الإطاحة بالأسد.. كيف اعتبرته صحيفة إيرانية مخططا لتفكيك محور المقاومة؟

"الثقة في وعود الغرب الكاذبة والمراوغة كانت نتيجتها الهزيمة"
رأت صحيفة أصولية إيرانية أن التطورات الأخيرة في سوريا لم تكن عشوائية، بل كانت جزءا من مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي صُمم لتفكيك إيران وإضعاف المقاومة العالمية ضد القوى الكبرى.
ووصفت صحيفة "جوان أون لاين" سقوط نظام بشار الأسد بـ"خطة ليبيا الجديدة"، في إشارة على ما يبدو إلى تقسيم البلاد.
على جانب آخر، تزعم الصحيفة أن الإعلام العالمي كان له دور كبير في تضليل الرأي العام السوري والدولي، حيث صُورت الأزمة بشكل يجعل الشعب السوري يتقبل فكرة الانهيار كأمر حتمي.
وفي هذا الإطار، تبرز دور القيادة الإيرانية في مواجهة الأزمات الحالية وتحصين المجتمع الإيراني ضد أي سيناريو مشابه.

مخطط الهيمنة
وتؤكد على أن "مخطط انهيار حكومة بشار الأسد السريع وتحويل سوريا إلى نموذج مشابه للوضع الليبي صُممت منذ أكثر من عام من قِبل التحالف الغربي-العبري-العربي-التركي"، وفق وصفها.
وقد وُضعت هذه الخطة -بحسب زعم الصحيفة- كجزء من المشروع الكبير للشرق الأوسط الجديد بهدف تقسيم إيران والقضاء على المقاومة والصمود العالمي ضد نظام الهيمنة، وتحديدا ضد "الشيطان الأكبر"، الولايات المتحدة.
في هذا السياق، توضح أن المخطط ارتكز على خلق وتكثيف الأزمات الاقتصادية والضغط والتضخم المفرط في سوريا.
ومع ذلك، فإن مشكلة سوريا ليست اقتصادية بقدر ما هي متجذرة في هيكلها السياسي والعسكري والأمني، وفق رأي الصحيفة الإيرانية.
وأردفت: "فالأغلبية الساحقة من الشعب السوري لا تتفق دينيا وثقافيا مع نظام الأسد، وقد استغلت إمبراطورية الإعلام التابعة لنظام الهيمنة هذا الانقسام لتحقيق أهدافها".
وفي هذه النقطة، تخلص إلى أن "المفهوم الأساسي لمخطط الشرق الأوسط الجديد يقوم على زرع فكرة انهيار الدول في أذهان الشعوب من خلال حرب إدراكية ونفسية".
ومن المعلوم -وفقا لها- أن "أي انهيار لا يحدث في مجتمع ما إلا بعد أن يقتنع الناس به فكريا وينتظرونه كحقيقة حتمية قادمة".
ولهذا السبب، اعتمد "نظام الهيمنة" على أدواته الإعلامية لتهيئة الرأي العام السوري لقبول فكرة الانهيار.
وفي الوقت نفسه، ترى الصحيفة أن "هذا النظام عمل على التغلغل داخل مفاصل الدولة، خاصة في الجيش، لتضليل القيادة السورية ودفعها لقبول اقتراحات الغرب وجامعة الدول العربية بالابتعاد عن محور المقاومة".
ونتيجة لذلك، وبضغط من "المطالب الاقتصادية للشعب" و"الانقسام داخل القوات المسلحة"، وغير ذلك من العوامل، سلك الأسد طريق الثقة بالغرب وجامعة الدول العربية، حسب ادعاء الصحيفة.
"وكما هو الحال في العديد من السيناريوهات المماثلة، كانت نتيجة هذه الثقة في وعود الغرب الكاذبة والمراوغة هي الهزيمة وانهيار البلاد وتدمير جميع البنى التحتية السورية على يد الإرهابيين الصهاينة"، وفق تعبيرها.

