على غرار الإطار الشيعي.. ما إمكانية نجاح ائتلاف السنة الجديد بالعراق؟
مراقبون أكدوا أن ائتلاف القيادة الموحد بات الممثل الشرعي للسنة في العراق
في تطور جديد على الساحة السياسية العراقية، برز "ائتلاف القيادة السنية الموحدة" الذي انبثق عن اجتماع لأغلب القوى وأحزاب هذا المكوّن، وبواقع 40 نائبا في البرلمان.
وأصبح هذا الائتلاف صاحب الأغلبية العددية، إذ إن الأطراف التي لم تلتحق به من باقي أحزاب المكون السني تمتلك نحو 34 نائبا.
ويضم الائتلاف السني الجديد، رئيس البرلمان الحالي، محمود المشهداني، وزعيم تحالف "السيادة"، خميس الخنجر، ورئيس تحالف "العزم"، مثنى السامرائي، وزعيم حزب "الجماهير العراقية"، أحمد الجبوري، ورئيس كتلة "المبادرة" زيادة الصميدعي.
وتشكل الائتلاف في 7 يناير/ كانون الثاني 2025، بدعوة من المشهداني، لكن تخلف عنه رئيس حزب "تقدم" محمد الحلبوسي، وزعيم تحالف “الحسم” ثابت العباسي، ورئيس حزب “المشروع الوطني العراقي” جمال الضاري.
"الممثل الشرعي"
وعن زمن إعلان القيادة الموحدة للسنة، قال القيادي في تحالف "السيادة" محمد سلمان، إن الائتلاف الجديد هو الممثل الشرعي والحقيقي للمكون السني، وأن تشكيله "جاء في الوقت المناسب من أجل معالجة الأوضاع الداخلية والخارجية للعراق".
وأوضح سلمان في تصريح لموقع "الساعة" الإخباري العراقي، في 10 يناير، أن “الإعلان عن التحالف يعكس النضج الاستباقي لقيادات المكون ويدل على تبلور رؤية عراقية واضحة إزاء أحداث في الداخل وبالمنطقة”.
وأكد أن “الائتلاف الجديد ستكون مطالبه ومواقفه واضحة تجاه ما يجرى في داخل العراق وخارجه”.
فهو مساند للدولة والأجهزة الأمنية ووحدة البلاد والوقوف مع شركاء الوطن، وذلك كله دون إغفال حقوق العرب السنة المتفق عليها في ورقة الاتفاق السياسي وبرنامج الحكومة الحالية، كما قال.
وأوضح سلمان أن "المضي نحو هذا التحالف ضرورة لضمان عدم تشتت المكون السني ولمنع التلاعب بشرائحه وتجميعه في تحالف واحد بدل أن تُتْرَك أجزاؤه مبعثرة وتسير بمسار لا يخدم الوحدة والمصلحة الوطنية".
في 11 يناير، عقد قادة ائتلاف القيادة السنية الموحدة اجتماعا تشاوريا موسعا، ناقش منهاج الائتلاف وبرنامجه القائم على مفردات ورقة الاتفاق السياسي، حسب بيان رسمي.
وتنص ورقة الاتفاق السياسي التي تشكلت على أساسها الحكومة الحالية، على حقوق المدن والمحافظات المحررة (السنية)، لا سيما المتعلقة بتشريع قانون العفو العام وعودة النازحين إلى مدنهم وإنهاء ملف المسائلة والعدالة وتحقيق مبدأ التوازن في مؤسسات الدولة.
وبحسب البيان، فإن الحاضرين من قادة ونواب المكون السني أكدوا على وحدة العراق وشعبه، وتماسك جبهته الداخلية وتمتين أواصره المجتمعية بوجه التحديات كافة، مؤكدين الحوار مع الشركاء من الكتل السياسية الأخرى لمناقشة مستقبل البلد وآفاق المرحلة المقبلة.
