بين تاريخي وغير كافٍ.. ردود فعل متباينة بشأن القرار الأممي بوقف عملية رفح

منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

خيّم التباين على ردود الفعل بشأن جدوى أمر محكمة العدل الدولية، القاضي بوقف الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح جنوب غزة، والذي رد عليه الاحتلال بغارات على المدينة.

وقالت محكمة العدل الدولية في قرارها الصادر في 24 مايو/أيار 2024، إن الهجوم على رفح الذي بدأته إسرائيل في 6 مايو/ "تطور خطير يزيد معاناة سكانها"، وإن إسرائيل "لم تفعل ما يكفي لضمان سلامة وأمن" المهجرين قسرا من هذه المدينة.

وأمر رئيس المحكمة نواف سلام، إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية وجميع الأعمال التي تتسبب في ظروف معيشية يمكن أن تؤدي إلى القضاء على الفلسطينيين بشكل فوري في مدينة رفح.

وهو أمر ملزم لكل أعضاء الأمم المتحدة بما فيها إسرائيل، ومجلس الأمن الدولي هو الجهة الضامنة لتنفيذ أمر المحكمة.

ورحبت حركة المقاومة الإسلامية حماس بقرار محكمة العدل، مضيفة: "كنا نتوقع إصدار قرار بوقف العدوان والإبادة الجماعية على شعبنا في كامل قطاع غزة، وليس في محافظة رفح فقط".

في المقابل، رفض الاحتلال الإسرائيلي قرارات المحكمة، وقال في بيان لمكتب رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو إن "الاتهامات التي وجهتها جنوب إفريقيا لإسرائيل في المحكمة حول إبادة جماعية، اتهامات كاذبة ومشينة ومثيرة للاشمئزاز".

وعد ناشطون الحكم صفعة جديدة على وجه الاحتلال الإسرائيلي، خاصة أنه يأتي بعد أيام من تقدم مدعي المحكمة الجنائية الدولية بطلب استصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب.

واستنكروا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #محكمة_العدل_الدولية، #جنوب_افريقيا، ردود الفعل الإسرائيلية المناهضة لأوامر محكمة لاهاي.

وانتقد ناشطون تحدي المسؤولين الإسرائيليين للقانون الدولي، مشيرين إلى ترقبهم لموقف الرئيس الأميركي جو بايدن، وإدارته من الحكم الصادر من محكمة العدل الدولية. 

صفعة للاحتلال

وتفاعلا مع القرار، كتب الباحث سعيد زياد، أن قرار وقف عملية رفح سيمثل مشكلة حقيقية عند إسرائيل، سواء التزمت به أم لا، موضحا أن هذا القرار يمعن في حصار إسرائيل، وعزلها دوليا، وسيشجع بقية الدول على اتخاذ إجراءات مضادة لها.

وأضاف في تغريدة أخرى، أن هذا قرار غير قابل للتحايل، إما أن ترضخ إسرائيل، أو تتجبّر، مؤكدا أنه يصبّ في خسارة إستراتيجية دولية للكيان، وكسر سرديّته، وتحوله من ضحية أنشأت حضارة، إلى مسخ منبوذ، تلفظه كل كيانات الأرض.

من جانبه، عد صلاح عبدالله القرار بمثابة انتصار كبير آخر لجنوب إفريقيا وفلسطين وصفعة ثانية للصهاينة خلال أيام.

ووصف السياسي المصري محمد البرادعي، القرار بأنه خطوة تاريخية لإعلاء قوة العدل والقانون فى مواجهة القوة الغاشمة الإسرائيلية بالمخالفة للقانون الدولي الإنساني، موضحا أن أمر المحكمة ملزم لكل أعضاء الأمم المتحدة بما فيهم إسرائيل، ومسؤولية مجلس الأمن ضمان تنفيذ أمر المحكمة.

وقال إن "الحق أحق أن يتبع ولو بعد حين"، موجها التحية والتقدير والعرفان لجنوب إفريقيا.

وأوضح الكاتب جلال الورغي، أن الاحتلال تلقى ثلاث ضربات على رأسه في أسبوع واحد، الأولى بقرار الجنائية الدولية، والثانية باعتراف 3 دول أوروبية بدولة فلسطين، والثالثة بقرار محكمة العدل الدولية بوقف عملية رفح فورا.

