدوحة بغرض استهداف قادة حماس، موجة غضب واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، برزت بقوة في مطالبة ناشطين الحكومات العربية بالكف عن بيانات الشجب والتنديد والاتجاه للفعل الرادع للاحتلال وإعلان مواقف قوية.
ورأوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #قطر_تحت_القصف #الدوحة، #الاحتلال_الإسرائيلي، #حماس، وغيرها، أن عملية استهداف الدوحة الفاشلة كشفت عن خلل وترهل في المعلومات الإستخبارية لدى الاحتلال الإسرائيلي، وفضحت عجزه السياسي والأمني والاستخباراتي.
تجاوز الخطوط الحمراء
وتنديدا واستنكارا للعدوان الإسرائيلي على الدوحة، قالت الشيخة مريم آل ثاني: إن إسرائيل تتجاوز كل الخطوط الحمراء، مؤكدة أن استهداف قادة حماس في العاصمة الدوحة ليس عدوانًا على الوفد المفاوض فحسب، بل هو عدوان على سيادة قطر والمنطقة بأكملها.
وأضافت أن الكيان المحتل يصدر حربه إلى قطر ويضع المنطقة كلها على فوهة بركان، مضيفة أن بتفجير مقر حماس تتحدى "إسرائيل" القانون الدولي وتنسف جهود الوساطة وتوجه رسالة وقحة بأن النار ستنال الجميع.
وأكد الإعلامي القطري جابر الحرمي، أن الهجوم الصهيوني الغادر على دولة قطر لن يثنيها عن مواصلة نهجها الداعم لقضايا الأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين والدفاع عن أهلها في غزة.
وقال المحامي القطري عبد الله بن حمد آل عذبة: "نحن القطريون لا نخاف، ولدينا منهج واضح أعلنه قائدنا تميم في خطاباته منذ توليه قيادة البلاد.. لا يرهبنا العدوان الصهيوني علينا وسنبقى نتمسك بقيمنا العليا المستمدة من الإيمان بالله وحده.. نعم.. نحن قطر ونحن تميم يا إخوان".
وكتب فيصل بن جاسم آل ثاني: "عندما يصدُر الاعتداء من صهيوني مجرم بطريقة حقيرة تنم عن الغدر والخسة فإنها شهادة بالشرف والمروءة والشجاعة في زمن يتفاخر البعض بالخيانة والعمالة".
تحليلات وقراءات
وفي تحليل وقراءات لاستهداف الاحتلال للدوحة وتبعاته المتوقعة، أكد الخبير العسكري فايز الدويري، أن محاولة اغتيال قادة حماس في قطر لا يمكن أن يتم دون مباركة أميركية.
وتوقع أن الأمر قد يتعدى ذلك وقد تكون مبادرة ترامب هي مصيدة ومحاولة استدراج وخديعة لقادة حماس، كما حدث في العدوان على إيران حيث أعطى إيران مهلة حتى يوم الأحد ونفذ العدوان يوم الخميس السابق عليه، ترامب شريك مباشر في الجرم.
وقال الكاتب إبراهيم حمامي، إن استهداف الوفد المفاوض بعلم ومشاركة الولايات المتحدة يعني، أنه لا يمكن الوثوق بترامب أو مبعوثيه، ولا يمكن القبول بضمانات أميركية لأنهم كاذبون يمارسون الحقارة العلنية.
وأوضح أن الاستهداف يعني أن مبعوثي ترامب، وهو شخصيا، مغتاظون تماما، لأنهم تعودوا على قبول الإملاءات دون نقاش، تعودوا على "قيادات من نوعية "وقع يا ابن الكلب" و"اعتبرونا حيوانات".
وأضاف حمامي، أن استهداف الوفد المفاوض، يعني انتهاء ملف الوساطة بكل تفاصيله، فلا قطر يمكنها أن تستمر، ولا جدوى منه أصلا، وما جرى له ما بعده وسيغير الكثير.