وفي ملف التفاعلات الإقليمية، أوضح الائتلاف أن "الحاضرين من قادة ونواب ائتلاف القيادة السنية الموحدة أكدوا دعم إرادة الشعب السوري المتمثلة بالإدارة الجديدة، والإشادة بإنهاء أزمة الشغور الرئاسي في الدولة اللبنانية عبر انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية".
أما في ملف العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة، فقد أشار الحاضرون إلى “دعمهم القضية الفلسطينية ودعوتهم إلى وقف حرب الإبادة المستمرة” على القطاع المحاصر.
وفي 7 يناير، ذكر بيان لحزب "السيادة"، أن ائتلاف القيادة السنية الموحدة سيأخذ على عاتقه "المضي بإنجاز الملفات الإنسانية والحقوقية والقانونية والسياسية وتحصيلها لأبناء المكون السني في عموم العراق"، وأن برنامجه سيجرى الإعلان عنه لاحقا.
"مرحلة الاستعداد"
وعن إمكانية تحول هذا الائتلاف إلى مرجعية سياسية للسنة كما هو الحال في الإطار التنسيقي الشيعي، استبعد الباحث العراقي، علي المساري، حدوث ذلك.
وأرجع الأمر إلى أن "المكون السني يرى أن مرجعيته وإطاره هي مؤسسات الدولة وقيادتها، وليس العمامة الدينية والتيارات السياسية، على غرار الشيعة".
وأوضح المساري لـ"الاستقلال" أن "الجمهور السني يتبع صاحب المنصب، ويعده زعيما له، لذلك نرى أن الحلبوسي تخلف عن الحضور والمشاركة في الائتلاف الموحد للسنة، حتى لا ينظر إليه على أنه تابع لرئيس البرلمان، وحاله حال باقي القيادات".
ورأى الباحث أن "الحلبوسي يدّعي أنه زعيم للمكون السني ويتولى قيادته سياسيا، لكن وجود مثل هذا الائتلاف حاليا يعني أن قرار السنة سيكون خارج سيطرته، ومع هذا، فقد يخسر مكتسباته الشعبية والجماهيرية والسياسية".
لكن المساري استبعد أن “يكون للائتلاف الحالي انعكاس كبير على الواقع السني، ولاسيما في إقرار القوانين المتفق عليها ضمن ورقة الاتفاق السياسي”.
وذلك "لأن المدة المتبقية للحكومة الحالية والبرلمان، ربما غير كافية لتحقيق كل ذلك، على تقدير أن الانتخابات المقبلة مقررة في أكتوبر (تشرين الأول) 2025".
في السياق ذاته، قال الكاتب العراقي، عامر القيسي، إن "خميس الخنجر (رئيس تحالف السيادة) يرغب في تسويق الائتلاف الجديد في مساحات أرحب وطنيا، فقد التقى بعد يوم واحد في أربيل (عاصمة إقليم كردستان العراق) مع مسعود بارزاني (رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني)".
وأوضح القيسي خلال مقال نشره موقع "كتابات" العراقي في 10 يناير، أنه "تسرّبت معلومات عن إمكانية توجه الخنجر إلى شخصيات شيعية مهمة متفهمة لأسباب الانبثاق الجديد (الائتلاف السني) ولديها الاستعداد للتعاون والمضي معا لتحقيق الأهداف المشتركة".
وعن غياب قوى سنية أخرى عن الالتحاق بالائتلاف، قال القيسي إن "بعضها هامشية أو عبارة عن دكاكين تابعة، وهي تعوّل على محمد الحلبوسي الذي تم خلعه (من رئاسة البرلمان) بسبب جريمة تزوير مخلّة بالشرف، وبسببها وغيرها من الارتكابات لا يستحق أن يمثل السنّة".
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، قررت المحكمة الاتحادية العراقية (أعلى سلط قضائية) فصل الحلبوسي من رئاسة البرلمان بتهمة تزوير طلب إقالة أحد النواب، والذي اعتمد عليها في إنهاء عضوية النائب من السلطة التشريعية بشكل غير قانوني.