وقال: "إنها بركات غزة الصمود والمقاومة.. فلا تقللوا من شأنها، فهي صفعات تفقد الاحتلال صوابه وتوازنه.. وهي صفعات في مسار من الصفعات السابقة والقادمة.. في سياق التحرر والتحرير". 

وقال الباحث راجي الهمص، إن قرار محكمة العدل الدولية، هو مزيد من إساءة الوجه الذي تعيشه دولة الاحتلال، ولولا الصمود الأسطوري لشعبنا في غزة ما شهدنا كل ما سبق في الأسبوع المنصرم من تهاوي شرعية هذا المحتل المجرم وسقوط روايته.

وأضاف أن الكلمات لا تفي الصامدين في أزقة غزة حقهم فقد غيروا التاريخ وهزموا سردية عاش عليها الاحتلال منذ أكثر من سبعين عاما.

وتابع: "مرة أخرى العرب ومنظومته أمام اختبار إنساني آخر، الأيام وحدها كفيلة بكشف الساقطين فيه من المنحازين للعدل".

وعد الدكتور مأمون فندي، أهم ما في قرارات محكمة العدل الدولية وقرار المحكمة الجنائية هو وضع القضية الفلسطينية في إطارها الصحيح ( داخل دائرة القانون)، الأمر الذي كانت إسرائيل ومعها كفيلها الدولي أميركا تحاول تجنبه من خلال كل أدواتها الإعلامية والدبلوماسية والإرهاب لمن يتحداهم.

مأزق بايدن

وعن ردة الفعل الأميركية، قالت الإعلامية وجد الفقي إن “المحكمة الجنائية الدولية لم تعجبهم وتذرعوا بأنها لا تملك سلطة قضائية على إسرائيل، فضربتهم محكمة العدل الدولية -ولها سلطة بموجب توقيع إسرائيل على اتفاقية الإبادة الجماعية- بقرار مزلزل يطالب حكومة نتنياهو بوقف فوري للحرب برفح”.

وتساءلت: “هل ستنفذ إسرائيل أم أنها وإدارة بايدن سيأتون بذرائع وحجج جديدة لمواصلة قتل أطفال غزة؟”

وكتب المغرد عبدالله أحمس: “إذا استخدمت أميركا حق الفيتو في مجلس الأمن لعدم تنفيذ قرار محكمه العدل الدولية، يجب تقديم شكوى ضد بايدن أمام الجنائية الدولية لكونه شريكا في جرائم غزة”.

وتوقع الحقوقي أسامة رشدي، أن يؤدي القرار لزيادة الضغوط الدبلوماسية والعزلة الدولية على حكومة نتنياهو من غلاة الصهاينة المتطرفين الذين يتنافسون في أعمال الإبادة والجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وأشار إلى أن الأنظار تتجه الآن لموقف الولايات المتحدة التي لا تزال تدافع وتحمي وتبرر الإبادة الجماعية في غزة.

وقال وزير خارجية تونس السابق الدكتور رفيق عبدالسلام، إن كل العالم يقول هذه حرب عدوانية ظالمة ومجرمة على المدنيين والنساء والأطفال، ويصفها بحرب الإبادة الجماعية، إلا نتنياهو ومن خلفه بايدن يدافعان عنها ويبرران إجرامهما المنقول على الهواء.

وأكد أن مع ذلك إسرائيل ومن خلفها حليفها الأميركي يخسران في الميدان وينهزمان بالنقاط ويقتربان كل يوم من مرحلة الهزيمة.

وأضاف: "لا توجد أي دولة ومهما كان منسوب جبروتها العسكري تستطيع أن تربح حربا استنادا إلى القوة الغاشمة والعارية ومن دون شرعية سياسية وأخلاقية وقانونية، ويقف كل العالم في وجهها".

وقال نور الدين العايدي: "في عالم أقل حقارة فقط، اليوم سيأكل الصهاينة والأميركان عجوة صنم القانون الدولي ولن يوقفهم أحد للأسف".