ورأى الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، أن بعد محاولة الاغتيال هذه، أصبح واضحاً بشكل جلي سبب انقلاب العدو ومعه الأميركي على المفاوضات السابقة بعد وصولها إلى نقطة نجاح حقيقية.
وأكد أن هذه المفاوضات ليست سوى تضليل، والانقلاب عليها بعيد اقتراب نجاحها، لم يكن سوى تنفيذ لمخطط الاغتيال وتدمير مدينة غزة.
وعدد الإعلامي أسامة جاويش، الدروس المستفادة من قصف إسرائيل للدوحة في محاولة لاغتيال قادة حركة حماس، ومنها أن إسرائيل كيان محتل مجرم تقوده عصابة دموية تريد احتلال العواصم العربية والقضاء على شعوبها مجتمعة، وأن أميركا هي الشيطان الأكبر والداعم الأول والمتآمر الأعظم مع الاحتلال.
وحث جميع الدول العربية أن تراجع علاقتها مع دونالد ترامب، قائلا: إن على دول الخليج وفي القلب منها قطر أن تعلم أن مليارات الدولارات والقواعد العسكرية والطائرات والهدايا والمنح واستثمارات الذكاء الصناعي لا تمنع عدوانا ولا تحمي أرضا ولا تحفظ سيادة.
وأشار جاويش إلى أن أحد الدروس لمصر والأردن والسعودية أن هذا كيان مجرم لن توقفه معاهدات ولن تردعه بيانات فتحسسوا أوراق الضغط لديكم والتفوا حول شعوبكم وواجهوا هذا الاحتلال باللغة الوحيدة التي يفهمها.
ولفت إلى أن الدرس الآخر للشعوب العربية، حياتكم في خطر، أوطانكم في مرمى الهدف، حدودكم مستباحة وأمنكم القومي مستهدف، والعدو واحد واضح يجاهر بعداواتكم فهبوا للدفاع عن أرض وعرض ووطن.
وقال جاويش: إن الدرس الأخير للاحتلال الإسرائيلي، هذه معركة شعوب تأبى الانبطاح ولو انبطحت أمامكم كل الأنظمة، هذه معركة شعوب ترفض الانكسار ولو انكسر أمامكم ألف حاكم، هذه معركة ستنتصر فيها إرادة الشعوب ولو قصفتم ألف عاصمة ومدينة.
ووصف أحمد عمران، ما حدث في قطر بأنه "حدث تاريخي وصادم"، مشيرا إلى أن "إسرائيل" لأول مرة في تاريخها، تنفذ ضربة جوية داخل الدوحة نفسها.
وأكد أن الضربة ليست مجرد عملية عابرة، بل رسالة واضحة بأن "إسرائيل" مستعدة توصل لأي مكان لتضرب أهدافها، حتى لو كان هذا المكان أكبر قاعدة عسكرية أميركية في العالم مثل قاعدة "العديد" في قطر.
وخلص عمران إلى أن هذه الضربة كسرت قواعد اللعبة، وأصبحنا أمام مشهد جديد يؤكد عدم وجود خطوط حمراء عند إسرائيل، وأن أي دولة ممكن أن تتعرض لضربة، حتى لو كانت شريكا أو وسيطا في المفاوضات.
وتوقع مدير مركز أبعاد للدراسات والبحوث عبدالسلام محمد، أن يدفع الهجوم الإسرائيلي على قطر بكثير من دول المنطقة إلى تحديث إستراتيجياتها للأمن القومي.
وأوضح أن بذلك ستحل إسرائيل في أعلى سلم الدول الأعداء، متقدمة في ذلك على إيران التي ستتراجع إلى عدو ثان في إستراتيجية الأمن الإقليمي، قائلا إن هذا لا يعني أن إيران ستنتقل إلى خانة الأصدقاء أو الحلفاء، لكن انهيار منظومتها الإقليمية، وتصدر إسرائيل بعمليات عسكرية عابرة للحدود جعل من إسرائيل أكثر خطورة.