وعلى نحو مماثل، قال الإعلامي العراقي، زيد عبد الوهاب الأعظمي، إن "المضي نحو ائتلاف سياسي كبير لتوحيد الرؤى وصنع آفاق تفاهم هو خطوة مهمة للمرحلة القادمة خاصة في المحافظات المحررة".
وأوضح الأعظمي خلال تدوينة على "إكس" في 7 يناير، أن "العراق سيكون ساحة لأي متغير قد يتفاعل في المنطقة خلال المرحلة المقبلة وينبغي الاستعداد له بمشروع سياسي جديد".
"إطار سني"
الحراك الجديد في الساحة السنية، يأتي ضمن صراعات متواصلة بين الأطراف ذاتها من أجل قيادة سياسية للمكون.
إذ قاد الحلبوسي حراكا في أبريل/نيسان 2023، من أجل تشكيل "إطار تنسيقي سني" مماثلا للشيعي، والذي يضم كل القوى الشيعية باستثناء التيار الصدري، بقيادة مقتدى الصدر.
وفي الوقت الذي تحدث فيه البعض حينها عن سعي الحلبوسي لمواجهة القوى الشيعية والدفع باتجاه تحقيق مطالب السنة التي لم تلزم الحكومة بتنفيذها، فإن مناوئيه يرون أنه حاول إيجاد طوق نجاة بعد تصاعد الدعوات لإقالته من منصب رئاسة البرلمان.
وقالت وكالة "شفق نيوز" المحلية إن "الحلبوسي وجه دعوة للقيادات السياسية السنية السابقة والحالية وعلى رأسها سليم الجبوري، أسامة النجيفي، صالح المطلك، خميس الخنجر، رافع العيساوي، جمال الكربولي، مثنى السامرائي، محمود المشهداني، وغيرهم لاجتماع في مقر إقامته ببغداد".
ولفتت في 10 أبريل 2023 إلى أن "الهدف من دعوة الحلبوسي، كانت بحث إمكانية تشكيل إطار تنسيقي سني حتى يكون قادرا على مواجهة الإطار الشيعي سياسيا وفرض تطبيق شروط ومطالب القوى السياسية للمكوّن، بعد توحيد بيت السنة تحت سقف واحد، كما عمل على ذلك الشيعة".
وأشارت الوكالة إلى أن "غالبية القيادات السنية البارزة رفضت فكرة تشكيل الإطار التنسيقي السني وأبلغت الحلبوسي بذلك، وأغلبها قاطع الاجتماع، مع استمرار الأخير بإقناع أكبر عدد ممكن من القيادات لتلبية دعوته".
وجاءت مساعي تشكيل "الإطار التنسيقي السني" بقيادة الحلبوسي، في محاولة من الأخير لتشكيل قوة ضغط سياسية تدعمه للبقاء في منصبه رئيسا للبرلمان بعد أن تحدثت جهات سنية عدة وكتل شيعية ونواب مستقلون عن التوجه لإقالته وقتها من منصبه، وفقا للوكالة.
وقبل ذلك بيوم واحد، غرد النائب السابق مشعان الجبوري، على منصة “إكس”، قائلا: "يمكنني تأكيد أن أسامة النجيفي، وخميس الخنجر، ومثنى السامرائي، ورافع العيساوي، ومَن معهم، وبما يمثلونه من عناوين، لن يكونوا جزءا من الإطار التنسيقي السني الذي يسعى الحلبوسي لتشكيله".
وأضاف: "وتقول الشائعات إن محمود المشهداني، وسليم الجبوري، وصالح المطلك، سينضمون له".
وقال حيدر الملا العضو السابق في حزب "تقدم" برئاسة الحلبوسي، في 10 أبريل 2023، إن "الإطار التنسيقي السني المزعوم، رغم التحفظ على كونه ترسيخا للطائفية حال الإطار الشيعي، يمكن القبول به لو كان يهدف لتطبيق القانون، وليس طوق نجاة لشخص يغرق على زعامة كرتونية".