سلاح ومخدرات.. هكذا يضحي بافل طالباني براحة وأمن مواطنيه لأجل "بي كا كا"
في خطوة متوقعة، حظرت الحكومة العراقية قبل أيام أنشطة حزب العمال الكردستاني "بي كا كا" داخل أراضيها قبيل زيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وتأتي هذه الخطوة وسط تكهنات بقرب شن تركيا هجوما كبيرا ضد أوكار "بي كا كا" بشمال العراق صيف 2024.
خطوات جديدة
وفي هذا السياق، نشرت وكالة الأناضول مقالاً للكاتب "سرجان تشالشكان" ذكر فيه أنه بعد محادثات الآلية الأمنية بين تركيا والعراق، تحولت الأنظار مرة أخرى إلى "مكافحة الإرهاب" في المنطقة.
وعلى وجه الخصوص، كان تصنيف العراق حزب العمال الكردستاني "منظمة محظورة" على الأراضي العراقية من أهم القضايا التي شغلت الأوساط السياسية والإعلامية أخيرا.
وعلى الرغم من أن الوقت سيحدد مدى استدامة الخطوات الملموسة التي سيتخذها العراق في مجال مكافحة الإرهاب والتعاون مع تركيا.
إلا أنه يمكننا القول إن هذه الخطوات تعد قيّمة للغاية وخصوصاً في هذا الوقت الذي تسعى فيه تركيا إلى القضاء تمامًا على التهديد الإرهابي الذي تواجهه في شمال العراق.
وعلى الرغم من اتخاذ خطوات جديدة مع الحكومة العراقية لمحاربة "بي كا كا"، يواصل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو ثاني أكبر حزب في حكومة إقليم كردستان العراق ومقره في السليمانية، دعمَ المنظمة الإرهابية.
ومن خلال دعم "بي كا كا" على الأراضي العراقية يتناقض الاتحاد الوطني الكردستاني مع السياسات الحالية للحكومة المركزية العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتخذ من أربيل مقراً له، والذي يسيطر على غالبية إدارة حكومة إقليم كردستان.
وفي حين تعد حكومة بغداد وأربيل "بي كا كا"، تهديدا للأراضي العراقية، يواصل زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني إبقاء نفسه وحزبه والسليمانية تحت سيطرة حزب العمال الكردستاني.
السكان يدفعون الثمن
وأشار الكاتب التركي إلى أنّ سكان السليمانية قد تأثّروا بشكل مباشر بدعم الاتحاد الوطني الكردستاني لحزب العمال الكردستاني، والآن يقومون بدفع ثمن هذا الدعم في حياتهم اليومية.
حيث تبرز السليمانية كواحدة من المحافظات المتأخرة من حيث التنمية و لديها أقل الاستثمارات الدولية.
من ناحية أخرى من المعروف أن السليمانية كانت مسرحاً للعديد من الاحتجاجات، خاصة في السنوات الخمس الماضية.
فغالباً ما ينظم موظفو الخدمة المدنية والعمال الذين لا يتلقون رواتبهم والشباب غير الراضين عن جودة التعليم والظروف المعيشية احتجاجاتٍ في السليمانية.
فقبل عدة أسابيع قام موظفو الخدمة المدنية الذين لم تُدفَع رواتبهم باحتجاج واسع النطاق في السليمانية.
وفي الأشهر الأخيرة أيضاً أعلن العديد من موظفي الخدمة المدنية في السليمانية أنهم أضربوا عن العمل في مؤسساتهم بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وعدم دفع الرواتب.
ولفت الكاتب النظر إلى أن إغلاق تركيا مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية إلى السليمانية منذ 3 أبريل/ نيسان 2023، وذلك بسبب تهديد "بي كا كا"، قد وجه ضربة قوية للأنشطة التجارية من خلال تضرر السياحة في السليمانية.
نظراً لأنّ هناك أكثر من 200 شركة سياحية في السليمانية كانت تنظم جولات سياحية إلى تركيا، وبعد إغلاق المجال الجوي اضطرت هذه الشركات إلى وقف أنشطتها لمدة سنةٍ تقريباً.
وعلى إثر ذلك فقد مطار السليمانية حيث يعمل آلاف الأشخاص وتعمل اثنتا عشرة شركة طيران مكانَتَه "الدولية" مع إغلاق تركيا لمجالها الجوي. وبدأ سكان السليمانية في استخدام مطار أربيل للرحلات الدولية.
الاتجار بالسلاح والمخدرات
وأشار الكاتب التركي إلى أن الدعم المُقَدّم لحزب العمال الكردستاني على الأراضي العراقية فتح المجال لتهريب المخدرات.
ومن المعروف أن "بي كا كا" اكتسب هيمنة في المناطق الممتدة من الحدود العراقية الإيرانية إلى الحدود العراقية السورية.
وفي إطار عمليات "قفل المخلب" التركية، فقد التنظيم السيطرة على المنطقة في شمال العراق واضطر إلى التراجع إلى المناطق الجنوبية.
وإحدى هذه المناطق كانت ريف السليمانية الذي يسيطر عليه الاتحاد الوطني الكردستاني ومن ثم مركز المدينة.
وهكذا فإن أنشطة المنظمة التي تستهدف استقرار العراق مباشرة، مثل تهريب الأسلحة والمخدرات، تم نقلها إلى السليمانية.
في الواقع قامت الاستخبارات الوطنية التركية بتحييد عبد المطلب دوغروسي في عملية نفذت في يناير/ كانون الثاني 2024.
حيث يعد دوغروسي أحد الأشخاص المكلفين بتنظيم أنشطة تهريب المخدرات لـ"بي كا كا" والإشراف عليها في ريف السليمانية.
وأنشطة هذا الإرهابي الذي تم تحييده في ريف السليمانية هي مثال ملموس على لجوء حزب العمال الكردستاني إلى السليمانية والانخراط في أنشطة تشكل تهديداً لكل من العراق والدول المجاورة.
صور سلبية
ورغم كل هذه الصور السلبية في السليمانية، إلا أن الاتحاد الوطني الكردستاني وزعيمه بافل طالباني، المسؤولين عن المدينة، يواصلان دعم المنظمة الإرهابية.
ومن الصعب القول إن بافل طالباني الذي تولى قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني بمفرده في عام 2021 لا يزال يوفر الثقة بإدارته.
ففي حين تتراكم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية أمام الاتحاد الوطني الكردستاني، فإن بافل طالباني مشغول بفتح المجال لأنشطة "بي كا كا" في شمال العراق بدلاً من إعطاء الأولوية لهذه المشاكل.
بينما يتم تجاهل القضايا الرئيسة التي تهم سكان السليمانية؛ مثل تطوير البنية التحتية للمدينة والبنية الفوقية وتوفير الخدمات العامة والقضاء على المشاكل الاقتصادية.
وفي ظل هذا الوضع، لا تزال احتجاجات الناس من جميع فئات المجتمع وخاصة المسؤولين الحكوميين مستمرة.
وبينما تعاني السليمانية من كل ما سبق، تم تفضيل "بي كا كا" ووضعه في موقع قوي من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني، أولا في ريف السليمانية ثم في وسط المدينة.
وفي حين اختارت حكومة بغداد والحزب الديمقراطي الكردستاني التعاون مع تركيا ضد إرهاب "بي كا كا"، تعرض سكان السليمانية الذين وقعوا ضحية لطموحات بافل طالباني الشخصية للتهديدات الأمنية التي يشكلها حزب العمال الكردستاني، بما في ذلك تهريب المخدرات.