واستبق ذلك بالإشارة إلى أن اختراق إسرائيل لسيادة قطر وتنفيذ هجوم عسكري في الدوحة، يجعل دخول إسرائيل في صدام مع تركيا في سوريا ومع مصر في سيناء متوقعا.
وتوقع أن نتنياهو سيجر المنطقة كلها إلى حرب مفتوحة، قد تصبح لاحقا ذات طابع ديني عقائدي، خاصة أنه يحلم أن يكون المحقق لحلم الدولة الإسرائيلية الكبرى من النهر إلى البحر.
وعن تبرؤ الرئيس الأميركي من الاستهداف الإسرائيلي للدوحة، قال الكاتب وائل قنديل: "فشلت العملية فتنصل منها ترامب، بينما لو نجحت لكان أول من يحتفل بها"، مؤكدا أن البيت الأبيض ليس سوى "كابينيت" كبير.
وكتب المحامي الكويتي ناصر الدويلة: "يبدو أن ترامب سمع من أمير قطر ورئيس وزرائها ما صدمه وجعله يبرر وينفرد بالتصريحات الطفولية.. عشرات التصريحات لترامب يثني على قطر وأميرها ودورها في المنطقة وصداقتها و وووو".
وأشار إلى أن ترامب يحاول جاهدا امتصاص الغضب القطري، مستبعدا أن ينجح في ذلك، داعيا الخليج لتقييم خطر الوجود الأميركي وعده مكملا وداعما للخطر الصهيوني.
ولفت الدويلة إلى أن الشعوب الخليجية تناشد حكامها بوقف التعامل مع أميركا كدولة صديقة بعد كل ما حدث، مؤكدا أنها عدو مبين.
واستنكر مدير معهد لندن للإستراتيجية العالمية مأمون فندي زعم الولايات المتحدة عدم علمها بالعملية، قائلا: "البيت الأبيض بيستعبط : الطائرة أميركية والقنابل أميركية، وقد يكون الطيار إسرائيلي.. فكيف لا يعلم ترامب باستهداف الدوحة".
وأكد الباحث في السياسة النقدية وعلم الاقتصاد السياسي خالد الخاطر، أن قصف إسرائيل لوفد حماس المفاوض في الدوحة، لم يكن ليحدث دون موافقة أميركية (بل هناك حديث للجانب الإسرائيلي أنه تم بتنسيق مع الجانب الأميركي)، قائلا: إن إدارة ترامب تمارس النفاق والخداع والتضليل، حتى مع حلفائها.
وجزم الصحفي نظام مهداوي، بأن نتنياهو لو أراد قصف كل العواصم العربية مجتمعة لما تأخر ترامب بمنحه الإذن، مؤكدا أن هذا الإجرام هو إجرام أميركي صهيوني وهدفه خضوع الجميع لإرادة مجرم الحرب نتنياهو.
فشل استخباراتي
وتقييما للعملية ومدى نجاحها وانعكاساتها على الكيان المحتل، قال الباحث السياسي محمود علوش، إن هذه أول عملية اغتيال فاشلة (مُعلنة على الأقل) تُنفّذها إسرائيل ضد قادة حماس في الخارج منذ اندلاع حرب 7 أكتوبر.
وأوضح أن أهمية هذا الفشل تزداد في ضوء الأهداف الكبيرة لهذه العملية والتكاليف السياسية المترتبة عليها.
وأضاف علوش، أن هذا الفشل أفسد جزئياً أو جانباً أساسياً من الصورة التي أراد نتنياهو رسمها خصوصاً على صعيد الكفاءة الاستخباراتية لإسرائيل وقدرتها على تصفية قادة حماس أينما كانوا.
وتوقع أن نتنياهو سيُحاول التغطية على هذا الفشل من خلال التركيز على الأبعاد السياسية لهذه العملية بدلاً من التركيز على نتائجها العملية.
وقال الباحث في الشؤون الإسرائيلية سلطان العجلوني: "إذا ثبت فشل محاولة الاغتيال في الدوحة فخسارة الكيان عظيمة على المستوى السياسي الدولي وفي اتساع الصدع الداخلي، وبذلك يكون السحر قد انقلب على الساحر".