وذكر  المحلل السياسي أحمد مازن، بأن الولايات المتحدة كانت منذ البداية ضد دخول إسرائيل إلى الرفح، ولكن نتنياهو تجاهل بايدن وإدارته ودخل وبدأ في الإبادة الجماعية في رفح.

وأوضح أننا الآن أمام قرار ملزم من محكمة العدل الدولة بوقف العملية في رفح وانسحاب جيش الاحتلال منها، بالتأكيد إسرائيل لن تنفذ القرار، وبالتالي سيذهب القرار لمجلس الأمن للتصويت عليه.

وتساءل مازن: “هل ستستخدم أميركا الفيتو لتعطيل القرار الذي كان بايدن يصرّ على تنفيذه حتى قبل فرضه رسميا من قبل لاهاي ويكشف كذبه أمام شعبه والعالم ويؤكد أنه مجرم ومشارك بالإبادة بشكل مباشر، أم أنه سيمرر القرار في مجلس الأمن ويجبر نتنياهو وكلابه الضالة (سوتريش وبن غفير) على ما لا يريدونه؟!”

ولفت ماجد السعدون، إلى أن قرارات محكمة العدل الدولية جاءت متناغمة مع ما تتبناه الإدارة الأميركية من عدم شن حرب على رفح وفتح المعابر لدخول المساعدات، متسائلا: “هل ستصدق التصريحات الأميركية أو تتملص إدارة بايدن؟”

وكتب الشاعر الغنائي محمد الفرماوي: "بعد قرار الجنائية الدولية واليوم قرار محكمة العدل الدولية ضد الإبادة الجماعية وتوقيف مجرمي الحرب الإسرائيليين أصبح الصهيوني بايدن في مأزق لأنه شريك في الإبادة الجماعية في غزة وانكشفت مزاعم الديمقراطية الأميركية الزائفة التي تروج لها منذ عقود وتقوم بابتزاز العالم".

غضب إسرائيلي

واستنكارا لردة الفعل الإسرائيلية على القرار، أشار الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، إلى قول نتنياهو إن مزاعم جنوب إفريقيا كاذبة وشائنة ومثيرة للاشمئزاز، قائلا: "هذا النكرة يمثل رأس الهرم السياسي في الكيان الصهيوني".

وأكد أن نتنياهو يعكس العقلية الصهيونية والنظرة الفوقية تجاه بقية الشعوب في العالم وهو ما عبر عنه بن غفير، عندما قسم الشعوب إلى يهود وخدم لهم، لكن النتنياهو أبدع في انتقاء المفردات التي يصف بها نفسه ومن هم على شاكلته.

واستهزأ المحلل السياسي الدكتور إبراهيم حمامي، بتصريحات نتنياهو قائلا: "مجرم الحرب عندما يتحدث عن الكذب".

واستبق بالإشادة بقرارات المحكمة رافضا التقليل من أهميتها لأنها خطوات متقدمة وغير مسبوقة ضد الاحتلال وتشكل أساسا واضحا لملاحقة مجرميه، وعدّه انتكاسة قانونية تامة للاحتلال.

وأكد حمامي، أن استمرار الضغط في كل المحافل الدولية سيزيد من عزلة الاحتلال وورطته، وكذلك من ورطة داعميه وشركائه في العدوان، كما تؤكد القرارات أن زمن الإفلات من العقاب يتهاوى، وأن وقت المحاسبة والعقاب دوليا يقترب.

وقال المحلل السياسي ياسين عز الدين: "رغم أن القرار ناقص ويسمح للاحتلال بمواصلة العدوان على بقية غزة، إلا أن القادة الصهاينة أصيبوا بالسعار وهاجموا القرار لأنه يضعهم في موقف صعب جديد، وستكون له تداعيات عليهم".

وأضاف: "أعيد وأكرر تأثير مثل هذه القرارات والمواقف ليس مباشرا لكن تراكميا، مع تزايدها وتراكمها سنلمس التغيير بإذن الله، انتصارنا على الاحتلال لن يأتي في يوم وليلة إلا أن الأكيد أننا في مسارنا نحو الانتصار الكبير بإذنه تعالى".