10 أهداف
وفي هذا الصدد، تنقل خطبتين حديثتين للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي "تحملان دروسا مهمة حول أحداث سوريا".
وجاءت هذه الخطابات في وقت "كانت فيه إمبراطورية الإعلام التابعة للأعداء، بمساعدة شبكات النفوذ والتواطؤ الداخلي والبسطاء المفرطين في الثقة والمرعوبين من الأعداء وبعض الأحزاب السياسية الإيرانية، تحاول تحقيق هدفين".
يتمثل الهدف الأول في "تبرير شرعية المهاجمين والجماعات التكفيرية والمسلحين في سوريا، وتطبيع فكرة سقوط سوريا لتهيئة الظروف للحوار والتعامل الطبيعي مع المهاجمين والإرهابيين".
أما الهدف الثاني فيتضمن "تهيئة الساحة لنقل سيناريو انهيار سوريا إلى الداخل الإيراني عبر التشبيه والمقارنة".
وفي المقابل، استطاع المرشد الأعلى بخطاباته الشاملة والواضحة أن يحقق أهدافا متعددة بفعالية، وفق زعم الصحيفة.
وفيما يخص الهدف الأول، توضح أن المرشد الأعلى كشف "الأسباب الحقيقية لانهيار سوريا وممارسة التضليل بشأن الأزمة".
كما استطاع -كهدف ثاني- "منع تطبيع الهجوم الممنهج على سوريا من قبل قوى داخلية مضللة، وهو التطبيع الذي كان بلا شك مقدمة لمحاولات زعزعة الاستقرار داخل إيران".
أما الهدف الثالث، فيشمل "تعزيز روح المقاومة في سوريا من خلال شرح دقيق للوضع السوري، مما أفقد الجماعات التكفيرية والمهاجمين شعورهم بالأمان"، وفق تعبيره.
ورابعا، "استطاع خامنئي من خلال خطابيه دعم تأسيس نموذج المقاومة الشعبية في سوريا، داعيا الشعب السوري للنهوض في مواجهة القوى المدعومة من تحالف قوى الشر الغربية الصهيونية".
وبالنسبة للهدف الخامس، تقول الصحيفة إن "خطاب المرشد الأعلى كشف الخداع والتلاعب الذي مارسته بعض الأحزاب الداخلية في محاولاتها لربط أحداث سوريا بالأوضاع الإيرانية، وهي محاولات لا أساس لها من الصحة ولا وجه شبه بينها".
جدير بالذكر هنا -وفق الصحيفة- أن هؤلاء الموجَّهين سبق أن حاولوا استغلال أحداث مشابهة خلال فتنة عام 1999 (الاحتجاجات الإيرانية الطلابية) وأثناء الدورة السادسة للبرلمان، مشبهين الوضع الإيراني بانهيار الاتحاد السوفيتي.
"ومع ذلك، فإن يقظة المرشد الأعلى أفشلت تلك المحاولات وقتها"، كما زعمت الصحيفة.
الهدف السادس، تمثل في دعوة المرشد "الشعب وأصحاب القلم والفكر والنخب إلى مواجهة شائعات العدو وتفنيدها، من خلال توضيح نهج الترهيب والاستسلام الذي يتبناه الأعداء".
وأما الهدف السابع، والذي حققه المرشد في خطابيه، فهو "إحباط محاولات الأعداء في التلاعب بحقيقة المنتصر والخاسر في سوريا، وهو الأمر الذي وقع في فخ تصديقه بعض السذج داخليا".
وبالنسبة للهدف الثامن، فقد "دحض المرشد الأعلى الهجمات الجائرة على القوات المسلحة الإيرانية، بصفتها الحامي الأول لأمن البلاد"، وفق ادعاءات الصحيفة.
كما كشف المرشد -كهدف تاسع- "زيف التحليلات الخاطئة التي تروجها وسائل الإعلام الأجنبية والداخلية حول دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سوريا ومحور المقاومة".
وأخيرا، وهو الهدف الأكثر أهمية على حد وصف الصحيفة أن المرشد "منع تغلب الأمور الجانبية على القضايا الجوهرية"، معلنا أن "الإستراتيجية الرئيسة لمحور المقاومة تتمثل في طرد الولايات المتحدة من المنطقة وتدمير الكيان الصهيوني".
علاوة على ذلك، أوضح أن "توسع محور المقاومة وقوته وانتشاره عالميا هو نتيجة طبيعية للخطأ الإستراتيجي الذي ارتكبه العدو في احتلال سوريا".