وأكد عبدالله جعفر، أن الضربة على قطر فشل صهيوني كبير عسكرياً وسياسياً، مشيرا إلى أنها مكسب لحماس التي كانت في مأزق.
ولفت إلى أن المفاوضات لم تكن في صالح حماس وشاء القدر أن تخرج الحركة منها منتصرة، موضحا أن الضغوطات لموافقة حماس على المقترح الصهيوأميركي كانت كبيرة جداً فجاء الأحمق نتنياهو بعملية لقتل القادة فشل الاغتيال.
ورأى محمد الشنفري، أن الهجوم على الدوحة أكبر دليل فشل، وخيبة، وانعدام للحلول لدى الحكومة الصهيونية المعربدة، ومؤشر قوي على أن المفاوض الفلسطيني الذي في الدوحة لا يقل ضراوة وشراسة عن المقاتل في ميدان غزة.
وقال رعيد المصري، إن صفرا كبيرا نالته إسرائيل في الدوحة، ربما يكون أكبر من صِفرها في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ -وإن كان هو الأصل-، فإلى جانب الفشل الأمني والاستخباراتي يصطف فشل سياسي ودبلوماسي أربك حتى البيت الأبيض حليفهم الأول والأكبر، في سياق مزاج دولي لا تهب رياحه كما تشتهي سفينة تل أبيب.
أوحانا يهدد
وتنديدا بضعف المواقف العربية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي وتحليلا لتغريدة رئيس الكنيست التي عد فيها استهداف الدوحة رسالة إلى الشرق الأوسط، ذكر المؤرخ نور الدين المغربي، بأن ما قيل صادر من مسؤول رسمي في الكيان لا يوجه رسالة للحكومات فقط وإنما لكل الشعوب.
وقال إن الحكومة اللي تقبل الإهانة دي على شعوبها تبقى حكومة مفيهاش راجل.
وأوضح المحلل السياسي ياسين عزالدين، أن الشرق الأوسط الذي يعنيه أوحانا في تهديده هو الدول العربية، قائلا: "هم لا يعترفون بوجودنا كأمة عربية فيطلقون علينا مسميات جغرافية استعمارية".
وأضاف: "للعلم أوحانا هو من جماعة قوس قزح ومتزوج من ذكر، تخيلوا واحد مثله يهدد أمتنا، إهانة مضاعفة".
وأشار الكاتب رضوان الأخرس إلى أن الاحتلال ضرب خلال 24 ساعة في عدد من العواصم والدول العربية، هذا العدو المجرم يصول ويجول ويعربد في العالم الإسلامي دون رادع ودون موقف موحد يرد هذا التغول الكبير.
وتساءل: "إلى متى يا مسلمون؟!، إلى متى يا عرب؟!"، قائلا: "هذه كرامة أمة تستباح وتنتهك!!!".
وتساءل الكاتب محمد خير موسى: هل استفاق الواهمون الذين ظنّوا أنّهم قادرون على تجنّب الصدام مع "إسرائيل"، وأنّ وحشها يمكن أن يتحوّل إلى جارٍ مسالم وصديق وديع بمجرد عقد وهم السلام؟ وهل أفاق من غفلتهم أولئك الذين أقنعوا أنفسهم أن التطبيع درعٌ يقيهم شرّها، وأن انحناءهم لموجة عدوانها سيقيهم خطر الاجتثاث؟.
وأكد أن العدو لا يُستدرج بالوهم إلى السلم، ولا يردعه إلا من أيقن أنّ الصدام معه قدرٌ محتوم، وأنّ دماء الشهداء هي وحدها اللغة التي يفهمها المحتلّ.
حلول ومقترحات
وطرحا لمقترحات وحلول رادعة للاحتلال، قال الإعلامي وضاح خنفر، إن الغطرسة الصهيونية المدعومة أميركيا تقتضي صحوة إستراتيجية قبل فوات الأوان، ناصحا بتحييد الخلافات البينية والمناكفات الهامشية، وإحياء مفهوم الأمن القومي المشترك، وبناء منظومات دفاعية جماعية.