ورأى الكاتب السياسي ياسر الزعاترة، أن تعليق بن غفير على الحكم الصادر وقوله إن مستقبل كيانه "ليس منوطا بما يقوله الأغيار، بل بما نفعله نحن اليهود" يعكس هستريا من لون آخر، يعيد الغزاة إلى عقلية "الغيتو"، ولا تسأل عن ردود الفعل الهستيرية الأخرى، ومن كل الأطياف.

وقال إن هذا العالم يتحوّل إلى "أغيار"، ويعود الغزاة إلى "الغيتو" من جديد، مؤكدا أن بركات "طوفان الأقصى" تتوالى بلا توقف، رغم الثمن الباهظ والتضحيات.

وأكد الزعاترة، أن "الكيان" الأكثر دلالا في العالم يعيش عزلة غير مسبوقة، كأن الأرض تتخطّفه، وهذا كله نتاج معركة أسطورية لأبطال عظماء، وصمود أسطوري لشعب عظيم.

وقالت الصحفية منى العمري: "لعل أصدق رد فعل إسرائيلي على قرار محكمة العدل الدولية هو رد سموترتش الذي غالبا ما يتحدث بدون فلاتر ليس لأنه صادق، بل لأن ببساطة فتية التلال لا يتقنون الدبلوماسية حتى اللحظة".

وأشارت إلى أن سموترتش، قال جملة مركزية "… من يطالب دولة إسرائيل بوقف الحرب، يطالبها بإنهاء وجودها بنفسها. لن نوافق على ذلك".

وأضافت العمري، إن إرادة سموترتش المتسقة مع ما يؤمن به بحسب عقيدته تعني أن اللاحرب ( وليس السلم طبعا) هي حالة لم تعد ممكنة أو حتى مقبولة في إسرائيل.. التي لن تقوم بها حكومة معتمدة بشكل وثيق على الأحزاب الكاهانية.

وأضافت عمري: "أما بالنسبة لقرار المحكمة، فلعل أفضل ما فيه تصاعد الحراك الداعم للقضية الفلسطينية نظرا لعدم وجود آلية لتطبيقه في الفترة القادمة".

الاحتلال يتحدى

وتنديدا بمواصلة الاحتلال عملياته العسكرية على رفح، عرض الناشط سام يوسف، مقطع فيديو يوثق مهاجمة إسرائيل مستشفى الكويت، وشنها غارة جوية إسرائيلية على مخيم الشبورة للاجئين في مدينة رفح، جنوب غزة، موضحا أنه ردا على حكم محكمة العدل الدولية.

واستنكر الدكتور يحيى غنيم، تكثيف العصابات الصهيونية غاراتها على مدينة رفح بعد صدور قرار محكمة العدل الدولية بوقف العدوان على المدينة.

واستبق ذلك بالقول: "لا تثقوا في أي هيئة دولية أو أممية؛ فهي ما خلقت إلا لتمكين المستكبرين وإذلال المستضعفين، وأحكام هذه الهيئات هي أدوات الذبح بيد الطغاة".

وأضاف: “يا سادة: الحقوق تنتزع ولا تأتى بالأحكام والمحاكم والهيئات، فلتحيا المقاومة الفلسطينية، وليحيا أولياء الله ليسوء وجوه أراذل الأمم، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علوا تتبيرا.”

وأشار الناشط أدهم أبو سلمية، إلى أن محكمة العدل الدولية تأمر اسرائيل بوقف عدوانها على رفح والأخيرة ترد بقصف جوي ومدفعي غير مسبوق على المدينة، قائلا: "وكأنها تقول للعالم: طز".

وقال الباحث في الشأن الفلسطيني الدكتور هاني الدالي، إن "الكيان الإسرائيلي يعد نفسه فوق القانون وهذا ما سيغرقه أكثر فأكثر، ومخالفته لهذه القرارات وضربها بعرض الحائط يعني أنه ذاهب باتجاه النهاية".

وكتب مغرد أن الإرهاب الصهيوني بتحدي قرارات محكمة العدل ومحكمة الجنايات الدولية ويتحدى العالم بأسره وهذا بتواطؤ إدارة بايدن النيونازي الفاشي، مضيفا: "يجب على العالم وعلى الإنسانية أن تضع حدا لغطرسة هذا الكيان النازي المجرم".