وحث على تقدير جديد لتحالفات دول المنطقة مع القوى الإقليمية والعالمية، وتنويع مصادر تسليحها، وإلا فإن الصهاينة ماضون في مشروعهم بإعادة تشكيل المنطقة تحت مسمى (إسرائيل الكبرى)، وهو ما يعني إشعال نيران الحروب الأهلية والصدامات العرقية والمذهبية.
وأضاف خنفر: "حتى تصبح إسرائيل كبرى فلا بد من أن تصبح دولنا كيانات صغرى، تتناوشها الحروب الأهلية وتفتك فيها الصراعات العرقية، ولن ينجو من ذلك أحد".
ورأى المحامي المصري مرتضى منصور، أن الرد على العدوان السافر من عصابات الكيان الصهيوني الأميركي على قطر وقيادات حماس ليس ببيانات التبديد ولا الشجب، قائلا: "هذه البيانات الأمة العربية تبلها وتشرب مياها بالشفا".
وأضاف: "فوقوا أنت لا تتعامل مع دولة تعاتبها وتعاتبك نحن نتعامل مع عصابة إجرامية صهيونية أميركية يقودها اثنان من البلطجية مجرمي الحرب ترامب والنتنياهو".
وذكر منصور بأن الجريمة الدولية البشعة التي ارتكبها الصهاينة بقطر بمساعدة أميركا صديقة العرب سبق وأن نفذتها في طهران المسلمة واغتالت الشهيد إسماعيل هنية واغتالت الشهيد حسن نصر الله في لبنان، واغتالت قيادات وطنية في اليمن واحتلت نصف الأراضي السورية.
وتابع: "تنديد ايه وشجب ايه والعصابة دي قتلت أطفالنا بالقنابل وبتجويعهم ودمرت المستشفيات والمساجد حتى الكنائس لم تسلم من عدوانهم".
وأكد منصور أن الحل في طرد سفراء الكيان الصهيوني من الدول العربية المطبعة، طرد السفير الأميركي المجرم، قطع كل العلاقات الاقتصادية الثقافية والسياحية مع الكيان الصهيوني، وعقد مؤتمر قمة عربية بجد مش ذكاء اصطناعي لتبادل كلمات جوفاء لا قيمة لها ولا معنى مثل نشجب ونندد.
وحث على عقد مؤتمر يليق بأمة العرب يتضمن قرار بتشكيل جيش عربي موحد لأخذ قرار بالمبادرة ودك تل أبيب حتى يفيق الصهيوني نتنياهو وعصابته ومعه المجرم ترامب صديق العرب.
وقال الباحث محمد بن صالح الحربي، إن الاعتداء الإسرائيلي السافر على #قطر الشقيقة ليس فقط انتهاكًا لسيادتها، بل فشلٌ إستراتيجي يكشف ارتباكًا عسكريًا وسياسيًا، مؤكدا أن الرد الخليجي الموحد يعيد رسم معادلة الردع، ويؤكد أن أمن الدوحة هو أمن المنطقة بأسرها.
ورأى الإعلامي قطب العربي، أن بالإضافة إلى ضرورة تحرك الدول العربية والإسلامية لدعوة مجلس الأمن لاجتماع عاجل ينبغي أيضا عقد قمة عربية إسلامية عاجلة تخرج بقرار صريح بقطع العلاقات للدول المطبعة، ووقف مسار التطبيع لمن كانوا يتهيأون لذلك، مؤكدا أن هذا هو الرد اللازم، وهذا هو التجسيد الحقيقي للتضامن والدفاع المشترك.
وقال الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل: "السن بالسن والقصف بالقصف.. وردٌّ عربي موحّد هو السبيل.. أما ما عداه فليس إلا انتظار العاصمة العربية التالية التي ستتعرّض للقصف".